البحث

عبارات مقترحة:

الصمد

كلمة (الصمد) في اللغة صفة من الفعل (صَمَدَ يصمُدُ) والمصدر منها:...

الكريم

كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...

المجيب

كلمة (المجيب) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أجاب يُجيب) وهو مأخوذ من...


الصِّينُ

بالكسر، وآخره نون: بلاد في بحر المشرق مائلة إلى الجنوب وشماليها الترك، قال ابن الكلبي عن الشرقي: سميت الصين بصين، وصين وبغرابنا بغبر بن كماد بن يافث، ومنه المثل: ما يدري شغر من بغر، وهما بالمشرق وأهلهما بين الترك والهند، قال أبو القاسم الزّجاجي: سميت بذلك لأن صين بن بغبر بن كماد أوّل من حلّها وسكنها، وسنذكر خبرهم ههنا، والصين في الإقليم الأوّل، طولها من المغرب مائة وأربع وستون درجة وثلاثون دقيقة، قال الحازمي: كان سعد الخير الأندلسي يكتب لنفسه الصيني لأنّه سافر إلى الصين، وقال العمراني: الصين موضع بالكوفة وموضع أيضا قريب من الإسكندرية، قال المفجّع في كتاب المنقذ، وهو كتاب وضعه على مثال الملاحن لابن دريد: الصين بالكسر موضعان الصين الأعلى والصين الأسفل، وتحت واسط بليدة مشهورة يقال لها الصينية ويقال لها أيضا صينية الحوانيت، ينسب إليها صينيّ، منها الحسن بن أحمد ابن ماهان أبو عليّ الصيني، حدث عن أحمد بن عبيد الواسطي، يروي عنه أبو بكر الخطيب وقال: كان قاضي بلدته وخطيبها، وأمّا إبراهيم بن إسحاق الصيني فهو كوفيّ كان يتّجر إلى الصين فنسب إليها، وقال أبو سعد: وممن نسب إلى الصين أبو الحسن سعد الخير ابن محمد بن سهل بن سعد الأنصاري الأندلسي، كان يكتب لنفسه الصيني لأنّه كان قد سافر من المغرب إلى الصين، وكان فقيها صالحا كثير المال، سمع الحديث من أبي الخطّاب بن بطر القاري وأبي عبد الله الحسين بن محمد بن طلحة النّعّال وغيرهما، وذكره أبو سعد في شيوخه، ومات سنة 541، ولهم صينيّ آخر لا يدرى إلى أيّ شيء هو منسوب، وهو حميد ابن محمد بن علي أبو عمرو الشيباني يعرف بحميد الصيني، سمع السريّ بن خزيمة وأقرانه، روى عنه أبو سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان وغيره، وهذا شيء من أخبار الصين الأقصى ذكرته كما وجدته لا أضمن صحته فإن كان صحيحا فقد ظفرت بالغرض وإن كان كذبا فتعرف ما تقوّله الناس، فإن هذه بلاد شاسعة ما رأينا من مضى إليها فأوغل فيها وإنما يقصد التجار أطرافها، وهي بلاد تعرف بالجاوة على سواحل البحر شبيهة ببلاد الهند يجلب منها العود والكافور والسنبل والقرنفل والبسباسة والعقاقير والغضائر الصينيّة، فأمّا بلاد الملك فلم نر أحدا رآها، وقرأت في كتاب عتيق ما صورته: كتب إلينا أبو دلف مسعر بن مهلهل في ذكر ما شاهدهورآه في بلاد الترك والصين والهند قال: إنّي لما رأيتكما يا سيّديّ، أطال الله بقاءكما، لهجين بالتصنيف مولعين بالتأليف أحببت أن لا أخلي دستوركما وقانون حكمتكما من فائدة وقعت إليّ مشاهدتها وأعجوبة رمت بي الأيّام إليها ليروق معنى ما تتعلّمانه السمع ويصبو إلى استيفاء قراءته القلب، وبدأت بعد حمد الله والثناء على أنبيائه بذكر المسالك المشرقية واختلاف السياسة فيها وتباين ملكها وافتراق أحوالها وبيوت عبادتها وكبرياء ملوكها وحكوم قوّامها ومراتب أولي الأمر والنهي لديها لأن معرفة ذلك زيادة في البصيرة واجبة في السيرة قد حضّ الله تعالى عليها أولي التيقظ والاعتبار وكلّفه أهل العقول والأبصار فقال، جلّ اسمه: أَفَلَمْ يَسِيرُوا في الْأَرْضِ 12: 109، فرأيت معاونتكما لما وشج بيننا من الإخاء وتوكّد من المودّة والصفاء، ولما نبا بي وطني ووصل بي السير إلى خراسان ضاربا في الأرض أبصرت ملكها والموسوم بإمارتها نصر بن أحمد الساماني، عظيم الشأن كبير السلطان يستصغر في جنبه أهل الطّول وتخفّ عنده موازين ذوي القدرة والحول، ووجدت عنده رسل قالين بن الشخير ملك الصين راغبين في مصاهرته طامعين في مخالطته يخطبون إليه ابنته فأبى ذلك واستنكره لحظر الشريعة له، فلمّا أبى ذلك راضوه على أن يزوّج بعض ولده ابنة ملك الصين فأجاب إلى ذلك فاغتنمت قصد الصين معهم فسلكنا بلد الأتراك فأوّل قبيلة وصلنا إليها بعد أن جاوزنا خراسان وما وراء النهر من مدن الإسلام قبيلة في بلد يعرف بالخركاه فقطعناها في شهر نتغذّى بالبرّ والشعير، ثمّ خرجنا إلى قبيلة تعرف بالطخطاخ تغذّينا فيها بالشعير والدخن وأصناف من اللحوم والبقول الصحراويّة فسبرنا فيها عشرين يوما في أمن ودعة يسمع أهلها لملك الصين ويطيعونه ويؤدّون الإتاوة إلى الخركاه لقربهم إلى الإسلام ودخولهم فيه وهم يتّفقون معهم في أكثر الأوقات على غزو من بعد عنهم من المشركين، ثمّ وصلنا إلى قبيلة تعرف بالبجا فتغذّينا فيهم بالدخن والحمص والعدس وسرنا بينهم شهرا في أمن ودعة، وهم مشركون ويؤدّون الإتاوة إلى الطخطاخ ويسجدون لملكهم ويعظمون البقر ولا تكون عندهم ولا يملكونها تعظيما لها، وهو بلد كثير التين والعنب والزعرور الأسود وفيه ضرب من الشجر لا تأكله النار، ولهم أصنام من ذلك الخشب، ثمّ خرجنا إلى قبيلة تعرف بالبجناك طوال اللحى أولو أسبلة همج يغير بعضهم على بعض ويفترش الواحد المرأة على ظهر الطريق، يأكلون الدخن فقط، فسرنا فيهم اثني عشر يوما وأخبرنا أن بلدهم عظيم مما يلي الشمال وبلد الصقالبة ولا يؤدّون الخراج إلى أحد، ثم سرنا إلى قبيلة تعرف بالجكل يأكلون الشعير والجلبان ولحوم الغنم فقط ولا يذبحون الإبل ولا يقتنون البقر ولا تكون في بلدهم، ولباسهم الصوف والفراء لا يلبسون غيرهما، وفيهم نصارى قليل، وهم صباح الوجوه يتزوّج الرجل منهم بابنته وأخته وسائر محارمه، وليسوا مجوسا ولكن هذا مذهبهم في النكاح، يعبدون سهيلا وزحل والجوزاء وبنات نعش والجدي ويسمون الشعرى اليمانية ربّ الأرباب، وفيهم دعة ولا يرون الشّرّ، وجميع من حولهم من قبائل الترك يتخطفهم ويطمع فيهم، وعندهم نبات يعرف بالكلكان طيب الطعام يطبخ مع اللحم، وعندهم معادن البازهر وحياة الحبق، وهي بقر هناك، ويعملون من الدم والذاذي البرّي نبيذا يسكر سكرا شديدا، وبيوتهم من الخشب والعظام، ولا ملك لهم، فقطعنا بلدهم في أربعين يوما في أمن وخفض ودعة، ثم خرجنا إلى قبيلةتعرف بالبغراج لهم أسبلة بغير لحى يعملون بالسلاح عملا حسنا فرسانا ورجّالة، ولهم ملك عظيم الشأن يذكر أنّه علويّ وأنّه من ولد يحيى بن زيد وعنده مصحف مذهّب على ظهره أبيات شعر رثي بها زيد، وهم يعبدون ذلك المصحف، وزيد عندهم ملك العرب وعلي بن أبي طالب، رضي الله عنه، عندهم إله العرب لا يملّكون عليهم أحدا إلّا من ولد ذلك العلوي، وإذا استقبلوا السماء فتحوا أفواههم وشخصوا أبصارهم إليها، يقولون: إن إله العرب ينزل منها ويصعد إليها، ومعجزة هؤلاء الذين يملّكونهم عليهم من ولد زيد أنّهم ذوو لحى وأنهم قيام الأنوف عيونهم واسعة وغذاؤهم الدخن ولحوم الذكران من الضأن، وليس في بلدهم بقر ولا معز، ولباسهم اللبود لا