شنفيره (1) :
حصن على أربع مراحل من مرسية بالأندلس في شرقيها مشهور بالمنعة، طرقه في الصلح محمد بن هود سنة أربع عشرة وستمائة ومعه خمسمائة من أجناد الرجال فغدر به، لأن أبا سعيد ابن الشيخ أبي حفص الهنتاتي لما طاف على حصون الأندلس يتفقدها في أيام الهدنة نظر إلى هذا المعقل وهو بارز إلى السماء مع وثاقة بنائه فأعجبه وقال: كيف أخذ الروم هذا الحصن من المسلمين؟ فقيل: غدروا به في زمان الصلح، فقال: أما في أجناد المسلمين من يجاريهم بفعلهم. فسمعه ابن هود فأسرها في نفسه إلى أن تمت له الحيلة، فطلع في سلم من حبال فذبح السامر الذي يحرس بالليل، ولم يزل يطلع رجاله واحداً بعد واحد إلى أن حصلوا بجملتهم في الحصن وفر الروم الذين خلصوا من القتل إلى برج مانع، فقال ابن هود: إن أصبح هؤلاء في هذا البرج جاءهم المدد من كل مكان، فالرأي أن نطلق النيران في بابه، فلما رأوا الدخان وأبصروا اشتعال النار (2)، طلبوا الصلح على أن يخرجوا بأنفسهم، فكان ذلك، واستولى المسلمون على الحصن، وكان الروم قد أرسلوا في الليل شخصاً دلوه من البرج، فأصبحت الخيل والرجال على الحصن، وقد أحكم المسلمون أمره، فانصرفوا في خجلة وخيبة، وترددت في شأنه المخاطبات إلى مراكش فقال الوزير ابن جامع لابن الفخار (3) : أخذناه في الصلح كما أخذتموه في الصلح، ومن هذه الواقعة اشتهر ابن هود عند أهل شرق الأندلس، وصاروا يقولون: هو (4) الذي استرجع شنفيره. لك البشرى ودمت قرير عين. .. بشأوي كوكبيك الثاقبين (1) بروفنسال: 116، والترجمة: 142، ولم يستطع تحديد الموقع. (2) سقطت من ع. (3) هو إبراهيم بن الفخار الإسلامي وزير ملك قشتالة، وكان رسوله في عقد صلح بين الموحدين وقشتالة سنة 612 (البيان المغرب 3: 244). (4) زيادة من بروفنسال.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]