الرحيم
كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...
التَّعْرِيفُ:
1 - الأَْجْنَبِيُّ فِي اللُّغَةِ الْغَرِيبُ، وَيُقَال لِلْغَرِيبِ أَيْضًا جَنْبٌ، وَأَجْنَبُ، وَمِنْ مَعَانِي الْجَنَابَةِ: الْغُرْبَةُ. وَاجْتَنَبَ فُلاَنٌ فُلاَنًا إِذَا تَجَنَّبَهُ وَابْتَعَدَ عَنْهُ، وَنَقَل فِي التَّاجِ عَنِ الأَْسَاسِ: " وَمِنَ الْمَجَازِ: هُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْ كَذَا، أَيْ لاَ تَعَلُّقَ لَهُ بِهِ وَلاَ مَعْرِفَةَ " يَعْنِي كَمَا تَقُول: فُلاَنٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْ هَذَا الْعِلْمِ، أَوْ عَنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ. فَيُطْلَقُ الأَْجْنَبِيُّ عَلَى مَنْ هُوَ غَرِيبٌ حِسًّا أَوْ مَعْنًى.
2 - وَلَمْ نَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْفُقَهَاءِ عَرَّفَ هَذَا الْمُصْطَلَحَ، وَلَكِنْ بِاسْتِقْرَاءِ. مَوَاضِعِ وُرُودِهِ فِي كَلاَمِهِمْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَفْظٌ لَيْسَ لَهُ مَعْنًى وَاحِدٌ، بَل يُفَسَّرُ فِي كُل مَقَامٍ بِحَسَبِهِ (1) . فَمِنْ مَعَانِيهِ مَا يَلِي:
أ - الأَْجْنَبِيُّ الْبَعِيدُ عَنْكَ فِي الْقَرَابَةِ، وَهُوَ الَّذِي لاَ تَصِلُهُ بِكَ رَابِطَةُ النَّسَبِ، كَقَوْل الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ مِنْهَاجِ الطَّالِبِينَ (2) : " الأَْجْنَبِيُّ أَنْ يَحُجَّ عَنِ الْمَيِّتِ حَجَّةَ الإِْسْلاَمِ بِغَيْرِ إِذْنٍ ". قَال عَمِيرَةُ فِي حَاشِيَتِهِ: " الْمُرَادُ بِالأَْجْنَبِيِّ غَيْرُ الْوَارِثِ. قَالَهُ شَيْخُنَا. وَقِيَاسُ الصَّوْمِ أَنْ يُرَادَ بِهِ غَيْرُ الْقَرِيبِ ".
ب - وَالأَْجْنَبِيُّ الْغَرِيبُ عَنِ الأَْمْرِ مِنْ عَقْدٍ أَوْ غَيْرِهِ، كَقَوْلِهِمْ: " لَوْ أَتْلَفَ الْمَبِيعَ أَجْنَبِيٌّ قَبْل قَبْضِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ " أَيْ شَخْصٌ غَرِيبٌ عَنِ الْعَقْدِ، لَيْسَ هُوَ الْبَائِعُ وَلاَ الْمُشْتَرِي. وَكَقَوْلِهِمْ: " هَل يَصِحُّ شَرْطُ الْخِيَارِ لأَِجْنَبِيٍّ " وَيُسَمَّى الأَْجْنَبِيُّ إِذَا تَصَرَّفَ فِيمَا لَيْسَ لَهُ: " فُضُولِيًّا "
ج - وَالأَْجْنَبِيُّ: الْغَرِيبُ عَنِ الْوَطَنِ، وَدَارُ الإِْسْلاَمِ كُلُّهَا وَطَنٌ لِلْمُسْلِمِ. فَالأَْجْنَبِيُّ عَنْهَا مَنْ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ وَلاَ ذِمِّيٍّ.
د - وَالأَْجْنَبِيُّ عَنِ الْمَرْأَةِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَحْرَمًا لَهَا. وَالْمَحْرَمُ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أَوْ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ وَقِيل بِمُطْلَقِ سَبَبٍ، وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا كَابْنِ عَمِّهَا وَابْنِ خَالِهَا.