يلبسون غيرها، فسرنا بينهم شهرا على خوف ووجل، أدّينا إليهم العشر من كل شيء كان معنا، ثمّ سرنا إلى قبيلة تعرف بتبّت فسرنا فيهم أربعين يوما في أمن وسعة، يتغذّون بالبرّ والشعير والباقلّى وسائر اللحوم والسموك والبقول والأعناب والفواكه ويلبسون جميع اللباس، ولهم مدينة من القصب كبيرة فيها بيت عبادة من جلود البقر المدهونة، فيه أصنام من قرون غزلان المسك، وبها قوم من المسلمين واليهود والنصارى والمجوس والهند ويؤدون الإتاوة إلى العلوي البغراجي ولا يملكهم أحد إلّا بالقرعة، ولهم محبس جرائم وجنايات، وصلاتهم إلى قبلتنا، ثمّ سرنا إلى قبيلة تعرف بالكيماك، بيوتهم من جلود، يأكلون الحمص والباقلّى ولحوم ذكران الضأن والمعز ولا يرون ذبح الإناث منها، وعندهم عنب نصف الحبة أبيض ونصفها أسود، وعندهم حجارة هي مغناطيس المطر يستمطرون بها متى شاءوا، ولهم معادن ذهب في سهل من الأرض يجدونه قطعا، وعندهم ماس يكشف عنه السيل ونبات حلو الطعم ينوّم ويخدّر، ولهم قلم يكتبون به، وليس لهم ملك ولا بيت عبادة، ومن تجاوز منهم ثمانين سنة عبدوه إلّا أن يكون به عاهة أو عيب ظاهر، فكان مسيرنا فيهم خمسة وثلاثين يوما ثم انتهينا إلى قبيلة يقال لهم الغزّ، لهم مدينة من الحجارة والخشب والقصب ولهم بيت عبادة وليس فيه أصنام، ولهم ملك عظيم الشأن يستأدي منهم الخراج، ولهم تجارات إلى الهند وإلى الصين ويأكلون البرّ فقط وليس لهم بقول، ويأكلون لحوم الضأن والمعز الذكران والإناث ويلبسون الكتّان والفراء ولا يلبسون الصوف، وعندهم حجارة بيض تنفع من القولنج وحجارة خضر إذا مرّت على السيف لم يقطع شيئا، وكان مسيرنا بينهم شهرا في أمن وسلامة ودعة، ثمّ انتهينا إلى قبيلة يقال لهم التغزغز، يأكلون المذكّى وغير المذكّى ويلبسون القطن واللبود، وليس لهم بيت عبادة، وهم يعظمون الخيل ويحسنون القيام عليها، وعندهم حجارة تقطع الدم إذا علّقت على صاحب الرعاف أو النزف، ولهم عند ظهور قوس قزح عيد، وصلاتهم إلى مغرب الشمس، وأعلامهم سود، فسرنا فيهم عشرين يوما في خوف شديد ثمّ انتهينا إلى قبيلة يقال لهم الخرخيز، يأكلون الدخن والأرز ولحوم البقر والضأن والمعز وسائر اللحوم إلّا الجمال، ولهم بيت عبادة وقلم يكتبون به، ولهم رأي ونظر، ولا يطفئون سرجهم حتى تطفأ موادّها، ولهم كلام موزون يتكلمون به في أوقات صلاتهم، وعندهم مسك، ولهم أعياد في السنة، وأعلامهم خضر، يصلّون إلى الجنوب ويعظمون زحل والزهرة ويتطيرون من المريخ، والسباع في بلدهم كثيرة، ولهم حجارة تسرج بالليل يستغنون بها عن المصباح ولا تعمل في غير بلادهم، ولهم ملك مطاعلا يجلس بين يديه أحد منهم الّا إذا جاوز أربعين سنة، فسرنا فيهم شهرا في أمن ودعة ثمّ انتهينا الى قبيلة يقال لها الخرلخ، يأكلون الحمص والعدس ويعملون الشراب من الدخن ولا يأكلون اللحم إلّا مغموسا بالملح، ويلبسون الصوف، ولهم بيت عبادة في حيطانه صورة متقدّمي ملوكهم، والبيت من خشب لا تأكله النار، وهذا الخشب كثير في بلادهم، والبغي والجور بينهم ظاهر ويغير بعضهم على بعض، والزنا بينهم كثير غير محظور، وهم أصحاب قمار، يقامر أحدهم غيره بزوجته وابنه وابنته وأمه فما دام في مجلس القمار فللمقمور أن يفادى ويفكّ فإذا انصرف القامر فقد حصل له ما قمر به يبيعه من التجار كما يريد، والجمال والفساد في نسائهم ظاهر، وهم قليلو الغيرة، فتجيء ابنة الرئيس فمن دونه أو امرأته أو أخته الى القوافل إذا وافت البلد فتعرض للوجوه فإن أعجبها إنسان أخذته إلى منزلها وأنزلته عندها وأحسنت إليه وتصرّف زوجها وأخاها وولدها في حوائجه ولم يقربها زوجها ما دام من تريده عندها إلا لحاجة يقضيها ثم تتصرّف هي ومن تختاره في أكل وشرب وغير ذلك بعين زوجها لا يغيره ولا ينكره، ولهم عيد يلبسون الديباج ومن لا يمكنه رقّع ثوبه برقعة منه، ولهم معدن فضّة تستخرج بالزيبق، وعندهم شجر يقوم مقام الإهليلج قائم الساق وإذا طلي عصارته على الأورام الحارّة أبرأها لوقتها، ولهم حجر عظيم يعظمونه ويحتكمون عنده ويذبحون له الذبائح، والحجر أخضر سلقيّ، فسرنا بينهم خمسة وعشرين يوما في أمن ودعة ثم انتهينا إلى قبيلة يقال لهم الخطلخ، فسرنا بين أهلها عشرة أيّام، وهم يأكلون البرّ وحده ويأكلون سائر اللحوم غير مذكاة، ولم أر في جميع قبائل الترك أشدّ شوكة منهم، يتخطّفون من حولهم ويتزوّجون الأخوات، ولا تتزوّج المرأة أكثر من زوج واحد، فإذا مات لم تتزوّج بعده، ولهم رأي وتدبير، ومن زنى في بلدهم أحرق هو والتي يزني بها، وليس لهم طلاق، والمهر جميع ما ملك الرجل، وخدمة الولي سنة، وللقتل بينهم قصاص وللجراح غرم، فإن تلف المجروح بعد أن يأخذ الغرم بطل دمه، وملكهم ينكر الشرّ ولا يتزوّج فإن تزوّج قتل، ثم انتهينا إلى قبيلة يقال لها الختيان، يأكلون الشعير والجلبان ولا يأكلون اللحم إلا مذكى، ويزوّجون تزويجا صحيحا وأحكامهم أحكام عقلية تقوم بها السياسة، وليس لهم ملك، وكلّ عشرة يرجعون إلى شيخ له عقل ورأي فيتحاكمون إليه، وليس لهم جور على من يجتاز بهم، ولا اغتيال، ولهم بيت عبادة يعتكفون فيه الشهر والأقلّ والأكثر، ولا يلبسون شيئا مصبوغا، وعندهم مسك جيّد ما دام في بلدهم فإذا حمل منه تغير واستحال، ولهم بقول كثيرة في أكثرها منافع، وعندهم حيّات تقتل من ينظر إليها إلّا أنّها في جبل لا تخرج عنه بوجه ولا سبب، ولهم حجارة تسكّن الحمّى ولا تعمل في غير بلدهم، وعندهم بازهر جيّد شمعيّ فيه عروق خضر، وكان مسيرنا فيهم عشرين يوما، ثمّ انتهينا إلى بلد بهيّ فيه نخل كثير وبقول كثيرة وأعناب ولهم مدينة وقرى وملك له سياسة يلقّب بهي، وفي مدينتهم قوم مسلمون ويهود ونصارى ومجوس وعبدة أصنام، ولهم أعياد، وعندهم حجارة خضر تنفع من الرمد وحجارة حمر تنفع من الطحال، وعندهم النيل الجيّد القانئ المرتفع الطافي الذي إذا طرح في الماء لم يرسب، فسرنا فيهم أربعين يوما في أمن وخوف ثمّ انتهينا إلى موضع يقال له القليب فيه بوادي عرب ممّن تخلف عن تبّع لما غزا بلاد الصين، لهم مصايف ومشات في مياه ورمال، يتكلمون بالعربيّة القديمة لا يعرفون غيرها ويكتبون بالحميرية ولا يعرفون قلمنا، يعبدون الأصنام، وملكهم من أهل بيت منهم لا يخرجون الملك من أهل ذلك البيت، ولهم أحكام، وحظر الزنا والفسق، ولهم شراب جيّد من التمر، وملكهم يهادي ملك الصين، فسرنا فيهم شهرا في خوف وتغرير، ثم انتهينا إلى مقام الباب، وهو بلد في الرمل تكون فيه حجبة الملك، وهو ملك الصين، ومنه يستأذن لمن يريد دخول بلد الصين من قبائل الترك وغيرهم، فسرنا فيه ثلاثة أيام في ضيافة الملك يغيّر لنا عند رأس كل فرسخ مركوب، ثم انتهينا إلى وادي المقام فاستؤذن لنا منه وتقدّمنا الرّسل فأذن لنا بعد أن أقمنا بهذا الوادي، وهو أنزه بلاد الله وأحسنها، ثلاثة أيام في ضيافة الملك، ثمّ عبرنا الوادي وسرنا يوما تامّا فأشرفنا على مدينة سندابل، وهي قصبة الصين