البحث

عبارات مقترحة:

الحميد

(الحمد) في اللغة هو الثناء، والفرقُ بينه وبين (الشكر): أن (الحمد)...

السيد

كلمة (السيد) في اللغة صيغة مبالغة من السيادة أو السُّؤْدَد،...

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

لَحَاقٌ


من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف اللغوي

الاتِّبَاعُ، وَهُوَ مَصْدَرُ الفِعْلِ لَحِقَ، يُقَالُ: لَحِقَ الوَلَدُ بِأَبِيهِ يَلْحَقُهُ لَحَاقًا إِذَا تَبِعَهُ، وَالإِلْحَاقُ: الإِتْبَاعُ، وَيُطْلَقُ اللَّحاقُ بِمَعنَى: الانْضِمامِ وَالاجْتِماعِ، وَالإِلْحاقُ: الضَمُّ، يُقالُ: أَلْـحَـقْتُ مالَهُ إِلَى مالِي أيْ ضَمَمْتُهُ إلَيْهِ، وَالاسْتِلْحَاقُ: طَلَبُ الضَمِّ، وَيَأْتِي اللَّحَاقُ بِمَعْنَى: اللُّزُومُ، وَلَحِقَهُ الثَّمَنُ إِذَا لَزِمَهُ، وأَصْلُ اللَّحَاقِ هُوَ الإِدْراكُ والبُلوغُ، يُقالُ: لَحِقَ الشَّيْءُ يْلحَقُ لُحوقاً أيْ أَدْرَكَ وبَلَغَ.

إطلاقات المصطلح

يَذْكُرُ الفُقَهاءُ لَفْظَ اللَّحَاقِ فِي مَواطِنَ أُخْرى مِنْها: كِتابُ الصَّلاَةِ فِي بَابِ صَلاَةِ الجَماعَةِ، وَكِتابُ البُيوعِ فِي بَابِ بَيْعِ الأُصوِلِ، وَكِتابُ الرِدَّةِ فِي بَابِ حُكْمِ المُرْتَدِّ، وَغَيْرُهَا.

جذر الكلمة

لحق

المراجع

* مقاييس اللغة : 238/5 - الصحاح : 1549/4 - مقاييس اللغة : 238/5 - مختار الصحاح : ص280 - بدائع الصنائع : 136/3 - الـمغني لابن قدامة : 480/7 -

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ
1 - اللَّحَاقُ وَاللُّحُوقُ وَاللَّحْقُ لُغَةً الإِْدْرَاكُ.
يُقَال: لَحِقَ الشَّيْءَ وَأَلْحَقَهُ وَلَحِقَ بِهِ وَأَلْحَقَ لَحَاقًا أَدْرَكَهُ، وَلَحِقْتُ بِهِ أَلْحَقُ: مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَمَصْدَرُهُ لَحَاقٌ بِالْفَتْحِ، وَأَلْحَقْتُ زَيْدًا بِعَمْرٍو أَتْبَعْتَهُ إِيَّاهُ فَلَحِقَ هُوَ بِهِ وَأَلْحَقَ أَيْضًا: وَفِي الدُّعَاءِ: إِنَّ عَذَابَكَ الْجَدُّ بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ.
وَأَلْحَقَ الْقَائِفُ الْوَلَدَ بِأَبِيهِ: أَخْبَرَ بِأَنَّهُ ابْنُهُ لِشَبَهٍ بَيْنَهُمَا يَظْهَرُ لَهُ، وَاسْتَلْحَقْتُ الشَّيْءَ ادَّعَيْتَهُ.
وَلَحِقَهُ الثَّمَنُ لُحُوقًا لَزِمَهُ، فَاللُّحُوقُ اللُّزُومُ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الاِسْتِلْحَاقُ
2 - الاِسْتِلْحَاقُ لُغَةً مَصْدَرُ اسْتَلْحَقَ: يُقَال اسْتَلْحَقَهُ ادَّعَاهُ، وَالاِسْتِلْحَاقُ أَيْضًا طَلَبُ لُحُوقِ الشَّيْءِ (2) .
وَاصْطِلاَحًا: ادِّعَاءُ رَجُلٍ أَنَّهُ أَبٌ لِهَذَا الْوَلَدِ (3) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَ اللَّحَاقِ وَالاِسْتِلْحَاقِ الْعُمُومُ وَالْخُصُوصُ، فَاللَّحَاقُ يَكُونُ فِي النَّسَبِ وَغَيْرِهِ وَالاِسْتِلْحَاقُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ فِي النَّسَبِ.

الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّحَاقِ:
تَتَعَلَّقُ بِاللَّحَاقِ أَحْكَامٌ مُتَنَوِّعَةٌ بِحَسَبِ اخْتِلاَفِ مَوْضُوعِهَا وَمِنْ ذَلِكَ:

لَحَاقُ الْوَلَدِ فِي اللِّعَانِ بِأُمِّهِ:
3 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الرَّجُل إِذَا قَذَفَ زَوْجَتَهُ الْبَالِغَةَ الْحُرَّةَ بِالزِّنَا أَوْ نَفَى الْحَمْل وَلاَعَنَهَا لَمْ يَلْحَقِ الْوَلَدُ بِهِ وَلَحِقَ بِأُمِّهِ (4) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (لِعَانٌ ف 25) .

لَحَاقُ الْوَلَدِ لأَِقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل
4 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَحْدِيدِ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ لَحَاقِ الْوَلَدِ بِالزَّوْجِ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَقَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلاَقٍ أَوْ مَوْتٍ وَلَمْ تَنْكِحْ حَتَّى أَتَتْ بِوَلَدٍ لأَِرْبَعِ سِنِينَ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ بِالزَّوْجِ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِهِ (5) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِلَى أَنَّ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل سَنَتَانِ فَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الْمَبْتُوتَةِ وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا أَتَتْ بِهِ فِي السَّنَتَيْنِ.
وَالْقَوْل الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل خَمْسُ سِنِينَ، وَقَال مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْل تِسْعَةُ أَشْهُرٍ (6) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (حَمْلٌ ف 7، وَنَسَبٌ) .

لَحَاقُ اللَّقِيطِ بِالرَّجُل:
5 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى رَجُلٌ نَسَبَ لَقِيطٍ لَحِقَ بِهِ، وَهُنَاكَ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِيمَا إِذَا أَقَامَ مُدَّعِي نَسَبِ اللَّقِيطِ بَيِّنَةً أَوْ كَانَتْ دَعْوَاهُ مَبْنِيَّةً عَلَى مُجَرَّدِ الإِْقْرَارِ وَفِيمَا إِذَا كَانَ مُدَّعِي النَّسَبِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا، وَفِيمَا إِذَا ادَّعَاهُ رَجُلاَنِ أَوْ أَكْثَرُ (7) .
وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (لَقِيطٌ، ف 11، وَنَسَبٌ) . لَحَاقُ اللَّقِيطِ بِالْمَرْأَةِ
: 6 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا إِذَا ادَّعَتِ امْرَأَةٌ نَسَبَ لَقِيطٍ هَل يَلْحَقُ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهَا وَهَل يَلْحَقُ بِزَوْجِهَا؟ وَهَل لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَلْحِقَ مَجْهُول النَّسَبِ (8) .
وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (لَقِيطٌ ف 11، وَنَسَبٌ) .

لَحَاقُ الْوَلَدِ الَّذِي تَخَلَّقَ مِنْ مَنِيٍّ بِغَيْرِ جِمَاعٍ
: 7 - قَال الْمَالِكِيَّةُ إِذَا حَمَلَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ مَنِيٍّ دَخَل فَرْجَهَا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ كَحَمَّامٍ وَنَحْوِهِ فَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِزَوْجِهَا إِنْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ وَأَمْكَنَ إِلْحَاقُهُ بِهِ، بِأَنْ مَضَى مِنْ يَوْمِ تَزَوَّجَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ كَانَتْ وَلَكِنْ لاَ يُمْكِنُ إِلْحَاقُهُ بِهِ لَمْ يَلْحَقْهُ (9) .