انْقِلاَبُ الأَْجْنَبِيِّ إِلَى ذِي عَلاَقَةٍ، وَعَكْسُهُ:
3 - يَنْقَلِبُ الأَْجْنَبِيُّ إِلَى ذِي عَلاَقَةٍ فِي أَحْوَالٍ، مِنْهَا:
أ - بِالْعَقْدِ، كَعَقْدِ النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ تَنْقَلِبُ بِهِ الْمَرْأَةُ الأَْجْنَبِيَّةُ إِلَى زَوْجَةٍ، وَكَعَقْدِ الشَّرِكَةِ، وَعَقْدِ الْوَكَالَةِ وَنَحْوِهِمَا. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي أَبْوَابِهِ مِنَ الْفِقْهِ.
ب - بِالإِْذْنِ وَالتَّفْوِيضِ وَنَحْوِهِمَا (3) ، كَتَفْوِيضِ الطَّلاَقِ إِلَى الْمَرْأَةِ أَوْ إِلَى غَيْرِهَا، وَكَالتَّوْكِيل وَالإِْيصَاءِ.
ج - بِالاِضْطِرَارِ، كَأَخْذِ مَنِ اشْتَدَّ جُوعُهُ مَا فِي يَدِ غَيْرِهِ مِنَ الطَّعَامِ فَائِضًا عَنْ ضَرُورَتِهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ (4) .
د - حُكْمُ الْقَضَاءِ، كَنَصْبِ الأَْجْنَبِيِّ وَصِيًّا أَوْ نَاظِرًا عَلَى الْوَقْفِ.
4 - وَيَنْقَلِبُ ذُو الْعَلاَقَةِ إِلَى أَجْنَبِيٍّ فِي أَحْوَالٍ، مِنْهَا:
أ - ارْتِفَاعُ السَّبَبِ الَّذِي بِهِ صَارَ الأَْجْنَبِيُّ ذَا عَلاَقَةٍ، كَطَلاَقِ الْمَرْأَةِ، وَفَسْخِ عَقْدِ الْبَيْعِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
ب - قِيَامُ الْمَانِعِ الَّذِي يَحُول دُونَ كَوْنِ السَّبَبِ مُؤَثِّرًا، وَذَلِكَ كَرِدَّةِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، يُصْبِحُ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا أَجْنَبِيًّا عَنِ الآْخَرِ، فَلاَ عِشْرَةَ وَلاَ مِيرَاثَ.
ج - حُكْمُ الْقَضَاءِ، كَالْحَجْرِ عَلَى السَّفِيهِ، وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمُولِي وَزَوْجَتِهِ عِنْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَالتَّفْرِيقِ لِلضَّرَرِ، وَالْحُكْمِ بِاسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ لِغَيْرِ ذِي الْيَدِ.
اجْتِمَاعُ ذِي الْعَلاَقَةِ وَالأَْجْنَبِيِّ:
5 - إِذَا اجْتَمَعَ ذُو عَلاَقَةٍ وَأَجْنَبِيٌّ، فَذُو الْعَلاَقَةِ هُوَ الأَْوْلَى (5) ، كَمَا يَلِي.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ لِلأَْجْنَبِيِّ بِحَسَبِ مَعَانِيهِ الْمُخْتَلِفَةِ:
أَوَّلاً: الأَْجْنَبِيُّ الَّذِي هُوَ خِلاَفُ الْقَرِيبِ:
6 - لِلْقَرِيبِ حُقُوقٌ وَمِيزَاتٌ يَنْفَرِدُ بِهَا عَنِ الأَْجْنَبِيِّ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوْلَى مِنَ الأَْجْنَبِيِّ بِرِعَايَةِ الشَّخْصِ الْمُحْتَاجِ إِلَى الرِّعَايَةِ وَالنَّظَرِ كَمَا فِي الأَْمْثِلَةِ التَّالِيَةِ:
أ - أَنَّ الْقَرِيبَ لَهُ حَقُّ الْوِلاَيَةِ عَلَى نَفْسِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَتَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ دُونَ الأَْجْنَبِيِّ.
