البحث

عبارات مقترحة:

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

السلام

كلمة (السلام) في اللغة مصدر من الفعل (سَلِمَ يَسْلَمُ) وهي...

العفو

كلمة ( عفو ) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة العفو، وهو الصفح عن الذنب، واسم الله (العفو) هو من أسمائه الحسنى ومعناه أن الله تعالى ذو عفو وصفحٍ عن ذنوب عباده، فيترك معاقبتهم رغم استحقاقهم لها باقتراف المعصية. وهو اسم ثابت لله عز وجل في الكتاب والسنة، وعليه إجماع الأمة، والعقل دالٌّ عليه.

التعريف

التعريف لغة

لفظ العفوّ صيغة مبالغة على وزن (فعول)، مشتَقٌّ من العفو، وأصله كما قال الخطابي: «وقيل: إن العَفْوَ مأخوذ من عَفَتِ الريح الأثرَ إذا دَرَسَتْهُ (أي: أخفَتْه) ؛ فكان العافي عن الذنب يمحوه بصفحه عنه» "شأن الدعاء" (ص90)، وأرجعه ابن فارس إلى معنى عام أصلي وهو: الترك، لأن العفو هو ترك المعاقبة تفضُّلًا، أي عن استحقاقٍ؛ لأنه ارتكب ما يوجب العقاب فاستحقه، ولكن الله ترك عقابه، قال الخليل: وكل من استحق عقوبة فتركته فقد عفوت عنه. يقال: عفا عنه يعفو عفوًا. وهذا الذي قاله الخليل صحيح، وقد يكون أن يعفو الإنسان عن الشيء بمعنى الترك، ولا يكون ذلك عن استحقاق. ألا ترى أن النبي قال: «عفوت عنكم عن صدقة الخيل والرقيق» الطبراني في "المعجم الأوسط" (6/277)، فليس العفو ها هنا عن استحقاق، ويكون معناه تركت أن أوجب عليكم الصدقة في الخيل. وعلى القول بأنه من الزوال والاختفاء بسبب الريح فيكون المعنى: أنه شيء يُترك فلا يُتعَهَّد ولا يُنزَل، فيَخْفى على مرور الأيام.

التعريف اصطلاحًا

هو اسم من أسماء الله الحسنى، يدل على إثبات صفة العفوِ لله تعالى، فهو سبحانه الذي يصفح عن الذنوبِ، ويترك مجازاة المسيء على إساءته، وذلك عن تمام علمه سبحانه وتعالى بالذنب، وكمال قدرته على العقاب. وهو وصف من أوصاف الذات لله تعالى، لأنه عفوٌّ في ذاته، ومن أوصاف الفعل؛ باعتباره يتعدّى ويتعلَّق بالمعفوِّ عنهم من المذنبين التائبين، وبالعصاة من الموحّدين الذين يعفو الله عنهم في الآخرة.

العلاقة بين التعريفين اللغوي والاصطلاحي

العلاقة بين المعنيين ظاهرة لأن ما دلت عليه اللغة يدل على ما اصطلح عليه، إلا أنه لله ثابت على وجه الكمال الذي لا يكون لأحد سواه.

الصفة التي يدل عليها الاسم

يدل هذا الاسم على إثبات صفة العفْو لله تعالى.

الأدلة

القرآن الكريم

العفو في القرآن الكريم
· ورد اسم الله (العفوّ) في القرآن الكريم في خمسة مواضع، اقترن في أربعة منها باسمه تعالى (الغفور) كقوله تعالى: ﴿ ذَٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ﴾ [الحج: 60] ووجه ورود العفو هنا أن الله قد عفا عن المؤمنين ما فعلوه من قتال المشركين في الشهر الحرام مبدوئين بالقتال من المشركين بغيًا منهم عليهم. انظر "تفسير الطبري" (17/137) و"فتح القدير" (3/465). · وجاء في موضع واحد مقترنًا باسم (القدير) حيث قال تعالى: ﴿إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾ [النساء: 149] يقول رشيد رضا في تفسير الآية: «بيّن تعالى حكم إبداء الخير وإخفائه سواء كان قولا أو عملا وحكم العفو عن السوء وعدم مؤاخذة فاعله به، وهو أن فاعلي الخيرات جهرًا أو سرًّا والعافين عن الناس الذين يسيئون إليهم يجزيهم سبحانه وتعالى من جنس عملهم، فيعفو عن سيئاته ويجزل مثوبتهم، وكان شأنه العفو وهو القدير الذي لا يعجزه الثواب الكثير على العمل القليل، وإذا عفا فإنما يعفو عن قدرة كاملة على العقاب، فصيغة المبالغة من القدرة وهي كلمة (قدير) هي التي تدل على إجزال المثوبة وعلى الترغيب في العفو مع القدرة على المؤاخذة، وإلا كان وضعها في هذا الموضع غير متفق مع بلاغة القرآن.» "تفسير المنار" (النساء - الآية 149).

السنة النبوية

العفو في السنة النبوية
جاء اسم الله (العظيم) في السنة النبوية في عدة مواضع، منها: · جاء هذا الاسم في عِداد أسماء الله التي وردت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه. الترمذي (3507) وابن حبان (808) والبيهقي في الاعتقاد (57). · ووردت صفة العفو التي يدل عليها اسم الله (العفو) في حديث الدعاء في الجنازة: «عن عوف بن مالك الأشجعي : صَلّى رَسولُ اللهِ على جِنازَةٍ، فَحَفِظْتُ مِن دُعائِهِ وَهو يقولُ: اللَّهُمَّ، اغْفِرْ له وارْحَمْهُ وَعافِهِ واعْفُ عنْه، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ» مسلم (963) وكذا في حديث عائشة رضي الله عنها: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك …». مسلم (486)، ولا يستعاذ إلا بالله أو بصفة من صفاته.

