الجواد
كلمة (الجواد) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعال) وهو الكريم...
أوقات، وأماكن، وأحوال يرجى إجابة الدعاء فيها . ومن شواهده قولهم : "وَالطَّوَافُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ نَفْلًا فِي حَقِّ الْآفَاقِيِّ، وَقَلْبُهُ لِلْمَكِّيِّ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةَ، وَيَغْتَنِمُ الدُّعَاءَ فِي مَوَاطِنِ الْإِجَابَةِ، وَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا نَقَلَهَا الْكَمَالُ عَنْ رِسَالَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ."
يَرِد مُصطلَح (مَواطِن الإجابَة) في الفقه في عِدَّة مواضِع، منها: كتاب الصَّلاة، باب: صِفة الأذان والإقامة، وباب: صلاة الجمعة عند الكلام على ساعة الإجابة في يوم الجمعة، وفي باب: صلاة اللَّيل، وباب: صلاة المُسافر عند الكلام على إجابة دعاء المسافر، وفي باب: صلاة الاستِسقاء عند الكلام على إجابة الدُّعاء عند نُزولِ الغيث. ويَرِد أيضاً في كتاب الصِّيام عند الكلام على مواطن إجابة الدعاء فيه لِلصّائم حال الصَّوم، وحالَ الإفطارِ مِنه، وفي ليلة القدر. وفي كتاب الحج، باب: الوقوف بعرفة. وفي كتاب الجهاد عند الكلام على إجابة الدُّعاء عند التقاءِ الجيوش في المَعارك. وفي كتاب الجامع للآداب عند الكلام على إجابة الدُّعاء حال دعاء الوالِدِ لِوَلَدِه وعليه، ودعاء المَظلومِ، ودعاء المَكروب، ودعاء المَريض، ودعاء المُضطَرّ، ودعاء المُؤمِن لأخيه بِظَهْرِ الغَيب، وغير ذلك مِن المواضِع.
أوقات، وأماكن، وأحوال يرجى إجابة الدعاء فيها.
* المنهاج في شعب الإيمان : (1/523)
* مختصر منهاج القاصدين : (ص 72)
* إحياء علوم الدين : (1/550)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (39/219) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمَوَاطِنُ جَمْعُ الْمَوْطِنِ، وَالْمَوْطِنُ: اسْمُ الْمَكَانِ مِنْ وَطَنَ يُقَال: وَطَنَ فُلاَنٌ بِالْمَكَانِ وَأَوْطَنَ: إِذَا قَامَ بِهِ وَأَوْطَنَهُ أَيْضًا: اتَّخَذَهُ وَطَنًا.
وَالْوَطَنُ: الْمَنْزِل تُقِيمُ بِهِ وَهُوَ مَوْطِنُ الإِْنْسَانِ وَمَحَلُّهُ وَيُقَال: أَوْطَنَ فُلاَنٌ أَرْضَ كَذَا أَيِ اتَّخَذَهَا مَحَلًّا وَمَسْكَنًا يُقِيمُ فِيهَا.
وَالْمَوْطِنُ أَيْضًا: الْمَوْقِفُ وَالْمَشْهَدُ مِنْ مَشَاهِدِ الْحَرْبِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ} (1) وَإِذَا اتَّخَذَ الرَّجُل مَكَانًا مَعْلُومًا مِنَ الْمَسْجِدِ مَخْصُوصًا بِهِ يُصَلِّي فِيهِ قِيل: أَوْطَنَ فِيهِ وَفِي الْحَدِيثِ: نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ نُقْرَةِ الْغُرَابِ، وَافْتِرَاشِ السَّبُعِ وَأَنْ يُوطِنَ الرَّجُل الْمَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ كَمَا يُوطِنُ الْبَعِيرُ (2) أَيْ كَالْبَعِيرِ لاَ يَأْوِي مِنَ الْعَطَنِ إِلاَّ إِلَى مَبْرَكٍ قَدْ أَوْطَنَهُ وَاتَّخَذَهُ مُنَاخًا (3) .
وَالإِْجَابَةُ الْمَقْصُودَةُ هُنَا: إِجَابَةُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى دُعَاءَ الدَّاعِينَ.
وَمَوَاطِنُ الإِْجَابَةِ عَلَى هَذَا: هِيَ الْمَظَانُّ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ مَنْ دَعَا فِيهَا اسْتُجِيبَ لَهُ
حُكْمُ تَحَرِّي الدُّعَاءِ فِي مَوَاطِنِ الإِْجَابَةِ
2 - تَحَرِّي الدُّعَاءِ فِي مَوَاطِنِ الإِْجَابَةِ مُسْتَحَبٌّ وَيُفْهَمُ الاِسْتِحْبَابُ مِنْ مُخْتَلَفِ الصِّيَغِ الْوَارِدَةِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَالثَّنَاءِ عَلَى فَاعِلِهِ فِي مِثْل قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَبِالأَْسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (4) وَكَالتَّخْصِيصِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيهِ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرُ لَهُ (5) وَرُبَّمَا صَرَّحَتْ بَعْضُ الأَْحَادِيثِ بِالأَْمْرِ الْمُفِيدِ لِلاِسْتِحْبَابِ كَمَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَبْسَةَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُول: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنَ الْعَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْل الآْخِرِ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ (6) . قَال الْغَزَالِيُّ: مِنْ آدَابِ الدُّعَاءِ أَنْ يَتَرَصَّدَ لِدُعَائِهِ الأَْوْقَاتَ الشَّرِيفَةَ كَيَوْمِ عَرَفَةَ مِنَ السَّنَةِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ كُل أُسْبُوعٍ وَوَقْتِ السَّحَرِ مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْل (7) .
وَقَال النَّوَوِيُّ: قَال أَصْحَابُنَا - يَعْنِي الشَّافِعِيَّةَ - يُسْتَحَبُّ أَنْ يُكْثِرَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ الدَّعَوَاتِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَفِي الْمَوَاطِنِ الشَّرِيفَةِ (8) .