وبها دار المملكة، فبتنا على مرحلة منها، ثم سرنا من الغد طول نهارنا حتى وصلنا إليها عند المغرب، وهي مدينة عظيمة تكون مسيرة يوم ولها ستون شارعا ينفذ كل شارع منها إلى دار الملك، ثم سرنا إلى باب من أبوابها فوجدنا ارتفاع سورها تسعين ذراعا وعرضه تسعين ذراعا وعلى رأس السور نهر عظيم يتفرّق على ستّين جزءا كلّ جزء منها ينزل على باب من الأبواب تتلقاه رحى تصبّه إلى ما دونها ثم إلى غيرها حتى يصبّ في الأرض ثمّ يخرج نصفه تحت السور فيسقي البساتين ويرجع نصفه إلى المدينة فيسقي أهل ذلك الشارع إلى دار الملك ثمّ يخرج في الشارع الآخر إلى خارج البلد فكل شارع فيه نهران وكلّ خلاء فيه مجريان كل واحد يخالف صاحبه، فالداخل يسقيهم والخارج يخرج بفضلاتهم، ولهم بيت عبادة عظيم، ولهم سياسة عظيمة وأحكام متقنة، وبيت عبادتهم يقال إنّه أعظم من مسجد بيت المقدس وفيه تماثيل وتصاوير وأصنام وبدّ عظيم، وأهل البلد لا يذبحون ولا يأكلون اللحوم أصلا، ومن قتل منهم شيئا من الحيوان قتل، وهي دار مملكة الهند والترك معا، ودخلت على ملكهم فوجدته فائقا في فنه كاملا في رأيه فخاطبه الرسل بما جاءوا به من تزويجه ابنته من نوح بن نصر فأجابهم إلى ذلك وأحسن إليّ وإلى الرسل وأقمنا في ضيافته حتى نجزت أمور المرأة وتمّ ما جهّزها به ثمّ سلمها إلى مائتي خادم وثلاثمائة جارية من خواص خدمه وجواريه وحملت إلى خراسان إلى نوح بن نصر فتزوّج بها، قال: وبلغنا أن نصرا عمل قبره قبل وفاته بعشرين سنة، وذلك أنّه حدّ له في مولده مبلغ عمره ومدة انقضاء أجله وأن موته يكون بالسّلّ وعرّف اليوم الذي يموت فيه، فخرج يوم موته إلى خارج بخارى وقد أعلم الناس أنّه ميّت في يومه ذلك وأمرهم أن يتجهزوا له بجهاز التعزية والمصيبة ليتصوّرهم بعد موته بالحال التي يراهم بها، فسار بين يديه ألوف من الغلمان الأتراك المرد وقد ظاهروا اللباس بالسواد وشقوا عن صدورهم وجعلوا التراب على رؤوسهم ثمّ تبعهم نحو ألفي جارية من أصناف الرقيق مختلفي الأجناس واللغات على تلك الهيئة ثمّ جاء على آثارهم عامة الجيش والأولياء يجنبون دوابّهم ويقودون قودهم وقد خالفوا في نصب سروجها عليها وسوّدوا نواصيها وجباهها حاثين التراب على رؤوسهم واتصلت بهم الرعية والتجار في غمّ وحزن وبكاء شديد وضجيج يقدمهم أولادهم ونساؤهم ثم اتصلت بهم الشاكرية والمكارون والحمالون على فرق منهم قد غيّروا زيّهم، وشهر نفسه بضرب من اللباس، ثم جاء أولاده يمشون بين يديه حفاة حاسرين والتراب على رؤوسهم وبين أيديهم وجوه كتّابه وجلّة خدمه ورؤساؤه وقواده، ثمّ أقبل القضاة والمعدلون والعلماءيسايرونه في غمّ وكآبة وحزن، وأحضر سجلّا كبيرا ملفوفا فأمر القضاة والفقهاء والكتّاب بختمه فأمر نوحا ابنه أن يعمل بما فيه واستدعى شيئا من حسا في زبدية من الصيني الأصفر فتناول منه شيئا يسيرا ثمّ تغرغرت عيناه بالدموع وحمد الله تعالى وتشهّد وقال: هذا آخر زاد نصر من دنياكم، وسار إلى قبره ودخله وقرأ عشرا فيه واستقرّ به مجلسه ومات، رحمه الله، وتولى الأمر نوح ابنه، قلت: ونحن نشك في صحة هذا الخبر لأن محدثنا به ربما كان ذكر شيئا فسأل الله أن لا يؤاخذه بما قال، ونرجع إلى كلام رسول نصر، قال: وأقمت بسندابل مدينة الصين مدة ألقى ملكها في الأحايين فيفاوضني في أشياء ويسألني عن أمور من أمور بلاد الإسلام، ثم استأذنته في الانصراف فأذن لي بعد أن أحسن إليّ ولم يبق غاية في أمري، فخرجت إلى الساحل أريد كله، وهي أوّل الهند وآخر منتهى مسير المراكب لا يتهيأ لها أن تتجاوزها وإلّا غرقت، قال: فلمّا وصلت إلى كله رأيتها وهي عظيمة عالية السور كثيرة البساتين غزيرة الماء ووجدت بها معدنا للرصاص القلعي لا يكون إلّا في قلعتها في سائر الدنيا، وفي هذه القلعة تضرب السيوف القلعية وهي الهندية العتيقة، وأهل هذه القلعة يمتنعون على ملكهم إذا أرادوا ويطيعونه إن أحبوا، ورسمهم رسم الصين في ترك الذباحة، وليس في جميع الدنيا معدن للرصاص القلعي إلّا في هذه القلعة، وبينها وبين مدينة الصين ثلاثمائة فرسخ، وحولها مدن ورساتيق وقرى، ولهم أحكام حبوس جنايات، وأكلهم البرّ والتمور، وبقولهم كلّها تباع وزنا وأرغفة خبزهم تباع عددا، وليس عندهم حمامات بل عندهم عين جارية يغتسلون بها، ودرهمهم يزن ثلثي درهم ويعرف بالقاهري، ولهم فلوس يتعاملون بها، ويلبسون كأهل الصين الإفرند الصيني المثمن، وملكهم دون ملك الصين ويخطب لملك الصين، وقبلته إليه، وبيت عبادته له، وخرجت منها إلى بلد الفلفل فشاهدت نباته، وهو شجر عاديّ لا يزول الماء من تحته فإذا هبت الريح تساقط حمله فمن ذلك تشنجه وإنما يجتمع من فوق الماء، وعليه ضريبة للملك، وهو شجر حرّ لا مالك له وحمله أبدا فيه لا يزول شتاء ولا صيفا، وهو عناقيد فإذا حميت الشمس عليه انطبق على العنقود عدة من ورقه لئلّا يحترق بالشمس، فإذا زالت الشمس زالت تلك الأوراق، وانتهيت منه إلى لحف الكافور، وهو جبل عظيم فيه مدن تشرف على البحر منها قامرون التي ينسب إليها العود الرطب المعروف بالمندل القامروني، ومنها مدينة يقال لها قماريان، وإليها ينسب العود القماري، وفيه مدينة يقال لها الصنف، ينسب إليها العود الصنفي، وفي اللحف الآخر من ذلك الجبل مما يلي الشمال مدينة يقال لها الصّيمور، لأهلها حظّ من الجمال وذلك لأن أهلها متولدون من الترك والصين فجمالهم لذلك، وإليها تخرج تجارات الترك، وإليها ينسب العود الصيموري وليس هو منها إنّما هو يحمل إليها، ولهم بيت عبادة على رأس عقبة عظيمة وله سدنة وفيه أصنام من الفيروزج والبيجاذق، ولهم ملوك صغار، ولباسهم لباس أهل الصين، ولهم بيع وكنائس ومساجد وبيوت نار، لا يذبحون ولا يأكلون ما مات حتف أنفه، وخرجت إلى مدينة يقال لها جاجلّى على رأس جبل مشرف نصفها على البحر ونصفها على البرّ ولها ملك مثل ملك كله يأكلون البرّ والبيض ولا يأكلون السمك ولا يذبحون، ولهم بيت عبادة كبير معظّم، لم يمتنع على الإسكندر في بلدان الهند غيرها، وإليها يحمل الدارصيني ومنها يحمل إلى سائر الآفاق، وشجرالدارصيني حرّ لا مالك له، ولباسهم لباس كله إلّا أنهم يتزيّنون في أعيادهم بالحبر اليمانية، ويعظمون من النجوم قلب الأسد، ولهم بيت رصد وحساب محكم ومعرفة بالنجوم كاملة، وتعمل الأوهام في طباعهم، ومنها خرجت إلى مدينة يقال لها قشمير وهي كبيرة عظيمة لها سور وخندق محكمان تكون مثل نصف سندابل مدينة الصين وملكها أكبر من ملك مدينة كله وأتم طاعة، ولهم أعياد في رؤوس الأهلّة وفي نزول النيرين شرفهما، ولهم رصد كبير في بيت معمول من الحديد الصيني لا يعمل فيه الزمان، ويعظمون الثّريّا، وأكلهم البرّ ويأكلون المليح من السمك ولا يأكلون البيض ولا يذبحون، وسرت منها إلى كابل فسرت شهرا حتى وصلت إلى قصبتها المعروفة بطابان، وهي مدينة في جوف جبل قد استدار عليها كالحلقة دوره ثلاثون فرسخا لا يقدر أحد على دخوله إلّا