الكبير
كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...
القَتْلُ بِواسِطَةِ فِعْلٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ.
القَتْلُ بِسَبَبٍ: هو القَتْلُ غَيْرُ المُباشِرِ والذي انْتَفَى فيه القَصْدُ الجِنائِيُّ، ومَثَّلُوا لَهُ بِمَن يَحْفِرُ بِئْراً في غَيْرِ مُلْكِهِ، أو يَضَعُ حجراً، أو يَرمِي قُشُورَ بِطِّيخٍ في طَرِيقٍ عامٍّ، فَتَتَسَبَّبُ هذه الأفْعالُ غَيْرُ المأْذُونِ بها في قَتْلِ شَخْصٍ ما مِن غير قَصْدِ القَتْلِ من ذلك الشَّخْصِ المُتَعَدِّي بِالفِعْلِ غَيْرِ المَأْذُونِ بِهِ.
* الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) : (7/95)
* شرح مختصر خليل للخرشي : (22/317)
* مغني الـمحتاج فـي شرح الـمنهاج : (4/83)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (6/6)
* أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء : (ص 108)
* التعريفات الفقهية : (ص 171) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْقَتْل بِسَبَبٍ مُرَكَّبٌ مِنْ كَلِمَتَيْنِ، هُمَا: الْقَتْل وَالسَّبَبُ.
وَيُنْظَرُ تَعْرِيفُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مُصْطَلَحِهِ.
وَالْقَتْل بِسَبَبٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هُوَ الْقَتْل نَتِيجَةَ فِعْلٍ لاَ يُؤَدِّي مُبَاشَرَةً إلَى قَتْلٍ، كَحَفْرِ الْبِئْرِ، أَوْ وَضْعِ الْحَجَرِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، وَأَمْثَالِهِمَا، فَيَعْطَبُ بِهِ إنْسَانٌ وَيُقْتَل (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْقَتْل الْعَمْدُ:
2 - الْقَتْل الْعَمْدُ هُوَ قَصْدُ الْفِعْل وَالشَّخْصِ بِمَا يَقْتُل قَطْعًا أَوْ غَالِبًا (2) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْقَتْل الْعَمْدَ يَكُونُ بِفِعْلٍ مُبَاشِرٍ يَقْتُل غَالِبًا، وَالْقَتْل بِسَبَبٍ يَكُونُ بِفِعْلٍ غَيْرِ مُبَاشِرٍ. ب - الْقَتْل شِبْهُ الْعَمْدِ:
3 - الْقَتْل شِبْهُ الْعَمْدِ هُوَ قَصْدُ الْفِعْل وَالشَّخْصِ بِمَا لاَ يَقْتُل غَالِبًا (3) .
وَالْعَلاَقَةُ أَنَّ الْقَتْل شِبْهَ الْعَمْدِ يَكُونُ بِفِعْلٍ مُبَاشِرٍ لاَ يَقْتُل غَالِبًا.
وَالْقَتْل بِسَبَبٍ يَكُونُ بِفِعْلٍ غَيْرِ مُبَاشِرٍ.
ج - الْقَتْل الْخَطَأُ:
4 - هُوَ مَا وَقَعَ دُونَ قَصْدِ الْفِعْل وَالشَّخْصِ، أَوْ دُونَ قَصْدِ أَحَدِهِمَا (4) .
وَالصِّلَةُ أَنَّ الْقَتْل الْخَطَأَ يَقَعُ نَتِيجَةَ فِعْلٍ مُبَاشِرٍ، بِخِلاَفِ الْقَتْل بِسَبَبٍ.
حَالاَتُ الْقَتْل بِسَبَبٍ:
5 - قَسَّمَ الْفُقَهَاءُ الْقَتْل أَقْسَامًا اخْتَلَفُوا فِيهَا، وَمِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ الْقَتْل بِسَبَبٍ، فَاعْتَبَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ قِسْمًا مُسْتَقِلًّا مِنْ أَقْسَامِ الْقَتْل الْخَمْسَةِ عِنْدَهُمْ، لَكِنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ لَمْ يَجْعَلُوهُ قِسْمًا مُسْتَقِلًّا وَإِنَّمَا أَوْرَدُوا أَحْكَامَهُ فِي الأَْقْسَامِ الأُْخْرَى وَمِنْ ذَلِكَ الْحَالاَتُ التَّالِيَةُ:
أ - الإِْكْرَاهُ:
6 - الْقَتْل بِسَبَبِ الإِْكْرَاهِ أَنْ يُكْرِهَ رَجُلاً عَلَى قَتْل آخَرَ فَيَقْتُلَهُ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (إكْرَاهٌ ف 19 وَمَا بَعْدَهَا) .
