القوي
كلمة (قوي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من القرب، وهو خلاف...
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّأْرِيخُ: مَصْدَرُ أَرَّخَ، وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: تَعْرِيفُ الْوَقْتِ، يُقَال: أَرَّخْتُ الْكِتَابَ لِيَوْمِ كَذَا: إِذَا وَقَّتَّهُ وَجَعَلْتَ لَهُ تَارِيخًا. (1)
وَأَمَّا مَعْنَاهُ فِي الاِصْطِلاَحِ: فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلاَمِ السَّخَاوِيِّ: أَنَّهُ تَحْدِيدُ وَقَائِعِ الزَّمَنِ مِنْ حَيْثُ التَّعْيِينُ وَالتَّوْقِيتُ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الأَْجَل:
2 - أَجَل الشَّيْءِ فِي اللُّغَةِ - كَمَا جَاءَ فِي الْمِصْبَاحِ - مُدَّتُهُ وَوَقْتُهُ الَّذِي يَحِل فِيهِ، وَهُوَ مَصْدَرٌ، وَيُجْمَعُ عَلَى آجَالٍ، كَسَبَبٍ وَأَسْبَابٍ، وَالآْجِل عَلَى فَاعِلٍ خِلاَفُ الْعَاجِل.
وَأَمَّا الأَْجَل فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: فَهُوَ الْمُدَّةُ الْمُسْتَقْبَلَةُ الَّتِي يُضَافُ إِلَيْهَا أَمْرٌ مِنَ الأُْمُورِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ هَذِهِ الإِْضَافَةُ أَجَلاً لِلْوَفَاءِ بِالْتِزَامٍ، أَمْ أَجَلاً لإِِنْهَاءِ الْتِزَامٍ. وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ هَذِهِ الْمُدَّةُ مُقَرَّرَةً بِالشَّرْعِ، أَمْ بِالْقَضَاءِ، أَمْ بِإِرَادَةِ الْمُلْتَزِمِ: فَرْدًا أَوْ أَكْثَرَ. (3)
وَالنِّسْبَةُ بَيْنَهُمَا هِيَ أَنَّ التَّارِيخَ أَعَمُّ مِنَ الأَْجَل:؛ لأَِنَّهُ يَتَنَاوَل الْمُدَّةَ الْمَاضِيَةَ وَالْحَاضِرَةَ، وَالْمُسْتَقْبَلَةَ، وَالأَْجَل لاَ يَتَنَاوَل إِلاَّ الْمُسْتَقْبَلَةَ.
ب - الْمِيقَاتُ:
3 - الْمِيقَاتُ فِي اللُّغَةِ، كَمَا جَاءَ فِي الصِّحَاحِ: الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ لِلْفِعْل وَالْمَوْضِعِ، وَجَاءَ فِي الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ الْوَقْتُ، وَالْجَمْعُ مَوَاقِيتُ، وَقَدِ اُسْتُعِيرَ الْوَقْتُ لِلْمَكَانِ، وَمِنْهُ مَوَاقِيتُ الْحَجِّ لِمَوَاضِعِ الإِْحْرَامِ. (4)
وَاصْطِلاَحًا: مَا قُدِّرَ فِيهِ عَمَلٌ مِنَ الأَْعْمَال. (5) سَوَاءٌ أَكَانَ زَمَنًا أَمْ مَكَانًا، وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ التَّارِيخِ.
حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 - قَدْ يَكُونُ التَّأْرِيخُ وَاجِبًا، إِذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلْوُصُول إِلَى مَعْرِفَةِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ، كَتَوْرِيثٍ، وَقِصَاصٍ، وَقَبُول رِوَايَةٍ، وَتَنْفِيذِ عَهْدٍ، وَقَضَاءِ دَيْنٍ، وَمَا إِلَى ذَلِكَ. التَّأْرِيخُ قَبْل الإِْسْلاَمِ:
5 - لَمْ يَكُنْ لِلْعَرَبِ قَبْل الإِْسْلاَمِ تَأْرِيخٌ يَجْمَعُهُمْ، وَإِنَّمَا كَانَتْ كُل طَائِفَةٍ مِنْهُمْ تُؤَرِّخُ بِالْحَادِثَةِ الْمَشْهُورَةِ فِيهَا.
