الأحد
كلمة (الأحد) في اللغة لها معنيانِ؛ أحدهما: أولُ العَدَد،...
المَوْلُودُ مع غَيْرِه في بَطْنٍ مِنَ الاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ ذَكَرًا كان أو أُنْثَى أو ذَكَرًا وأُنْثَى، وَأَصْلُ كَلِمَةِ تَوْأَمٍ: وَوْأَمٌ، فَقُلِبَتْ الوَاوُ تَاءً، وقَدْ أَتْأَمَتِ المَرْأَةُ فَهِيَ مُتْئِمٌ إِذَا وَلَدَتْ تَوْأَمًا، وَتَاءَمَ أَخَاهُ أَيْ وُلِدَ مَعَهُ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ، فَهُوَ تَئِمْهُ وَتَوْأَمُهُ وَتَئِيمُهُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الوِئَامِ وَهُوَ الـمُوافَقَةُ وَالمُقَارَبَةُ، يُقالُ: وَاءَمَ الشَّيْءُ الشَّيْءَ يُوائِمُ مُوَاءَمَةً أَيْ وَافَقَهُ وَقَارَبَهُ، وَتَوَاءَمَ الرَّجُلاَنِ أَيْ تَوَافَقَا، وَكُلُّ شَيْئَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ مَعًا فَهُمَا تَوْأَمٌ، وتَوَائِمِ النُّجُومِ: مَا تَشابَكَ مِنْهَا، وَتَاءَمَ الثَّوْبَ أي نَسَجَهُ عَلَى خَيْطَيْنِ، ويُقال: تَوْأَمٌ للذَّكَرِ، والأُنْثَى تَوْأَمَةٌ، وَالـمُثَنَّى تَوْأَمَانِ، والجَمْعُ تَوَائِمٌ.
يُطْلَقُ مُصْطَلَحُ (التَّوْأَمِ) فِي الفِقْهِ فِي أَبْوابٍ أُخْرَى مِنْهَا: كِتابُ الطَّهَارَةِ فِي بَابِ مُدَّةِ النِّفَاسِ ، وَكِتَابُ النِّكَاحِ فِي بَابِ اللِعانِ ، وَكِتَابِ الفَرَائِضِ فِي بَابِ مِيراثِ الحَمْلِ ، وَكِتَابِ الدِّيَّاتِ فِي بَابِ دِيَّةِ الجَنِينِ.
تأم
* التعريفات للجرجاني : ص95 - كشاف القناع : 5 /395 - تهذيب اللغة : 14 /240 - المحكم والمحيط الأعظم : 9 /515 - لسان العرب : 12 /61 - لسان العرب : 12 /61 - المغرب في ترتيب المعرب : ص58 - شمس العلوم : 2 /796 -
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّوْأَمُ لُغَةً: اسْمٌ لِوَلَدٍ يَكُونُ مَعَهُ آخَرُ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ، وَلاَ يُقَال تَوْأَمٌ إِلاَّ لأَِحَدِهِمَا، وَيُقَال لِلأُْنْثَى تَوْأَمَةٌ، وَالْوَلَدَانِ تَوْأَمَانِ، وَالْجَمْعُ تَوَائِمُ.
وَأَتْأَمَتِ الْمَرْأَةُ وَضَعَتِ اثْنَيْنِ مِنْ حَمْلٍ وَاحِدٍ فَهِيَ مُتْئِمٌ (1) .
جَاءَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ: أَنَّ التَّوْأَمَ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ الْمَوْلُودُ مَعَ غَيْرِهِ فِي بَطْنٍ مِنَ الاِثْنَيْنِ إِلَى مَا زَادَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ ذَكَرًا مَعَ أُنْثَى (2) .