ب - الشَّهَادَةُ بِالْقَتْل:
7 - إذَا شَهِدَ رَجُلاَنِ عَلَى رَجُلٍ بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ، فَقُتِل بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَا، وَاعْتَرَفَا بِتَعَمُّدِ الْكَذِبِ وَبِعِلْمِهِمَا بِأَنَّ مَا شَهِدَا بِهِ يُقْتَل بِهِ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، فَعَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَأَشْهَبَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، لِمَا رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ رَجُلَيْنِ شَهِدَا عِنْدَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ، فَقَطَعَهُ، ثُمَّ رَجَعَا فِي شَهَادَتِهِمَا، فَقَال عَلِيٌّ: " لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُ أَيْدِيَكُمَا، وَغَرَّمَهُمَا دِيَةَ يَدِهِ، وَلأَِنَّ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الرَّجُل بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ تَوَصَّلاَ إلَى قَتْلِهِ بِسَبَبٍ يَقْتُل غَالِبًا، فَوَجَبَ عَلَيْهِمَا الْقِصَاصُ كَالْمُكْرَهِ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ غَيْرَ أَشْهَبَ لاَ قِصَاصَ عَلَيْهِمَا بَل عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ، لأَِنَّهُ تَسَبُّبٌ غَيْرُ مُلْجِئٍ، فَلاَ يُوجِبُ الْقِصَاصَ، كَحَفْرِ الْبِئْرِ (5) .
ج - حُكْمُ الْحَاكِمِ بِقَتْل رَجُلٍ:
8 - إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ عَلَى شَخْصٍ بِالْقَتْل بِنَاءً عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَاعْتَرَفَ بِعِلْمِهِ بِكَذِبِهِمَا حِينَ الْحُكْمِ أَوِ الْقَتْل دُونَ الْوَلِيِّ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْحَاكِمِ.
وَلَوْ أَنَّ الْوَلِيَّ الَّذِي بَاشَرَ قَتْلَهُ أَقَرَّ بِعِلْمِهِ بِكَذِبِ الشُّهُودِ وَتَعَمُّدِ قَتْلِهِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ (6) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (قِصَاصٌ) .
د - حَفْرُ الْبِئْرِ وَوَضْعُ الْحَجَرِ:
9 - مِنْ صُوَرِ الْقَتْل بِسَبَبٍ حَفْرُ الْبِئْرِ وَنَصْبُ حَجَرٍ أَوْ سِكِّينٍ تَعَدِّيًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِلاَ إذْنٍ، فَإِذَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْجِنَايَةَ وَأَدَّى إلَى قَتْل إنْسَانٍ، فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّهُ قَتْل خَطَأٍ وَمُوجَبَهُ الدِّيَةُ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهُ قَتْلٌ بِسَبَبٍ وَمُوجَبَهُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، لأَِنَّهُ سَبَبُ التَّلَفِ، وَهُوَ مُتَعَدٍّ فِيهِ، وَلاَ كَفَّارَةَ فِيهِ، وَلاَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حِرْمَانُ الْمِيرَاثِ، لأَِنَّ الْقَتْل مَعْدُومٌ مِنْهُ حَقِيقَةً، فَأُلْحِقَ بِهِ فِي حَقِّ الضَّمَانِ، فَبَقِيَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ عَلَى الأَْصْل، وَهُوَ إنْ كَانَ يَأْثَمُ بِالْحَفْرِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ لاَ يَأْثَمُ بِالْمَوْتِ.
أَمَّا إذَا قَصَدَ الْجِنَايَةَ فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّهُ إذَا قَصَدَ هَلاَكَ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، وَهَلَكَ فِعْلاً، فَعَلَى الْفَاعِل الْقِصَاصُ، وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَفِيهِ الدِّيَةُ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ هُوَ شِبْهُ عَمْدٍ، وَمُوجَبُهُ الدِّيَةُ، وَقَدْ يَقْوَى فَيَلْحَقُ بِالْعَمْدِ، كَمَا فِي الإِْكْرَاهِ وَالشَّهَادَةِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إلَى اعْتِبَارِ حَفْرِ الْبِئْرِ شَرْطًا، لأَِنَّهُ لاَ يُؤَثِّرُ فِي الْهَلاَكِ وَلاَ يُحَصِّلُهُ، بَل يَحْصُل التَّلَفُ عِنْدَهُ بِغَيْرِهِ، وَيَتَوَقَّفُ تَأْثِيرُ ذَلِكَ الْغَيْرِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْحَفْرَ لاَ يُؤَثِّرُ فِي التَّلَفِ، وَلاَ يُحَصِّلُهُ وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ التَّخَطِّي فِي صَوْبِ الْحُفْرَةِ، وَالْمُحَصِّل لِلتَّلَفِ التَّرَدِّي فِيهَا وَمُصَادَمَتُهَا، لَكِنْ لَوْلاَ الْحَفْرُ لَمَا حَصَل التَّلَفُ وَلاَ قِصَاصَ فِيهِ (7) .
__________
(1) الاختيار 5 / 22، 26، ورد المحتار 5 / 341 - 342 ط دار إحياء التراث العربي.
(2) مغني المحتاج 4 / 3.
(3) مغني المحتاج 4 / 4.
(4) مغني المحتاج 4 / 4.
(5) المغني لابن قدامة 7 / 646، حاشية الدسوقي 4 / 210، مغني المحتاج 4 / 706، البدائع 2 / 285، وجواهر الإكليل 2 / 246.
(6) المغني لابن قدامة 7 / 646.
(7) تكملة فتح القدير 8 / 253، الاختيار 5 / 26، وحاشية الدسوقي 4 / 243 - 244، مغني المحتاج 4 / 6، كشاف القناع 5 / 513، / 514.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 324/ 32
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".