الرقيب
كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...
أَثَرُ الكَيِّ وَعَلامَتُهُ؛ وَهُوَ مَصْدَرُ: وسَمْتُهُ وَسْماً وسِمَةً، إذا أثَّرتَ فِيْهِ بِسِمَةٍ وَكَيٍّ، وَبَعِيْرٌ مَوْسُوْمٌ: وُسِمَ بِسِمَةٍ يُعْرَفُ بِهَا مِنْ قَطعِ أُذُنٍ أَوْ كَيٍّ، وَالمِيْسَمُ: المِكْوَاةُ، أَوْ الشَّيءُ الذي يُوسَمُ بِهِ سمات الدّوابّ، وفلانٌ مَوْسومٌ بالخير والشّرّ، أَيْ: عَلَيْهِ عَلامَتُهُ، وَتَوَسَّمْتُ فِيْهِ الخَيْرَ والشَّرّ، أَيْ: رَأَيْتُ فِيْهِ أَثَراً. والجَمْعُ: وُسُومٌ.
يَرِدُ إِطْلاقُ مُصْطَلَحِ الوَسْمِ في مَوَاطِنَ مِنْ كُتُبِ الفِقْهِ وَأَبْوَابِهِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ: كِتَابُ الطَّهَارَةِ عِنْدَ الكَلامِ عَلَى حُكْمِ طَهَارَةِ الوَسْمِ، وَكِتَابُ الحَجِّ عِنْدَ الكَلامِ عَلَى مَوَاسِمِ الحَجِّ وَمَعْنَاهَا، وَعِنْدَ الكَلامِ عَلَى إِشْعَارِ الهَدْيِ وَوَسْمِهِ وَتَقْلِيْدِهِ، وَكِتَابُ الهَدْيِ وَالأَضَاحِي عِنْدَ الكَلامِ عَلَى إِجْزَاءِ الأُضْحِيَةِ بِالبَهِيْمَةِ المَوْسُوْمَةِ، وَكِتَابُ اللُّقَطَةِ عِنْدَ الكَلامِ عَلَى وَسْمِ ضَوالِّ الحَيَوَانِ، وَكِتَابُ العِتْقِ عِنْدَ الكَلامِ عَلَى وَسْمِ العَبْدِ الآبِقِ.
وسم
* الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ : (2677/4)
* فقه السنة : (509/3)
* كتاب العين : (321/7)
* تهذيب اللغة : (13/ 77)
* الصحاح للجوهري : (5/ 2051)
* البناية شرح الهداية : (4/ 212)
* شرح زروق على متن الرسالة لابن أبي زيد القيرواني : (2/ 1089) و(2/ 1098)
* الـمجموع شرح الـمهذب : (6/ 176)
* كشاف القناع عن متن الإقناع : (4/ 212)
* المحكم والمحيط الأعظم : (8/ 627-628)
* تاج العروس : (34/ 44) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْوَسْمُ فِي اللُّغَةِ: أَثَرُ الْكَيِّ: يُقَال: وَسَمَ الشَّيْءَ يَسِمُهُ وَسْمًا وَسِمَةً: كَوَاهُ، فَأَثَّرَ فِيهِ بِعَلاَمَةٍ، وَفِي الْحَدِيثِ عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَال: " رَأَيْتُ فِي يَدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ الْمِيسَمَ وَهُوَ يَسِمُ إِبِل الصَّدَقَةِ (1) أَيْ: يُعَلِّمُ عَلَيْهَا بِالْكَيِّ.
وَقَال اللَّيْثُ: الْوَسْمُ أَثَرُ كَيَّةٍ. تَقُول: مَوْسُومٌ أَيْ قَدْ وُسِمَ بِسِمَةٍ يُعْرَفُ بِهَا؛ إِمَّا كَيَّةٌ، وَإِمَّا قَطْعٌ فِي أُذُنٍ، أَوْ قَرْمَةٌ تَكُونُ عَلاَمَةً لَهُ (2) .
وَالْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (3) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْوَشْمُ:
2 - مِنْ مَعَانِي الْوَشْمِ فِي اللُّغَةِ: الْعَلاَمَةُ، وَتَغَيُّرُ لَوْنِ الْجِلْدِ مِنْ ضَرْبَةٍ أَوْ سَقْطَةٍ، وَيُجْمَعُ عَلَى وُشُومٍ وَوَشَائِمُ (4) .
