اللطيف
كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...
التأجيل إلى مُدّة زمنيّة إضافيّة . ومن شواهده قولهم : "قَوْلَهُ : وَيُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَنَّهُ يُسْتَمْهَلُ، أَيْ يَطْلُبُ الْمُهْلَةَ، فَيُحْبَسُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَطْلُبْ، فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ فِي ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ، إلَّا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْتَتَابَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ كَافِرٍ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ . "
التَبَاطُؤُ وَالتَّأَخُّرُ، وَتُطْلَقُ المُهْلَةُ عَلَى الأَجَلِ وَالْوَقْتِ نَفْسِهِ الَّذِي حَصَلَ بِهِ التَّأْخِيرُ، وَالجَمْعُ: مُهْلاتٌ وَمُهَلٌ، وَالتَّمْهيلُ: التَّأْجِيلُ وَالإِنْظَارُ، وَأَصْلُ المَهَلِ: الرّفْقُ وَالتَّؤُدَةِ، يُقَالُ: تَمَهَّلَ يَتَمَهَّلُ مَهَلاً وَتَمَهُّلاً أَيْ تَرَفَّقَ واتَّئَدَ، وَضِدُّهَا العَجَلَةُ، وَمِنْ مَعانِي المُهْلَةِ أَيْضًا: السُّكونُ والفُتورُ.
يَذْكُرُ الفُقهاءُ مُصْطَلَحَ (مُهْلَةٍ) فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى كَكِتابِ الشُّفْعَةِ فِي بَابِ شُروطِ الشُّفْعَةِ، وَكِتابِ العِتْقِ فِي بَابِ المُكَاتَبَةِ، وَكِتابِ الرِدَّةِ فِي قَتْلِ المُرْتَدِّ، وَغَيْرِهَا. وَقَدْ تُطْلَقُ فِي بَابِ الآدَابِ وَيُرادُ بِهَا: (عَدَمُ سُرْعَةِ المُؤاخَذَةِ بِالذَّنْبِ وَتَرْكُ الانْتِقامِ مَعَ القُدْرَةِ لِمَصْلَحَةٍ تَقْتَضِي ذَلِكَ عَاجِلا أَوْ آجِلا).
مهل
التأجيل إلى مُدّة زمنيّة إضافيّة.
* مقاييس اللغة : 282/5 - لسان العرب : 633/11 - المغرب في ترتيب المعرب : ص449 - لسان العرب : 633/11 - المبسوط : 164/19 -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمُهْلَةُ فِي اللُّغَةِ: السَّكِينَةُ وَالرِّفْقُ يُقَال: مَهَل فِي فِعْلِهِ مَهْلاً: تَنَاوَلَهُ بِرِفْقٍ وَلَمْ يَعْجَل وَأَمْهَلَهُ: لَمْ يُعَجِّلْهُ وَأَنْظَرَهُ وَرَفَقَ بِهِ وَمَهَّلَهُ تَمْهِيلاً: أَجَّلَهُ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى فِي الاِصْطِلاَحِ عَنْ مَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الأَْجَل:
2 - الأَْجَل لُغَةً: مَصْدَرُ أَجِل الشَّيْءُ أَجَلاً مِنْ بَابِ تَعِبَ وَأَجَل الشَّيْءِ: مُدَّتُهُ وَوَقْتُهُ الَّذِي يَحِل فِيهِ (2) .
وَاصْطِلاَحًا: قَال الْبَرَكَتِيُّ: هُوَ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ الْمَحْدُودُ فِي الْمُسْتَقْبَل (3) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْمُهْلَةِ وَالأَْجَل هِيَ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ فَكُل مُهْلَةٍ أَجَلٌ وَلَيْسَ كُل أَجَلٍ مُهْلَةً فَقَدْ يُحَدِّدُ الشَّرْعُ أَوْقَاتًا لِلْحُكْمِ كَمُدَّةِ الْحَمْل وَالْعِدَّةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ دُونَ تَأْخِيرٍ فِي تَنْفِيذِهِ دَائِمًا كَمَا هُوَ الْحَال فِي الْمُهْلَةِ.
