الرقيب
كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...
علامة يُوضع الحرف الأول منها في أول نص معين، ويُوضع الحرف الثاني منها في آخره، للدلالة على كونه زائداً، أو محذوفاً .
الجُودُ وَالإِحْسَانُ إِلَى الآخَرينَ، يُقَالُ: مَنَّ عَلَيْهِ يَمُنُّ مَنًّا إِذَا جَادَ عَلَيْهِ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، والـمِنَّةُ: النِّعمَةُ العَظِيمَةُ، وَالمَنَّانُ: المُنْعِمُ، وَأَصْلُ الـمَنِّ: القَطْعُ، يُقالُ: مَنَّهُ يَمُنُّهُ مَنّاً أَيْ قَطَعَهُ، وَيُطْلَقُ المَنُّ عَلَى تَعْدَادِ الصَّنَائِعِ كَأَنْ يَقُولَ: أَعْطَيْتُكَ كَذَا وَفَعَلْتُ بِكَ كَذَا؛ لِأَنَّ المَنَّانَ يَقْطَعُ الخَيْرَ بِكَلاَمِهِ، وَمِنْ مَعانِي المَنِّ أَيْضًا: القُوَّةُ والمِكْيَالُ.
يُطْلَقُ مُصْطَلَحُ (المَنِّ) أَيْضًا فِي كِتابِ الزَّكاة فِي بَابِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ، وَيُرادُ بِهِ: ذِكْرُ النِّعْمَةِ عَلَى الغَيْرِ. وَيُطْلَقُ فِي كِتابِ الزَّكاةِ، وَيُرادُ بِهِ: مِكْيَالٌ سَعَتُهُ رِطْلَانِ عِرَاقِيَانِ وَيُساوِي تَقْرِيبًا: 815 غرام.
من
علامة يُوضع الحرف الأول منها في أول نص معين، ويُوضع الحرف الثاني منها في آخره، للدلالة على كونه زائداً، أو محذوفاً.
* مقاييس اللغة : 217/5 - المعجم الوسيط : 2/889 - التوقيف : 317 - الكليات : 872 - شرح مختصر خليل للخرشي : 3/ 146 - مقاييس اللغة : 217/5 -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمَنُّ لُغَةً يُطْلَقُ عَلَى مَعَانٍ عِدَّةٍ: فَيُطْلَقُ عَلَى الإِْنْعَامِ وَعَلَى تَعْدَادِ الصَّنَائِعِ كَأَنْ يَقُول: أَعْطَيْتُكَ كَذَا وَفَعَلْتُ بِكَ كَذَا.
كَمَا يُطْلَقُ عَلَى مِكْيَالٍ أَوْ مِيزَانٍ.
وَعَلَى قَطْعِ الشَّيْءِ: مِنْ مَنَنْتُ الْحَبْل: قَطَعْتُهُ فَهُوَ مَمْنُونٌ.
وَعَلَى شَيْءٍ يَنْزِل مِنَ السَّمَاءِ يُشْبِهُ الْعَسَل قَال تَعَالَى فِي مَعْرِضِ الاِمْتِنَانِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل: {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى} (1) .
وَالْمُنَّةُ بِالضَّمِّ: الضَّعْفُ وَالْقُوَّةُ مِنْ أَسْمَاءِ الأَْضْدَادِ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (2) . الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَنِّ:
تَتَعَلَّقُ بِالْمَنِّ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
أ - الْمَنُّ بِاعْتِبَارِهِ مِقْدَارًا شَرْعِيًّا:
2 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ مِقْدَارِ الْمَنِّ
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُدَّ رَطْلاَنِ وَالرَّطْل نِصْفُ مَنٍّ وَالْمَنُّ بِالدَّرَاهِمِ مِائَتَانِ وَسِتُّونَ دِرْهَمًا وَبِالْمَثَاقِيل أَرْبَعَةٌ وَنِصْفٌ فَالْمُدُّ وَالْمَنُّ سَوَاءٌ كُلٌّ مِنْهُمَا رُبُعُ صَاعٍ، رَطْلاَنِ بِالْعِرَاقِيِّ وَالرَّطْل مِائَةٌ وَثَلاَثُونَ دِرْهَمًا (3) .
