الحفيظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...
وادٍ بَيْنَ مِنَى وَمُزْدَلِفَةَ . سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيلَ أَبْرَهَةَ كَلَّ فِيهِ، وَأَعْيَا، فَحَسَّرَ أَصْحَابَهُ بِفِعْلِهِ، وَأَوْقَعَهُمْ فِي الْحَسَرَاتِ . ومن شواهده حديث جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - أَوْضَعَ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ . الترمذي :886، وصححه .
وادٍ بين مِنَى ومُزْدَلِفَةَ، وليس داخِلاً فِيهِما.
وادِي مُحَسِّرٍ: أَحَدُ أَوْدِيَةِ مَكَّةَ الـمُكَرَّمَةِ، ويُقالُ لَهُ أيضاً: مُـحَسِّرٌ، وهو مَوْضِعٌ بين مِنَى ومُزْدَلِفَةَ، وهو ليس مِن مُزْدَلِفَةَ ولا مِنى، يَبْلُغُ طُولُهُ: خَمْسمِائَةِ ذِراعٍ وخَمْسا وأَرْبعينَ ذِراعاً، أي: قُرابَة كِيلُومِتْرينِ، وأمّا عَرْضُهُ: فما بين عَشْرَة إلى عِشْرِينَ مِتْراً.
وادٍ بَيْنَ مِنَى وَمُزْدَلِفَةَ. سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيلَ أَبْرَهَةَ كَلَّ فِيهِ، وَأَعْيَا، فَحَسَّرَ أَصْحَابَهُ بِفِعْلِهِ، وَأَوْقَعَهُمْ فِي الْحَسَرَاتِ.
* تحرير ألفاظ التنبيه : (ص 156)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 234)
* معجم البلدان : (5/62)
* مواهب الجليل في شرح مختصر خليل : (3/127)
* الـمغني لابن قدامة : (3/378) -
التَّعْرِيفُ:
1 - هَذَا الْمُصْطَلَحُ مُرَكَّبٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ: الأُْولَى: وَادِي، وَالثَّانِيَةُ: مُحَسِّرٍ. وَنُعَرِّفُ كُلًّا مِنْهُمَا ثُمَّ نُبَيِّنُ الْمَقْصُودَ بِوَادِي مُحَسِّرٍ.
أ - فَالْوَادِي لُغَةً: مَأْخُوذٌ مِنْ وَدِيَ الشَّيْءُ إِذْ سَال، وَهُوَ كُل مُنْفَرِجٍ بَيْنَ جِبَالٍ أَوْ آكَامٍ يَكُونُ مَنْفَدًا لِلسَّيْل، وَالْجَمْعُ أَوْدِيَةٌ.
ب - وَالْمُحَسِّرُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْفِعْل حَسَّرْتُهُ بِالتَّثْقِيل: أَوْقَعْتُهُ فِي الْحَسْرَةِ، وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُشَدَّدَةِ وَبِالرَّاءِ: مَوْضِعٌ فَاصِلٌ بَيْنَ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ، وَسُمِّيَ مُحَسِّرًا بِذَلِكَ لأَِنَّ فِيل أَبَرْهَةَ كَل فِيهِ وَأَعْيَا، فَحَسَّرَ أَصْحَابَهُ بِفِعْلِهِ، وَأَوْقَعَهُمْ فِي الْحَسَرَاتِ، وَيُسَمَّى وَادِيَ النَّارِ لأَِنَّ رَجُلاً صَادَ فِيهِ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ نَارٌ فَأَحْرَقَتْهُ (1) . وَفِي الاِصْطِلاَحِ: وَادِي مُحَسِّرٍ مَوْضِعٌ فَاصِلٌ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى لَيْسَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، قَال الْكَمَال مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: أَوَّل مُحَسِّرٍ مِنَ الْقَرْنِ الْمُشْرِفِ مِنَ الْجَبَل الَّذِي عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إِلَى مِنًى، وَآخِرُهُ أَوَّل مِنًى (2) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِوَادِي مُحَسِّرٍ
يَتَعَلَّقُ بِوَادِي مُحَسِّرٍ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
أ - إِسْرَاعُ الْحَاجِّ فِي سَيْرِهِ عِنْدَ بُلُوغِهِ وَادِيَ مُحَسِّرٍ:
2 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْحُجَّاجِ إِذَا دَفَعُوا مِنْ مُزْدَلِفَةَ أَنْ يَقِفُوا عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ إِلَى الإِْسْفَارِ يَذْكُرُونَ اللَّهَ وَيَدْعُونَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ثُمَّ يَسِيرُونَ قَبْل طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى مِنًى بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ، فَإِذَا بَلَغُوا وَادِيَ مُحَسِّرٍ يُسْتَحَبُّ لَهُمُ الإِْسْرَاعُ رَاكِبِينَ أَوْ مَاشِينَ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ، فَإِنْ كَانَ مَاشِيًا أَسْرَعَ، وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا حَرَّكَ دَابَّتَهُ قَلِيلاً حَتَّى يَقْطَعُوا عَرْضَ الْوَادِي لِلاِتِّبَاعِ فِي الرَّاكِبِ وَقِيَاسًا عَلَيْهِ فِي الْمَاشِي؛ لأَِنَّ جَابِرًا - ﵁ - قَال فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ ﷺ، حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ نَاقَتَهُ قَلِيلاً (3) .
