البركان (1)
هو اسم الاطمة التي يخرج منها النار كالتي بجزيرة صقلية، وهو بركان عظيم لا يعلم في العالم أشنع منظراً منه ولا أغرب خبراً وهو في جزيرتين شمالاً من مدينة بلرم، وإذا هبت الريح الجوفية سمع لها دوي هائل كالرعد القاصف فتخرج النار منها وإنما تظهر بالليل ناراً حمراء ذات ألسن تصعد في الجو، وكان برفريوس (2) الفيلسوف قد شخص من مدينة صور إلى صقلية لينظر إلى البركان فيعاين فعل الطبيعة هنالك ويخبر عنه وعن العلة فيه بقول واضح فمات بها وقبره معروف، وقبر جالينوس أيضاً هنالك معلوم، وكان شخص من مدينة رومة يريد الشام ليلقى أصحاب عيسى عليه السلام. قالوا: وفي ملك بطليموس أحد ملوك اليونانيين وصاحب علم الفلك وواضع المجسطي (3) ظهرت جزيرة البركان بصقلية. وقالوا أيضاً: إذا صرت من قطانية إلى كذا ففي المغرب منه جبل النار وهو جبل عظيم منيف كثير الثمار وتقطع منه عدد السفن من خشب الشرع والأرجل الضخمة وغير ذلك، ويذكر أهل صقلية (4) أنه انفجر من جبل النار نهر جار فجرى أياماً يراه الناس وبقي أثره هنالك إلى الأبد متحرقاً أسود، ويذكرون أنه قذف فيها حجر في كساء فبقي هاوياً ساعة ثم رفعت الريح ذلك الكساء إلى أعلى العنق وذهب الحجر سفلاً، قالوا: وجبل النار بصقلية شأنه عجيب فإن ناراً خرجت منه في بعض السنين كالسيل العرم لا تمر بشيء إلا حرقته حتى تنتهي إلى البحر فتركت تتجه طائرة على صفحته حتى تغوص فيه. (1) نظر عن البركان وجزيرة البركان، نزهة المشتاق: 176، والمكتبة الصقلية: 86، 142، 145، 149، ويبدو أن المؤلف ينقل نقلاً مباشراً عن البكري (ح) : 214. (2) هو فرفوريوس الصوري صاحب إياغوجي او المدخل إلى علم المنطق. (3) في هذا وهم، لأن صاحب المجسطي هو غير بطليموس الملك. (4) قد سبق ذكر هذا في مادة ((ألياج)).
[الروض المعطار في خبر الأقطار]
جزيرة البركان (1) :
هي جزيرة في قطعة من البحر الشامي ليست بالكبيرة فيها جبل يقذف في بعض الأحايين ناراً عظيمة وقليلاً ما تفتر، وإذا هاجت هذه النار قذفت بالحجارة موقدة وسمع لها دوي يرتاع له ويسمع دويها من بعيد كأنما هي رعود قاصفة، وفي هذه الجزيرة معز برية، وبينها وبين أقرب بر من صقلية خمسة عشر ميلاً. (1) الإدريسي (م) : 17.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]