وَاصْطِلاَحًا: قَال الْجُرْجَانِيُّ: التَّوْأَمَانِ هُمَا وَلَدَانِ مِنْ بَطْنٍ وَاحِدٍ بَيْنَ وِلاَدَتِهِمَا أَقَل مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ (3) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالتَّوَائِمِ:
ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ التَّوَائِمِ فِي عِدَّةِ مَوَاطِنَ وَهِيَ كَمَا يَلِي: فِي النِّفَاسِ:
2 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الدَّمِ الْخَارِجِ بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ، أَوِ التَّوَائِمِ، أَهُوَ دَمُ نِفَاسٍ، أَمِ اسْتِحَاضَةٍ، أَمْ حَيْضٍ؟
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ - وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - إِلَى أَنَّ نِفَاسَ أُمِّ التَّوْأَمَيْنِ أَوِ التَّوَائِمِ يَبْدَأُ مِنَ الأَْوَّل؛ لأَِنَّ مَا بَعْدَ وِلاَدَةِ الْوَلَدِ الأَْوَّل دَمٌ بَعْدِ وِلاَدَةٍ، فَكَانَ نِفَاسًا كَالْمُنْفَرِدِ.
فَإِنْ تَخَلَّل بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ النِّفَاسِ وَهُوَ - أَرْبَعُونَ يَوْمًا - عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَسِتُّونَ يَوْمًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ لَمْ يَكُنْ مَا بَعْدَهُ نِفَاسًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، بَل هُوَ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ وَفَسَادٍ، وَلاَ نِفَاسَ مِنَ الثَّانِي لأَِنَّهُ تَبَعٌ لِلأَْوَّل. رُوِيَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ قَال لأَِبِي حَنِيفَةَ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا قَال: هَذَا لاَ يَكُونُ. قَال: فَإِنْ كَانَ قَال: لاَ نِفَاسَ لَهَا مِنَ الثَّانِي وَلَكِنَّهَا تَغْتَسِل وَقْتَ أَنْ تَضَعَ الثَّانِيَ وَتُصَلِّيَ ( x661 ;) .
أَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَإِنْ تَخَلَّل بَيْنَ وِلاَدَةِ التَّوْأَمَيْنِ أَقَل مِنْ سِتِّينَ يَوْمًا فَنِفَاسٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ تَخَلَّل بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ النِّفَاسِ وَهُوَ سِتُّونَ يَوْمًا فَنِفَاسَانِ، وَتَسْتَأْنِفُ لِلثَّانِي نِفَاسًا مُبْتَدَأً إِذَا كَانَ بَيْنَ الأَْوَّل وَالثَّانِي سِتَّةُ أَشْهُرٍ الَّتِي هِيَ أَقَل مُدَّةِ الْحَمْل لأَِنَّهَا وِلاَدَةٌ ثَانِيَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ. وَقَال بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ: إِنَّ بِدَايَةَ النِّفَاسِ تَكُونُ مِنَ الأَْوَّل وَنِهَايَتَهُ تَكُونُ مِنَ الثَّانِي؛ لأَِنَّ الثَّانِيَ وُلِدَ فَلاَ تَنْتَهِي مُدَّةُ النِّفَاسِ قَبْل انْتِهَائِهَا مِنْهُ، فَعَلَى هَذَا تَزِيدُ مُدَّةُ النِّفَاسِ عَلَى الأَْرْبَعِينَ فِي حَقِّ مَنْ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ أَوْ أَكْثَر.
وَذَهَبَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَآخَرُونَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الْقَدِيمُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ إِلَى أَنَّ النِّفَاسَ يَبْدَأُ مِنَ الثَّانِي فَقَطْ؛ لأَِنَّ مُدَّةَ النِّفَاسِ تَتَعَلَّقُ بِالْوِلاَدَةِ فَكَانَ ابْتِدَاؤُهَا وَانْتِهَاؤُهَا مِنَ الثَّانِي، وَعَلَى هَذَا فَمَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ مِنَ الدَّمِ قَبْل وِلاَدَةِ الثَّانِي أَوِ الأَْخِيرِ مِنَ التَّوَائِمِ لاَ يَكُونُ نِفَاسًا، وَإِنَّمَا يَكُونُ اسْتِحَاضَةً.
