القيوم
كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...
التَّعْرِيفُ:
1 - الاِدِّهَانُ فِي اللُّغَةِ: الاِطِّلاَءُ بِالدُّهْنِ، وَالدُّهْنُ مَا يُدْهَنُ بِهِ مِنْ زَيْتٍ وَغَيْرِهِ (1) . وَالاِطِّلاَءُ أَعَمُّ مِنَ الاِدِّهَانِ؛ لأَِنَّهُ يَكُونُ بِالدُّهْنِ وَغَيْرِهِ، كَالاِطِّلاَءِ بِالنُّورَةِ.
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لَهُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - الاِدِّهَانُ بِالطِّيبِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِمَّا لاَ نَجَاسَةَ فِيهِ مُسْتَحَبٌّ فِي الْجُمْلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلإِْنْسَانِ، إِذْ هُوَ مِنَ التَّجَمُّل الْمَطْلُوبِ لِكُل مُسْلِمٍ، وَهُوَ مِنَ الزِّينَةِ الَّتِي يَشْمَلُهَا قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {قُل مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ (2) } . وَقَدْ رُوِيَتْ فِي الْحَثِّ عَلَى الاِدِّهَانِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، مِنْهَا قَوْل النَّبِيِّ ﷺ: اسْتَاكُوا عَرْضًا وَادَّهِنُوا غِبًّا (3) وَوَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُكْثِرُ دَهْنَ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الاِدِّهَانُ غِبًّا، وَهُوَ أَنْ يَدْهُنَ، ثُمَّ يَتْرُكَ حَتَّى يَجِفَّ الدُّهْنُ، ثُمَّ يَدْهُنَ ثَانِيًا، وَقِيل: يَدْهُنُ يَوْمًا وَيَوْمًا لاَ (4) .
وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ الاِدِّهَانِ لِصَلاَةِ الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدِ، وَمَجَامِعِ النَّاسِ. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرِّجَال وَالصِّبْيَانُ وَالْعَبِيدُ، إِلاَّ النِّسَاءَ، فَلاَ يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ مِنْهُنَّ حُضُورَ الْجُمُعَةِ (5) .
وَيُسْتَثْنَى مِنَ الْحُكْمِ بَعْضُ الْحَالاَتِ الَّتِي يَحْرُمُ فِيهَا الاِدِّهَانُ أَوْ يُكْرَهُ، كَحَالاَتِ الإِْحْرَامِ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ وَالاِعْتِكَافِ، وَالصَّوْمِ، وَالإِْحْدَادِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ (6) . 3 - أَمَّا الاِدِّهَانُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الإِْنْسَانِ، كَدَهْنِ الْحَبْل، وَالْعَجَلَةِ، وَالسَّفِينَةِ، وَالنَّعْل، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ جَائِزٌ بِمَا لاَ نَجَاسَةَ فِيهِ، أَمَّا الْمُتَنَجِّسُ فَفِيهِ خِلاَفٌ عَلَى أَسَاسِ جَوَازِ الاِنْتِفَاعِ بِالْمُتَنَجِّسِ أَوْ عَدَمِ الاِنْتِفَاعِ بِهِ (1) .
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
4 - لِلاِدِّهَانِ أَحْكَامٌ مُتَعَدِّدَةٌ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَائِل الْفِقْهِيَّةِ مُفَصَّلَةٌ أَحْكَامُهَا فِي أَبْوَابِهَا، وَمِنْ ذَلِكَ ادِّهَانُ الْمُحْرِمِ فِي بَابِ الْحَجِّ، وَالْمُعْتَكِفِ فِي بَابِ الاِعْتِكَافِ، وَالصَّائِمِ فِي بَابِ الصَّوْمِ، وَالْمُحِدَّةِ فِي بَابِ الْعِدَّةِ. كَذَلِكَ الاِدِّهَانُ بِالْمُتَنَجِّسِ فِي بَابِ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ.
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والمغرب.
(2) سورة الأعراف / 32
(3) حديث " استاكوا عرضًا. . . " وتمامه " واكتحلوا وترًا " قال النووي في شرح المهذب (1 / 313 ط العالمية) : هذا الحديث ضعيف غير معروف، قال ابن الصلاح: بحثت عنه فلم أجد له أصلا ولا ذكرا في شيء من كتب الحديث ". أهـ.
(4) يدل على ذلك حديث عائشة رضى الله عنها: " كان رسول الله ﷺ إذا أراد أن يحرم يتطيب ما يجد، ثم أجد وبيض الدهن في رأسه ولحيته بعد ذلك ". أخرجه مسلم (2 / 848 ط عيسى الحلبي) . وانظر تفسير القرطبي 7 / 198 ط دار الكتب المصرية، والآداب الشرعية لابن مفلح 3 / 21 ط المنار، وزاد المعاد 1 / 44 ط مصطفى الحلبي، وفيض القدير 5 / 43 ط مصطفى محمد، والمجموع 1 / 280، 293 ط المنيرية، والمغني 1 / 93 ط الرياض.
(5) المجموع 4 / 537، والمغني 2 / 202 ط المنار، ومنح الجليل 1 / 263 نشر ليبيا.
(6) ابن عابدين 2 / 202، 617 ط بولاق. والمغني 3 / 300 و 7 / 518، ومنح الجليل 1 / 427، 512
الموسوعة الفقهية الكويتية: 352/ 2