لَحَاقُ وَلَدِ الْمُرْتَدِّ
: 8 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّ وَلَدَ الْمُرْتَدِّ إِذَا حُمِل بِهِ فِي الإِْسْلاَمِ يَكُونُ مُسْلِمًا، وَكَذَا مَنْ حُمِل بِهِ فِي حَال رِدَّةِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَالآْخَرُ مُسْلِمٌ، أَمَّا إِذَا كَانَ حَمْلُهُ خِلاَل رِدَّةِ أَبَوَيْهِ كِلَيْهِمَا فَفِيهِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (رِدَّةٌ ف 46) .

لَحَاقُ الطَّلاَقِ لِلْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا
: 9 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُطَلَّقَةَ الَّتِي يَمْلِكُ مُطَلِّقُهَا رَجْعَتَهَا يَلْحَقُهَا الطَّلاَقُ سَوَاءٌ كَانَ صَرِيحًا أَوْ كِنَايَةً، وَيَلْحَقُهَا الظِّهَارُ وَاللِّعَانُ، لأَِنَّ الطَّلاَقَ الرَّجْعِيَّ لاَ يُزِيل الْمِلْكَ وَلاَ الْحِل لِبَقَاءِ الْوِلاَيَةِ عَلَيْهَا، وَالرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ (10) .
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ رَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ: أَنَّ الطَّلاَقَ الرَّجْعِيَّ يَقْطَعُ النِّكَاحَ وَيُزِيل الْمِلْكَ بِدَلِيل تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَوُجُوبِ الْمَهْرِ وَمَنْعِ الْخُلْعِ عَلَى قَوْلٍ.
وَلَهُمْ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّ الطَّلاَقَ الرَّجْعِيَّ مَوْقُوفٌ فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتِ الْعِدَّةُ تَبَيَّنَ زَوَال الْمِلْكِ بِالطَّلاَقِ، وَإِنْ رَاجَعَ تَبَيَّنَ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ (11) .

لَحَاقُ وَلَدِ الْمَجْبُوبِ
: 10 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي إِلْحَاقِ وَلَدِ الْمَجْبُوبِ.
فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو سُلَيْمَانَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالإِْصْطَخْرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَيُحْكَى قَوْلاً لِلشَّافِعِيِّ وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِلَى أَنَّ امْرَأَةَ الْمَجْبُوبِ إِذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ يَلْحَقُ بِهِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ، لِتَوَهُّمِ شَغْل رَحِمِهَا بِمَائِهِ بِالسَّحْقِ، وَقَدْ أَتَتْ بِهِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ احْتِيَاطًا اسْتِحْسَانًا لِتَوَهُّمِ الشَّغْل، وَالْعِدَّةُ وَالْوَلَدُ حَقُّ الشَّرْعِ (12) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ وَالأُْنْثَيَيْنِ لاَ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ مِنَ امْرَأَتِهِ لأَِنَّهُ لاَ يَنْزِل وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَنْ يُخْلَقَ لَهُ وَلَدٌ.
وَأَضَافَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ مَجْبُوبًا بَقِيَ أُنْثَيَاهُ وَكَذَا مَسْلُولٌ خُصْيَتَاهُ وَبَقِيَ ذَكَرُهُ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيل: لاَ يَلْحَقُهُ (13) .
وَقَال مَالِكٌ إِنَّ الْخَصِيَّ وَالْمَجْبُوبَ أَرَى أَنْ يُسْأَل أَهْل الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَإِلاَّ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ (14) .