ب - الْمُدَّةُ:
3 - الْمُدَّةُ لُغَةً: الْبُرْهَةُ مِنَ الزَّمَانِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ وَالْجَمْعُ مُدَدٌ مِثْل غُرْفَةٍ وَغُرَفٌ (4) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْمُهْلَةِ وَالْمُدَّةِ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ الْمُطْلَقُ فَكُل مُهْلَةٍ مُدَّةٌ وَلَيْسَتْ كُل مُدَّةٍ مُهْلَةً
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُهْلَةِ:
يَتَعَلَّقُ بِالْمُهْلَةِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
أ - إِمْهَال الْكَفِيل
4 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُمْهِل الْكَفِيل مُدَّةً لإِِحْضَارِ الْمَكْفُول الْغَائِبِ فِي بَلَدٍ آخَرَ إِذَا طَلَبَ الْغَرِيمُ مِنْهُ إِحْضَارَهُ وَأَنَّ مُدَّةَ الإِْمْهَال مُقَدَّرَةٌ بِمُدَّةِ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ (5) . وَشَرَطَ جُمْهُورُهُمْ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ أَنْ تَكُونَ غَيْبَةُ الْمَكْفُول فِي مَوْضِعٍ مَعْلُومٍ (6) وَزَادَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى ذَلِكَ أَمْنَ الطَّرِيقِ (7) وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْمَسَافَةُ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ
وَشَرَطَ الْمَالِكِيَّةُ أَنْ يَكُونَ الْمَكْفُول غَائِبًا قَرِيبَ الْغَيْبَةِ مِثْل الْيَوْمِ وَشِبْهِهِ فَإِنْ بَعُدَتْ فَلاَ إِمْهَال وَغَرِمَ الْكَفِيل (8) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ السَّفَرُ طَوِيلاً أُمْهِل مُدَّةَ إِقَامَةِ السَّفَرِ وَهِيَ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمَيِ الدُّخُول وَالْخُرُوجِ ثُمَّ إِنْ مَضَتِ الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَلَمْ يُحْضِرْهُ حُبِسَ (9) .
ب - إِمْهَال الْمُولِي بَعْدَ مُدَّةِ الإِْيلاَءِ
5 - يَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الزَّوْجَ لاَ يُعَدُّ مُولِيًا إِذَا حَلَفَ لَيَعْزِلَنَّ عَنْ زَوْجَتِهِ أَوْ لاَ يَبِيتَنَّ أَوْ تَرَكَ الْوَطْءَ ضَرَرًا وَإِنْ غَائِبًا أَوْ سَرْمَدَ الْعِبَادَةَ بِلاَ ضَرْبِ أَجَلٍ لِلإِْيلاَءِ عَلَى الأَْصَحِّ فِي الْفُرُوعِ الأَْرْبَعَةِ خِلاَفًا لِمَنْ قَال إِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا فِي الْمَسَائِل الأَْرْبَعِ فَيُضْرَبُ لَهُ أَجَل الإِْيلاَءِ فَإِنِ انْقَضَى وَلَمْ يَفِ طَلَّقَ عَلَيْهِ لَكِنِ الْغَائِبُ لاَ بُدَّ مِنْ طُول غَيْبَتِهِ سَنَةً فَأَكْثَرَ وَلاَ بُدَّ مِنَ الْكِتَابَةِ إِلَيْهِ إِمَّا أَنْ يَحْضُرَ أَوْ تُرَحَّل امْرَأَتُهُ إِلَيْهِ أَوْ يُطَلِّقَ فَإِنِ امْتَنَعَ تَلَوَّمَ لَهُ بِالاِجْتِهَادِ وَطَلَّقَ عَلَيْهِ (10) .
أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَإِنَّ الزَّوْجَ إِذَا حَلَفَ أَنْ لاَ يَطَأَ زَوْجَتَهُ مُطْلَقًا أَوْ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُولٍ وَيُؤَجَّل لَهُ بِمَعْنَى يُمْهَل الْمُولِي وُجُوبًا إِنْ سَأَلَتْ زَوْجَتُهُ ذَاكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَإِذَا انْتَهَتْ مُدَّةُ الإِْيلاَءِ فَلاَ يُمْهَل لِيَفِئَ أَوْ يُطَلِّقَ لأَِنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى مَا أَمْهَلَهُ اللَّهُ، وَالْحَقُّ إِذَا حَل لاَ يُؤَجَّل ثَانِيًا إِلاَّ إِذَا اسْتُمْهِل لِشُغْلٍ أُمْهِل بِقَدْرِ مَا يَتَهَيَّأُ لِذَلِكَ الشُّغْل فَإِنْ كَانَ صَائِمًا أُمْهِل حَتَّى يُفْطِرَ أَوْ جَائِعًا فَحَتَّى يَشْبَعَ أَوْ ثَقِيلاً مِنَ الشِّبَعِ فَحَتَّى يَخِفَّ أَوْ عَلَيْهِ النُّعَاسُ فَحَتَّى يَزُولَ، وَالاِسْتِعْدَادُ فِي مِثْل هَذِهِ الأَْحْوَال بِقَدْرِ يَوْمٍ فَمَا دُونَهُ (11) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُولِيَ الْمُمْتَنِعَ مِنَ الْجِمَاعِ بَعْدَ الْمُدَّةِ يُؤْمَرُ بِالطَّلاَقِ وَإِلاَّ حُبِسَ وَضُيِّقَ عَلَيْهِ حَتَّى يُطَلِّقَ فَإِنْ قَال: أَمْهِلُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ فَرْضِي أَوْ أَتَغَذَّى أَوْ يَنْهَضِمَ الطَّعَامُ عَنِّي أَوْ أَنَامَ فَإِنِّي نَاعِسٌ وَنَحْوَهُ أُمْهِل بِقَدْرِ ذَلِكَ وَيُمْهَل الْمُحْرِمُ حَتَّى يَحِل (12) وَإِنْ كَانَ الْمُولِي مُظَاهِرًا لَمْ يُؤْمَرْ بِالْوَطْءِ وَيُقَال لَهُ: إِمَّا تُكَفِّرَ وَتَفِيءَ وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَ فَإِنْ طَلَبَ الإِْمْهَال لِيَطْلُبَ رَقَبَةً يَعْتِقَهَا أَوْ طَعَامًا يَشْتَرِيَهُ أُمْهِل ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى التَّكْفِيرِ فِي الْحَال وَإِنَّمَا قَصْدُهُ الْمُدَافَعَةُ لَمْ يُمْهَل وَإِنْ كَانَ فَرْضُهُ الصِّيَامَ لَمْ يُمْهَل حَتَّى يَصُومَ بَل يُؤْمَرْ أَنْ يُطَلِّقَ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الصِّيَامِ مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ عُرْفًا أُمْهِل فِيهَا (13) .
ج - إِمْهَال الشَّفِيعِ لإِِحْضَارِ الثَّمَنِ
6 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَقْتَ التَّمَلُّكِ وَطَلَبَ الشَّفِيعُ أَجَلاً لِنَقْدِ الثَّمَنِ أَمْهَلَهُ الْقَاضِي ثَلاَثًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (14) .
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَهُ أَنْ يُمْهِلَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا (15) وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَهُ أَنْ يُمْهِلَهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً (16)
د - إِمْهَال الْمُرْتَدِّ:
7 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُمْهَل ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لاِسْتِتَابَتِهِ عَلَى الْخِلاَفِ بَيْنَ وُجُوبِ الاِسْتِتَابَةِ أَوِ اسْتِحْبَابِهَا غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ أَبَى الإِْسْلاَمَ نَظَرَ الإِْمَامُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ طَمِعَ فِي تَوْبَتِهِ أَوْ سَأَل هُوَ التَّأْجِيل أَجَّلَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ فِي تَوْبَتِهِ وَلَمْ يَسْأَل هُوَ التَّأْجِيل قَتَلَهُ مِنْ سَاعَتِهِ وَهَذَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلإِْمَامِ أَنْ يُؤَجِّلَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ طَلَبَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَطْلُبْ.
وَفِي الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ يُمْهَل وَتَجِبُ الاِسْتِتَابَةُ فِي الْحَال (17)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (رِدَّةٌ ف 35) .
هـ - إِمْهَال تَنْفِيذِ الْعُقُوبَةِ خَشْيَةَ تَعَدِّيهَا
8 - إِذَا كَانَ تَنْفِيذُ الْعُقُوبَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ يُخْشَى مِنْهُ تَعَدِّيهَا إِلَى غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ لَهَا كَمَا إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ الْمُسْتَحِقَّةُ لِلْقَتْل رَجْمًا أَوْ قِصَاصًا أَوْ غَيْرَهُمَا حَامِلاً أَوْ كَانَ الْجَانِي عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ عَمْدًا مُوجِبًا لِقِصَاصٍ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مَرِيضًا مَرَضًا يُخْشَى مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ أُمْهِلَتِ الْحَامِل حَتَّى تَضَعَ وَالْمَرِيضُ حَتَّى يَبْرَأَ.
