الحافظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...
يُطْلَقُ مُصْطَلَحُ (قَوْلِ الصَّحَابِي) فِي بَابِ صِيَغِ الأَمْرِ وَالنَّهْيِ ، وَبَابِ أَنواعِ الإِجْمَاعِ ، وَبَابِ الاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ ، وَبَابِ القِيَاسِ.
* إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول : (ص:226)
* البحر المحيط في أصول الفقه : (6 / 53)
* المستصفى : (168/1)
* إعلام الموقعين : (550/5)
* مسلم الثبوت : (158/2)
* روضة الناظر وجنة المناظر : (284/1) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْقَوْل فِي اللُّغَةِ: كُل لَفْظٍ نَطَقَ بِهِ اللِّسَانُ، تَامًّا كَانَ أَوْ نَاقِصًا. وَيُطْلَقُ عَلَى الآْرَاءِ وَالاِعْتِقَادَاتِ، يُقَال: هَذَا قَوْل فُلاَنٍ فِي الْمَسْأَلَةِ أَيْ رَأْيُهُ فِيهَا، وَسَبَبُ تَسْمِيَةِ الآْرَاءِ أَقْوَالاً: أَنَّ الآْرَاءَ تَخْفَى فَلاَ تُعْرَفُ إِلاَّ بِالْقَوْل أَوْ مَا يَقُومُ مُقَامَهُ مِنْ شَاهِدِ الْحَال، فَلَمَّا كَانَتْ لاَ تَظْهَرُ إِلاَّ بِالْقَوْل سُمِّيَتْ قَوْلاً (1) .
وَالْقَوْل اصْطِلاَحًا لاَ يَخْرُجُ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ.
وَالصَّحَابِيُّ فِي اللُّغَةِ مُشْتَقٌّ مِنَ الصُّحْبَةِ وَهِيَ الرُّؤْيَةُ وَالْمُجَالَسَةُ وَالْمُعَاشَرَةُ (2) .
وَالصَّحَابِيُّ اصْطِلاَحًا: مَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ ﷺ مُؤْمِنًا بِهِ وَمَاتَ عَلَى الإِْسْلاَمِ (3) .
وَيُؤْخَذُ مِمَّا سَبَقَ أَنَّ قَوْل الصَّحَابِيِّ: هُوَ مَا نُقِل عَمَّنْ صَحِبَ النَّبِيَّ ﷺ مِنْ قَوْلٍ لَمْ يَرْفَعْهُ إِلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِقَوْل الصَّحَابِيِّ:
2 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الأُْصُولِيِّينَ فِي أَنَّ قَوْل الصَّحَابِيِّ فِي مَسَائِل الاِجْتِهَادِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى صَحَابِيٍّ آخَرَ، مُجْتَهِدًا كَانَ أَوْ إِمَامًا، أَوْ حَاكِمًا أَوْ مُفْتِيًا، وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ الْمَشْهُورُ فِي حُجِّيَّتِهِ عَلَى التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ، وَفِيهِ أَقْوَالٌ (4) :.
الأَْوَّل: أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مُطْلَقًا كَغَيْرِهِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ، وَهُوَ قَوْل الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ جُمْهُورُ الأُْصُولِيِّينَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَيُومِئُ إِلَيْهِ أَحْمَدُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَال عَبْدُ الْوَهَّابِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّهُ الصَّحِيحُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ مَالِكٍ؛ لأَِنَّهُ نَصَّ عَلَى وُجُوبِ الاِجْتِهَادِ وَاتِّبَاعِ مَا يُؤَدِّيهِ إِلَيْهِ صَحِيحُ النَّظَرِ، فَقَال: لَيْسَ فِي اخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ سَعَةٌ، إِنَّمَا هُوَ: خَطَأٌ أَوْ صَوَابٌ.
الثَّانِي: أَنَّهُ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْقِيَاسِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ، وَنُقِل عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ الْقَوْل الْقَدِيمُ لِلشَّافِعِيِّ، وَقَال أَبُو سَعِيدٍ الْبَرْدَعِيُّ: تَقْلِيدُ الصَّحَابِيِّ وَاجِبٌ، يُتْرَكُ بِهِ الْقِيَاسُ، وَأَدْرَكْنَا مَشَايِخَنَا عَلَيْهِ، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: لَيْسَ عَنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ مَذْهَبٌ ثَابِتٌ، وَالْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: إِذَا اجْتَمَعَتِ الصَّحَابَةُ سَلَّمْنَا لَهُمْ، وَإِذَا جَاءَ التَّابِعُونَ زَاحَمْنَاهُمْ -؛ لأَِنَّهُ كَانَ مِنْهُمْ - فَلاَ يَثْبُتُ لَهُمْ بِدُونِ إِجْمَاعٍ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ حُجَّةٌ إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهِ الْقِيَاسُ، فَيُقَدَّمُ حِينَئِذٍ عَلَى قِيَاسٍ لَيْسَ مَعَهُ قَوْل صَحَابِيٍّ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْل الشَّافِعِيِّ الْجَدِيدِ، وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الرِّسَالَةِ. وَقَال: وَأَقْوَال أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا تَفَرَّقُوا نَصِيرُ مِنْهَا إِلَى مَا وَافَقَ الْكِتَابَ، أَوِ السُّنَّةَ أَوِ الإِْجْمَاعَ، أَوْ كَانَ أَصَحَّ فِي الْقِيَاسِ.
وَإِذَا قَال وَاحِدٌ مِنْهُمُ الْقَوْل لاَ يُحْفَظُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْهُمْ لَهُ مُوَافَقَةً وَلاَ خِلاَفًا صِرْتُ إِلَى اتِّبَاعِ قَوْل وَاحِدِهِمْ. إِذَا لَمْ أَجِدْ كِتَابًا، وَلاَ سُنَّةً وَلاَ إِجْمَاعًا وَلاَ شَيْئًا يُحْكَمُ بِحُكْمِهِ أَوْ وُجِدَ مَعَهُ قِيَاسٌ (5) .
الرَّابِعُ: أَنَّهُ حُجَّةٌ إِذَا خَالَفَ الْقِيَاسَ؛ لأَِنَّهُ لاَ مَحْمَل لِمُخَالَفَتِهِ إِلاَّ بِالتَّوْقِيفِ، فَيُعْلَمُ أَنَّهُ مَا قَالَهُ إِلاَّ تَوْقِيفًا، وَقَال ابْنُ بُرْهَانٍ فِي الْوَجِيزِ: وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ، قَال: وَمَسَائِل أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ تَدُل عَلَيْهِ (6) .
وَالتَّفْصِيل فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
__________
(1) لسان العرب.
(2) المصباح المنير ولسان العرب.
(3) الإصابة 1 / 7، فتح الباري 7 / 4، علوم الحديث لابن الصلاح 263.
(4) إرشاد الفحول 226، والبحر المحيط 6 / 53.
(5) الرسالة ص596 ف 1805 في حواره مع صاحبه، وإرشاد الفحول ص226، والبحر المحيط 6 / 53 وما بعدها.
(6) البحر المحيط 6 / 59.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 81/ 34