سواق (1) :
مدينة بالهند على ساحل البحر بها أشجار الساج وغيره، ولهذه الأشجار أوراق عراض، كل ورقة تقطع للرجل سراويل، فإذا طلعت منها شجرة من الأرض استوت في السماء صاعدة لا يخرج لها شيء من الأغصان البتة مقدار مائة وعشرين ذراعاً، وورقها في رأسها، ويبلغ ثمن كل ساجة خمسمائة دينار إلى ستمائة. وقال أبو خراسان مولى صالح بن الرشيد: كان مولاي صالح بن الرشيد على البصرة، فلما أحدث جبريل بن بختيشوع داره التي في الميدان ببغداد سأل صالح بن الرشيد أن يهدي له خمسمائة ساجة، فكانت الساجة بثلاثة عشر ديناراً، فاستعظم مولاي المال وقال: أما خمسمائة فلا، ولكنني أكتب في حمل مائتي ساجة إليك، فقال جبريل: ليست بي حاجة إليها، قال أبو خراسان: فقلت لسيدي: أرى جبريل سيدبر عليك تدبيراً بغيضاً، فقال سيدي: جبريل أهون علي من كل هين لأني لا أشرب له دواء ولا أقبل له علاجاً. ثم استزار مولاي صالح أمير المؤمنين المأمون فلما استوى المجلس بالمأمون، قال له جبريل: أرى وجهك متغيراً، ثم قام إليه فجس عرقه، ثم قال: يشرب أمير المؤمنين شربة سكنجبين ويؤخر الغداء حتى يفهم الخبر، ففعل المأمون ما أشار به، وأقبل يختبر عرقه في الوقت بعد الوقت، ثم لم يشعر بشيء حتى دخل غلمان جبريل ومعهم رغيف واحد وألوان من الحوت وقرع وماش وما أشبه ذلك، فقال: إني لأكره لأمير المؤمنين أن يأكل في يومه هذا شيئاً من لحوم الحيوان وليأكل من هذه الألوان، فأكل منها وقام، فلما انتبه من قائلته قال له: يا أمير المؤمنين رائحة النبيذ تزيد في الحرارة والرأي لك الانصراف، فانصرف وتلفت نفقة مولاي كلها، فقال لي مولاي: يا أبا خراسان التمييز بين مائتي ساجة واستزارة الخليفة لا يجتمعان. (1) كذا ورد هذا الاسم في ص ع، ولم أستطع التثبيت من صحته.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]