كَمَا قَال بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: لِنُزُول الْعَذَابِ عَلَى أَصْحَابِ الْفِيل فِيهِ الْقَاصِدِينَ هَدْمَ الْكَعْبَةِ؛ وَلأَِنَّ النَّصَارَى كَانَتْ تَقِفُ فِيهِ فَأُمِرْنَا بِمُخَالَفَتِهِمْ، وَلأَِنَّ رَجُلاً اصْطَادَ فِيهِ فَنَزَلَتْ نَارٌ أَحْرَقَتْهُ فَهُوَ لِكَوْنِهِ مَحَل نُزُول عَذَابٍ كَدِيَارِ ثَمُودَ الَّتِي صَحَّ أَمْرُهُ ﷺ لِلْمَارِّينَ بِهَا أَنْ يُسْرِعُوا لِئَلاَّ يُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَ أَهْلَهَا، وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي الإِْسْرَاعُ فِيهَا لِغَيْرِ الْحَاجِّ (4) .
ب - دُعَاءُ الْمَارِّ بِوَادِي مُحَسِّرٍ:
3 - نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَقُول الْمَارُّ فِي وَادِي مُحَسِّرٍ مَا كَانَ يَقُول عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - ﵁ - عِنْدَ الْمُرُورِ فِيهِ.
رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ يَقُول:
إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا:
مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا (5) .
قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: مَعْنَاهُ أَنَّ نَاقَتِي تَعْدُو إِلَيْكَ مُسْرِعَةً فِي طَاعَتِكَ قَلِقًا وَضِينُهَا - وَالْوَضِينُ حَبْلٌ كَالْحِزَامِ - مِنْ كَثْرَةِ السَّيْرِ وَالإِْقْبَال التَّامِّ وَالاِجْتِهَادِ الْبَالِغِ فِي طَاعَتِكَ.
وَبَعْدَ قَطْعِهِمُ الْوَادِي يَسِيرُونَ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ (6) .
ج - الْوُقُوفُ بِوَادِي مُحَسِّرٍ:
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ وَادِيَ مُحَسِّرٍ لَيْسَ مِنْ مِنًى وَلاَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ، وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ بَطْنَ مُحَسِّرٍ لَيْسَ مَكَانَ الْوُقُوفِ كَبَطْنِ عَرَفَةَ فِي عَرَفَاتٍ، فَلَوْ وَقَفَ فِيهِمَا فَقَطْ لاَ يُجْزِئُهُ، كَمَا لَوْ وَقَفَ فِي مِنًى، سَوَاءٌ قُلْنَا: إِنَّ عُرَنَةَ وَمُحَسِّرًا مِنْ عَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ أَوْ لاَ؟ لِقَوْلِهِ ﷺ: عَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ عُرَنَةَ، وَالْمُزْدَلِفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ، وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ مَحَسِّرٍ (7) .
إِلاَّ أَنَّهُ نَصَّ فِي الْبَدَائِعِ عَلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ النُّزُول فِيهِ، وَلَوْ وَقَفَ فِيهِ أَجْزَأَ.
قَال الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ: وَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ مَشْهُورٍ مِنْ كَلاَمِ الأَْصْحَابِ، بَل الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلاَمُهُمْ عَدَمُ الإِْجْزَاءِ (1)
. وَقَال الشَّرْوَانِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّ وَادِيَ مُحَسِّرٍ لَيْسَ مِنْ مِنًى، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ مِنْ مِنًى؛ وَلِهَذَا قَال الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: إِنَّ فِي حَدِيثِ الْفَضْل بْنِ عَبَّاسٍ - ﵁ - مَا يَدُل عَلَى أَنَّ وَادِيَ مُحَسِّرٍ مِنْ مِنًى (2) ، وَنَقَل صَاحِبُ الْمَطَالِعِ مَا يَدُل عَلَى أَنَّ بَعْضَهُ مِنْ مِنًى وَبَعْضَهُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ، وَصَوَّبَ ذَلِكَ (3) .
__________
(1) الْمِصْبَاح الْمُنِير، ومغني الْمُحْتَاج 1 / 501، وابن عَابِدِينَ 2 / 176 - 717، حاشية الْقَلْيُوبِيّ 2 / 117.
(2) فَتْح الْقَدِير 2 / 483 - 484 ط دَار الْفِكْرِ، ومواهب الْجَلِيل 3 / 125، وكشاف الْقِنَاع 2 / 499.
(3) حَدِيث: جَابِر فِي صِفَة حَجّ النَّبِيِّ ﷺ. أَخْرَجَهُ مُسْلِم (2 / 891 - ط الْحَلَبِيّ) .
(4) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 2 / 179، وتبيين الْحَقَائِق 2 / 30، والبحر الرَّائِق 2 / 368، وحاشية الدُّسُوقِيّ 2 / 45، وجواهر الإِْكْلِيل 1 / 181، ومغني الْمُحْتَاج 1 / 501، وتحفة الْمُحْتَاج 4 / 117، والقليوبي 2 / 117 والمغني لاِبْنِ قُدَامَةَ 3 / 424.
(5) أَثَرُ عُمَرَ: " إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا ". أَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الأُْمِّ (2 / 213 - نَشْرُ دَارِ الْمَعْرِفَة) وَالْبَيْهَقِيّ فِي السُّنَنِ (5 / 126 - ط دَائِرَة الْمَعَارِفِ الْعُثْمَانِيَّة) .
(6) مُغْنِي الْمُحْتَاج 1 / 501، حاشية قليوبي 2 / 117، والمغني 3 / 424 ومطالب أُولِي النُّهَى 2 / 418.
(7) حَدِيث: " عَرَفَة كُلّهَا مَوْقِف. . . ". أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيّ فِي مُشْكِل الأُْثَّار (3 / 229 - ط الرِّسَالَة) والحاكم مُخْتَصَرًا (1 / 462) مِنْ حَدِيثِ ابْن عَبَّاسٍ، وَقَال: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرْط مُسْلِم وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيّ.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 343/ 42