الشهيد
كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبيِّ -صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم- أَنَّهُ قَالَ: «الخَاِزنُ المسلم الأمين الَّذِي يُنْفِذُ ما أُمِرَ بِهِ فَيُعْطِيهِ كَامِلاً مُوَفَّراً طَيِّبَةً بِهِ نَفسُهُ فَيَدْفَعُه إلى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ، أَحَدُ المُتَصَدِّقِين». وفي رواية: «الذي يُعطِي مَا أُمِرَ به».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
الخازن مبتدأ، وأحد المتصدقين خبر، يعني أن الخازن الذي جمع هذه الأوصاف الأربعة: الإسلام، والأمانة، وإنفاذ ما أُمِر بإعطائه، وأن يكون زمن البذل والعطاء منشرح الصدر ظاهر البشاشة والسرور. فهو مسلم احترازا من الكافر، فالخازن إذا كان كافرا وإن كان أمينا وينفذ ما أمر به ليس له أجر؛ لأن الكفار لا أجر لهم في الآخرة فيما عملوا من الخير، قال الله تعالى: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا)، وقال تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)، أما إذا عمل خيرا ثم أسلم فإنه يسلم على ما أسلف من خير ويعطى أجره. الوصف الثاني: الأمين يعني الذي أدى ما ائتمن عليه، فحفِظ المال، ولم يفسده، ولم يفرط فيه، ولم يعتد فيه. الوصف الثالث: الذي ينفذ ما أمر به يعني يفعله؛ لأن من الناس من يكون أمينا لكنه متكاسل، فهذا أمين ومنفذ يفعل ما أمر به، فيجمع بين القوة والأمانة. الوصف الرابع: أن تكون طيبة به نفسه، إذا نفذ وأعطى ما أمر به أعطاه وهو طيبة به نفسه، يعني لا يمن على المعطَى، أو يظهر أن له فضلا عليه بل يعطيه طيبة به نفسه، فهذا يكون أحد المتصدقين مع أنه لم يدفع من ماله فلسا واحدا.
مُوَفَّراً | أي كاملا تاما من غير نقصان. |
الخَاِزنُ | هو الذي يحفظ مال غيره بإذنه ويُؤْتَمَن عليه. |
طَيِّبَةً بِهِ نَفسُهُ | لا يحسد المُتَصدَّق عليه ولا يُؤْذِيه بفعل أو قول. |
المسلم الأمين | أمين في ذلك المال الذي أمر بإعطائه. |
أُمِرَ بِهِ | بإعطائه. |
أَحَدُ المُتَصَدِّقِين | فيكتب له بتلك الشروط الأربعة ثواب الصدقة، لكنه يقل ويكثر بحسب تعبه وبشاشته ورفقه في الإعطاء. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".