بجواز لأن له مضيقا قد غلّق عليه باب ووكل به قوم يحفظونه فما يدخله أحد إلّا بإذن، والإهليلج بها كثير جدّا، وجميع مياه الرساتيق والقرى التي داخل المدينة تخرج من المدينة، وهم يخالفون ملّة الصين في الذباحة ويأكلون السمك والبيض ويقتل بعضهم بعضا، ولهم بيت عبادة، وخرجت من كابل إلى سواحل البحر الهندي متياسرا فسرت إلى بلد يعرف بمندورقين منابت غياض القنا وشجر الصندل ومنه يحمل الطباشير، وذلك أن القنا إذا جفّ وهبّت عليه الريح احتك بعضه ببعض واشتدت فيه الحرارة للحركة فانقدحت منه نار فربما أحرقت منها مسافة خمسين فرسخا أو أكثر من ذلك فالطباشير الذي يحمل إلى سائر الدنيا من ذلك القنا، فأما الطباشير الجيد الذي يساوي مثقاله مائة مثقال أو أكثر فهو شيء يخرج من جوف القنا إذا هزّ، وهو عزيز جدّا، وما يفجر من منابت الطباشير حمل إلى سائر البلاد وبيع على أنّه توتيا الهند، وليس كذلك لان التوتيا الهندي هو دخان الرصاص القلعي، ومقدار ما يرتفع منه كلّ سنة ثلاثة أمنان أو أربعة أمنان ولا يتجاوز الخمسة، ويباع المنّ منه بخمسة آلاف درهم إلى ألف دينار، وخرجت منها إلى مدينة يقال لها كولم لأهلها بيت عبادة وليس فيه صنم وفيها منابت الساج والبقّم، وهو صنفان وهذا دون والآمرون هو الغاية، وشجر الساج مفرط العظم والطول ربّما جاوز مائة ذراع وأكثر، والخيزران والقنا بها كثير جدّا، وبها شيء من السّندروس قليل غير جيّد والجيّد منه ما بالصين، وهو من عرعر ينبت على باب مدينتها الشرقي، والسندروس شبه الكهربائيّة وأحلّها وفيها مغناطيس يجذب كل شيء إذا أحمي بالدّلك، وعندهم الحجارة التي تعرف بالسندانية يعمل بها السقوف، وأساطين بيوتهم من خرز أصلاب السمك الميت ولا يأكلونه، ولا يذبحون، وأكثرهم يأكل الميتة، وأهلها يختارون للصين ملكا إذا مات ملكهم، وليس في الهند طبّ إلّا في هذه المدينة، وبها تعمل غضائر تباع في بلداننا على أنّه صينيّ وليس هو صينيّ لأن طين الصين أصلب منه وأصبر على النار وطين هذه المدينة الذي يعمل منه الغضائر المشبه بالصيني يخمر ثلاثة أيام لا يحتمل أكثر منها وطين الصين يخمر عشرة أيام ويحتمل أكثر منها، وخزف غضائرها أدكن اللون وما كان من الصين أبيض وغيره من الألوان شفّافا وغير شفاف فهو معمول في بلاد فارس من الحصى والكلس القلعيّ والزجاج يعجن على البوائن وينفخ ويعمل بالماسك كما ينفخ الزجاج مثل الجامات وغيرها من الأواني، ومن هذه المدينة يركب إلى عمان، وبها راوند ضعيف العمل والصيني أجود منه، والراوندقرع يكون هناك وورقه السادج الهندي، وإليها تنسب أصناف العود والكافور واللبان والقتار، وأصل العود نبت في جزائر وراء خطّ الاستواء، وما وصل إلى منابته أحد ولم يعلم أحد كيف نباته وكيف شجره ولا يصف إنسان شكل ورق العود وإنما يأتي به الماء إلى جانب الشمال، فما انقلع وجاء إلى الساحل فأخذ رطبا بكله وبقامرون أو في بلد الفلفل أو بالصنف أو بقماريان أو بغيرها من السواحل بقي إذا أصابته الريح الشمال رطبا أبدا لا يتحرّك عن رطبه، وهو المعروف بالقامروني المندلي، وما جف في البحر ورمي يابسا فهو الهندي المصمت الثقيل ومحنته أن ينال منه بالمبرد ويلقى على الماء فإن لم ترسب برادته فليس بمختار وإن رسبت فهو الخالص الذي ما بعده غاية، وما جفّ منه في مواضعه ونخر في البحر فهو القماري، وما نخر في مواضعه وحمله البحر نخرا فهو الصنفي، وملوك هذه المرافئ يأخذون ممن يجمع العود من السواحل ومن البحر العشر، وأمّا الكافور فهو في لحف جبل بين هذه المدينة وبين مندورقين مطلّ على البحر وهو لبّ شجر يشقّ فيوجد الكافور كامنا فيه فربما وجد مائعا وربما كان جامدا لأنّه صمغ يكون في لبّ هذا الشجر، وبها شيء من الإهليلج قليل والكابلي أجود منه لأن كابل بعيدة من البحر، وجميع أصناف الإهليلج بها وكل شجر مما نثرته الريح فجّا غير نضيج فهو الأصفر، وهو حامض بارد، وما بلغ وقطف في أوان إدراكه فهو الكابلي، وهو حلو حارّ، وما ترك في شجره في أيام الشتاء حتى يسود فهو الأسود مرّ حارّ، وبها معدن كبريت أصفر ومعدن نحاس يخرج من دخانه توتيا جيد، وجميع أصناف التوتيا كلها من دخان النحاس إلّا الهندي فإنّه كما ذكرنا يخرج من دخان الرصاص القلعي، وماء هذه المدينة وماء مندورقين من الصهاريج المختزن فيها من مياه الأمطار، ولا زرع فيها إلّا القرع الذي فيه الراوند فإنّه يزرع بين الشوك، وكذلك أيضا بطيخهم عزيز جدّا، وبها قنبيل يقع من السماء ويجمع بأخثاء البقر، والعربي أجود منه، وسرت من مدن السواحل إلى الملتان، وهي آخر مدن الهند ممّا يلي الصين وأوّلها ممّا يلينا وتلي أرض السند، وهي مدينة عظيمة جليلة القدر عند أهل الهند والصين لأنّها بيت حجهم ودار عبادتهم مثل مكّة عند المسلمين وبيت المقدس عند اليهود والنصارى، وبها القبة العظمى والبدّ الأكبر، وهذه القبة سمكها في السماء ثلاثمائة ذراع وطول الصنم في جوفها مائة ذراع، وبين رأسه وبين القبة مائة ذراع، وبين رجليه وبين الأرض مائة ذراع، وهو معلّق من جوفها لا بقائمة من أسفله يدعم عليها ولا بعلاقة من أعلاه تمسكه، قلت: هذا هو الكذب الصراح لأن هذا الصنم ذكره المدائني في فتوح الهند والسند وذكر أن طوله عشرون ذراعا، قال أبو دلف: البلد في يد يحيى بن محمد الأموي هو صاحب المنصورة أيضا والسند كلّه في يده، والدولة بالملتان للمسلمين وملّاك عقرها ولد عمر بن علي بن أبي طالب، والمسجد الجامع مصاقب لهذه القبة، والإسلام بها ظاهر والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بها شامل، وخرجت منها إلى المنصورة، وهي قصبة السند، والخليفة الأموي مقيم بها يخطب لنفسه ويقيم الحدود ويملك السند كلّه بره وبحره، ومنها إلى البحر خمسون فرسخا، وبساحلها مدينة الدّيبل، وخرجت من المنصورة إلى بغانين، وهو بلد واسع يؤدي أهله الخراج إلى الأموي وإلى صاحب بيت الذهب، وهو بيت من ذهب في صحراء تكون أربعة فراسخ ولا يقع عليها الثلج ويثلج ما حولها، وفي هذا البيت رصد الكواكب، وهو بيت تعظمه الهند والمجوس، وهذه الصحراء تعرف بصحراء زردشت صاحب المجوس، ويقول أهل هذه البلدان: إن هذه الصحراء متى خرج منها إنسان يطلب دولة لم يغلب ولم يهزم له عسكر حيثما توجه، ومنها إلى شهر داور ومنها إلى بغنين ومنها إلى غزنين وبها تتفرّق الطرق فطريق يأخذ يمنة إلى باميان وختلان وخراسان، وطريق يأخذ تلقاء القبلة إلى بست ثمّ إلى سجستان، وكان صاحب سجستان في وقت موافاتي إياها أبا جعفر محمد بن أحمد بن الليث وأمه بانويه أخت يعقوب بن الليث، وهو رجل فيلسوف سمح كريم فاضل، له في بلده طراز تعمل فيه ثياب، ويخلع في كل يوم خلعة على واحد من زوّاره ويقوّم عليه من طرازها بخمسة آلاف درهم ومعها دابّة النوبة ووليّ الحمام والمسند والمطرح ومسورتان ومخدّتان، وبذلك يعمل ثبت ويسلّم إلى الزائر فيستوفيه من الخازن، هذا آخر الرسالة.