وَقَال الْبُهُوتِيُّ: يَتَحَرَّى الدَّاعِي أَوْقَاتَ الإِْجَابَةِ كَالثُّلُثِ الأَْخِيرِ مِنَ اللَّيْل وَعِنْدَ الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ. (9) .
3 - وَلَيْسَ مَعْنَى كَوْنِ الزَّمَانِ الْمُعَيَّنِ أَوِ الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ مَوْطِنًا لِلإِْجَابَةِ أَنَّ حُصُول الْمَطْلُوبِ بِالدُّعَاءِ مُتَعَيَّنٌ بِكُل حَالٍ بَل الْمُرَادُ أَنَّهُ أَرْجَى مِنْ غَيْرِهِ. قَال ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ حَدِيثِ: " يَنْزِل رَبُّنَا. . . " (10) : لاَ يُعْتَرَضُ عَلَى ذَلِكَ بِتَخَلُّفِهِ عَنْ بَعْضِ الدَّاعِينَ لأَِنَّ سَبَبَ التَّخَلُّفِ وُقُوعُ الْخَلَل فِي شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الدُّعَاءِ كَالاِحْتِرَازِ فِي الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ أَوْ لاِسْتِعْجَال الدَّاعِي أَوْ بِأَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ تَحْصُل الإِْجَابَةُ بِهِ وَيَتَأَخَّرُ وُجُودُ الْمَطْلُوبِ لِمَصْلَحَةِ الْعَبْدِ أَوْ لأَِمْرٍ يُرِيدُهُ اللَّهُ تَعَالَى (11) وَيَدُل عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلاَ قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلاَثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّل لَهُ دَعْوَتُهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الآْخِرَةِ وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا قَالُوا: إِذًا نُكْثِرُ؟ قَال: اللَّهُ أَكْثَرُ (12) .
وَاللَّهُ تَعَالَى وَعَدَ الدَّاعِيَ بِأَنْ يَسْتَجِيبَ لَهُ وَعْدًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ أَوْ حَالٍ قَال تَعَالَى: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (13) وَقَال {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (14) .
فَإِجَابَتُهُ لِلدُّعَاءِ فِي كُل وَقْتٍ تَوَجَّهَ إِلَيْهِ فِيهِ الْعَبْدُ بِالدُّعَاءِ وَلِذَا كَانَ تَخْصِيصُ مَوْطِنٍ مُعَيَّنٍ بِالإِْجَابَةِ دَالًّا عَلَى تَأَكُّدِهَا فِيهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْحَصْرَ وَنَفْيَ الإِْجَابَةِ عَمَّا عَدَاهُ.
أَنْوَاعُ مَوَاطِنِ الإِْجَابَةِ:
4 - مَوَاطِنُ الإِْجَابَةِ ثَلاَثَةُ أَنْوَاعٍ:
أ - أَوْقَاتٌ شَرِيفَةٌ اخْتَصَّهَا اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ جَعَلَهَا مَوَاسِمَ لِهَذِهِ الأُْمَّةِ تُحَصِّل بِهَا رِضْوَانَ اللَّهِ تَعَالَى بِذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ كَمَا قَال تَعَالَى فِي مَنَاسِكِ الْحَجِّ: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ} (15) .
ب - أَمَاكِنُ شَرِيفَةٌ خَصَّهَا اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ وَهِيَ مَوَاطِنُ مَحْدُودَةٌ يَكُونُ فِيهَا الدَّاعِي مُتَلَبِّسًا بِعِبَادَةٍ أُخْرَى.
ج - أَحْوَالٌ مُعَيَّنَةٌ يُرْجَى فِيهَا قَبُول الدُّعَاءِ
مِنْهَا الدُّعَاءُ عِنْدَ زَحْفِ الصُّفُوفِ فِي سَبِيل اللَّهِ تَعَالَى وَعِنْدَ نُزُول الْغَيْثِ وَعِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ (16) .
وَالدُّعَاءُ بِعَرَفَةَ مِثَالٌ لِمَا اجْتَمَعَ فِيهِ شَرَفُ الزَّمَانِ وَشَرَفُ الْمَكَانِ وَشَرَفُ الْحَال.
قَال الْغَزَالِيُّ: وَبِالْحَقِيقَةِ يَرْجِعُ شَرَفُ الأَْوْقَاتِ إِلَى شَرَفِ الأَْحْوَال إِذْ وَقْتُ السَّحَرِ وَقْتُ صَفَاءِ الْقَلْبِ وَإِخْلاَصِهِ وَفَرَاغِهِ مِنَ الْمُشَوِّشَاتِ وَيَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ وَقْتُ اجْتِمَاعِ الْهِمَمِ وَتَعَاوُنِ الْقُلُوبِ عَلَى اسْتِدْرَارِ رَحْمَةِ اللَّهِ ﷿.
قَال: فَهَذَا أَحَدُ أَسْبَابِ شَرَفِ الأَْوْقَاتِ سِوَى مَا فِيهَا مِنْ أَسْرَارٍ لاَ يَطَّلِعُ الْبَشَرُ عَلَيْهَا (17) .
وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاطِنِ تَفْصِيلٌ بَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:
أَوَّلاً - الْمَوَاطِنُ الزَّمَانِيَّةُ:
أ - ثُلُثُ اللَّيْل الآْخِرِ:
5 - ثُلُثُ اللَّيْل الآْخِرِ مِنْ مَوَاطِنِ الإِْجَابَةِ وَدَلِيل ذَلِكَ مَا وَرَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: يَنْزِل رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُل لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْل الآْخِرِ يَقُول: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيهِ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرُ لَهُ. وَفِي رِوَايَةٍ: حَتَّى يَنْفَجِرَ الْفَجْرُ (18) وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَال: وَلِذَلِكَ كَانُوا يُفَضِّلُونَ صَلاَةَ آخِرِ اللَّيْل عَلَى أَوَّلِهِ (19) .
وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ هَذَا الْوَقْتَ يَبْدَأُ مِنْ مُنْتَصَفِ اللَّيْل إِلَى أَنْ يَبْقَى مِنَ اللَّيْل سُدُسُهُ ثُمَّ يَبْدَأُ وَقْتُ السَّحَرِ وَهُوَ مَوْطِنٌ آخَرُ لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ عَبْسَةَ ﵁ قَال: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ أَيُّ اللَّيْل أَسْمَعُ؟ قَال: جَوْفُ اللَّيْل الآْخِرِ (20) .
عَلَى أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ ﵁ قَال: سَمِعْنَا رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: إِنَّ فِي اللَّيْلَةِ لَسَاعَةً لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَل اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُل لَيْلَةٍ (21) وَهُوَ يَعْنِي أَنَّ اللَّيْل كُلَّهُ مَظِنَّةُ إِجَابَةٍ (22) .
ب - وَقْتُ السَّحَرِ
6 - السَّحَرُ هُوَ آخِرُ اللَّيْل قَبْل أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ.
وَقِيل: هُوَ مِنْ ثُلُثِ اللَّيْل الآْخِرِ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ (23) .
وَيَرَى الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ السُّدُسُ الأَْخِيرُ مِنَ اللَّيْل.
قَال الْقُرْطُبِيُّ: هُوَ وَقْتٌ تُرْجَى فِيهِ إِجَابَةُ الدُّعَاءِ وَنُقِل عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْله تَعَالَى: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْل مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَْسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (24) قَال: مَدُّوا الصَّلاَةَ مِنْ أَوَّل اللَّيْل إِلَى السَّحَرِ ثُمَّ اسْتَغْفَرُوا فِي السَّحَرِ (25) . ج - بَعْدَ الزَّوَال:
7 - قَال النَّوَوِيُّ: يُسْتَحَبُّ الإِْكْثَارُ مِنَ الأَْذْكَارِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ عَقِبَ الزَّوَال (26) لِمَا رُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ ﵁ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا بَعْدَ أَنْ تَزُول الشَّمْسُ قَبْل الظُّهْرِ وَقَال: إِنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ (27) .
د - يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَتُهَا وَسَاعَةُ الْجُمُعَةِ:
8 - وَرَدَ الْحَدِيثُ بِأَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ (28) وَوَرَدَ حَدِيثٌ فِي قَبُول الدُّعَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى سَاعَةِ الْجُمُعَةِ (29) .
أَمَّا سَاعَةُ الْجُمُعَةِ فَقَال الشَّوْكَانِيُّ: تَوَاتَرَتِ النُّصُوصُ بِأَنَّ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةً لاَ يَسْأَل الْعَبْدُ فِيهَا رَبَّهُ شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ (30) .
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ ﷺ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ﵃ ذَكَرَ سَاعَةَ الإِْجَابَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْهَا مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁: ﵁ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَال: فِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَل اللَّهَ تَعَالَى شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ. وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا (31)
وَعَنْ أَبِي لُبَابَةَ الْبَدْرِيِّ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَيِّدُ الأَْيَّامِ وَأَعْظَمُهَا عِنْدَ اللَّهِ. . . فِيهِ خَمْسُ خِلاَلٍ فَذَكَرَ مِنْهُنَّ: وَفِيهِ سَاعَةٌ لاَ يَسْأَل اللَّهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ مَا لَمْ يَسْأَل - حَرَامًا (32) .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ وَالْمُحَدِّثُونَ فِي تَعْيِينِ السَّاعَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ قَوْلاً عَدَّدَهَا الشَّوْكَانِيُّ (33) وَنُقِل عَنِ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ أَنَّهُ قَال: أَصَحُّ الأَْحَادِيثِ فِي تَعْيِينِهَا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى ﵁ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُول فِي سَاعَةِ الْجُمُعَةِ: هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الإِْمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلاَةُ (34) وَاخْتَارَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ أَيْضًا (35) .
وَأَمَّا لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ فَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال لِعَلِيٍّ ﵁: إِنَّ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ سَاعَةً الدُّعَاءُ فِيهَا مُسْتَجَابٌ (36) .
نَقَلَهُ الشَّوْكَانِيُّ فِي تُحْفَةِ الذَّاكِرِينَ.
هـ - أَيَّامُ رَمَضَانَ وَلَيَالِيهُ وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ
9 - فَضْل رَمَضَانَ مَعْرُوفٌ وَاسْتَدَل بَعْضُهُمْ (37) لإِِجَابَةِ الدُّعَاءِ فِيهِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمُ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ. . . (38) وَأَمَّا لَيْلَةُ الْقَدْرِ فَقَدْ وَرَدَ فِيهَا عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُول فِيهَا؟ قَال: قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي (39) .
وَإِنَّمَا كَانَتْ مَوْطِنًا لإِِجَابَةِ الدُّعَاءِ لأَِنَّهَا لَيْلَةٌ مُبَارَكَةٌ تَتَنَزَّل فِيهَا الْمَلاَئِكَةُ جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الأُْمَّةِ خَيْرًا مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ وَقَال تَعَالَى فِي شَأْنِهَا: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} (40) قَال الشَّوْكَانِيُّ: وَشَرَفُهَا مُسْتَلْزِمٌ لِقَبُول دُعَاءِ الدَّاعِينَ فِيهَا وَلِهَذَا أَمَرَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ بِالْتِمَاسِهَا وَحَرَّضَ الصَّحَابَةَ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَدْ رُوِيَ مَا يَدُل عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ فِيهَا مُجَابٌ (41) .
