الأحد
كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يُدخِلُنِي الجنة ويُبَاعِدُني عن النار، قال: لقد سألت عن عظيم وإنه ليَسير على من يَسَّره الله تعالى عليه: تعبدُ الله لا تشركُ به شيئًا، وتُقيمُ الصلاةَ، وتُؤتي الزكاةَ، وتَصومُ رمضانَ، وتَحجُّ البيتَ. ثم قال: ألا أدلُّك على أبواب الخير؟ الصومُ جُنة، والصدقة تُطفئ الخطيئةَ كما يطفئ الماءُ النارَ، وصلاة الرجل في جَوف الليل ثم تلا: ﴿تتجافى جنوبهم عن المضاجع﴾. .. حتى إذا بلغ ﴿يعملون﴾ ثم قال ألا أُخبرك برأس الأمر وعموده وذِروة سَنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذُروة سَنامه الجهاد. ثم قال: ألا أُخبرك بمِلاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله. فأخذ بلسانه وقال كُفَّ عليك هذا. قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثَكِلَتْكَ أُمُّك، وهل يكُبُّ الناسَ في النارِ على وجوههم (أو قال على مَنَاخِرِهم) إلا حَصائدُ ألسنتِهِم؟.
[صحيح.] - [رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد.]
يرشدنا هذا الحديث إلى أن العمل الذي ينجى من النار ويدخل الجنة هو عبادة الله وحده دون من سواه، مع القيام بما فرض الله على العبد من صلاة وزكاة وصوم وحج، وأن الجامع لوجوه الخير صدقة التطوع والصوم والتهجد في جوف الليل، وأن رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وأعلاه الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله، وأن ملاك ذلك كله بأن يمسك الإنسان عن الكلام الذي يفسد هذه الأعمال إذا عملها. فليحذر كل مسلم إذا عمل أعمالا صالحة أن يطلق لسانه بما ينفعها أو يبطلها؛ فيكون من أصحاب النار.
لقد سألت عن عظيم | عن عمل عظيم، لأن دخول الجنة والنجاة من النار أمر عظيم جدا، لأجله أنزل الله الكتب، وأرسل الرسل. |
من يسره الله عليه | بتوفيقه إلى القيام بالطاعات على ما ينبغي وترك المنهيات. |
تعبد الله | توحده. |
على أبواب الخير | من النوافل، لأنه قد دله على واجبات الإسلام قبل. |
الصوم | الإكثار من نفله، لأن فرضه مر ذكره قريبا. |
جنة | بضم الجيم: وقاية لصاحبه من المعاصي في الدنيا، ومن النار في الآخرة. |
وصلاة الرجل في جوف الليل | يعني أنها تطفيء الخطيئة كذلك، والمرأة مثل الرجل في ذلك، وإنما خص الرجل بالذكر لأن المخاطب وهو السائل رجل أو لغير ذلك. |
تتجافى | تتنحى. |
المضاجع | مواضع الاضطجاع للنوم (المراقد). |
ذروة | بضم الذال وكسرها، الطرف الأعلى. |
سنامه | السَّنام: ما ارتفع من ظهر الجمل. |
بملاك ذلك كله | بمقصوده وجماعه، وما يعتمد عليك. والملاك بكسر الميم وفتحها. |
فأخذ بلسانه | أمسك النبي -صلى الله عليه وسلم- لسان نفسه. |
كف | احبس. |
ثكلتك | فقدتك، ولم يقصد رسول الله حقيقة الدعاء، بل جرى ذلك على عادة العرب في المخاطبات. |
وهل | استفهام إنكار، بمعنى النفي. |
يكب | بضم الكاف، يصرع. |
الناس | أي أكثرهم. |
حصائد ألسنتهم | ما يقولونه من الكلام الذي لا خير فيه؛ لأنه من نتائج وآثار كلامهم. |