[معجم البلدان]

الصين

بلاد واسعة في المشرق ممتدة من الإقليم الأول إلى الثالث، عرضها أكثر من طولها، قالوا: نحو ثلاثمائة مدينة في مسافة شهرين. وانها كثيرة المياة كثيرة الأشجار كثيرة الخيرات وافرة الثمرات، من أحسن بلاد الله وأنزهها، وأهلها أحسن الناس صورة وأحذقهم بالصناعات الدقيقة، لكنهم قصار القدود عظام الرؤوس، لباسهم الحرير، وحليهم عظام الفيل والكركدن، ودينهم عبادة الأوثان. وفيهم مانوية ومجوس، ويقولون بالتناسخ ولهم بيوت العبادات. من عجائب الصين الهيكل المدور؛ قال المسعودي: هذا الهيكل بأقصى بلاد الصين وله سبعة أبواب، في داخله قبة عظيمة البنيان عالية السمك، وفي أعلى القبة شبه جوهرة كرأس عجل يضيء منها جميع أقطار الهيكل، وان جمعاً من الملوك حاولوا أخذ تلك الجوهرة فما تمكنوا من ذلك، فمن دنا منها قدر عشرة أذرع خر ميتاً، وإن حاول أخذها بشيء من الآلات الطوال، فإذا انتهت إليها هذا المقدار انعكست. وكذلك إن رمى إليها شيئاً، وإن تعرض أحد لهدم الهيكل مات، وفي هذا الهيكل بئر واسعة الرأس، من أكب عليها وقع في قعرها، وعلى رأس البئر شبه طوق مكتوب عليه: هذه البئر مخزن الكتب التي هي تاريخ الدنيا وعلوم السماء والأرض، وما كان فيها وما يكون، وفيها خزائن الأرض لكن لا يصل إليها إلا من وازن علمه علمنا، فمن قدر عليه علمه كعلمنا، ومن عجز فليعلم أنه دوننا في العلم. والأرض التي عليها هذا الهيكل أرض حجرية عالية كجبل شامخ لا يرامقلعه، ولا يتأتى نقبه، وإذا رأى الناظر إلى تلك الهيكل والقبة والبئر وحسن بنيتها، مال قلبه إليها وتأسف على فساد شيء منها. ومن عجائب الصين ما ذكر صاحب تحفة الغرائب ان بها طاحونة يدور حجرها التحتاني، والفوقاني ساكن، ويخرج من تحت الحجر دقيق لا نخالة فيه، ونخالة لا دقيق فيها، كل واحد منهما منفرد عن الآخر. وبها قرية عندها غدير فيه ماء في كل سنة يجتمع أهل القرية ويلقون فرساً في ذلك الغدير، والناس يقفون على أطرافه، كلما أراد الفرس الخروج من الماء منعوه، وما دام الفرس في الماء يأتيهم المطر، فإذا أمطروا قدر كفايتهم وامتلأ الغدير، أخرجوا الفرس وذبحوه على قلة جبل، وتركوه حتى يأكله الطير، فإن لم يفعلوا ذلك في شيء من السنين لم يمطروا. وبأرض الصين الذهب الكثير والجواهر واليواقيت في جبل من جبالها، وبها من الخيرات الكثيرة من الحبوب والبقول والفواكه والسكر، وفي جزائرها أشجار الطيب كالقرنفل والدارصيني ونحوها، قالوا: القرنفل تأتي بها السيول من جبال شامخة لا وصول إليها وبها من الهوام والحشرات والحيات والعقارب شيء كثير، ولا تظهر بالصيف لأنها ملتفة بأشجارها، تأكل من ثمارها وأوراقها وتظهر في الشتاء. ولأهل الصين يد باسطة في الصناعات الدقيقة، ولا يستحسنون شيئاً من صناعات غيرهم، وأي شيء رأوا أخذوا عليه عيباً، ويقولون: أهل الدنيا، ما عدانا، عمي إلا أهل كابل، فإنهم عور! وبالغوا في تدقيق صنعة النقوش حتى انهم يصورون الإنسان الضاحك والباكي، ويفصلون بين ضحك السرور والخجالة والشماتة، وإذا أراد ملكهم شيئاً من المتاع، يعرضه على أرباب الخبرة ولا يتركه في خزائنه إلا إذا وافقوا على جودته. وحكي أن صانعاً اتخذ ثوباً ديباجاً عليه صورة النابل وقعت عليها العصافير، فعرضها الملك على أرباب الخبرة واستحسنوها إلا صانع واحد؛ قال: العصافيرإذا وقعت على السنابل أمالتها، وهذا المصور عملها قائمة لا ميل فيها. فصدقه الحاضرون وتعجبوا من دقة نظره في الصنعة. ومن خواص بلاد الصين انه قلما يرى بها ذو عاهة كالأعمى والزمن ونحوهما، وان الهرة لا تلد بها. وقال محمد بن أبي عبد الله: رأيت في غياض الصين إنساناً يصيح صياح القردة، وله وبر كوبر الرد، ويداه تنالان ساقيه إذا بسطهما قائماً. ويكون على الأشجار يثب من شجرة إلى شجرة وبينهما عشرة أذرع. وقال ابن الفقيه: بالصين دابة المسك، وهي دابة تخرج من الماء في كل سنة في وقت معلوم، فيصطاد منها شي كثير، وهي شديدة الشبه بالظباء، فتذبح ويؤخذ الدم من سرتها، وهو المسك، ولا رائحة له هناك حتى يحمل إلى غيرها من الأماكن. وبها الغضائر الصيني التي لها خواص، وهي بيضاء اللون شفافة وغير شفافة، لا يصل إلى بلادنا منها شيء، والذي يباع في بلادنا على أنه صيني معمول بلاد الهند، بمدينة يقال لها كولم، والصيني أصلب منه وأصبر على النار، وخزف الصين أبيض؛ قالوا: يترشح السم منه، وخزف كولم أدكن. وطرائف الصين كثيرة: الفرند الفائق والحديد المصنوع الذي يقال له طاليقون، يشترى بأضعافه فضة، ومناديل الغمر من جلد السمندل، والطواويس العجيبة، والبرادين الغرة التي لا نظير لها في البلاد.