ب - وَأَنَّ لَهُ حَقَّ الْحَضَانَةِ لِلصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ دُونَ الأَْجْنَبِيِّ، وَيُقَدَّمُ أَوْلَى الأَْقَارِبِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْحَضَانَةِ حَسَبَ تَرْتِيبٍ مُعَيَّنٍ.
وَإِذَا تَزَوَّجَتِ الْحَاضِنَةُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مِنَ الْمَحْضُونِ سَقَطَ حَقُّهَا فِي الْحَضَانَةِ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ لِلأُْمِّ: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي. (6) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ الْحَضَانَةِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
ج - وَأَنَّ الْقَرِيبَ أَوْلَى مِنَ الأَْجْنَبِيِّ بِتَغْسِيل الْمَيِّتِ، وَبِالإِْمَامَةِ فِي الصَّلاَةِ عَلَيْهِ، عَلَى تَفْصِيلٍ يُعْرَفُ فِي أَبْوَابِ الْجَنَائِزِ (7) .
ثَانِيًا: الأَْجْنَبِيُّ فِي التَّصَرُّفَاتِ وَالْعُقُودِ:
7 - الْمُرَادُ بِالأَْجْنَبِيِّ هُنَا مَنْ لَيْسَتْ لَهُ صَلاَحِيَةُ التَّصَرُّفِ، وَالَّذِي لَهُ صَلاَحِيَةُ التَّصَرُّفِ هُوَ صَاحِبُ الْحَقِّ وَالْوَصِيُّ وَالْوَكِيل وَنَحْوُهُمْ، فَمَنْ سِوَاهُمْ أَجْنَبِيٌّ.
فَإِنْ تَصَرَّفَ الإِْنْسَانُ فِي حَقٍّ هُوَ فِيهِ أَجْنَبِيٌّ، عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَهُ لِنَفْسِهِ، فَتَصَرُّفُهُ بَاطِلٌ. أَمَّا إِنْ تَصَرَّفَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَكُونَ لَهُ وِلاَيَةٌ أَوْ نِيَابَةٌ فَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى عِنْدَ الْفُقَهَاءِ الْفُضُولِيَّ وَاخْتَلَفُوا فِي تَصَرُّفِهِ ذَاكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَبْطَلَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مَوْقُوفًا عَلَى الإِْجَازَةِ (8) . (ر: إِجَازَةُ. فُضُولِيٍّ) .
ب - الأَْجْنَبِيُّ وَالْعِبَادَةُ:
8 - لاَ يَخْتَلِفُ حُكْمُ الأَْجْنَبِيِّ عَنْ حُكْمِ الْوَلِيِّ فِي شَأْنِ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ عَنِ الْغَيْرِ، فَلاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ عَنِ الْحَيِّ، إِذْ لاَ بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنَ النِّيَّةِ، وَلاَ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْ غَيْرِهِ الْقَضَاءُ عَنِ الْمَيِّتِ لِمَا فِي ذِمَّتِهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ. إِنْ تَبَرَّعَ بِهِ الْوَلِيُّ أَوِ الأَْجْنَبِيُّ فَفِي إِجْزَائِهِ عَنِ الْمَيِّتِ خِلاَفٌ. أَمَّا الْعِبَادَاتُ الْمَالِيَّةُ الْمَحْضَةُ كَالزَّكَاةِ وَبَعْضِ الْكَفَّارَاتِ وَفِدْيَةِ الصَّوْمِ، أَوِ الْمَالِيَّةِ الْبَدَنِيَّةِ كَالْحَجِّ، فَلاَ يَصِحُّ كَذَلِكَ فِعْلُهَا عَنِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، إِنْ كَانَ حَيًّا قَادِرًا. وَأَمَّا فِعْلُهَا عَنِ الْمَيِّتِ فَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَوِ الْوَصِيِّ إِذَا أَوْصَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ قَبْل وَفَاتِهِ بِذَلِكَ، فِي حُدُودِ ثُلُثِ التَّرِكَةِ، عَلَى مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ. وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ تَنْفُذُ مِنْ كُل الْمَال، سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَمْ يُوصِ، كَسَائِرِ الدُّيُونِ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُرْجَعُ لِمَعْرِفَتِهِ إِلَى أَبْوَابِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَالْكَفَّارَاتِ (9) . ج - تَبَرُّعُ الأَْجْنَبِيِّ بِأَدَاءِ الْحُقُوقِ:
9 - تَبَرُّعُ الأَْجْنَبِيِّ بِأَدَاءِ مَا تَرَتَّبَ عَلَى الْغَيْرِ مِنَ الْحُقُوقِ جَائِزٌ، وَذَلِكَ كَوَفَاءِ دَيْنِهِ، وَدَفْعِ مَهْرِ زَوْجَتِهِ وَنَفَقَتِهَا وَنَفَقَةِ أَوْلاَدِهِ. وَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ إِنْ كَانَ فَعَل ذَلِكَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، أَوْ نَوَى الرُّجُوعَ بِهِ، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ يُرْجَعُ لِمَعْرِفَتِهِ إِلَى الأَْبْوَابِ الْخَاصَّةِ بِتِلْكَ الْحُقُوقِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ (10) .