أَمَّا الْجَدِيدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّ الدَّمَ الْخَارِجَ بَيْنَ التَّوْأَمَيْنِ أَوِ التَّوْأَمِ حَيْضٌ، وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ (4) .
فِي اللِّعَانِ وَالنَّسَبِ:
3 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَلْحَقَ الرَّجُل أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ أَوِ التَّوَائِمِ وَنَفَى الآْخَرَ لَحِقُوا بِهِ؛ لأَِنَّ الْحَمْل الْوَاحِدَ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ مِنْهُ وَبَعْضُهُ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ نَسَبُ أَحَدِهِمَا مِنْهُ ثَبَتَ نَسَبُ الآْخَرِ ضَرُورَةً بِجَعْل مَا نَفَاهُ تَابِعًا لِمَا اسْتَلْحَقَهُ؛ لأَِنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لإِِثْبَاتِهِ لاَ لِنَفْيِهِ. وَإِنْ اسْتَلْحَقَ أَحَدَهُمَا وَسَكَتَ عَنِ الآْخَرِ لَحِقَ بِهِ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ، لأَِنَّهُ لَوْ نَفَاهُ لَلَحِقَهُ، فَإِذَا سَكَتَ كَانَ أَوْلَى.
وَإِنْ نَفَى أَحَدَهُمَا وَسَكَتَ عَنِ الآْخَرِ لَحِقَا بِهِ جَمِيعًا؛ لأَِنَّ حَقَّ النَّسَبِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ، وَهُوَ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الإِْمْكَانِ (5) .
4 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا لَوْ أَتَتِ الْمَرْأَةُ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ بَعْدَ الْوِلاَدَةِ بِاللِّعَانِ، ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ تَوْأَمًا لِلأَْوَّل بِأَنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُدَّةٌ أَقَل مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ.
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْوَلَدَ الثَّانِيَ لاَ يَنْتَفِي بِاللِّعَانِ الأَْوَّل؛ لأَِنَّهُ تَنَاوَل الْوَلَدَ الأَْوَّل وَحْدَهُ.
فَإِذَا أَرَادَ نَفْيَ الثَّانِي فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ آخَرَ، وَلاَ يَحْتَاجُ فِي اللِّعَانِ الثَّانِي إِلَى إِعَادَةِ ذِكْرِ الْوَلَدِ الأَْوَّل.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ اللِّعَانَ الأَْوَّل لِعَانٌ فِي حَقِّ الثَّانِي لأَِنَّهُمَا مِنْ حَمْلٍ وَاحِدٍ. وَلَكِنِ الْفُقَهَاءُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالْوَلَدِ الثَّانِي بَعْدَ نَفْيِهِ لِلْوَلَدِ الأَْوَّل لَحِقَهُ الثَّانِي وَالأَْوَّل، وَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ؛ لأَِنَّهُ أَكْذَبَ نَفْسَهُ؛ لأَِنَّ الإِْقْرَارَ بِثُبُوتِ نَسَبِ بَعْضِ الْحَمْل إِقْرَارٌ بِالْكُل.
وَكَذَا إِنْ سَكَتَ بَعْدَ وِلاَدَةِ الْوَلَدِ الثَّانِي وَلَمْ يَنْفِهِ لَحِقَاهُ جَمِيعًا، إِلاَّ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الأَْخِيرَةِ لَيْسَ عَلَيْهِ حَدٌّ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُنَاقِضْ قَوْلَهُ الأَْوَّل، وَلُحُوقُ الْوَلَدِ الأَْوَّل بِهِ هُوَ حُكْمُ الشَّرْعِ (6) .
