الجبار
الجَبْرُ في اللغة عكسُ الكسرِ، وهو التسويةُ، والإجبار القهر،...
التَّعْرِيفُ:
1 - الأَْمْرُ فِي اللُّغَةِ يَأْتِي بِمَعْنَيَيْنِ:
الأَْوَّل: يَأْتِي بِمَعْنَى الْحَال أَوِ الشَّأْنِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} (1) أَوِ الْحَادِثَةُ، وَمِنْهُ قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {إِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} (2) وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَْمْرِ} (3)
قَال الْخَطِيبُ الْقَزْوِينِيُّ فِي الإِْيضَاحِ: أَيْ شَاوِرْهُمْ فِي الْفِعْل الَّذِي تَعْزِمُ عَلَيْهِ. وَيُجْمَعُ بِهَذَا الْمَعْنَى عَلَى (أُمُورٍ) .
الثَّانِي: طَلَبُ الْفِعْل، وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى نَقِيضُ النَّهْيِ. وَجَمْعُهُ (أَوَامِرُ) فَرْقًا بَيْنَهُمَا، كَمَا قَالَهُ الْفَيُّومِيُّ (4) .
وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ يُسْتَعْمَل الأَْمْرُ بِالْمَعْنَيَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، وَلَكِنِ اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ مِنْ ذَلِكَ فِي مَسَائِل:
الْمَسْأَلَةُ الأُْولَى:
قَال بَعْضُهُمْ: لَفْظُ (الأَْمْرِ) مُشْتَرَكٌ لَفْظِيٌّ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ. وَقَال آخَرُونَ: بَل هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْقَوْل الْمَخْصُوصِ، وَهُوَ قَوْل الطَّالِبِ لِلْفِعْل، مَجَازٌ فِي الْحَال وَالشَّأْنِ. وَقِيل: إِنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْمَعْنَى الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا (5) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
طَلَبُ الْفِعْل لاَ يُسَمَّى أَمْرًا حَقِيقَةً، إِلاَّ إِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْحَتْمِ وَالإِْلْزَامِ.
وَاسْتَدَل مَنْ قَال بِذَلِكَ بِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأََمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُل وُضُوءٍ (6) قَالُوا: لَوْ لَمْ يَكُنِ الأَْمْرُ عَلَى وَجْهِ الْحَتْمِ مَا كَانَ فِيهِ مَشَقَّةٌ. وَهَذَا قَوْل الْحَنَفِيَّةِ. وَقَال الْبَاقِلاَّنِيُّ وَجُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ: لاَ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ، بَل طَلَبُ الْفِعْل أَمْرٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ التَّحَتُّمِ، فَيَدْخُل الْمَنْدُوبُ فِي الْمَأْمُورِ بِهِ حَقِيقَةً. (7)
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ:
إِنَّ طَلَبَ الْفِعْل لاَ يُسَمَّى أَمْرًا حَقِيقَةً إِلاَّ إِذَا كَانَ عَلَى سَبِيل الاِسْتِعْلاَءِ، أَيِ اسْتِعْلاَءِ الآْمِرِ عَلَى الْمَأْمُورِ، احْتِرَازًا عَنِ الدُّعَاءِ وَالاِلْتِمَاسِ، فَهُوَ شَرْطُ أَكْثَرِ الْمَاتُرِيدِيَّةِ وَالآْمِدِيِّ مِنَ الأَْشْعَرِيَّةِ، وَصَحَّحَهُ الرَّازِيُّ، وَهُوَ رَأْيُ أَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ، لِذَمِّ الْعُقَلاَءِ الأَْدْنَى بِأَمْرِهِ مَنْ هُوَ أَعْلَى.
وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ يَجِبُ الْعُلُوُّ فِي الأَْمْرِ، وَإِلاَّ كَانَ دُعَاءً أَوِ الْتِمَاسًا. وَعِنْدَ الأَْشْعَرِيِّ لاَ يُشْتَرَطُ الْعُلُوُّ وَلاَ الاِسْتِعْلاَءُ، وَبِهِ قَال أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ. وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ: وَهُوَ الْحَقُّ، (8) لِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ فِرْعَوْنَ: {إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} . (9)
صِيَغُ الأَْمْرِ:
2 - لِلأَْمْرِ صِيَغٌ صَرِيحَةٌ وَهِيَ ثَلاَثَةٌ: فِعْل الأَْمْرِ، مِثْل قَوْله تَعَالَى: {أَقِيمُوا الصَّلاَةَ} (10) وَقَوْلِهِ: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (11) ، وَاسْمُ فِعْل الأَْمْرِ نَحْوُ: نَزَال، وَالْمُضَارِعُ الْمُقْتَرِنُ بِلاَمِ الأَْمْرِ، نَحْوَ {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} (12) . وَصِيَغٌ غَيْرُ صَرِيحَةٍ، قَال الشَّاطِبِيُّ:
(13) مِنْهَا: مَا جَاءَ مَجِيءَ الإِْخْبَارِ عَنْ تَقْرِيرِ الْحُكْمِ، نَحْوُ: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} . (14)
(15) وَمِنْهَا: مَا جَاءَ مَجِيءَ مَدْحِهِ أَوْ مَدْحِ فَاعِلِهِ، نَحْوَ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ} . (16)
(17) وَمِنْهَا: مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْمَطْلُوبُ، كَالْمَفْرُوضِ فِي مَسْأَلَةِ مَا لاَ يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلاَّ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، كَغَسْل جُزْءٍ مِنَ الرَّأْسِ، لاِسْتِيفَاءِ غَسْل الْوَجْهِ. (18) دَلاَلَةُ صِيغَةِ الأَْمْرِ الصَّرِيحَةِ:
3 - اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي دَلاَلَةِ صِيغَةِ (افْعَل) غَيْرِ الْمُقْتَرِنَةِ بِمَا يُعَيِّنُ مَعْنَاهَا.
فَهِيَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ، وَعِنْدَ أَبِي هَاشِمٍ وَكَثِيرٍ مِنَ الأُْصُولِيِّينَ حَقِيقَةٌ فِي النَّدْبِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَقِيل: مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا، وَرُوِيَ هَذَا عَنِ الشَّافِعِيِّ. وَقِيل: إِنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِمُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الاِقْتِضَاءُ حَتْمًا كَانَ أَوْ نَدْبًا، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيِّ، وَنُسِبَ إِلَى مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ.
4 - الأَْمْرُ الْوَارِدُ بَعْدَ الْحَظْرِ هُوَ لِلإِْبَاحَةِ عِنْدَ الأَْكْثَرِ، وَمِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَالآْمِدِيُّ كَقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَلاَ فَزُورُوهَا. (19)
وَلِلْوُجُوبِ عِنْدَ عَامَّةِ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنِ الْقَاضِي وَالْمُعْتَزِلَةِ وَاخْتَارَهُ الرَّازِيُّ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ. وَاخْتَارَ ابْنُ الْهُمَامِ وَالشَّيْخُ زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ الْحُكْمُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْل الْحَظْرِ إِبَاحَةً أَوْ وُجُوبًا. (20)
وُرُودُ الأَْمْرِ لِغَيْرِ الْوُجُوبِ:
5 - تَرِدُ صِيغَةُ الأَْمْرِ لِغَيْرِ الْوُجُوبِ فِي أَكْثَرِ مِنْ عِشْرِينَ مَعْنًى، مِنْهَا: الاِلْتِمَاسُ وَالتَّهْدِيدُ.
اقْتِضَاءُ الأَْمْرِ لِلتَّكْرَارِ:
6 - الأَْمْرُ لِطَلَبِ الْفِعْل مُطْلَقًا لاَ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَيَبْرَأُ بِالْفِعْل مَرَّةً وَيَحْتَمِل التَّكْرَارَ، وَاخْتَارَهُ الرَّازِيُّ وَالآْمِدِيُّ.