ثَالِثًا: الأَْجْنَبِيُّ بِمَعْنَى مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْل الْوَطَنِ:
10 - الأَْجْنَبِيُّ عَنْ دَارِ الإِْسْلاَمِ هُوَ الْحَرْبِيُّ، وَهُوَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا وَلاَ ذِمِّيًّا، وَلاَ يَحِقُّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ دُخُول دَارِ الإِْسْلاَمِ إِلاَّ بِأَمَانٍ، فَإِذَا دَخَل دَارَ الإِْسْلاَمِ بِالأَْمَانِ سُمِّيَ مُسْتَأْمَنًا. وَلِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِ الأَْجْنَبِيِّ بِهَذَا الْمَعْنَى (ر: أَمَانٌ. مُسْتَأْمَنُونَ. أَهْل الْحَرْبِ) .
رَابِعًا: الأَْجْنَبِيُّ عَنِ الْمَرْأَةِ:
11 - خَصَّصَتِ الشَّرِيعَةُ الأَْجَانِبَ بِأَحْكَامٍ خَاصَّةٍ، دُونَ الزَّوْجِ وَذَوِي الْمَحْرَمِ. وَذَلِكَ رِعَايَةً لِسَلاَمَةِ الْمَرْأَةِ، وَمُحَافَظَةً عَلَيْهَا مِنْ أَنْ يَصِل إِلَيْهَا مَا يَجْرَحُ كَرَامَتَهَا. وَقَدْ يَسَّرَتِ الشَّرِيعَةُ فِي الْعَلاَقَةِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا، إِذْ أَنَّ عَقْدَ الزَّوَاجِ يُبِيحُ لِكُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ مِنَ التَّمَتُّعِ بِالآْخَرِ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلسَّكَنِ بَيْنَهُمَا، لِتَتِمَّ حِكْمَةُ اللَّهِ بِدَوَامِ النَّسْل وَنُشُوئِهِ فِي كَنَفِ الأَْبَوَيْنِ عَلَى أَحْسَنِ وَجْهٍ، وَلَمْ تُضَيِّقِ الشَّرِيعَةُ أَيْضًا فِي الْعَلاَقَةِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَمَحْرَمِهَا لأَِنَّ مَا يَقُومُ بِأَنْفُسِهِمَا مِنَ الْمَوَدَّةِ وَالاِحْتِرَامِ يَحْجُبُ نَوَازِعَ الرَّغْبَةِ، وَلِكَيْ تَتَمَكَّنَ الْمَرْأَةُ وَأَقَارِبُهَا الأَْقْرَبُونَ مِنَ الْعَيْشِ مَعًا بِيُسْرٍ وَسُهُولَةٍ، وَالزَّوْجُ وَالْمَحْرَمُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفَانِ لِلأَْجْنَبِيِّ، فَوَضَعَتِ الشَّرِيعَةُ حُدُودًا لِلْعَلاَقَةِ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَهُ، تَتَلَخَّصُ فِيمَا يَلِي:
أ - النَّظَرُ:
12 - فَيَحْرُمُ عَلَى الأَْجْنَبِيِّ النَّظَرُ إِلَى زِينَةِ الْمَرْأَةِ وَبَدَنِهَا، كُلِّهِ عَلَى رَأْيِ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، أَوْ مَا عَدَا الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ عِنْدَ الْبَعْضِ الآْخَرِ. وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَسْتَتِرَ عَنِ الأَْجْنَبِيِّ بِتَغْطِيَةِ مَا لاَ يَحِل لَهُ رُؤْيَتُهُ، وَعَلَيْهَا أَنْ تَمْتَنِعَ عَنِ النَّظَرِ مِنْ بَدَنِ الأَْجْنَبِيِّ - وَالْمَحْرَمُ مِثْلُهُ - إِلاَّ إِلَى مَا سِوَى الْعَوْرَةِ، أَوْ إِلَى مَا عَدَا مَا تَنْظُرُهُ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمَرْأَةِ.
