البحث

عبارات مقترحة:

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

الصمد

كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...

علم التخريج

الطريق لكشف علة الحديث: جمع الروايات ثم سبرها وتنقيحها. قال الخطيب: " السبيل إلى معرفة علة الحديث أن يجمع بين طرقه، وينظر في اختلاف رواته، ويعتبر بمكانهم من الحفظ، ومنزلتهم في الإتقان والضبط ". قال الأوزاعي: " كنا نسمع الحديث، فنعرضه على أصحابنا كما يعرض الدرهم الزيف على الصيارفة، فما عرفوا أخذنا، وما تركوا تركنا ". وقال ابن أبي حاتم: " تعرف جودة الدينار بالقياس إلى غيره، فإن تخلف عنه في الحمرة والصفاء علم أنه مغشوش، ويعلم جنس الجوهر بالقياس إلى غيره، فإن خالفه في الماء والصلابة علم أنه زجاج، ويقاس صحة الحديث بعدالة ناقليه، وأن يكون كلاماً يصلح أن يكون من كلام النبوة، ويعلم سقمه وإنكاره بتفرد من لم تصح عدالة بروايته ". قلت: فهو يبدأ بتتبع روايات الحديث وجمعها، ومن ثم النظر فيها وتمحيصها. قال عبد الله بن المبارك: " إذا أردت أن يصح لك الحديث فاضرب بعضه ببعض ". قلت: والطريق إلى تحقيق الجمع المقصود لطرق الحديث هو تخريج الحديث بمعناه الآتي قريباً. ‌ ‌ تفسير علم التخريج: المراد بعبارة (التخريج) عندما ظهر استعمال هذا المصطلح، هو: انتقاء الراوي لنفسه من أصول سماعاته عن شيوخه أحاديث، فمنها ما يصنف على ترتيب أسماء الشيوخ على حروف المعجم، وعندئذ يسمى (معجماً)، ومنها ما يصنف على اعتبار آخر، كالبدء بحسب الأقدم، أو بحسب البلدان، وهذا يسمى (مشيخة)، ومنها ما يكون عشوائيا أو شبيها بذلك، فيسمى (الفوائد) وربما قيل: (الفوائد المنتقاة). ويخرج من حديث كل شيخ حديث فأكثر، يراعى فيها علو الإسناد، أو قوته، أو غرابة الحديث. وقد ينتقي تلك الأحاديث للشيخ غيره من معاصريه من رواة الحديث وحفاظه. قال الخطيب: " وإن لم يكن الراوي من أهل المعرفة بالحديث وعلله واختلاف وجوهه وطرقه وغير ذلك من أنواع علومه، فينبغي له أن يستعين ببعض حفاظ وقته في تخريج الأحاديث التي يريد إملاءها قبل يوم مجلسه، فقد كان جماعة من شيوخنا يفعلون ذلك، فمنهم: أبو الحسين بن بشران، كان محمد بن أبي الفوارس يخرج له الإملاء. والقاضي أبو عمر بن عبد الواحد الهاشمي البصري، كان أبو الحسين بن غسان يخرج له. وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج النيسابوري، كان أبو حازم العبدوي يخرج له. وصاعد بن محمد الأستوائي فقيه أصحاب الرأي بنيسابور، كان أحمد بن علي الأصبهاني يخرج له. وكان أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزقويه يخرج الإملاء لنفسه، إلى أن كف بصره. ثم كان أبو محمد الخلال يخرج له أحياناً، وأحياناً كنت أنا أخرج له ". ومن أمثلة الكتب في (التخريج) بهذا المعنى: " المعجم الصغير " تخريج: الحافظ أبي القاسم الطبراني، خرجه لنفسه. و" المعجم " للحافظ أبي بكر الإسماعيلي، وهو (مشيخته). وخرج الحافظ عبد العزيز بن محمد النخشبي (المتوفي سنة: 457) لقرينه أبي القاسم الحسين بن محمد الحنائي (المتوفي سنة: 459) الفوائد المعروفة ب" الحنائيات ". كما خرج الحافظ أبو طاهر السلفي (المتوفي سنة: 576) الفوائد لشيخه أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار المعروف ب" ابن الطيوري " (المتوفي سنة: 500) وتسمى ب" الطيوريات ". ‌ ‌ التخريج بمعنى جمع الطرق والألفاظ: قال أحمد بن حنبل: " الحديث إذا لم تجمع طرقه لم تفهمه، والحديث يفسر بعضه بعضاً ". والتخريج بهذا المعنى هو: أن تعمد إلى حديث فتجمع طرقه: أسانيدها ومتونها، من الكتب الحديثية التي تقوم على الإسناد، لا الكتب الناقلة عنها، ثم التأليف بينها لتحرير مواضع الاتفاق والافتراق في الأسانيد، فتتبين المتابعات والشواهد، وفي المتون، فيتبين ما فيها من التوافق اللفظي والمعنوي، والزيادة والاختلاف. هذا المعنى للتخريج هو المطلوب تحقيقه لكشف علة الحديث، وليس هو المدلول القريب اليوم لمصطلح (التخريج). إنما (التخريج) اليوم في طريقة أكثر من يتصدى للاشتغال بالحديث، ممن يفهم وممن لا يفهم، هو: عزو الأحاديث التي تذكر في الكتب غير مروية بالإسناد، إلى محالها من كتب الإسناد، كالحديث يوجد في " المغني " لابن قدامة مثلاً، ربما عزاه إلى مصدر من المصادر، كسنن أبي داود، وربما لم يعز إلى مصدر، فيكون التخريج ببيان محله من " السنن " توثيقاً لنصه، وتيسيراً للوقوف عليه في أصله، وقد يزيد الباحث العزو إلى ما تيسر له الوقوف عليه من الأصول. وليس من هذا: الكلام على درجة الحديث، فذلك زيادة على التخريج، يحسن أن تسمى (تحقيقاً) مثلاً، وهي عبارة قد شاعت اليوم تدل على هذا المعنى. فإن وقعت عملية التخريج هذه لكتاب مسند، كمن يعمد إلى أحاديث (مسند أحمد) فيبين محال الحديث في غيره، ويربط بين ذلك الحديث وسائر طرقه في سائر كتب الحديث، فهذا العمل أشبه بمصطلح (الاستخراج) منه بمجرد (التخريج)، وإن كان معنى (الاستخراج) فيه ناقصاً، فإن العناية فيه إنما هي بالإسناد غالباً دون المتن، ومعلوم أن (الاستخراج) يعتبر في الإسناد والمتن جميعاً. فمن يفهم فإنما ذلك عنده لواحد من غرضين، أو لهما جميعاً: أولهما: وسيلة يتوصل بها إلى تبيين درجة الحديث، فهذا لا يكون (التخريج) بالنسبة له مقصداً لذاته، ولذلك فقد تتحقق بغيته بأن يوقف على كون الحديث مما (أخرجه) البخاري ومسلم، ولا يزيد. وثانيهما: توثيق للنص المخرج، من جهة إحالته إلى أصل من الأصول. ومن لا يفهم، فليس محلاً للحديث هنا. ولا نجد حرجاً في هذه العملية أن يقال: (أخرجه) أو (خرجه)، فهو واسع، واللغة تحتمله، وإن كان (أخرجه) أكثر وأحسن. ومن أمثلة كتب التخريج بهذا المعنى: " تخريج أحاديث الكشاف " و " نصب الراية لتخريج أحاديث الهداية " كلاهما للحافظ أبي محمد عبد الله بن يوسف الزيلعي الحنفي (المتوفى سنة: 762). و" البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير " للحافظ عمر بن علي المعروف ب" ابن الملقن " الشافعي (المتوفى سنة: 804). وللحافظ ابن حجر العسقلاني يد طولى في ذلك. وفي الزمن المتأخر مؤلفات الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ المحدث أحمد بن محمد بن الصديق الغماري، وغيرهما من محدثي العصر. "تحرير علوم الحديث" للجديع.