[آثار البلاد وأخبار العباد]

الصين - China

الصين (بالصينية المبسطة: 中国 تشونغوا؛ بالصينية التقليدية: 中國) المعروفة رسميًا باسم جمهورية الصين الشعبية (بالصينية المبسطة: 中华人民共和国 تشونغهوا رنمين غونغهيغو؛ بالصينية التقليدية: 中華人民共和國) هي الدولة الأكثر سكانًا في العالم مع أكثر من 1.338 مليار نسمة. تقع في شرق آسيا ويحكمها الحزب الشيوعي الصيني في ظل نظام الحزب الواحد. تتألف الصين من أكثر من 22 مقاطعة وخمس مناطق ذاتية الحكم وأربع بلديات تدار مباشرة (بكين وتيانجين وشانغهاي وتشونغتشينغ واثنتان من مناطق عالية الحكم الذاتي هما هونغ كونغ وماكاو. عاصمة البلاد هي مدينة بكين. تمتد البلاد على مساحة 9.6 مليون كيلومتر مربع (3.7 مليون ميل مربع)، حيث تعد جمهورية الصين الشعبية ثالث أو رابع أكبر من المساحة الإجمالية (اعتمادًا على تعريف ما هو مدرج في هذا المجموع)، وثاني أكبرها وفقاً لمساحة البر. يتنوع المشهد الطبيعي في الصين بين غابات وسهوب وصحاري (جوبي وتكلامكان) في الشمال الجاف بالقرب من منغوليا وسيبيريا في روسيا والغابات شبه الاستوائية في الجنوب الرطب قرب فيتنام ولاوس وبورما. التضاريس في الغرب وعرة وعلى علو شاهق حيث تقع جبال الهيمالايا وجبال تيان شان وتشكل الحدود الطبيعية للصين مع الهند وآسيا الوسطى. في المقابل فإن الساحل الشرقي من البر الصيني منخفض وذو ساحل طويل 14,500 كيلومتر يحده من الجنوب الشرقي بحر الصين الجنوبي ومن الشرق بحر الصين الشرقي الذي تقع خارجه تايوان وكوريا واليابان. الحضارة الصينية القديمة إحدى أقدم الحضارات في العالم، حيث ازدهرت في حوض النهر الأصفر الخصب الذي يتدفق عبر سهل شمال الصين. خلال أكثر من 6,000 عام قام النظام السياسي في الصين على الأنظمة الملكية الوراثية (المعروفة أيضاً باسم السلالات). كان أول هذه السلالات شيا (حوالي 2000 ق.م) لكن أسرة تشين اللاحقة كانت أول من وحد البلاد في عام 221 ق.م. انتهت آخر السلالات (سلالة تشينغ) في عام 1911 مع تأسيس جمهورية الصين من قبل الكومينتانغ والحزب القومي الصيني. شهد النصف الأول من القرن العشرين سقوط البلاد في فترة من التفكك والحروب الأهلية التي قسمت البلاد إلى معسكرين سياسيين رئيسيين هما الكومينتانغ والشيوعيون. انتهت أعمال العنف الكبرى في عام 1949 عندما حسم الشيوعيون الحرب الأهلية وأسسوا جمهورية الصين الشعبية في بر الصين الرئيسي. نقل حزب الكومينتانغ عاصمة جمهوريته إلى تايبيه في تايوان حيث تقتصر سيادته حالياً على تايوان وكنمن ماتسو وجزر عدة نائية. منذ ذلك الحين، دخلت جمهورية الصين الشعبية في نزاعات سياسية مع جمهورية الصين حول قضايا السيادة والوضع السياسي لتايوان. منذ إدخال إصلاحات اقتصادية قائمة على نظام السوق في عام 1978 أصبحت الصين أسرع اقتصادات العالم نموًا حيث أصبحت أكبر دولة مصدرة في العالم وثاني أكبر مستورد للبضائع. يعد الاقتصاد الصيني ثاني أكبر اقتصاد في العالم، من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي وتعادل القوة الشرائية. الصين عضو دائم في مجلس الأمن للأمم المتحدة. كما أنها أيضًا عضو في منظمات متعددة الأطراف بما في ذلك منظمة التجارة العالمية والابيك وبريك ومنظمة شانغهاي للتعاون ومجموعة العشرين. تمتلك الصين ترسانة نووية معترف بها وجيشها هو الأكبر في العالم في الخدمة مع ثاني أكبر ميزانية دفاع. وصفت الصين كقوة عظمى محتملة من جانب عدد من الأكاديميين والمحللين العسكريين والمحللين الاقتصاديين والسياسة العامة.

[dawa.center]

باب الصين والصير

أما اْلأَوَّلُ: - بِكَسْرِ الصاد وآخره نون -: ناحية بعيدة من هذه الأقاليم، وكان سعد الخير الأندلسي يكتب لنفسه الصيني لأنه سافر إليها. وأما الثَّاني: - آخره راء والباقي نحو اْلأَوَّلُ -: جبل بأجإٍ في دِيَارِ طيءٍ فيه كهوف شبه البيوت. وجبل على السَّاحِل بين سيراف وعمان. 524 - بابُ الصِّنَبْرضةِ، والصَّبِيْرَةِ أما اْلأَوَّلُ: - بِكَسْرِ الصاد وتَشْدِيْدِ النُوْن المَفْتُوحةٌ ثُمَّ باء مُوْحَّدَة سَاكِنَة -: ناحية من الأردن، كان معاوية يشتو بها. وأما الثَّاني: - بِضَمِّ الصاد وفتح الباء المُوْحَّدَة -: ناحية شامية أيضاً.