لَحَاقُ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ
: 11 - إِذَا انْعَقَدَتِ الْجُمُعَةُ صَحِيحَةً وَانْفَضَّ عَدَدٌ مِنَ الْمَأْمُومِينَ مِمَّنْ تَنْعَقِدُ بِهِمُ الْجُمُعَةُ ثُمَّ لَحِقَ بِالإِْمَامِ مَا يَكْمُل بِهِ الْعَدَدُ الَّذِي تَنْعَقِدُ بِهِ الْجُمُعَةُ فَفِي ذَلِكَ لِلْفُقَهَاءِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (صَلاَةُ الْجُمُعَةِ ف 20) .

النَّادِرُ هَل يَلْحَقُ بِالْغَالِبِ
: 12 - الأَْصْل أَنَّ " الْعِبْرَةَ لِلْغَالِبِ الشَّائِعِ لاَ لِلنَّادِرِ " وَقَال عَلِيٌّ حَيْدَرْ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: الشَّائِعُ هُوَ الأَْمْرُ الَّذِي يُصْبِحُ مَعْلُومًا لِلنَّاسِ وَذَائِعًا بَيْنَهُمْ، مِثَال: إِنَّ الْحُكْمَ بِمَوْتِ الْمَفْقُودِ لِمُرُورِ 90 سَنَةً مِنْ عُمُرِهِ مُسْتَنِدٌ عَلَى الشَّائِعِ الْغَالِبِ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ أَنَّ الإِْنْسَانَ لاَ يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعِينَ عَامًا، عَلَى أَنَّ الْبَعْضَ قَدْ يَعِيشُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ أَنَّهُ نَادِرٌ وَالنَّادِرُ لاَ حُكْمَ لَهُ بَل يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ عَلَى الْعُرْفِ الشَّائِعِ وَتُقَسَّمُ أَمْوَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، كَذَلِكَ يُحْكَمُ بِبُلُوغِ مَنْ لَهُ مِنَ الْعُمُرِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لأَِنَّهُ هُوَ السِّنُّ الشَّائِعُ لِلْبُلُوغِ وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ لاَ يَبْلُغُ إِلاَّ فِي السَّابِعَةَ عَشْرَةَ أَوِ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ إِلاَّ أَنَّهُ نَادِرٌ فَلاَ يُنْظَرُ إِلَيْهِ، كَذَلِكَ الْحُكْمُ بِسَبْعِ سِنِينَ لِمُدَّةِ حَضَانَةِ الصَّبِيِّ وَتِسْعٍ لِحِضَانَةِ الْبِنْتِ مَبْنِيٌّ عَلَى الشَّائِعِ الْمُتَعَارَفِ مِنْ أَنَّ الصَّبِيَّ إِذَا بَلَغَ السَّابِعَةَ مِنْ عُمُرِهِ يَسْتَغْنِي عَنْ مُعِينٍ لَهُ فِي لِبَاسِهِ وَأَكْلِهِ وَاسْتِنْجَائِهِ مَثَلاً، وَالْبِنْتُ إِذَا صَارَ عُمُرُهَا تِسْعَ سَنَوَاتٍ تُصْبِحُ مُشْتَهَاةً فِي الْغَالِبِ، وَاخْتِلاَفُ النُّمُوِّ فِي الْبَعْضِ زِيَادَةً وَنُقْصَانًا بِتَأْثِيرِ التَّرْبِيَةِ وَالإِْقْلِيمِ لاَ عِبْرَةَ لَهُ بَل الْمُعْتَبَرُ السَّبْعُ سَنَوَاتٍ لِلصَّبِيِّ وَالتِّسْعُ لِلْبِنْتِ، لأَِنَّهُ الشَّائِعُ الْغَالِبُ (15) .
إِلاَّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ اسْتَثْنَوْا مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ مَسَائِل وَأَلْحَقُوا النَّادِرَ فِيهَا بِالْغَالِبِ، فَقَدْ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ عِنْدَ شَرْحِ قَاعِدَةِ مَا اعْتُبِرَ مِنَ الْغَالِبِ وَبَيْنَ مَا لُغِيَ مِنَ الْغَالِبِ أَمْثِلَةً لِمَا لُغِيَ فِيهِ الْغَالِبُ وَقُدِّمَ النَّادِرُ عَلَيْهِ وَأُثْبِتَ حُكْمُهُ دُونَهُ مِنْهَا