وَلِلتَّفْصِيل انْظُرْ مُصْطَلَحَ (حُدُودٌ ف 41 وَمَا بَعْدَهَا)
و إِمْهَال الْمُكَاتَبِ
9 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا عَجَزَ عِنْدَ حُلُول النَّجْمِ وَكَانَ لَهُ مَالٌ يُرْجَى أُمْهِلَ، فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يُنْظِرُهُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً وَلاَ يُزَادُ عَلَيْهَا لأَِنَّ فِي ذَلِكَ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ وَالثَّلاَثَةُ مُدَّةٌ تُضْرَبُ لإِِبْلاَءِ الأَْعْذَارِ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُمْهِل مَنْ يُرْجَى يُسْرُهُ
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوِ اسْتَمْهَل الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ عِنْدَ حُلُول النَّجْمِ لِعَجْزٍ اسْتُحِبَّ لَهُ إِمْهَالُهُ إِعَانَةً لَهُ عَلَى تَحْصِيل الْعِتْقِ فَإِنْ أَمْهَل السَّيِّدُ مُكَاتَبَهُ ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ فَلَهُ ذَلِكَ لأَِنَّ الدَّيْنَ الْحَال لاَ يَتَأَجَّل وَإِنْ كَانَ مَعَ الْمُكَاتَبِ عُرُوضٌ وَكَانَتِ الْكِتَابَةُ غَيْرَهَا وَاسْتَمْهَل لِبَيْعِهَا أَمْهَلَهُ وُجُوبًا لِيَبِيعَهَا لأَِنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ وَلَوْ لَمْ يُمْهَلْهَالَفَاتَ مَقْصُودُ الْكِتَابَةِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بَيْعُهَا فَوْرًا كَأَنْ عَرَضَ كَسَادٌ فَلَهُ أَنْ لاَ يَزِيدَ فِي الْمُهْلَةِ عَلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقْتَضَى كَلاَمِ الإِْمَامِ عَدَمُ وُجُوبِ الإِْمْهَال فَقَدْ نُقِل عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا جَوَازُ الْفَسْخِ وَصَحَّحَاهُ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا وَاسْتَمْهَل لإِِحْضَارِهِ أَمْهَلَهُ السَّيِّدُ وُجُوبًا إِلَى إِحْضَارِهِ إِنْ كَانَ غَائِبًا فِيمَا دُونَ مَرْحَلَتَيْنِ لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَاضِرِ كَانَ غَائِبًا بِأَنْ كَانَ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ فَأَكْثَرَ فَلاَ يَجِبُ الإِْمْهَال لِطُول الْمُدَّةِ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ أَدَاءِ نَجْمِ الْكِتَابَةِ فَإِذَا ذَكَرَ أَنَّ لَهُ مَالاً غَائِبًا عَنِ الْمَجْلِسِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْبَلَدِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ فَسْخُ الْكِتَابَةِ وَأُمْهِل بِقَدْرِ مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنَ الْوَفَاءِ لِقِصَرِ مُدَّتِهِ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ إِنْظَارُهُ ثَلاَثًا لِبَيْعِ عَرَضٍ أَوْ لِمَال غَائِبٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ يَرْجُو قُدُومَهُ وَلِدَيْنِ حَالٍّ عَلَى مَلِيءٍ أَوْ قَبْضِ مُودَعٍ (18) .
ش - إِمْهَال الْبُغَاةِ
10 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ أَهْل الْبَغْيِ إِذَا سَأَلُوا الإِْمَامَ الإِْنْظَارَ وَرَجَا رُجُوعَهُمْ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ إِلَى طَرِيقِ أَهْل الْعَدْل فَعَلَيْهِ أَنْ يُمْهِلَهُمْ (19) .
انْظُرْ مُصْطَلَحَ (بُغَاةٌ ف 10) .
ح - الإِْمْهَال فِي الدَّعْوَى
الإِْمْهَال فِي الدَّعْوَى إِِمَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُدَّعِي أَوْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي:
إِِمْهَال الْمُدَّعِي
11 - إِِذَا طَلَبَ الْمُدَّعِي مُهْلَةً لِيُقَدِّمَ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ فَإِنَّ الْحَنَفِيَّةَ يَرَوْنَ أَنَّهُ لَوْ قَال الْمُدَّعِي: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ لَمْ يُسْتَحْلَفْ وَقِيل لِخَصْمِهِ أَعْطِهِ كَفِيلاً بِنَفْسِكَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ كَيْلاَ يَضِيعَ حَقُّهُ بِتَغْيِيبِهِ نَفْسَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِلْمُدَّعِي وَلَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ ضَرَرٍ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لأَِنَّ الْحُضُورَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ إِِذَا طَلَبَهُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لاَ يَلْزَمَ الْكَفِيل لأَِنَّ الْحَقَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ بَعْدُ.
