طَرْطُوشَةُ
بالفتح ثم السكون ثم طاء أخرى مضمومة، وواو ساكنة، وشين معجمة: مدينة بالأندلس تتصل بكورة بلنسية وهي شرقي بلنسية وقرطبة قريبة من البحر متقنة العمارة مبنية على نهر ابره ولها ولاية واسعة وبلاد كثيرة تعدّ في جملتها تحلّها التجار وتسافر منها إلى سائر الأمصار، واستولى الأفرنج عليها في سنة 543 وكذلك على جميع حصونها، وهي في أيديهم إلى الآن، وينسب إليها أحمد بن سعيد بن ميسرة الغفاري الأندلسي الطرطوشي، كتب الحديث الكثير عن علي بن عبد العزيز ومحمد بن إسماعيل الصائغ وغيرهما، وحدث ورحل في طلب العلم، ومات بالأندلس سنة 322، وأبو بكر محمد بن الوليد بن محمد بن خلف الفهري الطرطوشي الفقيه المالكي، مات في الخامس والعشرين من جمادى الأولى سنة 520 ويعرف بابن أبي رندقة هذا الذي نشر العلم بالإسكندرية وعليه تفقّه أهلها، قاله أبو الحسن المقدسي في كتاب الرّقّيّات له وذكره القاضي عياض في مشيخة أبي علي الصّدفي فقال: محمد بن الوليد الفهري الإمام الورع أبو بكر الطرطوشي المالكي يعرف ببلده بابن أبي رندقة، براء ونون ساكنة ودال مهملة وقاف مفتوحتين، نشأ بالأندلس وصحب القاضي أبا الوليد الباجي وأخذ عنه مسائل الخلاف وكان تمسك إليها وسمع منه وأخذ ثم رحل إلى الشرق ودخل بغداد والبصرة فتفقه عند أبي بكر الشاشي وأبي سعد بن المتولي وأبي أحمد الجرجاني أئمة الشافعية ولقي القاضي أبا عبد الله الدامغاني وسمع بالبصرة من أبي علي التّستري والسعيداني وسمع ببغداد من أبي محمد التميمي الحنبلي وغيرهم، وسكن الشام مدة ودرّس بها وبعد صيته وأخذ عنه الناس هناك علما كثيرا ثم نزل الإسكندرية واستوطنها، قال القاضي أبو علي الحسين بن محمد بن فرو الصدفي: صحبته بالأندلس عند الباجي ولقيته بمكة وأخذت عنه أكثر السنن لأبي داود عن التستري ثم دخل بغداد وأنا بها فكان يقنع بشظف من العيش وكانت له نفس أبيّة، أخبرت أنه كان ببيت المقدس يطبخ في شقف، وكان مجانبا للسلطان استدعاه فلم يجبه، وراموا النقص من حاله فلم ينقصوه قلامة ظفر، وله تآليف وشعر، فمن شعره في برّ الوالدين: لو كان يدري الابن أيّة غصّة يتجرّع الأبوان عند فراقه أمّ تهيج بوجده حيرانة، وأب يسحّ الدمع من آماقه يتجرّعان لبينه غصص الرّدى، ويبوح ما كتماه من أشواقه لرثى لأمّ سلّ من أحشائها، وبكى لشيخ هام في آفاقه ولبدّل الخلق الأبيّ بعطفه، وجزاهما بالعذب من أخلاقه وطلبه الأفضل صاحب مصر فأقدمه من الإسكندريةإلى مصر وألزمه الإقامة بها وأذكى عليه أن لا يفارقها إلى أن قيّد الأفضل فصرف إلى الإسكندرية فرجع بحالته إلى أن توفي بها سنة 520.
[معجم البلدان]
طرطوشة
مدينة قديمة بالأندلس بقرب مدينة بلنسية مشتركة على نهر ابره. وهي برية وبحرية، وهي مدينة داخلة في مدينة، من عجائب المدينة الداخلة ما حكاه العذري أنها لا يدخلها جيش أصلاً. وذكر ايضاً أن البعوض ما كان يدخلها فيما مضى من الزمان، حتى ان الواقع على سورها إذا أخرج يده عن السور وقع عليها البعوض، وإذا ضمها سقط البعوض عنها. وبها موضع يعرف بمغراوة به نار مستكنة في الأرض غير بادية للعيون، لكنه يبدو على الموضع اواد، فمن أراد أن يحققه أدخل في الموضع عوداً، فإنه يحترق في ساعة ويصير جمرة.وبها جبل كثير الخير والبركة، وهو جبل منيف به جميع أنواع الثمار، وفي أعلاه مروج كثيرة المياه والمراعي، وبه شجر يشبه خشبه خشب الساج تتخذ منه الآلات والظروف. وبها معدن الكحل الطيب الذي هو غاية ومعدن الزجاج. وفي واديها الحوت الطيب من البوري والشوري الذي يكون في الواحد قنطار، ويخرج منه السمور وفيه أرحاء في الغوارب يكون بيت الرحا في الغارب، والدولاب يدور خارج الغارب بالماء، فإن شاء صاحبها ينقل الغارب من موضع إلى موضع. ومثل هذا بالموصل كثير في دجلة، وهم يسمونه الغربة.