وَقَال الأُْسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الإِْسْفِرَايِينِيُّ: هُوَ لاَزِمٌ مُدَّةَ الْعُمُرِ إِنْ أَمْكَنَ، وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ.
وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْل الأُْصُول إِلَى أَنَّهَا لِلْمَرَّةِ، وَلاَ يَحْتَمِل التَّكْرَارَ، وَهُوَ قَوْل أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ. أَمَّا إِنْ قُيِّدَ بِشَرْطٍ، نَحْوَ {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (21) أَوْ بِالصِّفَةِ نَحْوَ {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (22) فَإِنَّهُ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ، بِتَكَرُّرِ الشَّرْطِ أَوِ الصِّفَةِ، وَقِيل بِالْوَقْفِ فِي ذَلِكَ. (23)
دَلاَلَةُ الأَْمْرِ عَلَى الْفَوْرِ أَوِ التَّرَاخِي:
7 - الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الأَْمْرَ لِمُجَرَّدِ الطَّلَبِ، فَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ كَمَا يَجُوزُ الْبِدَارُ، وَعُزِيَ إِلَى الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ. وَاخْتَارَهُ الرَّازِيُّ وَالآْمِدِيُّ.
وَقِيل: يُوجِبُ الْفَوْرَ، وَعُزِيَ إِلَى الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْكَرْخِيِّ، وَاخْتَارَهُ السَّكَّاكِيُّ وَالْقَاضِي.
وَتَوَقَّفَ الإِْمَامُ فِي أَنَّهُ لِلْفَوْرِ أَوْ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْفَوْرِ وَالتَّرَاخِي. (24)
الأَْمْرُ بِالأَْمْرِ:
8 - مَنْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَأْمُرَ آخَرَ بِفِعْلٍ مَا فَلَيْسَ هَذَا أَمْرًا لِلْمَأْمُورِ الثَّانِي عَلَى الْمُخْتَارِ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ. فَقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ (25) لَيْسَ أَمْرًا مِنْهُ لِلصِّبْيَانِ بِالصَّلاَةِ. لَكِنْ إِنْ أَفْهَمَتِ الْقَرِينَةُ أَنَّ الْوَاسِطَةَ مُجَرَّدُ مُبَلِّغٍ كَانَ الأَْمْرُ بِالأَْمْرِ أَمْرًا لِلْمَأْمُورِ الثَّانِي، وَمِنْهُ أَنَّ عُمَرَ أَخْبَرَ النَّبِيَّ ﷺ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَقَال: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا (26) . وَلَيْسَ مِنْ مَوْضُوعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ صَرَّحَ الأَْمْرُ بِالتَّبْلِيغِ، نَحْوَ قَوْلِهِ: (قُل لِفُلاَنٍ يَفْعَل كَذَا) فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ لِلثَّانِي بِلاَ خِلاَفٍ. (27)
تَكْرَارُ الأَْمْرِ:
9 - إِذَا كَرَّرَ الآْمِرُ الأَْمْرَ قَبْل أَنْ يُنَفِّذَ الْمَأْمُورُ الأَْمْرَ الأَْوَّل، فَقَدْ يَتَعَيَّنُ الثَّانِي لِلتَّأْكِيدِ، كَمَا فِي نَحْوِ: صُمْ هَذَا الْيَوْمَ، صُمْ هَذَا الْيَوْمَ، إِذْ لاَ يُصَامُ الْيَوْمُ مَرَّتَيْنِ. وَنَحْوُ: اسْقِنِي اسْقِنِي، فَإِنَّ الْحَاجَةَ الَّتِي دَعَتْ إِلَى طَلَبِ الْمَاءِ تَنْدَفِعُ بِالشُّرْبِ الأَْوَّل. فَإِنْ دَارَ الثَّانِي بَيْنَ التَّأْسِيسِ وَالتَّأْكِيدِ، فَقِيل: يُحْمَل عَلَى التَّأْسِيسِ احْتِيَاطًا، وَيَكُونُ الْمَطْلُوبُ الإِْتْيَانَ بِالْفِعْل مُكَرَّرًا. وَقِيل: يُحْمَل عَلَى التَّأْكِيدِ لِكَثْرَتِهِ فِي الْكَلاَمِ. (28)