وَنَقَل النَّوَوِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ: أَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ اجْتِهَادُهُ فِي يَوْمِهَا كَاجْتِهَادِهِ فِي لَيْلَتِهَا (42) . ثَانِيًا - الْمَوَاطِنُ الْمَكَانِيَّةُ:
أ - الْمُلْتَزَمُ:
10 - الْمُلْتَزَمُ هُوَ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الأَْسْوَدُ وَبَابُ الْكَعْبَةِ، جَاءَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّهُ كَانَ يَلْزَمُ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ وَكَانَ يَقُول: مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ يُدْعَى الْمُلْتَزَمُ لاَ يَلْزَمُ مَا بَيْنَهُمَا أَحَدٌ يَسْأَل اللَّهَ شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ (43) .
وَنَقَل ابْنُ جَمَاعَةَ عَنِ ابْنِ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْمُلْتَزَمَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُعْتَنَقُ وَيُلِحُّ الدَّاعِي فِيهِ بِالدُّعَاءِ، قَال: وَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا يَسْتَحِبُّ ذَلِكَ (44)
ب - عَرَفَةُ:
11 - نَبَّهَ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى اغْتِنَامِ الدُّعَاءِ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ بِقَوْلِهِ: خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُل شَيْءٍ قَدِيرٌ (45) قَال الشَّوْكَانِيُّ: ثَبَتَ مَا يَدُل عَلَى فَضِيلَةِ هَذَا الْيَوْمِ وَشَرَفِهِ حَتَّى كَانَ صَوْمُهُ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ (46) وَوَرَدَ فِي فَضْلِهِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ إِجَابَةَ الدَّاعِينَ فِيهِ (47)
ج - مَشَاعِرُ الْحَجِّ
12 - الْحَجُّ مِنْ أَعْظَمِ الأَْعْمَال الْمُقَرِّبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، نَقَل النَّوَوِيُّ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَال: الدُّعَاءُ هُنَالِكَ يُسْتَجَابُ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا: فِي الطَّوَافِ وَعِنْدَ الْمُلْتَزَمِ وَتَحْتَ الْمِيزَابِ وَفِي الْبَيْتِ وَعِنْدَ زَمْزَمَ وَعَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَفِي الْمَسْعَى وَخَلْفَ الإِْمَامِ وَفِي عَرَفَاتٍ وَفِي الْمُزْدَلِفَةِ وَفِي مِنًى وَعِنْدَ الْجَمَرَاتِ الثَّلاَثِ (48) .
ثَالِثًا - الأَْحْوَال الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ الإِْجَابَةِ:
أ - الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ وَبَعْدَهَا
13 - الأَْذَانُ مِنْ أَعْظَمِ الشَّعَائِرِ يُذْكَرُ فِيهِ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّوْحِيدِ وَيُشْهَدُ لِنَبِيِّهِ ﷺ بِالرِّسَالَةِ وَيُنْشَرُ ذَلِكَ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ بِالصَّوْتِ الرَّفِيعِ إِلَى الْمَدَى الْبَعِيدِ، وَيُدْعَى عِبَادُ اللَّهِ لإِِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ، وَقَدْ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ سَهْل بْنِ سَعْدٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: ثِنْتَانِ لاَ تُرَدَّانِ أَوْ قَلَّمَا تُرَدَّانِ: الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ وَعِنْدَ الْبَأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا (49) .
وَوَرَدَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ ﵁ أَنَّهُ ﵊ قَال: الدُّعَاءُ لاَ يُرَدُّ بَيْنَ الأَْذَانِ وَالإِْقَامَةِ (50) .
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّ رَجُلاً قَال: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّ الْمُؤَذِّنِينَ يَفْضُلُونَنَا قَال: قُل كَمَا يَقُولُونَ فَإِذَا انْتَهَيْتَ فَسَل تُعْطَهْ (51) .
وَوَرَدَ أَيْضًا اسْتِجَابَةُ الدُّعَاءِ بَعْدَ الإِْقَامَةِ (52) وَهُوَ حَدِيثُ سَهْل بْنِ سَعْدٍ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: سَاعَتَانِ تُفْتَحُ فِيهِمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ: عِنْدَ حُضُورِ الصَّلاَةِ وَعِنْدَ الصَّفِّ فِي سَبِيل اللَّهِ (53) .
ب - الدُّعَاءُ حَال السُّجُودِ
14 - وَإِنَّمَا كَانَ السُّجُودُ مَظِنَّةَ الإِْجَابَةِ لأَِنَّ فِيهِ يَتَمَثَّل كَمَال الْعُبُودِيَّةِ وَالتَّذَلُّل وَالْخُضُوعِ لِلَّهِ تَعَالَى، يَضَعُ الْعَبْدُ أَكْرَمَ مَا فِيهِ وَهُوَ جَبْهَتُهُ وَوَجْهُهُ عَلَى الأَْرْضِ وَهِيَ مَوْطِئُ الأَْقْدَامِ تَعْظِيمًا لِرَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَعَ كَمَال التَّذَلُّل وَالتَّعْظِيمِ يَزْدَادُ الْقُرْبُ وَالْمَكَانَةُ مِنْ رَبِّ الْعِزَّةِ فَيَكُونُ ذَاكَ مَظِنَّةَ عَوْدِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالْقَبُول (54) وَلِهَذَا قَال ﷺ: إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ ﷿ وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ (55) وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: 00 أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ (56) .
وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ سُجُودِ الْفَرْضِ وَسُجُودِ النَّفْل إِلاَّ مَا قَالَهُ الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ مِنْ أَنَّهُ لاَ يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَى (سُبْحَانَ رَبِّي الأَْعْلَى) فِي الْفَرْضِ وَفِي التَّطَوُّعِ رِوَايَتَانِ.
وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ الدُّعَاءُ فِي السُّجُودِ.
وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ: بِدِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ إِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إِمَامًا لِمَحْصُورِينَ أَوْ لَمْ يَحْصُل بِالدُّعَاءِ طُولٌ وَإِلاَّ فَلاَ (57) .