وَاصْطِلاَحًا: هُوَ غَرْزُ الْجِلْدِ بِإِبْرَةٍ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ يُذَرُّ عَلَيْهِ نِيلَةٌ أَوْ كُحْلٌ لِيَزْرَقَّ أَوْ يَخْضَرَّ (5) .
وَالصِّلَةُ بَيْنَهُمَا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَلاَمَةٌ، إِلاَّ أَنَّ الْوَشْمَ يَخْتَصُّ بِالإِْنْسَانِ، وَالْوَسْمُ يَكُونُ فِي الإِْنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ.
ب - الْعَلَمُ:
3 - الْعَلَمُ هُوَ مِنْ عَلَّمَ الشَّيْءَ وَأَعْلَمَهُ عَلَمًا: وَسَمَهُ بِعَلاَمَةٍ يُعْرَفُ بِهَا.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (6) .
وَالْعَلاَقَةُ بَيْنَ الْوَسْمِ وَالْعَلَمِ: أَنَّ الْوَسْمَ يُرَادِفُ الْعَلَمَ، وَلَكِنَّ الْوَسْمَ يَغْلِبُ فِي الْكَيِّ. الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْوَسْمِ
تَتَعَلَّقُ بِالْوَسْمِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
حُكْمُ الْوَسْمِ:
4 - وَسْمُ الْحَيَوَانِ بِالْكَيِّ مَشْرُوعٌ (7) بَل نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّ وَسْمَ نَعَمِ الزَّكَاةِ (الإِْبِل، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ) وَنَعَمِ الْفَيْءِ وَالْجِزْيَةِ سُنَّةٌ، وَمِثْل نَعَمِ الزَّكَاةِ: الْخَيْل وَالْحَمِيرُ، وَالْبِغَال، وَالْفِيَلَةُ لِلاِتِّبَاعِ فِي بَعْضِهَا، وَقِيَاسُهَا فِي الْبَاقِي، وَلِتَتَمَيَّزَ عَنْ غَيْرِهَا، وَيَرُدَّهَا وَاجِدُهَا إِنْ شَرَدَتْ أَوْ ضَلَّتْ، وَلِيَعْرِفَهَا الْمُتَصَدِّقُ فَلاَ يَتَمَلَّكُهَا بَعْدُ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: أَمَّا نَعَمُ غَيْرِ الصَّدَقَةِ وَالْفَيْءِ وَالْجِزْيَةِ، فَوَسْمُهُ مُبَاحٌ، وَيُكْتَبُ عَلَى صَدَقَةِ الزَّكَاةِ: زَكَاةٌ، أَوْ صَدَقَةٌ، أَوْ طُهْرَةٌ، أَوْ لِلَّهِ وَهُوَ أَبْرَكُ وَأَوْلَى اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ. وَعَلَى نَعَمِ الْجِزْيَةِ: جِزْيَةٌ، أَوْ صَغَارٌ - بِالْفَتْحِ - (8) .
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ حَدِيثُ أَنَسٍ ﵁، قَال: " غَدَوْتُ إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ لِيُحَنِّكَهُ، فَوَافَيْتُهُ فِي يَدِهِ الْمِيسَمُ يَسِمُ إِبِل الصَّدَقَةِ (9) .
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ: " دَخَلْنَا عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ مَرْبَدًا وَهُوَ يَسِمُ غَنَمًا فِي آذَانِهَا (10) .
وَقَال الْخَادِمِيُّ: وَأَمَّا سِمَةُ الْبَهَائِمِ فَجَوَّزَهُ بَعْضٌ (أَيِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ) وَكَرِهَهُ آخَرُ، وَلاَ بَأْسَ بِكَيِّ الأَْغْنَامِ (11) .
مَكَانُ الْوَسْمِ:
5 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: يَكُونُ الْوَسْمُ فِي مَوْضِعٍ صَلْبٍ ظَاهِرٍ لاَ يَكْثُرُ شَعْرُهُ. وَالأَْوْلَى فِي الْغَنَمِ الآْذَانُ، وَفِي الإِْبِل وَالْبَقَرِ الأَْفْخَاذُ، وَكَذَا الْخَيْل، وَالْبِغَال وَالْحَمِيرُ، وَالْفِيَلَةُ.
