الحليم
كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...
عن عائشة رضي الله عنها، قالت: لما نُزِلَ برسول الله ﷺ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً له على وجهه، فإذا اغْتَمَّ بها كشفها فقال -وهو كذلك-: "لَعْنَةُ الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد -يُحَذِّرُ ما صنعوا". ولولا ذلك أُبْرِزَ قَبْرُهُ، غير أنه خَشِيَ أن يُتَّخَذَ مسجدا.
[صحيح.] - [متفق عليه.]
تخبرنا عائشة رضي الله عنها أنه حينما حضرت النبي ﷺ الوفاة قال وهو في سكرات الموت: "لعن الله اليهود والنصارى"؛ وذلك لأنهم بنوا على قبور أنبيائهم مساجد. ثم استنتجت عائشة رضي الله عنها أنه يريد بذلك تحذير أمته من أن تقع فيما وقعت فيه اليهود والنصارى فتبني على قبره مسجدا، ثم بينت أن الذي منع الصحابة من دفنه خارج غرفته هو خوفهم من أن يتخذ قبره مسجدًا.
لما نزل | بضم النون وكسر الزاي أي: نزل به ملك الموت. |
طفق | بكسر الفاء وفتحها أي: جعل. |
خميصة | كساءٌ له أعلام أي: خطوط. |
اغتم بها | غمّته فاحتبس نفسُه عن الخروج. |
كشفها | أزالها عن وجهه الشريف. |
فقال وهو كذلك | أي: في هذه الحالة الحرجة يقاسي شدة النزع. |
يحذّر ما صنعوا | أي: لعنهم تحذيرا لأمته أن تصنع ما صنعوا. |
ولولا ذلك | لولا تحذير النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مما صنعوا ولعنُه من فعَله. |
لأُبرز قبرُه | لدُفن خارج بيته. |
خَشي | يُروى بفتح الخاء بالبناء للفاعل فيكون المعنى: أنّ الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو الذي أمرهم بعدم إبراز قبره. ويُروى بضم الخاء بالبناء للمفعول فيكون المعنى: أن الصحابة هم الذين خشوا ذلك فلم يُبرزوا قبره. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".