: أ - غَالِبُ الْوَلَدِ أَنْ يُوضَعَ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا جَاءَ بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ مِنَ امْرَأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا دَارَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ زِنًا وَهُوَ الْغَالِبُ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَأَخَّرَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَهُوَ نَادِرٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى وُقُوعِ الزِّنَا فِي الْوُجُودِ، أَلْغَى الشَّارِعُ الْغَالِبَ وَأَثْبَتَ حُكْمَ النَّادِرِ وَهُوَ تَأَخُّرُ الْحَمْل
. ب - طِينُ الْمَطَرِ الْوَاقِعُ فِي الطُّرُقَاتِ وَمَمَرِّ الدَّوَابِّ وَالْمَشْيِ بِالأَْحْذِيَةِ الَّتِي يُجْلَسُ بِهَا فِي الْمَرَاحِيضِ الْغَالِبُ عَلَيْهَا وُجُودُ النَّجَاسَةِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ وَإِنْ كُنَّا لاَ نُشَاهِدُ عَيْنَهَا وَالنَّادِرُ سَلاَمَتُهَا مِنْهَا وَمَعَ ذَلِكَ أَلْغَى الشَّارِعُ حُكْمَ الْغَالِبِ وَأَثْبَتَ حُكْمَ النَّادِرِ تَوْسِعَةً وَرَحْمَةً بِالْعِبَادِ فَيُصَلَّى بِهِ مِنْ غَيْرِ غَسْلٍ (16)
. وَقَال الزَّرْكَشِيُّ: يَنْقَسِمُ هَذَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا - مَا يَلْحَقُ قَطْعًا، كَمَنْ خُلِقَتْ بِلاَ بَكَارَةٍ دَاخِلَةٌ فِي حُكْمِ الأَْبْكَارِ قَطْعًا فِي الاِسْتِئْذَانِ فِي الزَّوَاجِ، وَكَمَا إِذَا خُلِقَ لَهُ وَجْهَانِ وَلَمْ يَتَمَيَّزِ الزَّائِدُ يَجِبُ غَسْلُهُمَا قَطْعًا، وَكَذَلِكَ إِلْحَاقُ الْوَلَدِ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ، فَإِنَّ بَقَاءَهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ نَادِرٌ جِدًّا فَأَلْحَقُوهُ بِالْغَالِبِ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ مِنْ زَمَنِ الْوَطْءِ لَحِقَهُ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ جِدًّا وَلَكِنَّ الشَّارِعَ أَعْمَل النَّادِرَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ سَتْرًا لِلْعِبَادِ.
الثَّانِي - مَا لاَ يَلْحَقُ قَطْعًا: كَالأُْصْبُعِ الزَّائِدَةِ لاَ تَلْحَقُ بِالأَْصْلِيَّةِ فِي حُكْمِ الدِّيَةِ قَطْعًا وَنِكَاحِ مَنْ بِالْمَشْرِقِ مَغْرِبِيَّةً لاَ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ.
الثَّالِثُ - مَا يَلْحَقُ بِهِ عَلَى الأَْصَحِّ كَنَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ الذَّكَرِ الْمَقْطُوعِ إِلْحَاقًا بِالْغَالِبِ الْمُتَّصِل، وَقِيل لاَ، لِلنُّدْرَةِ بِخِلاَفِ مَسِّ الْعُضْوِ الْمُبَانِ مِنَ الْمَرْأَةِ لاَ يَنْقُضُ، وَكَالنَّقْضِ بِخُرُوجِ النَّادِرِ مِنَ الْفَرْجِ وَجِوَازِ الْحَجْرِ مِنَ الْمَذْيِ وَالْوَدْيِ وَنَحْوِهِمَا، وَكَذَلِكَ دَمُ الْبَرَاغِيثِ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ قَطْعًا، وَكَذَا كَثِيرُهُ فِي الأَْصَحِّ، لأَِنَّ هَذَا الْجِنْسَ يَشُقُّ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ فِي الْغَالِبِ فَأُلْحِقَ نَادِرُهُ بِغَالِبِهِ، وَكَذَا لَوْ طَال مُدَّةُ اجْتِمَاعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَيَّامًا وَأَشْهُرًا وَهُوَ نَادِرٌ، فَالْمَذْهَبُ بَقَاءُ خِيَارِهِمَا إِذَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَقِيل: لاَ يَزِيدُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ كَالْغَالِبِ.