وَضَبَطَ الإِْمَامُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ الأَْوْسُقَ الْخَمْسَةَ الَّتِي هِيَ نِصَابُ الْقُوتِ بِالْمَنِّ، وَلَمْ يَضْبِطْهَا بِالأَْرْطَال لاَ بَالْبَغْدَادِيَّةِ وَلاَ الدِّمَشْقِيَّةِ بِقَوْلِهِ: وَالأَْوْسُقُ الْخَمْسَةُ بِالْمَنِّ الصَّغِيرِ: ثَمَانُمِائَةِ مَنٍّ، وَبِالْمَنِّ الْكَبِيرِ الَّذِي وَزْنُهُ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ: ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعُونَ مَنًّا وَثُلُثَا مَنٍّ وَقَال الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: وَاسْتَفَدْنَا مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الرَّطْل الدِّمَشْقِيَّ مُسَاوٍ لِلْمَنِّ الْكَبِيرِ، وَأَنَّ الْمَنَّ الصَّغِيرَ مُسَاوٍ رَطْلَيْنِ بِالْبَغْدَادِيِّ (4) . ب - الْمَنُّ بِمَعْنَى ذِكْرِ النِّعْمَةِ عَلَى الْغَيْرِ:
حُكْمُ الْمَنِّ
3 - الْمَنُّ إِنْ كَانَ مِنَ اللَّهِ فَهُوَ تَذْكِيرُ الْمَخْلُوقِ بِخَالِقِهِ الَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْهِ وَتَنْبِيهُهُ لِيَشْكُرَهُ وَفِي الدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَنَّانُ " (5) .
وَإِنْ كَانَ الْمَنُّ مِنَ الْعَبْدِ فَهُوَ تَعْدَادُ الصَّنَائِعِ وَالتَّقْرِيعُ بِهَا وَالتَّعْيِيرُ وَهِيَ مِنَ الْكَبَائِرِ وَتُبْطِل ثَوَابَ الصَّدَقَةِ (6) .
فَقَدْ دَل الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ بِالنَّصِّ وَالإِْيمَاءِ بِأَنَّ الْمَنَّ وَالأَْذَى يُبْطِلاَنِ ثَوَابَ الصَّدَقَةِ حَيْثُ بَيَّنَ فَضْل الإِْنْفَاقِ فِي سَبِيل اللَّهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَثَل الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيل اللَّهِ كَمَثَل حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِل فِي كُل سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (7) .
ثُمَّ أَخْبَرَ فِي الآْيَةِ التَّالِيَةِ أَنَّ الإِْنْفَاقَ الْمَذْكُورَ الَّذِي يُضَاعَفُ ثَوَابُهُ لِصَاحِبِهِ هُوَ الإِْنْفَاقُ الَّذِي يَخْلُو عَنِ الْمَنِّ وَالأَْذَى فَقَال عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيل اللَّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلاَ أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (8) وَالْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِينَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَأَذًى لَيْسَ لَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ أَجْرٌ وَلاَ أَمْنٌ مِنَ الْخَوْفِ وَالْحُزْنِ.
ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ كَلِمَةً طَيِّبَةً وَرَدًّا جَمِيلاً وَالدُّعَاءَ لِلسَّائِل وَالتَّأْنِيسَ وَالتَّرْجِيَةَ بِمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ هِيَ فِي ظَاهِرِهَا صَدَقَةٌ وَفِي حَقِيقَتِهَا لاَ شَيْءَ لأَِنَّ ذِكْرَ الْقَوْل الْمَعْرُوفِ فِيهِ أَجْرٌ وَهَذِهِ لاَ أَجْرَ لَهَا قَال ﷺ: الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ (9) وَلاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ (10) فَيَتَلَقَّى الْمَسْئُول السَّائِل بِالْبِشْرِ وَالتَّرْحِيبِ وَيُقَابِلُهُ بِالطَّلاَقَةِ وَالتَّقْرِيبِ لِيَكُونَ مَشْكُورًا إِنْ أَعْطَى وَمَعْذُورًا إِنْ مَنَعَ، فَالسَّتْرُ مِنْهُ عَلَيْهِ لِمَا عَلِمَ مِنْ خَلَّتِهِ وَسُوءِ حَالِهِ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ صَدَقَةٍ يَتَصَدَّقُهَا عَلَيْهِ وَيُتْبِعُهَا أَذًى وَمَنًّا (11) .
قَال عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} (12) .
ثُمَّ ذَكَرَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالنَّصِّ حُكْمَ الصَّدَقَةِ الَّتِي يَتْبَعُهَا الْمَنُّ وَالأَْذَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَْذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَل صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (13) .
فَشَبَّهَ سُبْحَانَهُ الَّذِي يَمُنُّ وَيُؤْذِي فِي صَدَقَتِهِ بِالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ لاَ لِوَجْهِ اللَّهِ وَبِالْكَافِرِ الَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ لِيُقَال: إِنَّهُ جَوَادٌ وَيُثْنَى عَلَيْهِ أَنْوَاعُ الثَّنَاءِ.
وَمَثَّل سُبْحَانَهُ الْمُنْفِقَ الْمَنَّانَ بِصَفْوَانٍ - حَجَرٍ أَمْلَسَ - عَلَيْهِ تُرَابٌ فَيَظُنُّهُ الرَّائِي أَرْضًا مُنْبِتَةً طَيِّبَةً فَإِذَا أَصَابَهُ وَابِلٌ مِنَ الْمَطَرِ أَذْهَبَ عَنْهُ التُّرَابَ وَبَقِيَ صَلْدًا فَكَذَلِكَ الْمُرَائِي وَالْمَنَّانُ فَالْمَنُّ وَالرِّيَاءُ وَالأَْذَى تَكْشِفُ عَنِ النِّيَّةِ فِي الآْخِرَةِ كَمَا يَكْشِفُ الْمَطَرُ الْغَزِيرُ عَنِ الْحَجَرِ الأَْمْلَسِ (14) .
وَقِيل: الْمُرَادُ بِالآْيَةِ إِبْطَال الْفَضْل دُونَ أَصْل الثَّوَابِ وَقِيل: إِنَّمَا يَبْطُل مِنْ ثَوَابِ صَدَقَتِهِ مِنْ وَقْتِ مَنِّهِ وَإِيذَائِهِ وَمَا قَبْل ذَلِكَ يُكْتَبُ لَهُ وَيُضَاعَفُ فَإِذَا مَنَّ وَأَذَى انْقَطَعَ التَّضْعِيفُ لأَِنَّهُ وَرَدَ أَنَّ الصَّدَقَةَ تُرَبَّى لِصَاحِبِهَا حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَل (15) فَإِذَا خَرَجَتْ مِنْ يَدِ صَاحِبِهَا خَالِصَةً لِوَجْهِ اللَّهِ ضُوعِفَتْ فَإِذَا جَاءَ الْمَنُّ بِهَا وَالأَْذَى وُقِفَ بِهَا هُنَاكَ وَانْقَطَعَ التَّضْعِيفُ عَنْهَا وَالْقَوْل الأَْوَّل أَظْهَرُ (16) .
