السبوح
كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...
* نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : 364/3 - كشاف القناع : 158/5 - رد المحتار على الدر المختار : 110/3 -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمُتْعَةُ لُغَةً: اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الْمَتَاعِ، وَهُوَ جَمِيعُ مَا يُنْتَفَعُ أَوْ يُسْتَمْتَعُ بِهِ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ قَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: مَالٌ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ دَفْعُهُ لاِمْرَأَتِهِ الْمُفَارَقَةِ فِي الْحَيَاةِ بِطَلاَقٍ وَمَا فِي مَعْنَاهُ بِشُرُوطٍ (2) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
2 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْحُكْمِ التَّكْلِيفِيِّ لِلْمُتْعَةِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمُتْعَةَ تَجِبُ لِمُطَلَّقَةٍ قَبْل الدُّخُول إِنْ لَمْ يَجِبْ لَهَا شَطْرُ مَهْرٍ بِأَنْ كَانَتْ مُفَوَّضَةً وَلَمْ يُفْرَضْ لَهَا شَيْءٌ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} . قَال الْبُهُوتِيُّ: وَالأَْمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلاَ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} لأَِنَّ أَدَاءَ الْوَاجِبِ مِنَ الإِْحْسَانِ، وَقَال الشِّرْبِينِيُّ الْخَطِيبُ: وَلأَِنَّ الْمُفَوَّضَةَ لَمْ يَحْصُل لَهَا شَيْءٌ فَتَجِبُ لَهَا مُتْعَةٌ لِلإِْيحَاشِ أَمَّا إِذَا فُرِضَ لَهَا فِي التَّفْوِيضِ شَيْءٌ فَلاَ مُتْعَةَ لَهَا لأَِنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا فَيَكْفِي شَطْرُ مَهْرِهَا لِمَا لَحِقَهَا مِنَ الاِسْتِيحَاشِ وَالاِبْتِذَال.
وَأَضَافَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى حَالَةِ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ حَالَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ:
إِحْدَاهُمَا: تَكُونُ الْمُتْعَةُ فِيهَا مُسْتَحَبَّةً وَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ الْمَدْخُول بِهَا. سَوَاءٌ سُمِّيَ لَهَا مَهْرٌ أَوْ لَمْ يُسَمَّ.
وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: تَكُونُ الْمُتْعَةُ فِيهَا غَيْرَ مُسْتَحَبَّةٍ وَهِيَ الَّتِي طَلَّقَهَا قَبْل الدُّخُول وَقَدْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تَجِبُ الْمُتْعَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ وَنَحْوِهَا الْمَوْطُوءَةِ فِي الأَْظْهَرِ الْجَدِيدِ سَوَاءٌ أَفَوَّضَ طَلاَقَهَا إِلَيْهَا فَطَلُقَتْ أَمْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا فَفَعَلَتْ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ وَهُوَ الْقَدِيمُ لاَ مُتْعَةَ لَهَا لاِسْتِحْقَاقِهَا الْمَهْرَ وَفِيهِ غَنِيَّةٌ عَنِ الْمُتْعَةِ.
وَقَالُوا: وَكُل فُرْقَةٍ لاَ بِسَبَبِهَا بِأَنْ كَانَتْ مِنَالزَّوْجِ كَرِدَّتِهِ وَلِعَانِهِ وَإِسْلاَمِهِ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَإِرْضَاعِ أُمِّ الزَّوْجِ أَوْ بِنْتِ زَوْجَتِهِ وَوَطْءِ أَبِيهِ أَوِ ابْنِهِ لَهَا بِشُبْهَةٍ، حُكْمُهَا كَالطَّلاَقِ فِي إِيجَابِ الْمُتْعَةِ وَعَدَمِهِ أَيْ إِذَا لَمْ يَسْقُطْ بِهَا الشَّطْرُ، أَمَّا إِذَا كَانَتِ الْفُرْقَةُ مِنْهَا أَوْ بِسَبَبِهَا كَرِدَّتِهَا وَإِسْلاَمِهَا وَلَوْ تَبَعًا أَوْ فَسَخَهُ بِعَيْبِهَا فَلاَ مُتْعَةَ لَهَا، سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَبْل الدُّخُول أَمْ بَعْدَهُ لأَِنَّ الْمَهْرَ يَسْقُطُ بِذَلِكَ وَوُجُوبُهُ آكَدُ مِنْ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ بِدَلِيل أَنَّهُمَا لَوِ ارْتَدَّا مَعًا لاَ مُتْعَةَ وَيَجِبُ الشَّطْرُ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: تُسْتَحَبُّ الْمُتْعَةُ لِكُل مُطَلَّقَةٍ غَيْرِ الْمُفَوَّضَةِ الَّتِي لَمْ يُفْرَضْ لَهَا (3) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: تُنْدَبُ الْمُتْعَةُ لِكُل مُطَلَّقَةٍ طَلاَقًا بَائِنًا فِي نِكَاحٍ لاَزِمٍ، إِلاَّ الْمُخْتَلِعَةَ وَالْمَفْرُوضَ لَهَا صَدَاقٌ وَطَلُقَتْ قَبْل الْبِنَاءِ وَمُخْتَارَةً لِعَيْبِ الزَّوْجِ وَمُخَيَّرَةً وَمُمَلَّكَةً فِي الطَّلاَقِ وَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا (4) ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} . وَقَوْلُهُ {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَل الْمُتْعَةَ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ وَالْمُحْسِنِينَ لاَ عَلَى غَيْرِهِمَا (5) . مِقْدَارُ مُتْعَةِ الطَّلاَقِ
3 - لَمْ يَرِدْ نَصٌّ فِي تَحْدِيدِ مِقْدَارِ الْمُتْعَةِ وَلاَ نَوْعِهَا.