وَالتَّقْدِيرُ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِمَا بَيْنَ مَجْلِسَيِ الْقَضَاءِ حَتَّى إِِذَا كَانَ يَجْلِسُ فِي كُل يَوْمٍ يُكْفَل إِِلَى الْيَوْمِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ يَجْلِسُ فِي كُل عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا يُكْفَل إِِلَى عَشَرَةٍ فَإِنْ أَبَى لاَزَمَهُ حَيْثُ صَارَ (20)
وَالشَّافِعِيَّةُ يَرَوْنَ إِِمْهَالَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.
وَقِيل: عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُمْهَل أَبَدًا لأَِنَّ الْيَمِينَ حَقُّهُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ إِِلَى أَنْ يَشَاءَ كَالْبَيِّنَةِ. وَهَل الإِْمْهَال عِنْدَهُمْ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَجْهَانِ (21) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّهُمْ تَرَكُوا تَقْدِيرَ مُدَّةِ الإِْمْهَال إِِلَى الْقَاضِي (22)
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ سَأَل الْقَاضِيَ مُلاَزَمَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أُجِيبَ فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا فِي الْمَجْلِسِ صَرَفَهُ وَلاَ يَجُوزُ حَبْسُهُ وَلاَ يُلْزَمُ بِإِقَامَةِ كَفِيلٍ وَلَوْ سَأَلَهُ الْمُدَّعِي ذَلِكَ (23) .
إِِمْهَال الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
12 - إِِذَا طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُهْلَةً لِيَأْتِيَ بِحُجَّةٍ أَوْ يَنْظُرَ فِي حِسَابِهِ فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَرَوْنَ إِِمْهَالَهُ (24) . إِِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ أَرْجَعُوا تَحْدِيدَ مُدَّةِ الإِْمْهَال إِِلَى الْقَاضِي (25) .
وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ الإِْمْهَال ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ (26) .
13 - وَإِذَا اسْتُحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَطَلَبَ الإِْمْهَال فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ عَرْضِ الْقَاضِي عَلَيْهِ الْيَمِينَ مَرَّتَيْنِ يُمْهِلُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ إِِذَا جَاءَ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ وَقَال: لاَ أَحْلِفُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لاَ يَقْضِي عَلَيْهِ حَتَّى يَنْكُل ثَلاَثَةً وَيَسْتَقْبِل عَلَيْهِ الْيَمِينَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ وَلاَ يُعْتَبَرُ نُكُولُهُ قَبْل الاِسْتِمْهَال.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِذَا اسْتُحْلِفَ فَطَلَبَ الإِْمْهَال لِيَنْظُرَ حِسَابَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُمْهِلُهُ ثَلاَثَةَ (27) أَيَّامٍ.
وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لاَ يُمْهَل إِلاَّ بِرِضَا الْمُدَّعِي لأَِنَّهُ مَقْهُورٌ عَلَى الإِْقْرَارِ وَالْيَمِينِ بِخِلاَفِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ فِي طَلَبِ حَقِّهِ وَتَأْخِيرِهِ (28) .
14 - إِذَا طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُهْلَةً لِيُقَدِّمَ الْبَيِّنَةَ الْمُجَرِّحَةَ فِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ عَلَيْهِ أَمْهَلَهُ الْقَاضِي عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (29) .
وَلَهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي تَقْدِيرِ مُدَّةِ الإِْمْهَال (30) أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُعْتَمَدِ وَالْحَنَابِلَةُ فَإِنَّهُ يُمْهِلُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ غَيْرَ يَوْمَيِ الإِْمْهَال وَالْعَوْدَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُمْهِلُهُ يَوْمًا فَقَطْ (31)
15 - وَإِذَا قَال الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّعْوَى: قَضَيْتُهُ أَوْ أَبْرَأَنِي وَذَكَرَ لَهُ بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ أَوِ الإِْبْرَاءِ وَسَأَل الإِْنْظَارَ أُنْظِرَ ثَلاَثًا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ أَدَاءَ مَال الْكِتَابَةِ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ وَأَرَادَ الْعَبْدُ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ أُمْهِل ثَلاَثًا.