وَقَدْ جَاءَ فِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ الْمَنَّانَ لاَ يُكَلِّمُهُ اللَّهُ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ﵁: ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَال أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: الْمُسْبِل وَالْمَنَّانُ وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ (17) . رَفْضُ التَّبَرُّعِ خَوْفًا مِنَ الْمِنَّةِ
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُكَلَّفِ عَدَمُ قَبُول التَّبَرُّعِ وَإِنْ تَعَيَّنَ لأَِدَاءِ فَرْضٍ حَيْثُ قَالُوا: إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُكَلَّفُ مَاءً لِلطَّهَارَةِ بَعْدَ دُخُول الْوَقْتِ أَوْ لَمْ يَجِدْ مَا يَشْتَرِي بِهِ فَوَهَبَ لَهُ شَخْصٌ الثَّمَنَ لَمْ يَجِبْ قَبُولُهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمِنَّةِ.
قَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ وُهِبَ ثَمَنَ الْمَاءِ أَوْ ثَمَنَ آلَةِ الاِسْتِقَاءِ أَوْ أُقْرِضَ ثَمَنَ ذَلِكَ - وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِمَالٍ غَائِبٍ - فَلاَ يَجِبُ قَبُولُهُ لِعِظَمِ الْمِنَّةِ وَلَوْ مِنَ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ.
أَمَّا إِنْ وُهِبَ لَهُ الْمَاءُ أَوْ أُعِيرَ آلَةَ الاِسْتِسْقَاءِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَبُولُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ وَالْحَنَابِلَةِ لأَِنَّ الْمُسَامَحَةَ بِذَلِكَ غَالِبَةٌ فَلاَ تَعْظُمُ فِيهِ الْمِنَّةُ.
إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَيَّدُوا اللُّزُومَ بِمَا إِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ مِنْهُ مِنَّةٌ قَالُوا: وَهَذَا فِي مِنَّةٍ يَظْهَرُ لَهَا أَثَرٌ وَأَمَّا التَّافِهُ فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ.
وَالْقَوْل الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: لاَ يَجِبُ قَبُول الْمَاءِ لِلْمِنَّةِ كَالثَّمَنِ (18) .
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَجِبُ عَلَيْهِ سُؤَال رَفِيقِهِ الْمَاءَ وَالدَّلْوَ وَلاَ يَتَيَمَّمُ حَتَّى يَسْأَلَهُ فَإِنْ مَنَعَهُ تَيَمَّمَ لأَِنَّ الْمَاءَ مَبْذُولٌ عَادَةً فَكَانَ الْغَالِبُ الإِْعْطَاءَ وَقَال الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِنَاءً عَلَى مَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ: لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ السُّؤَال لأَِنَّ فِي السُّؤَال ذُلًّا وَفِيهِ بَعْضُ الْحَرَجِ وَمَا شُرِعَ التَّيَمُّمُ إِلاَّ لِدَفْعِ الْحَرَجِ (19) .
وَفِي الذَّخِيرَةِ نَقْلاً عَنِ الْجَصَّاصِ: أَنَّهُ لاَ خِلاَفَ - فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ - بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ فَمُرَادُ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ فِيمَا إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مَنْعُهُ إِيَّاهُ، وَمُرَادُ الصَّاحِبَيْنِ فِي لُزُومِهِ عِنْدَ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِعَدَمِ الْمَنْعِ (20) .
جَاءَ فِي الْبَحْرِ: أَنَّهُ إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ غَائِبٌ وَأَمْكَنَهُ الشِّرَاءُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الشِّرَاءُ بِخِلاَفِ مَا إِذَا وَجَدَ مَنْ يُقْرِضُهُ فَإِنَّهُ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ لأَِنَّ الأَْجَل لاَزِمٌ فِي الشِّرَاءِ وَلاَ مُطَالَبَةَ قَبْل حُلُولِهِ بِخِلاَفِ الْقَرْضِ (21) . 5 - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ بِنَفَقَةِ زَوْجِهِ الْمُعْسِرِ الْعَاجِزِ عَنْ إِنْفَاقِهَا لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُول وَلَهَا الْفَسْخُ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ لِعِظَمِ الْمِنَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهَا دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ فَتَبَرَّعَ غَيْرُهُ بِأَدَائِهِ لَهَا لاَ يَلْزَمُهُ الْقَبُول لِمَا فِيهِ مِنَ الْمِنَّةِ وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ وَجْهًا: أَنَّهُ لاَ خِيَارَ لَهَا وَبِهِ أَفْتَى الْغَزَالِيُّ لأَِنَّ الْمِنَّةَ عَلَى الزَّوْجِ لاَ عَلَيْهَا وَلَوْ سَلَّمَهَا الْمُتَبَرِّعُ لِلزَّوْجِ ثُمَّ سَلَّمَهُ الزَّوْجُ لَهَا لَمْ يُفْسَخْ وَلَوْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ أَبًا أَوْ جَدًّا وَالزَّوْجُ تَحْتَ حِجْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهَا الْقَبُول (22) .