[الأماكن، ما اتفق لفظه وافترق مسماه للحازمي]

الصين:

بلاد في مطلع الشمس، يقال إن فيها ثلثمائة مدينة ونيفاً عامرة كلها سوى القرى والرساتيق، ومن خرج إليها قطع سبعة أبحر، لكل بحر منها لون وريح وسهك ليس في غيره، أول بحورهم بحر فارس. وفي الصين عجائب كثيرة، والأصل في ذلك أن قوماً من بني عامور بن يافث قطعوا إلى ناحية الصين، وكان عامور قد عمل فلكاً حكى به سفينة جده نوح ، فركب فيها هو وولده وأهله، وقطع البحار إلى الصين، فبنى هو وولده المدائن وعملوا الحكم ودقائق الصناعات، وملكهم ثلثمائة سنة، وملك ابنه صاين مائتي سنة وبه سميت الصين، ومدينتهم العظمى يقال لها انموا (1) بينها وبين خانقو (2) التي تنزل فيها مراكب التجار ثلاثون يوماً، وأهل الصين بيض إلى الصفرة فطس، يبيحون الزنا ولا ينكرون شيئاً منه، ويورثون الأنثى أكثر من الذكور، ولهم عند دخول الشمس في الحمل عيد كبير يأكلون فيه ويشربون سبعة أيام. وأشرف حليهم (3) من قرون الكركدن، لأنها متى قطعت قرونها ظهرت فيها صور عجيبة مختلفة، والكركدن دابة لها قرن واحد في الجبهة طوله ذراع، وغلظه قبضتان، فيه صور من أوله إلى آخره، وإذا شق رأيت الصورة بيضاء في سواد صورة إنسان أو دابة أو سمكة أو غير ذلك، فيتخذه أهل الصين مناطق تبلغ المنطقة منه مائتين وثلثمائة دينار إلى ثلاثة آلاف دينار إلى أربعة آلاف. والذهب عندهم هين حتى يتخذون منه لجم دوابهم وسلاسل كلابهم، ووراءهم صين الصين وهم أمم عراة يلتفون في شعورهم، ومنهم أمم زعر لا شعر لهم، وأمم حمر الوجوه شقر الشعور. وبحر الصين (4) بحر خبيث بارد، ريحه من قعره تغلي كغليان الماء على جاحم النار، ويخبر الثقات من ركابه أنه بحر مسكون له أهل في بطن الماء، وأنهم يرونهم إذا هاج البحر ليلاً كهيئة الزنج، ويطلعون المراكب. وفي بحر الصين سمكة مثل الحراقة يرمي بها الموج إلى الساحل، فإذا جزر الماء بقيت على الطين، فلا تزال تضطرب حتى تنسلخ في اضطرابها من إهابها، فيكون لها جناح تستقل به فتطير، وفيه سمكة تلتقم الناس، وربما مات الرجل من ركاب البحر فيرمى به في البحر فلا يخطئ فاهة السمكة، كأنما كانت له رصداً. وفي هذا البحر يرى وجه عظيم على صورة الإنسان إلا أنه مفرط الكبر مستدير يشبه لون القمر. وفي تخوم (5) بحر الصين جزيرة النساء، ليس يسكنها أحد إلا النساء، وهن يلقحن من الريح ويلدن النساء، وقيل: إنهن يلقحن من شجر عندهن يأكلن منه. ويذكر أن الذهب عندهن عروق مثل الخيزران، وأنه وقع إليهن رجل فهممن بقتله فرحمته امرأة منهن وحملته على خشبة في البحر، فأدارته الأمواج حتى أتت به بعض بلاد الصين، فوصل إلى ملك الصين وعرفه حال الجزيرة، فجهز إليها المراكب، فأقاموا يطوفون في البحر ثلاثة أعوام يطلبونها فلم يقفوا لها على أثر. وأهل الصين (6) شعوب وقبائل كقبائل العرب وأفخاذها وتشعبها في أنسابها، ولهم مراعاة لذلك وحفظ له، وينتسب الرجل منهم إلى خمسين أباً إلى أن يتصل بعامور، وأكثر من ذلك وأقل، ولا يتزوج أهل كل فخذ من فخذه، مثل أن يكون الرجل من مضر ويتزوج في ربيعة، ومن ربيعة فيتزوج من مضر، ومن كهلان فيتزوج في حمير، ومن حمير فيتزوج في كهلان، ويزعمون أن في ذلك صحة النسل وقوام البنية وان ذلك أصح للبقاء وأتم للعمر. ولم تزل أمور الصين مستقيمة في العدل، على حسب ما جرى، به الأمر فيما سلف من ملوكهم، إلى سنة أربع وستين ومائتين، فإنه حدث في الملك أمر زال به النظام وانتقضت به أحكام الشرائع، وهو أن نابغاً نبغ فيهم من غير بيت الملك كان في بعض مدن الصين، يقال له باشموا (7)، اجتمع إليه أهل الدعارة والشر، ولحق الملك وأرباب التدبير غفلة عنه لخمول ذكره، وأنه ممن لا يبالى به، فاشتد أمره وكثر عتوه وقويت شوكته، وقطع أهل الشر المسافات نحوه، فعظم جيشه، فشن الغارات على العمائر حتى نزل مدينة خانقو (8)، وهي مدينة عظيمة، وقد تقدم ذكرها وذكر هذا الثائر ونزوله على خانقو وأخذه لها واستباحته لحريمها في حرف الخاء. وأبواب الصين اثنا عشر باباً، وهي جبال في البحر، بين كل جبل فرجة يسار منها إلى موضع تصيبه من مدائن الصين، وتصعد المراكب في مدائن الصين الشهر والأكثر والأقل، بين جنات وغياض وناس لهم أموال زاكية وأغنام ومياه، والمد والجزر يدخلانها من البحر كل يوم وليلة مرتين، وفي هذه المرافئ أسواق وتجار، ودخل وخرج ومراكب وبضائع تحمل وأخرى تجيء، وبها الأمن المتصل، وفي ملوكها العدل، وهي سنتهم وعليه يعولون، وبذلك اتصلت عمارتهم وحسنت في بلادهم، وقل جزعهم وعظم أمنهم، واتسعت أيديهم في الأموال. وأهل الهند والصين يقتلون السارق، ويؤدون الأمانة، وينصفون من أنفسهم من غير احتياج إلى حاكم أو مصلح، طبعاً وسجية. وفي بحر الصين دابة لها جناحان تنشرهما في الجو، تحمل على المراكب فتقلبها، يكون طول الدابة مائة ذراع ونحوها، وإذا رأى أهل المراكب هذه الدابة ضربوا الخشب بعضه ببعض فتنفر منها تلك الدابة وتخرج لهم عن الطريق، وقد قيض الله سبحانه وتعالى لهذه الدابة سمكة صغيرة إذا رأتها هذه الدابة الكبيرة نفرت منها، فمرت على وجهها فلا يستقر بها مكان من البحر ما دامت السمكة تتبعها. ولملك الصين (9) أربعمائة ألف مرتزق، وهو لا يكاد يبدو لأحد، ولا يصل إليه إلا وزيره أو حاجبه أو رسول ملك يرد عليه، ووجوه عسكره ورؤساء أصحابه يصلون إليه في كل أسبوع، فإن تعذر ذلك عليهم أكثر من هذه المدة ضجوا وسألوا الوصول إليه كيلا يكون قد مات وأخفي ذلك عنهم. وإذا أراد الملك أن يركب ضرب بجرس فيدخل الناس منازلهم ويخلون الطرقات. وسميت الصين (10) بأول من نزلها، وهو صائن بن عامور بن يافث، وهو الذي أثار المعادن من الذهب، وعمل الحكمة ودقائق الصناعات، وملكهم أزيد من مائتي سنة، فلما مات جعلوا جسده في تمثال ذهب، وأقاموا يطوفون به على سرير من ذهب، فصار ذلك رسماً لكل من ملك منهم، فالملك منهم إذا مات أدخلوه في تمثال ذهب، وأجلسوه