الرَّابِعُ - مَا لاَ يُلْحَقُ بِهِ عَلَى الأَْصَحِّ، كَالَّذِي يَتَسَارَعُ إِلَيْهِ الْفَسَادُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لاَ يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الأَْصَحِّ، وَلَوْ رَاجَتِ الْفُلُوسُ رَوَاجَ النُّقُودِ فَهَل تُعْطَىحُكْمَهَا فِي بَابِ الرِّبَا؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لاَ اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ (1) .
لَحَاقُ التَّمْرِ بِأُصُول الشَّجَرِ عِنْدَ بَيْعِهِ
: 13 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي لَحَاقِ التَّمْرِ بِأُصُول الشَّجَرِ عِنْدَ بَيْعِهِ فِي مَوَاضِعَ، مِنْهَا: اشْتِرَاطُ التَّأْبِيرِ وَعَدِمُهُ، وَمِنْهَا اشْتِرَاطُ بُدُوِّ الصَّلاَحِ، وَمِنْهَا لَحَاقُ بُرُوزِ النَّوْرِ أَوِ الثَّمَرِ بِتَشَقُّقِ الطَّلْعِ فِي النَّخْل.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ (ثِمَارٌ ف 14) .
مَا يَلْحَقُ بِالثَّمَنِ
: 14 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوِ الْحَطِّ مِنْهُ هَل يَلْتَحِقَانِ بِأَصْل الْعَقْدِ أَمْ لاَ.
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحَيْ (بَيْعٌ ف 56 وَمَا بَعْدَهَا، ثَمَنٌ ف 25 وَمَا بَعْدَهَا) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير.
(2) لسان العرب، والمصباح المنير مادة (لحق) .
(3) حاشية الدسوقي 3 / 112.
(4) فتح القدير 3 / 251، والخرشي 4 / 135، ومغني المحتاج 3 / 373، 380، والمغني لابن قدامة 7 / 397، 416.
(5) الخرشي 1 / 143، وجواهر الإكليل 1 / 387، وروضة الطالبين 2 / 141، 142، والمغني لابن قدامة 7 / 477، 483.
(6) الاختيار 3 / 179، 180، وفتح القدير 4 / 172، وحاشية الدسوقي 2 / 460، والمغني 7 / 477.
(7) بدائع الصنائع 6 / 197، 199، والخرشي 7 / 132، 133، وحاشية الدسوقي 3 / 412، والمغني 5 / 747، 772.
(8) بدائع الصنائع 6 / 200، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 3 / 412، وروضة الطالبين 5 / 441 - 442، والمغني 5 / 764 - 765.
(9) حاشية الدسوقي 1 / 130.
(10) بدائع الصنائع 3 / 134، وحاشية الدسوقي 2 / 422، وروضة الطالبين 8 / 222، وكشاف القناع 5 / 343، والمغني 7 / 289.
(11) روضة الطالبين 8 / 222.
(12) البناية شرح الهداية 4 / 208، وفتح القدير 3 / 218 - 219.
(13) المغني 7 / 480، والقليوبي وعميرة 4 / 50.
(14) المدونة 2 / 445.
(15) شرح المجلة لعلي حيدر 1 / 45، 46، نشر مكتبة النهضة.
(16) الفروق للقرافي 4 / 104 - 105.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 203/ 35