الإجماع

اسم الله (العفو) اسم ثابت لله تعالى بالإجماع، قال القرطبي «وأجمعت عليه الأمة» "الأسنى" (1/144).

العقل

العفو يتضمن صفاتِ الكمال؛ كالصبر والحِلم والأناة، وكرم الذات والصفات، ولا يحصل العفو إلا ممن هذه صفاته، وهي صفات ثابتة لله عز وجل بقياس الأولى، لأنها صفات كمال، وخلافها صفات نقص، ومن المعلوم أن كل كمال لا نقص فيه يكون لبعض الموجودات المخلوقة الُمحدثة فالرب الخالق هو أولى به، وكل نقص أو عيب يجب أن ينزَّه عنه بعض المخلوقات المحدثة فالرب الخالق هو أولى أن ينزَّه عنه. انظر "شرح الأصفهانية" لابن تيمية (ص74). واسم الله تعالى (العفو) ثابت بالعقل والمشاهدة؛ لأن الله عز وجل لو لم يكن عفوًّا لما بقي مشرك أو كافر أو عاصٍ لله في ملكه، وهذا موافق لما جاء في الآية: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ ﴾ [النحل: 61].

الآثار والمظاهر

الآثار السلوكية

الإيمان باسم (العفو) له فوائد عظيمة وآثار جليلة، منها: · حضور محبة الله عز وجل في قلب المؤمن، وحمده وشكره لله تعالى على عفوه مع قدرته على إنفاذ ما توعّد به المذنبين من عباده، وهذا الحب لله يورث اتّقاء معاصيه، واجتناب نواهيه، وفعل ما يرضيه. · أن الإيمان بهذا الاسم يحمل العبد على الرجاء، فلا يكون اقترافه للذنب وتكراره واستدامة إيقاعه سببًا في اليأس والقنوط من رحمة الله عز وجل، بل إن الموحِّد المقصِّر المذنب يتوسل إلى الله عز وجل باسم (العفو) ويسأله به أن ينال حظًّا منه، فيوقعَ الله عفوَه على عبده، ويترك مجازاته على معصيته، وإن من أحب الدعاء إلى الله، وأكثرِه ورودًا على لسان النبي : «اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» الترمذي (3513) وابن ماجه (3850) باختلاف يسير والنسائي في "السنن الكبرى" (7712) وأحمد (25495) واللفظ لهما. ولا بد من الإشارة إلى أنه لا ينبغي لهذا الاسم أن يؤدّي بالعبد إلى التجرُّؤ على الله ومبارزته بالمعاصي اغترارًا بعفوه ومغفرته، يقول ابن القيم في التفريق بين أهل الرجاء وأهل الغرور بالله: «﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [البقرة: 218]، فجعل هؤلاء أهل الرجاء لا الظالمين الفاسقين... فالعالِم يضع الرجاء مواضعه، والجاهل المغترُّ يضعه في غير مواضعه» "الجواب الكافي" (ص15). · نصيب المؤمن من هذا الاسم أن يتخلق بصفة العفو والصفح عن الناس، لأنه يعلم أن الله يحب العافين عن الناس من عباده، وهي من صفات المتقين كما قال جل وعلا: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134]

المظاهر في الكون والحياة

اسم الله تعالى (العفوّ) ظاهر أتم الظهور في عباده المكلَّفين، وهو الذي له العفو الشامل الذي وسع ما يصدر من عباده من الذنوب، ولا سيَّما إذا أتوا بما يسبب العفو عنهم من الاستغفار، والتوبة، والإيمان، والأعمال الصالحة فهو سبحانه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وهو عفوٌّ يحب العفو ويحب من عباده أن يسعوا في تحصيل الأسباب التي ينالون بها عفوه: من السعي في مرضاته، والإحسان إلى خلقه، ومن كمال عفوه أنه مهما أسرف العبد على نفسه ثم تاب إليه ورجع، غفر له جميع جرمه: صغيره، وكبيره، وأنه جعل الإسلام يجُبُّ ما قبله، والتوبة تجبُّ ما قبلها، كما قال جل علا: ﴿قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أسْرَفُواْ عَلى أنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر: 53]

أقوال أهل العلم

«ومعناه الواضع عن عباده تبعات خطاياهم وآثارهم، فلا يستوفيها منهم، وذلك إذا تابوا واستغفروا، أو تركوا لوجهه أعظم مما فعلوا، فيكفر عنهم ما فعلوا، بما تركوا، أو بشفاعة من يشفع لهم، ويجعل ذلك كرامة لذي حرمة لهم به، وجزاء له بعمله» الحَلِيمي "المنهاج" (1/201)
«(العفو، الغفور، الغفار) الذي لم يزل، ولا يزال بالعفو معروفًا، وبالغفران والصفح عن عباده موصوفًا، كل أحد مضطر إلى عفوه ومغفرته، كما هو مضطر إلى رحمته وكرمه، وقد وعد بالمغفرة والعفو لمن أتى بأسبابها، قال تعالى: ﴿وإنِّي لَغَفّارٌ لِمَن تابَ وآمَنَ وعَمِلَ صالِحًا ثُمَّ اهْتَدى﴾ [طه: 82]» ابن سَعْدي "تيسير الكريم الرحمن" (ص946)
«وهُوَ العَفُوُّ فَعَفْوُهُ وسِعَ الوَرى … لَوْلاَهُ غارَ الأرْضُ بِالسُّكّانِ» ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة النونية (2/81)