الأكرم
اسمُ (الأكرم) على وزن (أفعل)، مِن الكَرَم، وهو اسمٌ من أسماء الله...
التَّعْرِيفُ:
1 - لَمْ يَرِدِ الاِنْضِبَاطُ فِيمَا بَيْنَ أَيْدِينَا مِنْ مَعَاجِمِ اللُّغَةِ الْقَدِيمَةِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ فِعْلُهُ فِي الْمُعْجَمِ الْوَسِيطِ حَيْثُ قَال: (انْضَبَطَ مُطَاوِعُ ضَبَطَ) . وَمَعْنَى الضَّبْطِ: الْحِفْظُ بِالْحَزْمِ. وَالضَّابِطَةُ: الْقَاعِدَةُ. وَالْجَمْعُ ضَوَابِطُ. (1)
وَالاِنْضِبَاطُ فِي الاِصْطِلاَحِ: الاِنْدِرَاجُ وَالاِنْتِظَامُ تَحْتَ ضَابِطٍ أَيْ حُكْمٍ كُلِّيٍّ (2) وَبِهِ يَكُونُ الشَّيْءُ مَعْلُومًا. (3)
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - ذَهَبَ الأُْصُولِيُّونَ إِلَى أَنَّ مِنْ شَرَائِطِ الْعِلَّةِ أَنْ تَكُونَ وَصْفًا ضَابِطًا لِلْحِكْمَةِ، لاَ حِكْمَةً مُجَرَّدَةً لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا. وَذَلِكَ كَالْمَشَقَّةِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْوَاضِحِ الْبَيِّنِ أَنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ كُل قَدْرٍ مِنْهَا، بَل قَدْرٌ مُعَيَّنٌ، وَهُوَ غَيْرُ مَضْبُوطٍ فِي ذَاتِهِ، فَضُبِطَ بِمَظِنَّتِهِ وَهِيَ السَّفَرُ. وَلَوْ وُجِدَتِ الْحِكْمَةُ مُنْضَبِطَةً جَازَ رَبْطُ الْحُكْمِ بِهَا لِعَدَمِ الْمَانِعِ، بَل يَجِبُ؛ لأَِنَّهَا الْمُنَاسِبُ الْمُؤَثِّرُ فِي الْحَقِيقَةِ. وَقِيل لاَ يَجُوزُ رَبْطُ الْحُكْمِ بِهَا وَلَوْ مَعَ انْضِبَاطِهَا. (4) وَتَمَامُ الْكَلاَمِ فِيهِ مَحَلُّهُ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ. وَإِذْ قَدْ كَانَ الأَْمْرُ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَقَدِ اعْتُرِضَ عَلَى الْقَائِلِينَ بِالْمُنَاسَبَةِ بِأَنَّ الْمُنَاسِبَ وَصْفٌ غَيْرُ مُنْضَبِطٍ مِثْل الْحَرَجِ وَالزَّجْرِ وَنَحْوِهِمَا، فَإِنَّهَا مُشَكِّكَاتٌ، وَلاَ يُعْتَبَرُ كُل قَدْرٍ مِنْ آحَادِهَا. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَصْفَ الْمُنَاسِبَ مُنْضَبِطٌ، وَطُرُقُ انْضِبَاطِهِ ثَلاَثَةٌ:
الأُْولَى: أَنْ يَنْضَبِطَ بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَعْتَبِرَ مُطْلَقَهُ كَالإِْيمَانِ لَوْ قِيل بِتَشْكِيكِ الْيَقِينِ، فَالْمُعْتَبَرُ مُطْلَقُ الْيَقِينِ فِي أَيِّ فَرْدٍ تَحَقَّقَ مِنْ أَفْرَادِهِ الْمُخْتَلِفَةِ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَنْضَبِطَ فِي الْعُرْفِ كَالْمَنْفَعَةِ وَالْمَضَرَّةِ، فَإِنَّهُمَا وَصْفَانِ مَضْبُوطَانِ عُرْفًا.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَنْضَبِطَ فِي الشَّرْعِ بِالْمَظِنَّةِ كَالسَّفَرِ، فَإِنَّ مَرْتَبَةَ الْحَرَجِ إِنَّمَا تَتَعَيَّنُ بِهِ، وَكَالْحَدِّ فَإِنَّهُ بِهِ يَتَحَدَّدُ مِقْدَارُ الزَّجْرِ. (5)