وَالْوَارِدُ إِنَّمَا هُوَ اعْتِبَارُ حَال الزَّوْجِ مِنَ الإِْعْسَارِ وَالْيَسَارِ، وَالأَْخْذِ بِالْمَعْرُوفِ.
قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ} .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ تُعْتَبَرُ بِحَالِهِ الْمُتْعَةُ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَهُمْ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي تَقْدِيرِ الْقَاضِي الْمُتْعَةَ حَال الزَّوْجَيْنِ كِلَيْهِمَا.
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ حَالُهُمَا مِنَ الإِْعْسَارِ وَالْيَسَارِ كَالنَّفَقَةِ وَقَالُوا: الْمُتْعَةُ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَمِلْحَفَةٌ لاَ تَزِيدُ عَلَى نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْل؛ لأَِنَّ الْمُتْعَةَ خَلْفَهُ فَإِنْ كَانَا سَوَاءً فَالْوَاجِبُ الْمُتْعَةُ لأَِنَّهَا الْفَرِيضَةُ بِالْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَإِنْ كَانَ النِّصْفُ أَقَل مِنَ الْمُتْعَةِ فَالْوَاجِبُ الأَْقَل، وَلاَ تَنْقُصُ الْمُتْعَةُ عَنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ.
وَاعْتَبَرَ الْكَرْخِيُّ حَال الزَّوْجَةِ وَاخْتَارَهُ الْقُدُورِيُّ وَاعْتَبَرَ السَّرَخْسِيُّ حَال الزَّوْجِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُعْتَبَرُ حَالُهُمَا أَيْ مَا يَلِيقُ بِيَسَارِهِ وَنَحْوِ نَسَبِهَا وَصِفَاتِهَا الْمُعْتَبَرَةِ فِي مَهْرِ الْمِثْل، وَقِيل: حَالُهُ لِظَاهِرِ الآْيَةِ، وَقِيل:حَالُهَا لأَِنَّهَا كَالْبَدَل عَنِ الْمَهْرِ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِهَا وَحْدَهَا وَقِيل: أَقَل مَالٍ يَجُوزُ فِعْلُهُ صَدَاقًا.
وَقَالُوا: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لاَ تَنْقُصَ الْمُتْعَةُ عَنْ ثَلاَثِينَ دِرْهَمًا أَوْ مُسَاوِيهَا وَيُسَنُّ أَلاَ تَبْلُغَ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْل وَإِنْ بَلَغَتْهُ أَوْ جَاوَزَتْهُ جَازَ، وَقَال الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ: لاَ تَزِيدُ وُجُوبًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْل.
وَمَحَل ذَلِكَ مَا إِذَا فَرَضَ الْحَاكِمُ الْمُتْعَةَ، أَمَّا إِذَا اتَّفَقَ عَلَيْهَا الزَّوْجَانِ فَلاَ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ أَيْ عَدَمُ مُجَاوَزَتِهَا مَهْرَ الْمِثْل (6) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: الْمُتْعَةُ مُعْتَبَرَةٌ بِحَال الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ لِلآْيَةِ السَّابِقَةِ بِخِلاَفِ النَّفَقَةِ فَإِنَّهَا تُقَدَّرُ بِحَالِهِمَا.
وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ أَعْلَى الْمُتْعَةِ خَادِمٌ إِذَا كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا وَأَدْنَاهَا إِذَا كَانَ فَقِيرًا كِسْوَةٌ تُجْزِئُهَا فِي صَلاَتِهَا وَهِيَ دِرْعٌ وَخِمَارٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ لِقَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ: أَعْلَى الْمُتْعَةِ خَادِمٌ ثُمَّ دُونَ ذَلِكَ النَّفَقَةُ ثُمَّ دُونَ ذَلِكَ الْكِسْوَةُ، وَقُيِّدَتِ الْكِسْوَةُ بِمَا يُجْزِئُهَا فِي صَلاَتِهَا لأَِنَّ ذَلِكَ أَقَل الْكِسْوَةِ (7) .
__________
(1) تاج العروس للزبيدي.
(2) مغني المحتاج 3 / 241.
(3) حاشية ابن عابدين 2 / 335، والهداية مع شروحها 2 / 448، ومغني المحتاج 3 / 241 - 242، وكشاف القناع 5 / 157 - 158.
(4) جواهر الإكليل 1 / 365.
(5) تفسير القرطبي 10 / 245.
(6) حاشية ابن عابدين 2 / 336، ونهاية المحتاج 6 / 359.
(7) حاشية الدسوقي 2 / 425، وجواهر الإكليل 1 / 365، وكشاف القناع 5 / 158.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 95/ 36