ب - اللَّمْسُ:
13 - فَلاَ يَلْمِسُ الأَْجْنَبِيُّ بَدَنَ الْمَرْأَةِ.
ج - الْخَلْوَةُ:
14 - فَلاَ يَحِل لِلرَّجُل وَالْمَرْأَةِ إِذَا كَانَا أَجْنَبِيَّيْنِ أَنْ يَخْلُوَ أَحَدُهُمَا بِالآْخَرِ، لِمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ مَرْفُوعًا إِيَّاكُمْ وَالدُّخُول عَلَى النِّسَاءِ وَحَدِيثِهِ الآْخَرِ لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ (11) د - صَوْتُ الْمَرْأَةِ:
15 - فَيَحْرُمُ اسْتِمَاعُ الأَْجْنَبِيِّ لِصَوْتِ الْمَرْأَةِ عَلَى الْقَوْل الْمَرْجُوحِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لأَِنَّهُ عَوْرَةٌ. وَفِي كَثِيرٍ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ خِلاَفٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ وَتَفْصِيلٌ وَاسْتِثْنَاءَاتٌ يُرْجَعُ لِمَعْرِفَتِهَا إِلَى بَابِ الْحَظْرِ وَالإِْبَاحَةِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ، وَإِلَى أَوَائِل أَبْوَابِ النِّكَاحِ وَبَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ مِنْ شُرُوطِ الصَّلاَةِ فِي كُتُبِ سَائِرِ الْمَذَاهِبِ (1) .
__________
(1) انظر مثلا: حاشية عميرة 3 / 174، والمبسوط 2 / 70، والمحلي 10 / 23
(2) بحاشية عميرة 3 / 174 ط الحلبي.
(3) انظر ابن عابدين2 / 475 و5 / 100 وغيرها، والقليوبي 3 / 221، والمغني6 / 471
(4) جواهر الإكليل4 / 204، والقليوبي4 / 263، والمغني 8 / 602 وما بعدها.
(5) حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص 323 ط المطبعة العامرة العثمانية 1304، وحاشية البيجوري2 / 239 ط دار المعرفة 1398، والمغني 2 / 280 و6 / 456 وما بعدها ط 3 المنار، وشرح الخرشي2 / 20، وحاشية الدسوقي2 / 1، ومغني المحتاج3 / 151
(6) رواه أحمد وأبو داود والحاكم من حديث عمر بن شعيب أبيه عن جده (تلخيص الحبير4 / 10)
(7) ابن عابدين1 / 575، 591، والحطاب2 / 212، والمجموع 5 / 132، 141، 142، والقليوبي1 / 322، والمغني2 / 483 ط 3
(8) ابن عابدين4 / 134، وجواهر الإكليل1 / 339 و2 / 5، والقليوبي2 / 160، والمغني4 / 205، 479 ط 3، والقواعد لابن رجب 417، 418
(9) انظر مثلا: الروح لابن القيم، المسألة 16، ومغني المحتاج 2 / 469، 479، وابن عابدين1 / 237، 492، و2 / 239، وجواهر الإكليل2 / 25، والمغني2 / 683
(10) انظر مثلا: مغني المحتاج2 / 369، والمغني 5 / 670
(11) فتح الباري 9 / 330 ط السلفية.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 52/ 2