وَمِنْ أَمْثِلَةِ الاِنْضِبَاطِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:
أَوَّلاً: انْضِبَاطُ الْمُسْلَمِ فِيهِ:
3 - يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْمُخْتَلَطِ بِسَبَبِ الصَّنْعَةِ، إِذَا انْضَبَطَتْ عِنْدَ أَهْل تِلْكَ الصَّنْعَةِ الأَْجْزَاءُ الْمَقْصُودَةُ الَّتِي صُنِعَ مِنْهَا الْمُسْلَمُ فِيهِ، وَذَلِكَ كَالْعَتَّابِيِّ، وَهُوَ مَا رُكِّبَ مِنْ قُطْنٍ وَحَرِيرٍ، وَكَالْخَزِّ وَهُوَ مَا رُكِّبَ مِنْ حَرِيرٍ وَوَبَرٍ وَصُوفٍ، فَلاَ بُدَّ لِكُلٍّ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مَعْرِفَةُ وَزْنِ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الأَْجْزَاءِ؛ لأَِنَّ الْقِيَمَ وَالأَْغْرَاضَ تَتَفَاوَتُ بِذَلِكَ تَفَاوُتًا ظَاهِرًا، (6) فَإِذَا لَمْ تُضْبَطْ هَذِهِ الأُْمُورُ أَدَّى ذَلِكَ إِلَى النِّزَاعِ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إِذَا كَانَتْ بِحَيْثُ لاَ يُمْكِنُ ضَبْطُهَا. ثَانِيًا: الاِنْضِبَاطُ فِي الْقِصَاصِ:
4 - يُشْتَرَطُ فِي قِصَاصِ مَا دُونَ النَّفْسِ أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ مُنْضَبِطَةً كَالْقَطْعِ مِنَ الْمِفْصَل، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنِ انْضِبَاطُهُمَا كَالْجَوَائِفِ فَلاَ يَجِبُ، بِخِلاَفِ قِصَاصِ النَّفْسِ فَلاَ يُشْتَرَطُ الاِنْضِبَاطُ فِي جِرَاحَتِهِ الَّتِي سَرَتْ إِلَيْهَا. (1)
ثَالِثًا: الاِنْضِبَاطُ فِي الْعَيْنِ الْمُدَّعَاةِ:
5 - عَلَى الْمُدَّعِي إِذَا ادَّعَى عَيْنًا تَنْضَبِطُ أَنْ يَصِفَهَا بِصِفَةِ السَّلَمِ، وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ مِثْلِيَّةً كَالْحُبُوبِ، أَوْ قِيَمِيَّةً كَالْحَيَوَانِ، عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي بَابِ السَّلَمِ. (2)
مِنْ مَوَاطِنِ الْبَحْثِ:
6 - ذَكَرَ الأُْصُولِيُّونَ الاِنْضِبَاطَ فِي كَلاَمِهِمْ عَلَى عِلَّةِ الْقِيَاسِ، وَفِي آدَابِ الْمُنَاظَرَةِ ضَمْنَ الأَْسْئِلَةِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ. وَذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ فِي كَلاَمِهِمْ عَلَى شُرُوطِ الْمُسْلَمِ وَالْقِصَاصِ وَالدَّعْوَى. (3)
__________
(1) التاج (ضبط) .
(2) المرجع للعلايلي.
(3) نهاية المحتاج 4 / 196.
(4) فواتح الرحموت 2 / 274
(5) فواتح الرحموت 2 / 274
(6) نهاية المحتاج 4 / 195، 196.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 10/ 7