الْمَنُّ عَلَى الأَْسْرَى
6 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَمُنَّ عَلَى أَسْرَى الْحَرْبِ مِنَ الرِّجَال الْبَالِغِينَ إِنْ رَأَى مَصْلَحَةً فِي الْمَنِّ عَلَيْهِمْ (23) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (أَسْرَى ف 17) .
__________
(1) سورة الأعراف / 160.
(2) المصباح المنير، ولسان العرب، وابن عابدين 2 / 76، والبحر الرائق 2 / 274، والمحلي شرح المنهاج 2 / 17.
(3) حاشية ابن عابدين 2 / 76.
(4) مغني المحتاج 1 / 383، والمحلي شرح المنهاج 2 / 172، وانظر كشاف القناع 2 / 206.
(5) حديث: " اللهم إني أسألك بأن لك الحمد. . . ". أخرجه النسائي (3 / 52) عن أنس أنه كان مع رسول الله ﷺ جالسًا ورجل قائم يصلي. . . ثم دعا: بهذا الدعاء فقال النبي ﷺ: " والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي
(6) الآداب الشرعية 1 / 358، وتفسير القرطبي 3 / 308.
(7) سورة البقرة / 261.
(8) سورة البقرة / 262.
(9) حديث: " الكلمة الطيبة صدقة ". أخرجه البخاري (الفتح 6 / 132) ، ومسلم (2 / 699) من حديث أبي هريرة.
(10) حديث: " لا تحقرن من المعروف شيئًا. . . ". أخرجه مسلم (4 / 2026) من حديث أبي ذر.
(11) تفسير القرطبي 3 / 309 في تفسير آيات من سورة البقرة من الآية 261 - 263.
(12) سورة البقرة / 263.
(13) سورة البقرة / 264.
(14) تفسير القرطبي 3 / 311 وما بعدها.
(15) ورد ذلك في الحديث الذي رواه أبو هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال: " ما تصدق أحد بصدقة من طيب ولا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربي أحدكم َفلُوّه أو فصيله ". أخرجه وهو في البخاري (الفتح 3 / 278) بلفظ مقارب.
(16) تفسير القرطبي 3 / 306 - 320 عند تفسير الآيات 262 - 267 من سورة البقرة.
(17) حديث أبي ذر: " ثلاثة لا يكلمهم الله ﷿ يوم القيامة. . . ". أخرجه مسلم (1 / 102) .
(18) مغني المحتاج 1 / 90 - 91، والمحلي 1 / 81، وشرح الزرقاني 1 / 118، والشرح الصغير 1 / 188، والمغني 1 / 240.
(19) تبيين الحقائق وحاشية الشلبي عليه 1 / 44، والبحر الرائق 1 / 170، وابن عابدين 1 / 167.
(20) البحر الرائق 1 / 170، وحاشية ابن عابدين 1 / 167.
(21) البحر الرائق 1 / 171، وابن عابدين 1 / 167.
(22) مغني المحتاج 3 / 443.
(23) نهاية المحتاج 8 / 65، والبدائع 7 / 121، وحاشية الدسوقي 2 / 184، ومطالب أولي النهى 2 / 520.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 131/ 39