ج - الدُّعَاءُ بَعْدَ الصَّلاَةِ الْمَفْرُوضَةِ 15 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مَا بَعْدَ الصَّلاَةِ الْمَفْرُوضَةِ مَوْطِنٌ مِنْ مَوَاطِنِ إِجَابَةِ الدُّعَاءِ (58) لِمَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَارِثِ ﵁ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ أَسَرَّ إِلَيْهِ فَقَال: إِذَا انْصَرَفْتَ مِنْ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ فَقُل: اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ ثُمَّ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا وَإِذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُل كَذَلِكَ فَإِنَّكَ إِنْ مُتَّ فِي يَوْمِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْهَا (59) .
وَوَرَدَ مَا يَدُل عَلَى أَنَّ الدُّعَاءَ فِي دُبُرِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى الْعُمُومِ فِيهَا أَسْمَعُ مِنْ غَيْرِهَا وَهُوَ مَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ ﵁ أَنَّهُ قَال: قِيل: يَا رَسُول اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ؟ قَال: جَوْفُ اللَّيْل الآْخِرِ وَدُبُرُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ (60) .
وَقَدْ نَقَل الْغَزَالِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ قَال: إِنَّ الصَّلَوَاتِ جُعِلَتْ فِي خَيْرِ الأَْوْقَاتِ فَعَلَيْكُمْ بِالدُّعَاءِ خَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَرُوِيَ عَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ ﵁ مَرْفُوعًا: مَنْ صَلَّى صَلاَةَ فَرِيضَةٍ فَلَهُ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ وَمَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ فَلَهُ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ (61) .
د - حَال الصَّوْمِ وَحَال الإِْفْطَارِ مِنَ الصَّوْمِ:
16 - أَمَرَ اللَّهُ بِصَوْمِ رَمَضَانَ وَذَكَرَ إِكْمَال الْعِدَّةِ ثُمَّ قَال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (62) وَفِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ قَال ابْنُ كَثِيرٍ: فِي ذِكْرِهِ تَعَالَى هَذِهِ الآْيَةَ الْبَاعِثَةَ عَلَى الدُّعَاءِ مُتَخَلِّلَةً بَيْنَ أَحْكَامِ الصِّيَامِ إِرْشَادٌ إِلَى الاِجْتِهَادِ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ إِكْمَال الْعِدَّةِ بَل وَعِنْدَ كُل فِطْرٍ (63) لِمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ﵄ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: لِلصَّائِمِ عِنْدَ إِفْطَارِهِ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو ﵄ إِذَا أَفْطَرَ دَعَا أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ ثُمَّ دَعَا (64) وَلِمَا رُوِيَ أَيْضًا: إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةً مَا تُرَدُّ (65) .
هـ - الدُّعَاءُ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَبَعْدَ خَتْمِهِ
17 - دَل عَلَى اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَبَعْدَ خَتْمِهِ (66) مَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ﵁ أَنَّهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَل اللَّهَ بِهِ فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ (67) ، وَحَدِيثِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ: مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ فَلَهُ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ (68) . و - دَعْوَةُ الْمُسَافِرِ
18 - السَّفَرُ مِنْ مَوَاطِنِ الإِْجَابَةِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ مَرْفُوعًا: ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ (69) . قَال ابْنُ عِلاَّنَ: الْمُرَادُ الْمُسَافِرُ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْوَلَدُ إِنْ كَانَ ظَالِمًا لأَِبِيهِ عَاقًّا لَهُ (70)
ز - الدُّعَاءُ عِنْدَ الْقِتَال فِي سَبِيل اللَّهِ
19 - الْقِتَال فِي سَبِيل اللَّهِ مَوْضِعُ إِجَابَةٍ؛ لأَِنَّ الْمُجَاهِدَ فِي سَبِيل اللَّهِ بَاذِلٌ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فِي مَرْضَاةِ رَبِّهِ وَبَاذِلٌ جُهْدَهُ كُلَّهُ لِرَفْعِ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى (71)
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ سَهْل بْنِ سَعْدٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: سَاعَتَانِ تُفْتَحُ فِيهِمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ: عِنْدَ حُضُورِ الصَّلاَةِ وَعِنْدَ الصَّفِّ فِي سَبِيل اللَّهِ، وَفِي رِوَايَةٍ قَال: وَعِنْدَ الْبَأْسِ حِينَ يُلْحِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا (72) .
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ قَال: اطْلُبُوا الدُّعَاءَ عِنْدَ الْتِقَاءِ الْجُيُوشِ وَإِقَامَةِ الصَّلاَةِ وَنُزُول الْغَيْثِ (73) .
ج - حَال اجْتِمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَجَالِسِ الذِّكْرِ:
20 - اجْتِمَاعُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَجَالِسِ الذِّكْرِ مِنْ مَوَاطِنِ الإِْجَابَةِ لِحَدِيثِ: لاَ يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ ﷿ إِلاَّ حَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ (74) .
وَلِحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُول لِمَلاَئِكَتِهِ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَيَقُولُونَ: رَبِّ فِيهِمْ فُلاَنٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ قَال: فَيَقُول: وَلَهُ غَفَرْتُ، هُمُ الْقَوْمُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ (75) وَلِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِي خُرُوجِ النِّسَاءِ يَوْمَ الْعِيدِ وَفِيهِ: يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ (76) .
قَال الشَّوْكَانِيُّ: فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَجَامِعَ الْمُسْلِمِينَ - أَيْ لِلذِّكْرِ - مِنْ مَوَاطِنِ الدُّعَاءِ. (77)
ط - دُعَاءُ الْمُؤْمِنِ لأَِخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ
21 - وَرَدَ فِي اسْتِجَابَةِ دُعَاءِ الْمُؤْمِنِ لأَِخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ (78) حَدِيثُ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا:
دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَِخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَِخِيهِ بِخَيْرٍ قَال الْمَلَكُ الْمُوَكَّل بِهِ: آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ (79) .