5 - وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَيِّتِ مِنَ التَّوْأَمَيْنِ هَل يَحِقُّ لِلرَّجُل أَنْ يَنْفِيَهُ أَمْ لاَ؟
فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُلاَعِنَ لِنَفْيِ الْمَيِّتِ مِنَ التَّوْأَمَيْنِ أَوِ التَّوَائِمِ، كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يُلاَعِنَ لِنَفْيِ الْحَيِّ مِنْهُمَا وَلِنَفْيِ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ جَمِيعًا؛ لأَِنَّ نَسَبَهُ لاَ يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ، بَل يُقَال مَاتَ وَلَدُ فُلاَنٍ، وَهَذَا قَبْرُ وَلَدِ فُلاَنٍ؛ وَلأَِنَّ عَلَيْهِ مُؤْنَةَ تَجْهِيزِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ نَفَاهُمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ قُتِل قَبْل اللِّعَانِ لَزِمَهُ نَسَبُهُمَا؛ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ نَفْيُ الْمَيِّتِ، لاِنْتِهَائِهِ بِالْمَوْتِ وَاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ.
قَال الْكَاسَانِيُّ: وَمِنْهَا (أَيْ شُرُوطِ اللِّعَانِ) أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ حَيًّا وَقْتَ قَطْعِ النَّسَبِ وَهُوَ وَقْتُ التَّفْرِيقِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لاَ يُقْطَعُ نَسَبُهُ مِنَ الأَْبِ حَتَّى لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَمَاتَ ثُمَّ نَفَاهُ الزَّوْجُ يُلاَعِنُ وَيَلْزَمُهُ الْوَلَدُ؛ لأَِنَّ النَّسَبَ يَتَقَرَّرُ بِالْمَوْتِ فَلاَ يُحْتَمَل الاِنْقِطَاعُ.
وَإِذَا لَمْ يَنْتِفِ الْمَيِّتُ مِنَ التَّوْأَمَيْنِ لَمْ يَنْتِفِ الْحَيُّ مِنْهُمَا لأَِنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ، وَعَلَيْهِ فَيَلْزَمُهُ نَسَبُ الْحَيِّ، وَلَهُ أَنْ يُلاَعِنَ لِنَفْيِ الْحَدِّ عَنْهُ (7) . وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا نَفَى الْحَمْل بِاللِّعَانِ وَوَضَعَتِ الْمَرْأَةُ تَوْأَمَيْنِ أَوْ تَوَائِم انْتَفَوْا بِاللِّعَانِ جَمِيعًا، سَوَاءٌ وُلِدُوا مُتَعَاقِبِينَ أَوْ تَخَلَّلَتْ بَيْنَهُمْ فَتْرَةٌ تَقِل عَنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لأَِنَّهُ لاَعَنَ عَنِ الْحَمْل، وَالْحَمْل اسْمٌ لِجَمِيعِ مَا فِي الْبَطْنِ (8) .
فِي الإِْرْثِ:
6 - تَطَرَّقَ عُلَمَاءُ الْفَرَائِضِ فِي أَبْوَابِ إِرْثِ الْحَمْل إِلَى مَسْأَلَتَيْنِ تَتَعَلَّقَانِ بِالتَّوَائِمِ:
الأُْولَى: افْتِرَاضُ الْحَمْل بِأَنَّهُ تَوْأَمَانِ أَوْ تَوَائِمُ عَمَلاً بِالأَْحْوَطِ فِي حَقِّهِ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَدَدِ الَّذِي يُفْتَرَضُ مِنَ التَّوَائِمِ: فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يُوقَفُ نَصِيبُ تَوْأَمَيْنِ مِنَ التَّرِكَةِ؛ لأَِنَّ وِلاَدَةَ التَّوْأَمَيْنِ كَثِيرَةٌ وَمُعْتَادَةٌ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِمَا نَادِرٌ، فَلاَ يُوقَفُ لِمَا زَادَ شَيْءٌ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ - إِنَّ الْحَمْل لاَ يَتَقَدَّرُ بِعَدَدٍ وَلاَ يَتَحَدَّدُ بِحَدٍّ مُعَيَّنٍ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ، فَيُوقَفُ الْمَال كُلُّهُ إِذَا كَانَ مِنَ الْمُمْكِنِ أَنْ يُحْجَبَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ بِالتَّوَائِمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُمْكِنِ حَجْبُهُمْ وَهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الْفَرَائِضِ الْمُقَدَّرَةِ أُعْطِيَ لَهُمْ حَظُّهُمْ مِنَ التَّرِكَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ نَصِيبٌ مَفْرُوضٌ لَمْ يُعْطَوْا شَيْئًا حَتَّى تَضَعَ الْحَامِل (9) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: فِي الْمَرْجُوحِ يُوقَفُ نَصِيبُ أَرْبَعَةِ أَوْلاَدٍ ذُكُورٍ.
وَالتَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِرْثٌ) .
الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ: إِذَا وَلَدَتِ الْحَامِل بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ تَوْأَمَيْنِ فَاسْتَهَل أَحَدُهُمَا وَمَاتَا وَلَمْ يُعْلَمِ الْمُسْتَهِل بِعَيْنِهِ، فَإِنْ كَانَا ذَكَرَيْنِ، أَوْ أُنْثَيَيْنِ، أَوْ ذَكَرًا وَأُنْثَى، لاَ يَخْتَلِفُ مِيرَاثُهُمَا فَلاَ فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَا ذَكَرًا وَأُنْثَى يَخْتَلِفُ مِيرَاثُهُمَا، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِمَا:
فَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: ذَهَبَ الْفَرَضِيُّونَ إِلَى أَنْ تُعْمَل الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْحَالَيْنِ وَيُعْطَى كُل وَارِثٍ الْيَقِينَ، وَيُوقَفُ الْبَاقِي حَتَّى يَصْطَلِحُوا عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَيُحْتَمَل أَنْ يُقْسَمَ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ الاِحْتِمَال (10) .
وَالتَّفَاصِيل فِي مُصْطَلَحِ (إِرْثٌ) .
فِي الْعِدَّةِ:
7 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْحَامِل بِانْفِصَال جَمِيعِ الْوَلَدِ إِذَا كَانَ الْحَمْل وَاحِدًا وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ إِذَا كَانَ الْحَمْل اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَر. فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ عِدَّتَهَا لاَ تَنْقَضِي إِلاَّ بِوَضْعِ آخِرِ التَّوَائِمِ؛ لأَِنَّهَا لاَ تَكُونُ وَاضِعَةً لِحَمْلِهَا مَا لَمْ يَخْرُجْ كُلُّهُ، وَالْحَمْل اسْمٌ لِلْجَمِيعِ.
وَذَهَبَ عِكْرِمَةُ وَأَبُو قِلاَبَةَ إِلَى أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِأَوَّل التَّوَائِمِ، وَلَكِنَّهَا لاَ تَتَزَوَّجُ حَتَّى تَضَعَ الأَْخِيرَ مِنَ التَّوَائِمِ (11) .
فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَنِينِ:
8 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ حَامِلٍ فَأَلْقَتْ جَنِينَيْنِ أَوْ أَجِنَّةً فَفِي كُل وَاحِدٍ غُرَّةٌ لأَِنَّهُ ضَمَانُ آدَمِيٍّ فَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهِ.
وَإِنْ أَلْقَتْهُمْ أَحْيَاءَ فِي وَقْتٍ يَعِيشُونَ فِي مِثْلِهِ، ثُمَّ مَاتُوا فَفِي كُل وَاحِدٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ. وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ حَيًّا فَمَاتَ، وَبَعْضُهُمْ مَيِّتًا، فَفِي الْحَيِّ دِيَةٌ، وَفِي الْمَيِّتِ غُرَّةٌ.
وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ هَذَا إِذَا مَاتَ عَاجِلاً بَعْدَ الضَّرْبِ، لأَِنَّ مَوْتَهُ بِالْفَوْرِ يَدُل عَلَى أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ضَرْبِ الْجَانِي.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا مَاتَتِ الأُْمُّ الْمَضْرُوبَةُ ثُمَّ خَرَجَا مَيِّتَيْنِ، أَوْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا مَيِّتًا قَبْل مَوْتِ الأُْمِّ، ثُمَّ خَرَجَ الآْخَرُ مَيِّتًا بَعْدَ مَوْتِهَا.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ شَيْءٌ فِي الَّذِي خَرَجَ بَعْدَ مَوْتِ الأُْمِّ، وَهُوَ مَيِّتٌ؛ لأَِنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى أَعْضَاءِ الأُْمِّ، وَسَقَطَ ضَمَانُ أَعْضَائِهَا بِمَوْتِهَا.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى وُجُوبِ غُرَّتَيْنِ فِي اللَّذَيْنِ خَرَجَا مَيِّتِينَ بَعْدَ مَوْتِ الأُْمِّ، وَكَذَلِكَ فِي الَّذِي خَرَجَ مِنْهُمَا بَعْدَ مَوْتِهَا؛ لأَِنَّهُ جَنِينٌ خَرَجَ بِجِنَايَةٍ، فَوَجَبَ ضَمَانُهُ كَاَلَّذِي خَرَجَ قَبْل مَوْتِ الأُْمِّ؛ وَلأَِنَّهُ آدَمِيٌّ مَوْرُوثٌ فَلاَ يَدْخُل فِي ضَمَانِ أُمِّهِ كَمَا لَوْ خَرَجَ حَيًّا فَمَاتَ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ أَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ (12) .
وَأَمَّا وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ أَسْقَطَ أَجِنَّةً خَطَأً.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْجَانِي عَنْ كُل جَنِينٍ مِنَ التَّوَائِمِ؛ لأَِنَّهُ آدَمِيٌّ مَعْصُومٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَل مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (13)
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنْ لاَ كَفَّارَةَ فِي الأَْجِنَّةِ إِنْ خَرَجُوا أَمْوَاتًا، وَلَكِنْ يُنْدَبُ لِلْجَانِي أَنْ يُكَفِّرَ (14) .
__________
(1) المصباح المنير مادة: " توم ".
(2) لسان العرب مادة: " تأم ".
(3) التعريفات للجرجاني ص70.
(4) حاشية ابن عابدين 1 / 200، وجواهر الإكليل 1 / 32، وتحفة المحتاج 1 / 411، 413، ومغني المحتاج 1 / 118، والمغني لابن قدامة 1 / 350، وكشف المخدرات ص50.
(5) حاشية ابن عابدين 2 / 591، وجواهر الإكليل 1 / 380، وروضة الطالبين 8 / 358، وحاشية الباجوري 2 / 171، والمغني لابن قدامة 7 / 419.
(6) حاشية ابن عابدين 2 / 591، وجواهر الإكليل 1 / 380، 384، ومواهب الجليل 4 / 139، وروضة الطالبين 8 / 358، وحاشية الباجوري 2 / 171، والمغني لابن قدامة 7 / 419.
(7) حاشية ابن عابدين 2 / 591، نقلا عن فتح القدير والبدائع للكاساني 3 / 247، وجواهر الإكليل 1 / 380، ومغني المحتاج 3 / 380، والمغني لابن قدامة 7 / 419، وروضة الطالبين 8 / 358
(8) روضة الطالبين 8 / 359.
(9) مغني المحتاج 3 / 28، وحاشبة ابن عابدين 3 / 332، والمغني لابن قدامة 6 / 313.
(10) المغني لابن قدامة 6 / 318.
(11) حاشية ابن عابدين 1 / 200، 2 / 604، وجواهر الإكليل 1 / 387، والقوانين الفقهية ص241، وحاشية الباجوري 2 / 174، والمغني لابن قدامة 7 / 474.
(12) حاشية ابن عابدين 5 / 377، وجواهر الإكليل 2 / 267، والقوانين الفقهية 352، والدسوقي 4 / 269، والمغني لابن قدامة 7 / 802، 806، ومغني المحتاج 4 / 103، 104.
(13) سورة النساء / 92.
(14) حاشية ابن عابدين 5 / 378، ومغني المحتاج 4 / 108، والمغني لابن قدامة 7 / 815.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 102/ 14