على سرير ذهب مرصع بالجوهر، وبنوا له هيكلاً يكون فيه، فيسجدون له، واتخذ لهم بعض ملوكهم سياسة شرعية وفرائض عقلية، وجعلها رباطاً، ورتب لهم قصاصاً وحدوداً ومستحلات للمناكح، وصلوات تقرب إلى معبودهم، إنما لا سجود فيها، وأمرهم بقرابين للهياكل ودخن وأبخرة للكواكب، فهم باقون على ذلك، وملة الصين تدعى السمنية. ومملكة الصين أعظم ممالك تلك الناحية وأكثرها جنداً وأموالاً، وبلاد الصين واسعة، والغالب على أهلها استدارة الوجوه وفطس الأنوف، ولباس (11) رجالهم ونسائهم الديباج والحرير المرتفع، ولباس إمائهم وسفلتهم الحرير الدون، ودورهم واسعة مزوقة المجالس بالتماثيل، وهم يتباهون بنظافة الثياب ونبل الدور وكثرة الأواني، وإذا ورد على ملكهم رسول من بعض الملوك أدخل عليه في الوقت الذي يأذن له، فيقف أحد وزرائه عن يمينه والآخر عن يساره، ويقف الرسول بالبعد منه، على حسب مرتبة مرسله، ولا يرفع رأسه حتى يؤمر بذلك، ثم يتقدم إلى الحاجب أو الوزير فيخبره عما وجه إليه، فيأمر الملك له بتخت ديباج وجام فضة مذهبة، ويعاد به كل يوم إلى دار الملك ليتغدى هناك، وإذا أراد الملك النوم أو الدخول على بعض جواريه صعد منجموه سطح البيت الذي هو فيه ورصدوا له الكواكب، واختاروا له وقت مباشرته إياهن. ومن سيرهم (12) أن المرأة إذا لم تكن محصنة وأرادت الفجور رفعت رقعة إلى الملك تذكر حالها وما ذهبت إليه، فيبعث إليها حلقاً من نحاس فتجعله في عنقها، ولبست المصبغات، وعملت ما شاءت علانية، فإذا ولدت الذكور خصوا واستعملهم الملك في داره وأعماله، وإن كان الذي ولدت أنثى كانت على رسم أمها، ومن سنتهم أن يورثوا الإناث أكثر من الذكور ولهم عند حلول الشمس بالحمل عيد معظم يأكلون فيه ويشربون سبعة أيام. وبلاد الصين تجاور بلاد البرغز، فيها ملوك من ملوك الصين لهم أجناد وعدد وأموال طائلة، وحزم وجلادة على مكايدة الترك وغزوهم ومنعهم من أذية ديارهم. وأهل هذه الجهة من الصينيين زيهم زي الأتراك في اللباس والمركوب والآلات والحروب، وعندهم الفيلة يقدمون بها في صدور مراكبهم، والأتراك يهابون سطوتهم ويخافون شوكتهم، فيمسكون عن أذية بلادهم، ويحملون إلى الصين كثيراً مما عندهم من الصناعات والتمر والعسل وكثيراً من السلاح والشكة مثل الدروع والجواشن والأتراس والمقامع والنشاب والسكر ونحو ذلك مما يحتاجون إليه وأهل الصين يهادنونهم بسبب ذلك، ويترفعون عن غزوهم، ولكنهم غير متغافلين في جانبهم. قالوا (13) : وفي أقاصي بلاد الصين هيكل مدور له سبعة أبواب، في داخله قبة عظيمة الشأن، في أعلاها جوهرة أكبر من رأس العجل، تضيء منها جميع أقطار ذلك المكان، وقد رام جماعة من الملوك أخذها فلم يدن أحد منها على عشرة أذرع إلا مات، وإن رام أخذها بشيء من الآلات الطوال إذا بلغ ذلك المقدار انعكس، فليس يتأتى تناولها بشيء ولا سبب، وإن تعرض أحد لهدم شيء من الهيكل مات مكانه بقوة دافعة منفرة قد عملت من أنواع الأحجار المغنيطسية. وفي هذا الهيكل بئر مسبعة الرأس متى أكب امرؤ على رأسها تهور، وصار في قرارها على رأسه، وعلى البئر شبه الطوق مكتوب عليه، بقلم قديم، قلم السندهند (14) : هذي البئر تؤدي إلى مخزن الكتب الأول من تاريخ الدنيا وعلوم السماء، وما كان فيما مضى وما يكون فيما يأتي، وتؤدي هذه البئر إلى خزائن وغرائب هذا العالم، لا يصل إلى الدخول إليها والاقتباس مما فيها إلا من وازت قدرته قدرتنا وساوى معلومه علمنا. وإن وقع البصر على هذا الهيكل وقع في قلب الرائي له جزع منه وحنين إليه مختلطان، وهو على جبل شامخ صلد لا يتأتى فيه نفوذ ولا حفر البتة. والثمار كلها في الصين إلا النخل. وهم من أحذق (15) عباد الله تعالى كسباً وصناعة ومما أعانهم على ذلك أن الملك إذا أوتي بمعجزة من الصناعات والرقوم والنقوش وضعه على باب دار مملكته حولاً، فإن ذكر أحد فيه عيباً يتبين وصل وحرم الصانع، وإلا أجزلت صلة الصانع، وإن رجلاً منهم صور سنبلة سقط عليها عصفور في ثوب حرير لا يشك الناظر أنها سنبلة سقط عليها عصفور، فبقي الثوب مدة حتى اجتاز به رجل أحدب فعابها، وأدخل على الملك وحضر صانعها، فسئل عن العيب فقال: إنه لا يقع عصفور على سنبلة إلا أمالها، وهذه منتصبة قائمة، فصدق ولم يثب الصانع شيئاً، وقصدهم في هذا وشبهه الرياضة. وليس للجاني عندهم إلا القتل إلا جناية قذف، فإنه من قذف إنساناً ضرب بالخشبة ضرباً مبرحاً وخلي سبيله. ويذكر قوم ممن سكن الصين أنهم سمعوا أن وراء الصين أمة شقر الألوان حمر الوجوه والشعور، يسكنون أسراباً قد اتخذوها لشدة حر الشمس عندهم، فإذا طلعت دخلوا الأسراب، إلى أن تزول وتغرب فيخرجون. ولا أحد من الصينيين إلا وهو يحفظ أيام عمره، كان شيخاً أو صبياً، وكلهم يكتب، واليتيم أمره إلى السلطان في تعليم الكتاب، ينفق عليه من بيت مال السلطان، فإذا أدرك أخذ منه الجزية، وإذا بلغ الشيخ سبعين إلى الثمانين أجري عليه من بيت المال، وإذا أذنب الشيخ ذنباً يجب عليه فيه القتل، وهو ابن ثمانين سنة، صفح عنه لكبر سنه. (1) ص ع: انكو. (2) وردت في هذه المادة بالقاف. (3) قارن بما في أخبار الصين: 13 - 14، والبكري (مخ) : 33. (4) البكري (مخ) : 37. (5) البكري (مخ) : 39. (6) المروج 1: 301، والبكري (مخ) : 46. (7) المروج والبكري: يانشو، والأرجح أنه: بانشوا. (8) وردت في هذه المادة بالقاف. (9) البكري (مخ) : 45. (10) البكري (مخ) : 46، وهو مشابه - مع إيجاز - لما عند المسعودي، مروج 1: 290. (11) انظر عن ملابس أهل الصين، كتاب أخبار الصين 10 - 11. (12) البكري (مخ) : 46. (13) مروج الذهب 4: 69. (14) مروج الذهب: قلم المسند. (15) البكري (مخ) : 46، ومروج الذهب 1: 322.

[الروض المعطار في خبر الأقطار]

الصين

بالكسر، وآخره نون: بلاد فى بحر المشرق مائلة إلى الجنوب، وشماليّها الترك، وهى مشهورة، ولها أخبار طويلة.

[مراصد الاطلاع على اسماء الامكنة والبقاع]