ي - دَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَعَلَيْهِ
22 - وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ (80) .
قَال ابْنُ عِلاَّنَ فِي دَعْوَةِ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ: أَيْ إِنْ كَانَ الْوَلَدُ ظَالِمًا لأَِبِيهِ عَاقًّا لَهُ (81) .
ك - دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمُضْطَرِّ وَالْمَكْرُوبِ
23 - دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ وَرَدَ فِيهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ مُسْتَجَابَةٌ وَإِنْ كَانَ فَاجِرًا فَفُجُورُهُ عَلَى نَفْسِهِ (82) وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَرْسَل مُعَاذًا ﵁ إِلَى الْيَمَنِ فَذَكَرَ مَا أَوْصَاهُ بِهِ وَفِيهِ: وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ (83) وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُول الرَّبُّ: وَعِزَّتِي لأََنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ (84) .
وَأَمَّا الْمُضْطَرُّ فَقَدْ قَال اللَّهُ تَعَالَى: {أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} (85) .
وَأَمَّا الْمَكْرُوبُ الَّذِي لاَ يَجِدُ لَهُ فَرَجًا إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَيَدُل لِكَوْنِهِ مُجَابَ الدَّعْوَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} (86)
وَفِي قَوْلِهِ {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} بَيَانُ أَنَّ هَذِهِ الاِسْتِجَابَةَ عَامَّةٌ لِكُل مَنْ كَانَ فِي مِثْل حَال يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ الإِْخْلاَصِ وَإِفْرَادِ اللَّهِ تَعَالَى بِالرَّجَاءِ وَالتَّوَجُّهِ الصَّادِقِ (87) . ل - الدُّعَاءُ عِنْدَ نُزُول الْغَيْثِ
24 - قَال النَّوَوِيُّ: رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي " الأُْمِّ " بِإِسْنَادِهِ حَدِيثًا مُرْسَلاً عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: اطْلُبُوا إِجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْتِقَاءِ الْجُيُوشِ وَإِقَامَةِ الصَّلاَةِ وَنُزُول الْغَيْثِ (88) .
قَال الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ حَفِظْتُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ طَلَبَ الإِْجَابَةِ عِنْدَ نُزُول الْغَيْثِ وَإِقَامَةِ الصَّلاَةِ (89) .
وَمِمَّا يُؤَكِّدُ صِحَّةَ ذَلِكَ (90) مَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ حَدِيثِ سَهْل بْنِ سَعْدٍ ﵁ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ: وَتَحْتَ الْمَطَرِ (91) .
م - دَعْوَةُ الْمَرِيضِ
25 - الْمَرَضُ مِنْ مَوَاطِنِ الإِْجَابَةِ لِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مَرِيضٍ فَمُرْهُ فَلْيَدْعُ لَكَ فَإِنَّ دُعَاءَهُ كَدُعَاءِ الْمَلاَئِكَةِ (92) . قَال ابْنُ عِلاَّنَ: وَذَلِكَ لأَِنَّهُ مُضْطَرٌّ وَدُعَاؤُهُ أَسْرَعُ إِجَابَةً مِنْ غَيْرِهِ وَنُقِل عَنْ الْمِرْقَاةِ أَنَّهُ شِبْهُ الْمَلاَئِكَةِ فِي التَّنَقِّي مِنَ الذُّنُوبِ أَوْ فِي دَوَامِ الذِّكْرِ وَالتَّضَرُّعِ وَاللَّجَأِ (93) .
ن - حَال أَوْلِيَاءِ اللَّهِ
26 - وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: يَقُول اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَال عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِل حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لأَُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَ بِي لأَُعِيذَنَّهُ. . . (94) . قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: وَلَمَّا حَصَلَتْ هَذِهِ الْمُوَافَقَةُ لِلْعَبْدِ مَعَ رَبِّهِ تَعَالَى فِي مَحَابِّهِ حَصَلَتْ مُوَافَقَةُ الرَّبِّ لِعَبْدِهِ فِي حَوَائِجِهِ وَمَطَالِبِهِ أَيْ: كَمَا وَافَقَنِي فِي مُرَادِي بِامْتِثَال أَوَامِرِي وَالتَّقَرُّبِ إِلَيَّ بِمَحَابِّي فَأَنَا أُوَافِقُهُ فِي رَغْبَتِهِ وَرَهْبَتِهِ فِيمَا يَسْأَلُنِي أَنْ أَفْعَل بِهِ وَيَسْتَعِيذُنِي أَنْ يَنَالَهُ مَكْرُوهٌ (95) .
س - حَال الْمُجْتَهَدِ فِي الدُّعَاءِ إِذَا وَافَقَ اسْمَ اللَّهِ الأَْعْظَمَ
27 - يَشْهَدُ لِذَلِكَ (96) حَدِيثُ بُرَيْدَةَ الأَْسْلَمِيِّ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ سَمِعَ رَجُلاً يَدْعُو وَهُوَ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الأَْحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ فَقَال: لَقَدْ سَأَل اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَْعْظَمِ الَّذِي إِذَا سُئِل بِهِ أَعْطَى وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ. وَفِي لَفْظٍ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَل اللَّهَ بِاسْمِهِ الأَْعْظَمِ (97)
وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَرَجُلٌ يُصَلِّي ثُمَّ دَعَا فَقَال: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ يَا ذَا الْجَلاَل 3 وَالإِْكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ فَقَال النَّبِيُّ ﷺ لأَِصْحَابِهِ: تَدْرُونَ بِمَا دَعَا؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَال: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِل بِهِ أَعْطَى (98) .
__________
(1) سورة التوبة / 25.
(2) حديث: " أن النبي ﷺ نهى عن نقرة الغراب. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 539) ، والحاكم (1 / 229) من حديث عبد الرحمن بن شبل، واللفظ لأبي داود، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
(3) لسان العرب.