امْتِثَال الآْمِرِ يَقْتَضِي الإِْجْزَاءَ:
10 - الْمَأْمُورُ إِذَا أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا طُلِبَ مَعَ الشَّرَائِطِ وَالأَْرْكَانِ، يَسْتَلْزِمُ الإِْجْزَاءَ اتِّفَاقًا، إِذَا فُسِّرَ الإِْجْزَاءُ بِالاِمْتِثَال. أَمَّا إِنْ فُسِّرَ الإِْجْزَاءُ بِسُقُوطِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّ الإِْتْيَانَ بِالْمَأْمُورِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ يُسْقِطُهُ كَذَلِكَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، خِلاَفًا لِلْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ الْمُعْتَزِلِيِّ. (29)
تَعَارُضُ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ:
11 - النَّهْيُ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ يَتَرَجَّحُ عَلَى الأَْمْرِ، لأَِنَّ دَفْعَ الْمَفْسَدَةِ الْمُسْتَفَادَةِ مِنَ النَّهْيِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَنْفَعَةِ، وَلِذَا يَتَرَجَّحُ حَدِيثُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الأَْوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ عَلَى حَدِيثِ الأَْمْرِ بِصَلاَةِ رَكْعَتَيْنِ قَبْل الْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ، فِي حَقِّ مَنْ دَخَل الْمَسْجِدَ قُبَيْل غُرُوبِ الشَّمْسِ مَثَلاً. (30)
وَفِي هَذِهِ الْمَسَائِل الْمُتَقَدِّمَةِ خِلاَفَاتٌ وَتَفْصِيلاَتٌ أَوْسَعُ مِمَّا تَقَدَّمَ، فَلْيُرْجَعْ إِلَيْهَا ضِمْنَ مَبَاحِثِ الأَْمْرِ مِنْ كُتُبِ أُصُول الْفِقْهِ، وَالْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
الأَْحْكَامُ الْفِقْهِيَّةُ إِجْمَالاً:
طَاعَةُ الأَْوَامِرِ:
12 - تَجِبُ طَاعَةُ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي تَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَكَذَلِكَ أَوَامِرُ رَسُولِهِ ﷺ. وَيُطَاعُ سِوَاهُمَا فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ (31) فَيُطَاعُ الأَْبَوَانِ وَوَلِيُّ الأَْمْرِ وَنُوَّابُهُ فِي غَيْرِ الْحَرَامِ. (ر: طَاعَة) . الأَْمْرُ فِي الْجِنَايَاتِ:
13 - مَنْ أَمَرَ إِنْسَانًا بِقَتْل إِنْسَانٍ فَقَتَلَهُ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِل دُونَ الآْمِرِ، إِنْ كَانَ الْقَاتِل مُكَلَّفًا، لَكِنْ إِنْ كَانَ لِلآْمِرِ وِلاَيَةٌ عَلَى الْمَأْمُورِ، أَوْ خَافَ الْمَأْمُورُ عَلَى نَفْسِهِ لَوْ لَمْ يَفْعَل، فَفِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ. (32) يُنْظَرُ فِي (إِكْرَاه، وَقَتْل، وَقِصَاص)
ضَمَانُ الآْمِرِ:
14 - مَنْ أَمَرَ غَيْرَهُ بِعَمَلٍ، فَأَتْلَفَ شَيْئًا، فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُتْلِفِ لاَ عَلَى الآْمِرِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ صُوَرٌ، مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ الآْمِرُ سُلْطَانًا أَوْ أَبًا، أَوْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ أَجِيرًا لَدَى الآْمِرِ (33) . وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِ (ضَمَان وَإِكْرَاه) .
