المقدم
كلمة (المقدِّم) في اللغة اسم فاعل من التقديم، وهو جعل الشيء...
-بِضَمِّ الكِافِ وفَتْحِها، والرَّاءِ المُشَدَّدَةِ المَفْتُوْحَةُ-، ويُقال: الكُرَّاتُ -بالتَّاءِ-: نَباتٌ رَطْبٌ مِن البُقُولِيَّاتِ يُطْبخُ أو يُؤْكَلُ بلا طَبْخٍ، وهو خَبِيثُ الرّائِحَةِ كَرِيهُ العَرَقِ.
يَرِد مُصْطَلَح (كُرّاث) في الفقه في عِدَّة مواطِن، منها: كِتاب الزَّكاةِ، باب: زكاة الزُّروعِ والثِّمار عند الكَلامِ على حُكْمِ زَكاةِ الخضْرَواتِ، وفي كتاب البُيُوعِ عند الكَلامِ على حُكْمِ بَيْعِ المُغَيَّبَاتِ في الأَرْضِ مِن النَّباتاتِ والأَعْشابِ كالكُرَّاثِ، وفي كتاب الطِّبِّ، باب: أحكام التَّداوي عند الكَلامِ على حُكم التَّداوِي بِالكُرَّاثِ، وفي كتاب الأَطْعِمَةِ، باب: ملا يَحلُّ أكله وما لا يَحِلُّ عند الكَلامِ على حُكْمِ أَكْلِ الكُرَّاثِ، وغَيْر ذلك مِن الأبواب.
كرث
* العين : (5/349)
* جمهرة اللغة : (1/422)
* تهذيب اللغة : (10/101)
* التلخيص في معرفة أسماء الأشياء : (ص 296)
* تاج العروس : (5/332)
* البناية شرح الهداية : (3/419)
* التاج والإكليل لمختصر خليل : (2/558)
* مغني الـمحتاج فـي شرح الـمنهاج : (1/236)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (1/498)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (34/225) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْكُرَّاثُ لُغَةً بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ: بَقْلٌ مَعْرُوفٌ خَبِيثُ الرَّائِحَةِ كَرِيهُ الْعَرَقِ.
وَيُقَال: الْكَرَاثُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ وَاحِدَتُهُ كَرَاثَةٌ وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُل كَرَاثَةً.
قَال أَبُو حَنِيفَةَ الدِّينَوَرِيُّ: الْكَرَاثُ شَجَرَةٌ جَبَلِيَّةٌ لَهَا خُضْرَةٌ نَاعِمَةٌ لَيِّنَةٌ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْبَقْل:
2 - وَهُوَ كُل مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ، وَكُل نَبَاتٍ اخْضَرَّتْ بِهِ الأَْرْضُ، وَكُل مَا يَنْبُتُ أَصْلُهُ وَفَرْعُهُ فِي الشِّتَاءِ فَهُوَ بَقْلٌ (2) .
فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْكُرَّاثِ. ب - الثُّومُ:
3 - بَقْلَةٌ مَعْرُوفَةٌ قَوِيَّةُ الرَّائِحَةِ، وَهِيَ بِبَلَدِ الْعَرَبِ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا بَرِّيٌّ وَمِنْهَا رِيفِيٌّ، وَاحِدَتُهُ ثُومَةٌ (3) .
وَالْكُرَّاثُ وَالثُّومُ نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ مِنَ الْبَقْل.
ج - الْبَصَل:
4 - نَبَاتٌ مَعْرُوفٌ يَنْمُو تَحْتَ الأَْرْضِ وَلَهُ جُذُورٌ دَقِيقَةٌ وَيُؤْكَل نِيئًا أَوْ مَطْبُوخًا (4) ، وَاحِدَتُهُ بَصَلَةٌ.
وَهُوَ غَيْرُ الْكُرَّاثِ وَهُمَا نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ
د - الْفُجْل:
5 - بَقْلَةٌ حَوْلِيَّةٌ وَلَهُ أَرُومَةٌ خَبِيثَةُ الْجُشَاءِ، وَاحِدَتُهُ فُجْلَةٌ - بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ - وَفُجُلَةٌ - بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْجِيمِ (5) -. وَهُوَ غَيْرُ الْكُرَّاثِ، وَهُمَا نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ مِنَ الْبُقُول.
مَا يَتَعَلَّقُ بِالْكُرَّاثِ مِنْ أَحْكَامٍ:
حُكْمُ أَكْلِهِ وَأَثَرُهُ فِي حُضُورِ الْجَمَاعَةِ.
6 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مِنَ الأَْعْذَارِ الَّتِي تُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنِ الْجَمَاعَةِ: أَكْل كُل ذِي رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ كَبَصَلٍ وَثُومٍ وَكُرَّاثٍ وَفُجْلٍ إِذَا تَعَذَّرَ زَوَال رَائِحَتِهِ (6) لِحَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال: مَنْ أَكَل مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ الثُّومِ وَقَال مَرَّةً: مَنْ أَكَل الْبَصَل وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلاَ يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ (7)
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (صَلاَةُ الْجَمَاعَةِ ف 33) .
7 - وَهَذَا الْحُكْمُ فِيمَنْ أَرَادَ الذَّهَابَ إِلَى الْمَسْجِدِ، أَمَّا مَنْ لَمْ يُرِدِ الذَّهَابَ لِلْمَسْجِدِ فَصَرَّحَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا بِكَرَاهِيَةِ أَكْلِهِ إِلاَّ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى إِزَالَةِ رِيحِهَا.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَيُكْرَهُ أَكْل الْبَصَل وَالثُّومِ وَالْكُرَّاثِ وَالْفُجْل وَكُل ذِي رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ مِنْ أَجْل رَائِحَتِهِ، سَوَاءٌ أَرَادَ دُخُول الْمَسْجِدِ أَمْ لَمْ يُرِدْ (8) ، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ النَّاسُ (9) .