[آثار البلاد وأخبار العباد]
طرطوشة tartosa
مدينة تقع على نهر الأبرو قريبا من مصبه في البحر المتوسط. ينتسب إليها كثير من العلماء منهم أبو بكر محمد بن الوليد الفهري الطرطوشي صاحب كتاب (سراج الملوك) والمتوفي سنة 520 هـ والمحدث أحمد بن سعيد بن ميسرة الغفاري الطرطوشي المتوفي سنة 322 هـ ومحمد بن أحمد بن عامر البلوي الطرطوشي ويعرف بالسالمي لأنه سكن مدينة سالم وكان من أهل الأدب والعلم والتاريخ وله في التاريخ كتاب (درر القلائد وغرر الفوائد) وله كتاب في الطب سماه (الشفا) توفي سنة 553 هـ وغيرهم.
[تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير]
طرطوشة (1) :
من بلنسية إلى طرطوشة مائة ميل وعشرة أميال، مسيرة أربعة أيام، وهي في سفح جبل، ولها سور حصين، وبها أسواق وعمارات وضياع وفعلة، وإنشاء المراكب الكبار من خشب جبالها وبجبالها خشب الصنوبر الذي لا يوجد له نظير في الطول والغلظ، ومنه تتخذ الصواري والقرى، وهو خشب أحمر صافي البشرة بعيد التغير لا يفعل فيه السوس ما يفعله في غيره من الخشب، ومنها إلى طركونة خمسون ميلاً، وبينها وبين البحر الشامي عشرون ميلاً. وقصبة طرطرشة على صخرة عظيمة سهلة الأعلى وفي الشرق من القصبة جبل الكمين (2)، وهو جبل أجرد، والمصلى والمدينة في غربي القصبة وجوفيها، وعلى المدينة سور صخر من بناء بني أمية على رسم أولي قديم، ولها أربعة أبواب، وأبوابها كلها ملبسة بالحديد، ولها أرباض من جهة الجوف والقبلة، ودار الصناعة، قد أحدق على ذلك كله سور صخر حصين بناه عبد الرحمن بن النظام، وبها جامع من خمس بلاطات، وله رحبة واسعة، بني سنة خمس وأربعين وثلثمائة، وبها أربعة حمامات، وسوقها قي الربض القبلي جامعة لكل صناعة ومتجر، وهي باب من أبواب البحر ومرفأ من مرافئه يحلها التجار من كل ناحية، وهي كثيرة شجر البقس، ومنها تفترق إلى النواحي، وخشبها الصنوبر له خاصية في الجودة تفوق جميع خشب الأمصار. وقصبة طرطوشة من المنعة والسمو في حد لم يستوفه بالصفة إلا عبد الملك بن ادريس الكاتب المعروف بالجزيري (3) حين سجنه بها المنصور بن أبي عامر فقال يصف حاله هناك من قصيدة طويلة مشهورة: في رأس أجردَ شاهقٍ عالي الذرى. .. ما بعده لمؤملٍ من مبصر يهوي إليه كل أجرد ناعب. .. وتهب فيه كل ريح صرصر ويكاد من يرقى إليه مرة. .. من دهره يشكو انقطاع الأبهر وأول هذا الشعر: ألوى بعزم تجلدي وتصبري. .. نأي الأحبة واعتياد تذكري شحط المزار ولا مزارَ ونافرت. .. عيني الهجوعَ فلا خيال يعتري وقصرت عنهم فاقتصرت على جوى. .. لم يدع بالواني ولا بالمقصر ومن أهل طرطوشة الفقيه الإمام الزاهد أبو الوليد الطرطوشي الفهري (4) نزيل الاسكندرية، صاحب التعليقة في الخلاف وكتاب " الحوادث والبدع " وغير ذلك، سكن بغداد وتفقه على أبي بكر الشاشي، وسمع بها الحديث، وهو مالكي المذهب، قالوا: وزهده أكثر من علمه، وانتفع به جماعة، وأنجب أكثر من مائتي فقيه مفت، ومن كبار أصحابه أبو الطاهر بن عوف وسند بن عنان الأزدي، وعاصر الغزالي، وله في إحيائه كلام، وكان منحرفاً عنه سيء الاعتقاد فيه، وكانت وفاته بعد العشر والخمسمائة. (1) بروفنسال: 124، والترجمة: 151 (Tortosa)، والادريسي (د) : 190، وصبح الأعشى 3: 235. (2) بروفنسال: الكهف. (3) في ترجمة عبد الملك بن ادريس الجزيري انظر البغية رقم: 1158، والجذوة: 261، والمطمح: 13، واعتاب الكتاب: 193، والذخيرة 4: 31، وصفحات متفرقة من النفح. وقصيدته هذه مشهورة عند الاندلسيين، وقد كتبها غلى ابنه الأصغر، وضمنها نصائح كثرة. (4) المشهور في كنيته ((أبو بكر)) وهو محمد بن الوليد، وانظر ابن خلكان 4: 262، وفي الحاشية منصادر أخرى لترجمته.
[الروض المعطار في خبر الأقطار]