(4) سورة الذاريات / 18.
(5) حديث: " من يدعوني فأستجيب له. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 29) ، ومسلم (1 / 521) من حديث أبي هريرة.
(6) حديث: " أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 570) ، وقال: حديث حسن صحيح غريب.
(7) الإحياء 1 / 549 ط دار الشعب.
(8) الأذكار للنووي ص 162، 163.
(9) كشاف القناع 1 / 368
(10) حديث: " ينزل ربنا. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 29) ، ومسلم (1 / 521) من حديث أبي هريرة.
(11) فتح الباري 3 / 32.
(12) حديث أبي سعيد: " ما من مسلم يدعو بدعوة. . . ". أخرجه أحمد (3 / 18) ، والحاكم (1 / 493) ، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
(13) سورة غافر / 60.
(14) سورة البقرة / 186.
(15) سورة الحج / 28.
(16) الإحياء 1 / 559، ط دار الشعب.
(17) الإحياء 1 / 550.
(18) حديث: " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 29) ، ومسلم (1 / 521) ، والرواية الأخرى أخرجها مسلم (1 / 522) .
(19) فتح الباري 3 / 31، ط المكتبة السلفية.
(20) حديث عمرو بن عبسة: " قلت: يا رسول الله، أي الليل أسمع؟ . . . ". أخرجه أبو داود (2 / 56 - 57) ، والترمذي (5 / 570) ، واللفظ لأبي داود، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.
(21) حديث جابر: " إنًّ في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم. . . ". أخرجه مسلم (1 / 521) .
(22) تحفة الذاكرين ص 66، بيروت، دار القلم 1984 م، والفتوحات الربًّانية 3 / 196، بيروت، دار الفكر 1398 هـ، وكشاف القناع 1 / 66.
(23) لسان العرب.
(24) سورة الذاريات / 18 - 19.
(25) الإحياء 1 / 623، وتفسير القرطبي عند هذه الآية من سورة الذاريات.
(26) الفتوحات الربانية على الأذكار 3 / 132.
(27) حديث عبد الله بن السائب: " أن رسول الله ﷺ كان يصلي أربعًا بعد أن تزول الشمس. . . ". أخرجه الترمذي (2 / 343) وقال: حديث حسن غريب.
(28) حديث: " أن يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس ". أخرجه مسلم (2 / 585) من حديث أبي هريرة.
(29) ونصه: يوم الجمعة ثنتا عشرة ساعة، لا يوجد مسلم يسأل الله ﷿ شيئًا إلا أتاه الله ﷿. أخرجه أبو داود (1 / 636) من حديث جابر بن عبد الله.
(30) تحفة الذاكرين ص 66.
(31) حديث أبي هريرة: " أن رسول الله ﷺ ذكر الجمعة. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 415)
(32) حديث: " إن يوم الجمعة سيِّد الأيام. . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 344) وحسن إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (1 / 204) .
(33) نيل الأوطار (3 / 257 - 261) .
(34) حديث: " هي ما بين أن يجلس. . . ". أخرجه مسلم (2 / 584) .
(35) الفتوحات الربانية 3 / 131، 4 / 228.
(36) حديث: " إن في ليلة الجمعة ساعة. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 564) وقال: حديث صحيح.
(37) تحفة الذاكرين ص 67، والأذكار النووية مع الفتوحات الربانية 4 / 338.
(38) حديث: " ثلاثة لا ترد دعوتهم. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 578) وقال: حديث حسن.
(39) حديث عائشة أنها قالت: " يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 534) وقال: حديث صحيح.
(40) سورة القدر / 3.
(41) نيل الأوطار 4 / 287 - 290 بتصرف، القاهرة مصطفى الحلبي 1371 هـ، وتحفة الذاكرين للشوكاني ص 65، وفتح الباري بشرح البخاري 4 / 260، 267، وكشاف القناع 2 / 344.
(42) الأذكار مع الفتوحات الربانية 4 / 347.
(43) أثر ابن عباس " أنه كان يلزم ما بين الركن والباب ". أخرجه البيهقي في السنن (5 / 164 - ط دائرة المعارف العثمانية
(44) هداية السالك إلى المناسك، لابن جماعة، بتحقيق نور الدين عتر 1 / 71.
(45) حديث: " خير الدعاء دعاء يوم عرفة. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 572) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص.
(46) الحديث الذي يدل على صوم يوم عرفة يكفر سنتين. أخرجه مسلم في صحيحه (2 / 819) من حديث أبي قتادة، ونصه: " صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده ".
(47) تحفة الذاكرين ص 65.
(48) الأذكار النووية والفتوحات الربانية 4 / 385.
(49) حديث سهل بن سعد: " ثنتان لا تردان أو قلما تردان. . . ". أخرجه أبو داود (3 / 45) ، وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (1 / 379) : هذا حديث حسن صحيح.
(50) حديث: " الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة ". أخرجه الترمذي (1 / 416) وقال: حديث حسن.
(51) حديث عبد الله بن عمرو أن رجلاً قال: " يا رسول الله، إنًّ المؤذنين يفضلوننا. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 631) ، وحسنه ابن حجر في نتائج الأفكار (1 / 378) .
(52) الفتوحات الربانية 2 / 136 - 138، وكشاف القناع 1 / 248، وتحفة الذاكرين ص 68.
(53) حديث سهل بن سعد: " ساعتان تفتح فيها أبواب السماء. . . ". أخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان 5 / 5) ، وصححه ابن حجر في نتائج الأفكار (1 / 379) .
(54) الفتوحات الربانية 2 / 272، 273، وكشاف القناع 1 / 354.
(55) حديث: " إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا. . . " أخرجه مسلم (1 / 348) من حديث ابن عباس.
(56) حديث أبي هريرة: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد. . . ". أخرجه مسلم (1 / 350) .