وَفِي حَاشِيَةِ الدُّسُوقِيِّ: وَأَمَّا أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَمَكْرُوهٌ إِنْ لَمْ يُرِدِ الذَّهَابَ لِلْمَسْجِدِ، وَإِنْ أَرَادَ الذَّهَابَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ حَرَامٌ (10) .
وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ: وَأَكْلُهَا مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِ ﷺ عَلَى الرَّاجِحِ وَكَذَا فِي حَقِّنَا وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ. نَعَمْ. قَال ابْنُ حَجَرٍ وَشَيْخُ الإِْسْلاَمِ: لاَ يُكْرَهُ أَكْلُهَا لِمَنْ قَدَرَ عَلَى إِزَالَةِ رِيحِهَا وَلاَ لِمَنْ لَمْ يُرِدِ الاِجْتِمَاعَ مَعَ النَّاسِ، وَيَحْرُمُ أَكْلُهَا بِقَصْدِ إِسْقَاطِ وَاجِبٍ كَالْجُمُعَةِ وَيَجِبُ السَّعْيُ فِي إِزَالَةِ رِيحِهَا (11) .
وَحَكَى النَّوَوِيُّ إِجْمَاعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْبُقُول حَلاَلٌ (12) .
أَكْل الزَّوْجَةِ لِلْكُرَّاثِ:
8 - صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ أَكْل مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ كَثُومٍ أَوْ بَصَلٍ أَوْ كُرَّاثٍ لأَِنَّهُ يَمْنَعُ الْقُبْلَةَ وَكَمَال الاِسْتِمْتَاعِ.
فَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ أَكْل مَا يَتَأَذَّى مِنْ رَائِحَتِهِ.
وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: يَجُوزُ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ أَكْل كُل مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ مَا لَمْ يَأْكُلْهُ مَعَهَا أَوْ يَكُنْ فَاقِدَ الشَّمِّ وَأَمَّا هِيَ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ تَأْكُل (13) . وَفِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ: وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَكْل مَا يَتَأَذَّى مِنْ رَائِحَتِهِ كَبَصَلٍ أَوْ ثُومٍ (14) .
وَفِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ: وَتُمْنَعُ الزَّوْجَةُ مِنْ أَكْل مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ كَبَصَلٍ أَوْ ثُومٍ وَكُرَّاثٍ لأَِنَّهُ يَمْنَعُ كَمَال الاِسْتِمْتَاعِ (15) .
وَهُنَاكَ قَوْلٌ لِلْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُ الزَّوْجَةِ مِنْ ذَلِكَ لأَِنَّهُ لاَ يَمْنَعُ الْوَطْءَ (16) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (عِشْرَةٌ ف 14) .
السَّلَمُ فِي الْكُرَّاثِ:
9 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ السَّلَمِ فِي الْبُقُول وَالَّتِي مِنْهَا الْكُرَّاثُ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ قَوْل الْحَنَابِلَةِ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَلِكَ لأَِنَّ الْبُقُول مِنْ ذَوَاتِ الأَْمْثَال؛ وَلأَِنَّهَا تَخْتَلِفُ وَلاَ يُمْكِنُ تَقْدِيرُهَا بِالْحُزَمِ (17) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ لِلْحَنَابِلَةِ إِلَى صِحَّةِ ذَلِكَ (18) .
بَيْعُ الْكُرَّاثِ:
10 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ الْكُرَّاثِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلاَحِهِ (1) لِعُمُومِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا (2) .
وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلاَتٌ وَخِلاَفٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ف 70 - 87) .
__________
(1) لسان العرب وتاج العروس مادة (كرث) .
(2) لسان العرب مادة (بقل) ، والكليات 1 / 389، والمغرب في ترتيب المعرب 48.
(3) لسان العرب، والمعجم الوسيط مادة (ثوم) .
(4) لسان العرب، والمعجم الوسيط مادة (بصل) .
(5) لسان العرب، والمعجم الوسيط مادة (فجل) .
(6) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 390، وجواهر الإكليل 1 / 100، ومغني المحتاج 1 / 236، والقليوبي وعميرة 1 / 227، وكشاف القناع 1 / 497، والمغني 11 / 88 - 89، وعمدة القاري 6 / 146.
(7) حديث: " من أكل من هذه. . . " أخرجه مسلم (1 / 395) .
(8) المغني 11 / 88 - 89، وكشاف القناع 1 / 497 - 498.
(9) حديث: " إن الملائكة تتأذى. . " أخرجه مسلم (1 / 395) .
(10) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 390.
(11) القليوبي وعميرة 1 / 227.
(12) شرح مسلم 5 / 48.
(13) فتح القدير 2 / 520، والفتاوى الهندية 1 / 341، والشرح الصغير 1 / 520 ط. الحلبي.
(14) مغني المحتاج 3 / 189.
(15) كشاف القناع 5 / 190، وانظر المغني 8 / 128.
(16) المغني 8 / 128، والإنصاف 8 / 352.
(17) الفتاوى الهندية 3 / 185، والبحر الرائق 6 / 171، والإنصاف 5 / 86، وشرح منتهى الإرادات 2 / 215، وكشاف القناع 3 / 290.
(18) المدونة 4 / 14، والتاج والإكليل 4 / 531، وشرح الزرقاني على مختصر خليل 5 / 213، ونهاية المحتاج 4 / 206 ط. المكتبة الإسلامية، والإنصاف 5 / 86.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 225/ 34
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".