الإِْيجَابُ أَوِ الْقَبُول بِصِيغَةِ الأَْمْرِ:
15 - إِذَا قَال: بِعْنِي هَذَا الثَّوْبَ بِعِشْرِينَ، فَقَال: بِعْتُكَ بِهَا، انْعَقَدَ الْبَيْعُ وَصَحَّ. وَكَذَا لَوْ قَال الْبَائِعُ: اشْتَرِ مِنِّي هَذَا الثَّوْبَ بِكَذَا، فَقَال: اشْتَرَيْتُهُ بِهِ، لِصِدْقِ حَدِّ الإِْيجَابِ وَالْقَبُول عَلَيْهِمَا. وَكَذَا فِي التَّزْوِيجِ، لَوْ قَال لِرَجُلٍ: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ، فَقَال: زَوَّجْتُكَهَا، يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ. وَهَذَا بِخِلاَفِ الاِسْتِفْهَامِ أَوِ التَّمَنِّي مَثَلاً، فَلاَ يَنْعَقِدُ بِهِمَا الْعَقْدُ. كَمَا لَوْ قَال: أَتَبِيعُنِي هَذَا الثَّوْبَ بِكَذَا فَقَال: بِعْتُكَهُ بِهَا (1) . وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ، وَفِي بَعْضِهِ خِلاَفٌ (ر: صِيغَة، عَقْد، زَوَاج) .
__________
(1) سورة هود / 97
(2) سورة النور / 62
(3) سورة آل عمران / 159
(4) لسان العرب، والقاموس، والمرجع في اللغة، والمصباح، وشروح التلخيص مادة (أمر)
(5) شرح مسلم الثبوت 1 / 367 - 369، والعضد وحواشيه على مختصر ابن الحاجب 2 / 76 ط ليبيا
(6) حديث " لولا أن أشق على أمتي. . . " أخرجه أحمد (2 / 460 ط الميمنية) وإسناده صحيح
(7) مسلم الثبوت 1 / 111، والسعد على العضد 2 / 77
(8) شرح مسلم الثبوت 1 / 369، 372، وشرح جمع الجوامع 1 / 369
(9) سورة الأعراف / 109، 110
(10) سورة البقرة / 43
(11) سورة الجمعة / 9
(12) سورة الطلاق / 7
(13)
(14) سورة البقرة / 233
(15)
(16) سورة الفتح / 17
(17)
(18) الموافقات 3 / 144 - 156
(19) حديث " كنت نهيتكم. . . " أخرجه مسلم 3 / 1564 ط الحلبي
(20) شرح مسلم الثبوت1 / 372 - 379
(21) سورة المائدة / 6
(22) سورة المائدة / 38
(23) مسلم الثبوت 2 / 380 - 386، والسعد على مختصر ابن الحاجب 2 / 83، وجمع الجوامع 1 / 379، 380
(24) شرح مسلم الثبوت 1 / 387، 388. والبرهان للجويني 231 - 247
(25) حديث " مروا أولادكم. . . " أخرجه أبو داود (1 / 334 ط عزت عبيد دعاس) . وحسنه النووي في رياض الصالحين (ص 148 ط المكتب الإسلامي)
(26) حديث " مره فليراجعها. . . " أخرجه البخاري (الفتح 9 / 351 ط السلفية) ، ومسلم (2 / 1095 ط الحلبي)
(27) شرح مسلم الثبوت 1 / 390، 391، والمستصفى 2 / 14، وحاشية القليوبي 3 / 348
(28) شرح مسلم الثبوت 1 / 391
(29) شرح مسلم الثبوت 1 / 393
(30) شرح مسلم الثبوت 2 / 202
(31) حديث " السمع والطاعة. . . . . " أخرجه البخاري (الفتح 13 / 121 ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1469 ط الحلبي)
(32) المغني 7 / 757، 758، وابن عابدين 5 / 352، وجواهر الإكليل 2 / 257، والزرقاني على خليل 8 / 11
(33) ابن عابدين 5 / 137 ط بولاق1272 هـ، والمغني 8 / 328 ط الثالثة
الموسوعة الفقهية الكويتية: 242/ 6