بَغْشُورُ
بضم الشين المعجمة، وسكون الواو، وراء: بليدة بين هراة ومرو الروذ، شربهم من آبار عذبة، وزروعهم ومباطخهم أعذاء، وهم في برية ليس عندهم شجرة واحدة، ويقال لها بغ أيضا، رأيتها في شهور سنة 616، والخراب فيها ظاهر، وقد نسب إليها خلق كثير من العلماء والأعيان، منهم: أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور ابن شاهنشاه ابن بنت أحمد بن منيع، بغويّ الأصل، ولد ببغداد، سمع عليّ بن الجعد وخلف بن هشامالبزّاز وعبيد الله بن محمد بن عائشة وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني في خلق من الأئمة، روى عنه يحيى ابن محمد بن صاعد وعبد الباقي بن قانع ومحمد بن عمر الجعابي والدارقطني وابن شاهين وابن حيّوية وخلق كثير، وكان ثقة ثبتا مكثرا فهما عارفا، وقيل: إنما قيل له البغوي لأجل جدّه أحمد بن منيع، وأما هو فولد ببغداد وكان محدث العراق في عصره، وإليه الرّحلة من البلاد، وعمّر طويلا، وكانت ولادته سنة 213 ومات سنة 317، وأبو الأحوص محمد بن حيّان البغوي، سكن بغداد، روى عن مالك وهشيم، روى عنه أحمد بن حنبل وغيره، وتوفي سنة 227، والإمام أبو محمد الحسين بن مسعود الفرّاء البغوي الفقيه العالم المشهور صاحب التصانيف التي منها التهذيب في الفقه على مذهب الشافعي وشرح السنّة وتفسير القرآن وغير ذلك، وكان يلقب محيى السّنّة، وكان بمرو الروذ وبنج ده، مات في شوال سنة 516، ومولده في جمادى الأولى سنة 433، وأخوه الحسن، وكان أيضا من أهل العلم، ذكره في التحبير وقال: كان،
رحمه الله، رقيق القلب، أنشد رجل: ويوم تولّت الأظعان عنّا، وقوّض حاضر وأرنّ حادي مددت إلى الوداع يدي، وأخرى حبست بها الحياة على فؤادي فتواجد الحسن والفرّاء وخلع ثيابه التي عليه، ومات سنة 529.
[معجم البلدان]
بغشور
مدينة بين هراة ومرو الروذ، ينسب إليها سيد الابدال أبو الحسين الثوري. كان يسكن الخراب ولا يدخل المدينة إلا يوم الجمعة، فإذا أراد الجنيد زيارته أخذ معه شيئاً من الطعام ويدور في الخراب إلى أن يجده. فإذا وجده ألح عليه ليأكل معه ويقول له: إلى كم تسيح؟ فيجيبه: إلى حصول المقصود وهيهات من ذلك! وحكي أن الجنيد بعث إليه شيئاً من الذهب، قطعتان كانتا من الجنيد والباقي كان من غيره. فلما وصل إليه أخذ قطعتي الجنيد ورد الباقي. وحكى عن نفسه قال: كان في نفسي شيء من الكرامات فأردت تجربته، فرأيت الصبيان معهم قصبة في رأسها خيط يصطادون بها السمك، فأخذت قصبة ووقفت بين زورقين فقلت: وعزتك إن لم تخرج لي سمكة فيها ثلاثة أرطال لأغرمن نفسي! فخرجت سمكة فيها ثلاثة أرطال. وحكي أنه وقع ببغداد حريق فوقف تاجر على طرف الحريق يقول: من أخرج هذين الغلامين له ألف دينار! فقالوا: من يجسر أن يقرب إلى هذه النار؟ حتى حضر أبو الحسين الثوري وقال:
بسم الله الرحمن الرحيم! وأخرج الغلامين لم يتأذ شعرة منهما. فقيل له: كيف دخلت هذه النار؟ قال: سن الله انه لم يحرق الغلامين، وهما غير مذنبين. وحكي أنه سمع قائلاً يقول: ما زلت أنزل من ودادك منزلاً تتحيّر الألباب عند نزوله فاشتد به الوجد فلم يزل يعدو في أجمة قصب قطعت رؤوسها حتى تقطعت قدمه ومات، عليه
رحمه الله. وحكي أن أبا الحسين أحمد بن محمد الثوري دخل يوماً الماء ليغتسل، فجاء لص وأخذ ثيابه، فلما خرج لم يجد ثيابه، فرجع إلى الماء فما كان إلا قليلوجاء اللص ومعه ثياب أبي الحسين، وقد جفت يده اليمنى، فخرج أبو الحسين من الماء ولبس ثيابه ثم قال: يا سيدي، رد علي ثيابي، رد عليه يده! فرد الله عليه يده. وحكي أن الثوري مرض فجاء الجنيد إليه لعيادته بشيء من الدراهم فردها، ومرض الجنيد فذهب إليه الثوري ووضع يده على جبهته فعوفي من ساعته، وقال للجنيد: إذا عدت إخوانك فأوفهم مثل هذا البر! توفي الثوري سنة خمس وتسعين ومائتين، رحمة الله عليه. وينسب إليها الإمام العالم البارع الورع محيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي. كان عديم النظير في علم التفسير وأحاديث رسول الله،
ﷺ، ومعرفة الصحابة وأسامي الرواة وعلم الفقه والأدب، وتصانيفه في غاية الحسن والصحة واعتماد أهل الحديث والفقه على تصانيفه، وسموه محيي السنة. كان معاصراً للإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، والإمام فخر الإسلام أبي المحاسن الروياني، رحمة الله عليهم أجمعين.
[آثار البلاد وأخبار العباد]