(57) المغني 1 / 522، وجواهر الإكليل 1 / 51، وحاشية القليوبي على شرح المحلي 1 / 173.
(58) إحياء علوم الدين 1 / 550، والفروع وتصحيح الفروع 1 / 455، وكشاف القناع 1 / 366 - 368، والفتوحات الربانية 3 / 28، 29، وتحفة الذاكرين ص 69، وزاد المعاد في هدي خير العباد 1 / 257، 258 نشر مؤسسة الرسالة، وفتح الباري 11 / 133.
(59) حديث مسلم بن الحارث: " إذا انصرفت. . . ". أخرجه أبو داود (5 / 318 - 319) ، وأشار ابن حجر في التهذيب (10 / 126) إلى تضعيفه.
(60) حديث أبي أمامة: " قيل: يا رسول الله، أي الدعاء أسمع؟ . . . ". أخرجه الترمذي (5 / 527) ، وأعله ابن حجر في نتائج الأفكار (2 / 232) بعدة علل، منها الانقطاع بين أبي أمامة والراوي عنه.
(61) حديث العرباض بن سارية: " من صلى صلاة فريضة فله دعوة مستجابة. . . ". أخرجه الطبراني في معجمه الكبير (18 / 259) ، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (8 / 172) وقال: فيه عبد الحميد بن سليمان، وهو ضعيف.
(62) سورة البقرة / 186.
(63) تفسير ابن كثير 1 / 219، والأذكار وشرحه الفتوحات الربانية 4 / 338.
(64) حديث عبد الله بن عمرو: " للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة ". أخرجه الطيالسي في مسنده (ص 229) .
(65) حديث: " إن للصائم عند فطره دعوة لا تُرَدّ ". أخرجه ابن ماجه (1 / 557) ، وأشار ابن القيم في زاد المعاد (2 / 52) إلى تضعيفه.
(66) تحفة الذاكرين ص 42، 43، طبعة دار الكتاب العربي.
(67) حديث عمران بن حصين: " من قرأ القرآن فليسأل الله به. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 179) وقال: حديث حسن.
(68) حديث العرباض بن سارية: " من ختم القرآن فله دعوة مستجابة ". تقدًّم تخريجه في الفقرة رقم (15) .
(69) حديث: " ثلاث دعوات مستجابات. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 502) من حديث أبي هريرة، وقال: حديث حسن
(70) تحفة الذاكرين ص 68، والفتوحات الربانية 5 / 137.
(71) تحفة الذاكرين ص 76، والفتوحات الربانية 2 / 149، 150.
(72) حديث: " ساعتان تفتح فيهما أبواب السماء. . . ". أخرجه ابن حبان (الإحسان 5 / 5) ، وصححه ابن حجر في نتائج الأفكار (1 / 379) ، وأخرج الرواية الثانية أبو داود (3 / 45) .
(73) حديث: " اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش. . . ". أخرجه الشافعي في الأم (1 / 253) من حديث مكحول مرسلاً.
(74) حديث: " لا يقعد قوم يذكرون الله إلاَّ حفتهم الملائكة. . . ". أخرجه مسلم (4 / 2074) من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري.
(75) حديث: " إن الله يقول لملائكته: قد غفرت لهم. . . ". أخرجه مسلم (4 / 2070) من حديث أبي هريرة.
(76) حديث أم عطية: " يشهدن الخير. . . ". أخرجه البخاري (3 / 470 فتح الباري) ، ومسلم (2 / 606) ، واللفظ المذكور لمسلم.
(77) تحفة الذاكرين ص 71
(78) تحفة الذاكرين ص 47.
(79) حديث أبي الدرداء: " دعوة المرء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب. . . ". أخرجه مسلم (4 / 2094) .
(80) حديث أبي هريرة: " ثلاث دعوات مستجابات: دعوة المظلوم. . . ". تقدم تخريجه فقرة (18) .
(81) الفتوحات الربانية 5 / 137.
(82) حديث أبي هريرة: " دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرًا. . . ". أخرجه أحمد (2 / 367) ، وحسن إسناده الهيثمي في مجمع الزوائد (10 / 151) .
(83) حديث ابن عباس: " واتق دعوة المظلوم. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 8 / 64) ، ومسلم (1 / 50) واللفظ لمسلم.
(84) حديث أبي هريرة: " دعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام. . . ". أخرجه الترمذي (5 / 578) وقال: حديث حسن.
(85) سورة النحل / 66.
(86) سورة الأنبياء / 87 - 88.
(87) تحفة الذاكرين ص 75.
(88) حديث: " اطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش. . . ". أخرجه الشافعي في الأم (1 / 253) من حديث مكحول مرسلاً.
(89) الأذكار للنووي ص 154، والفتوحات الربانية 4 / 288.
(90) تحفة الذاكرين ص 71.
(91) حديث سهل بن سعد: " وتحت المطر. . . ". أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (3 / 260) .
(92) حديث عمر بن الخطاب: " إذا دخلت على مريض فمره فليدعُ لك. . . ". أخرجه ابن ماجه (1 / 463) ، وأعله النووي في الأذكار (ص 243) بالانقطاع بين عمر بن الخطاب والراوي عنه.
(93) الفتوحات الربانية 4 / 92.
(94) حديث: " يقول الله: من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 11 / 340 - 341) من حديث أبي هريرة.
(95) الجواب الكافي لابن القيم ص 263، دار الفرقان 1413 هـ، وانظر فتح الباري 11 / 345.
(96) الجواب الكافي ص 26.
(97) حديث بريدة: " أن رسول الله ﷺ سمع رجلاً يدعو وهو يقول. . . ". أخرجه الترمذي (6 / 516) وقال: حسن غريب.
(98) حديث أنس بن مالك: " أنه كان مع رسول الله ﷺ ورجل يصلي. . . ". أخرجه النسائي (3 / 52) ، والحاكم (1 / 504) ، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 219/ 39