وَقَالُوا: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ وَسْمُ الْغَنَمِ أَلْطَفَ، وَفَوْقَهُ الْحَمِيرُ، وَفَوْقَهُ الْبَقْرُ وَالْبِغَال، وَفَوْقَهُ الإِْبِل، وَفَوْقَهُ الْفِيَلَةُ.
أَمَّا الْوَسْمُ عَلَى الْوَجْهِ فَهُوَ حَرَامٌ عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (12) لِحَدِيثِ جَابِرٍ ﵁: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَرَّ عَلَيْهِ حِمَارٌ قَدْ وُسِمَ فِي وَجْهِهِ،: فَقَال: لَعَنَ اللَّهُ الَّذِي وَسَمَهُ (13) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ وَبَعْضُ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْوَسْمَ فِي وَجْهِ الْحَيَوَانِ مَكْرُوهٌ (14) .
وَهَذَا فِي غَيْرِ الآْدَمِيِّ. أَمَّا الآْدَمِيُّ فَوَسْمُهُ حَرَامٌ إِجْمَاعًا (15) لأَِنَّ وَسْمَ الآْدَمِيِّ مُثْلَةٌ، وَهِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ لِلتَّدَاوِي (16) .
__________
(1) حَدِيث أَنَس: " رَأَيْت فِي يَدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ الْمِيسَم. . . . . " أَخْرَجَهُ مُسْلِم (3 / 1674 - ط الْحَلَبِيّ) .
(2) لِسَان الْعَرَبِ وَالْمُعْجَم الْوَسِيط.
(3) الْقَوَانِين الْفِقْهِيَّة ص 450، وَحَاشِيَة الْعَدَوِيّ عَلَى شَرْحِ الرِّسَالَةِ 2 / 451، 457.
(4) لِسَان الْعَرَبِ، وَالْمُعْجَم الْوَسِيط.
(5) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 5 / 239، وَالْفَوَاكِه الدَّوَانِي 2 / 411.
(6) الْمُرَاجِع السَّابِقَة.
(7) مُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 119، وَشَرْح الْمَحَلِّيّ عَلَى الْمِنْهَاجِ 3 / 203 - 204، وَحَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 5 / 249 طَبْعَة بُولاَق، وَشَرْح الزُّرْقَانِيّ 8 / 131، وَالْقَوَانِين الْفِقْهِيَّة ص 450، وَالشَّرْح الصَّغِير 4 / 523، وَالْمُغْنِي مَعَ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ لاِبْنِ قُدَامَةَ 3 / 574، وَالآْدَاب الشَّرْعِيَّة لاِبْن مُفْلِح 3 / 141.
(8) الْمَصَادِر السَّابِقَة.
(9) حَدِيث أَنَس: " غَدَوْت إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ. . . " أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ (فَتْحُ الْبَارِي 3 / 366) ، وَمُسْلِم (3 / 1674) وَاللَّفْظ لِلْبُخَارِيِّ.
(10) حَدِيث أَنَس: " دَخَلْنَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ مربدا. . . " أَخْرَجَهُ مُسْلِم (3 / 1674) .
(11) بِرِيقَة مَحْمُودِيَّة 4 / 69.
(12) شَرْح الْمَحَلِّيّ مَعَ الْمِنْهَاجِ، وَحَاشِيَة الْقَلْيُوبِيّ 3 / 204، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 119.
(13) حَدِيث جَابِر: " أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ مَرّ عَلَيْهِ حِمَار. . . " أَخْرَجَهُ مُسْلِم (3 / 1674 ط الْحَلَبِيّ) .
(14) الْقَوَانِين الْفِقْهِيَّة ص 450، وَحَاشِيَة الْعَدَوِيّ عَلَى شَرْحِ الرِّسَالَةِ 2 / 397، وَمُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 120.
(15) مُغْنِي الْمُحْتَاج 3 / 140، وَشَرْح الزُّرْقَانِيّ 8 / 131.
(16) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 5 / 249.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 144/ 43