وَلَكِنْ هَل الإِْمْهَال وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟
وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا الْوُجُوبُ (32)
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والقاموس المحيط.
(2) المصباح المنير، ولسان العرب، والقاموس المحيط.
(3) قواعد الفقه للبركتي.
(4) المصباح المنير، والقاموس المحيط.
(5) حاشية ابن عابدين 4 / 256 ط بولاق، والمبسوط 19 / 164 ط دار المعرفة، والتاج والإكليل 5 / 115 ط دار الفكر، وحاشية الدسوقي 3 / 345 ط دار الفكر، وشرح المنهج على الجمل 3 / 385 ط دار إحياء التراث، ونهاية المحتاج 4 / 450 - 451 ط الحلبي، وكشاف القناع 3 / 379، 380 ط عالم الكتب.
(6) حاشية ابن عابدين 4 / 256، ونهاية المحتاج 4 / 450 - 451، وكشاف القناع 3 / 379 - 380.
(7) حاشية ابن عابدين 4 / 256، ونهاية المحتاج 4 / 450 - 451.
(8) التاج والإكليل 5 / 115، وحاشية الدسوقي مع الشرح الكبير 3 / 345.
(9) شرح المنهج على الجمل 3 / 385، والإقناع للشربيني 2 / 91 ط دار الكتب العلمية.
(10) الشرح الكبير مع الدسوقي 2 / 431، والتاج والإكليل 4 / 108.
(11) الإقناع 2 / 312 - 315، ومغني المحتاج 3 / 348 - 351.
(12) المحرر للمجد ابن تيمية 2 / 87 - 88 ط دار الكتاب العربي.
(13) كشاف القناع 5 / 365.
(14) بدائع الصنائع 5 / 25 ط دار الكتاب العربي، وحاشية الدسوقي 3 / 489، وجواهر الإكليل 2 / 162، وأسنى المطالب 2 / 369، والمحرر 1 / 366.
(15) بدائع الصنائع 5 / 24.
(16) المحرر 1 / 366، وكشاف القناع 4 / 159.
(17) المبسوط 10 / 99، وبدائع الصنائع 7 / 35، والاختيار 4 / 145 - 146 ط دار المعرفة، وجواهر الإكليل 2 / 278، ومغني المحتاج 4 / 139، 140 ط دار إحياء التراث، وكشاف القناع 6 / 174، ومغني المحتاج 4 / 140.
(18) الاختيار 4 / 145 - 146، وجواهر الإكليل 2 / 310، ومغني المحتاج مع المنهاج 4 / 528، وكشاف القناع 4 / 559.
(19) الإجماع لابن المنذر ص 126 ط قطر.
(20) تبيين الحقائق 4 / 300.
(21) أسنى المطالب 4 / 406، وشرح المحلي مع القليوبي وعميرة 4 / 343 ط عيسى الحلبي، ومغني المحتاج 4 / 478، 479.
(22) الخرشي 7 / 159 ط دار صادر، والشرح الصغير للدردير 4 / 312 ط دار المعارف.
(23) كشاف القناع 6 / 336.
(24) الخرشي 7 / 159، ونهاية المحتاج 8 / 345، وكشاف القناع 6 / 340 - 341.
(25) الخرشي 7 / 159.
(26) نهاية المحتاج 8 / 345، وكشاف القناع 6 / 340 - 341.
(27) الفتاوى الهندية 4 / 15، وحاشية الدسوقي 4 / 150، ومغني المحتاج 4 / 479، ومطالب أولي النهى 6 / 523.
(28) مغني المحتاج 4 / 479، وانظر: أسنى المطالب 4 / 406.
(29) الشرح الصغير 4 / 215 - 216، وحاشية الدسوقي 4 / 150، والحاوي للماوردي 21 / 259، وكشاف القناع 6 / 35.
(30) حاشية الدسوقي 4 / 150.
(31) الحاوي 21 / 259، والمحلي مع القليوبي 4 / 337، وكشاف القناع 6 / 350.
(32) كشاف القناع 6 / 341، وانظر: مطالب أولي النهى 6 / 523، ومغني المحتاج 4 / 479، وأسنى المطالب 4 / 491.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 210/ 39