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ بَنِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانُوا يُؤَرِّخُونَ مِنْ نَارِ إِبْرَاهِيمَ إِلَى بُنْيَانِ الْبَيْتِ، حِينَ بَنَاهُ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَامُ، ثُمَّ أَرَّخَ بَنُو إِسْمَاعِيل مِنْ بُنْيَانِ الْبَيْتِ حَتَّى تَفَرَّقُوا، فَكَانَ كُلَّمَا خَرَجَ قَوْمٌ مِنْ تِهَامَةَ أَرَّخُوا بِمَخْرَجِهِمْ، وَمَنْ بَقِيَ بِتِهَامَةَ مِنْ بَنِي إِسْمَاعِيل يُؤَرِّخُونَ مِنْ خُرُوجِ سَعْدٍ وَنَهْدٍ وَجُهَيْنَةَ بَنِي زَيْدٍ، مِنْ تِهَامَةَ حَتَّى مَاتَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيٍّ، وَأَرَّخُوا مِنْ مَوْتِهِ إِلَى الْفِيل، ثُمَّ كَانَ التَّارِيخُ مِنَ الْفِيل حَتَّى أَرَّخَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ مِنَ الْهِجْرَةِ. (6)
وَأَمَّا غَيْرُهُمْ مِنَ الْعَرَبِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُؤَرِّخُونَ بِالأَْيَّامِ وَالْحَوَادِثِ الْمَشْهُورَةِ، كَحَرْبِ الْبَسُوسِ وَدَاحِسٍ وَالْغَبْرَاءِ، وَبِيَوْمِ ذِي قَارٍ، وَالْفُجَّارِ وَنَحْوِهِ.
أَمَّا قَبْل ذَلِكَ، وَفِي الْبِدَايَةِ عِنْدَمَا كَثُرَ بَنُو آدَمَ فِي الأَْرْضِ، فَإِنَّهُمْ أَرَّخُوا مِنْ هُبُوطِ آدَمَ إِلَى الطُّوفَانِ، ثُمَّ إِلَى نَارِ الْخَلِيل ﵊، ثُمَّ إِلَى زَمَانِ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ إِلَى خُرُوجِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ مِصْرَ بِبَنِي إِسْرَائِيل، ثُمَّ إِلَى زَمَانِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ إِلَى زَمَانِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ إِلَى زَمَانِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. وَأَرَّخَتْ حِمْيَرُ بِالتَّبَابِعَةِ، وَغَسَّانُ بِالسَّدِّ، وَأَهْل صَنْعَاءَ بِظُهُورِ الْحَبَشَةِ عَلَى الْيَمَنِ، ثُمَّ بِغَلَبَةِ الْفُرْسِ (7) . وَأَرَّخَتِ الْفُرْسُ بِأَرْبَعِ طَبَقَاتٍ مِنْ مُلُوكِهَا، وَالرُّومُ بِقَتْل دَارَا بْنِ دَارَا إِلَى ظُهُورِ الْفُرْسِ عَلَيْهِمْ. وَأَرَّخَ الْقِبْطُ بِبُخْتَ نَصَّرَ إِلَى قِلاَبَطْرَةَ (كِلْيُوبَتْرَا) صَاحِبَةِ مِصْرَ. وَالْيَهُودُ أَرَّخُوا بِخَرَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ. وَالنَّصَارَى بِرَفْعِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ. (8)
سَبَبُ وَضْعِ التَّارِيخِ الْهِجْرِيِّ:
6 - يُرْوَى أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَْشْعَرِيَّ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ: أَنْ يَأْتِيَنَا مِنْكَ كُتُبٌ لَيْسَ لَهَا تَارِيخٌ، فَجَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ، فَقَال بَعْضُهُمْ: أَرِّخْ بِالْمَبْعَثِ، وَبَعْضُهُمْ: أَرِّخْ بِالْهِجْرَةِ، فَقَال عُمَرُ: الْهِجْرَةُ فَرَّقَتْ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِل فَأَرِّخُوا بِهَا، وَذَلِكَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ، فَلَمَّا اتَّفَقُوا قَالُوا: ابْدَءُوا بِرَمَضَانَ، فَقَال عُمَرُ: بَل بِالْمُحَرَّمِ، فَإِنَّهُ مُنْصَرَفُ النَّاسِ مِنْ حَجِّهِمْ، فَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ (9) .
هَذَا وَلاَ يَخْفَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ احْتَاجُوا إِلَى التَّأْرِيخِ لِضَبْطِ أُمُورِهِمُ الدِّينِيَّةِ كَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَعِدَّةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَالنُّذُورِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالأَْوْقَاتِ، وَلِضَبْطِ أُمُورِهِمُ الدُّنْيَوِيَّةِ كَالْمُدَايَنَاتِ وَالإِْجَارَاتِ وَالْمَوَاعِيدِ وَمُدَّةِ الْحَمْل وَالرَّضَاعِ. (10)
التَّأْرِيخُ بِالسَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ، وَهُوَ التَّأْرِيخُ غَيْرُ الْهِجْرِيِّ:
7 - السَّنَةُ الشَّمْسِيَّةُ تَتَّفِقُ مَعَ السَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ فِي عَدَدِ الشُّهُورِ، وَتَخْتَلِفُ مَعَهَا فِي عَدَدِ الأَْيَّامِ، إِذْ تَزِيدُ أَيَّامُهَا عَلَى أَيَّامِ السَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ بِأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا تَقْرِيبًا. (11)
وَقَدِ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا الرُّومُ وَالسُّرْيَانُ وَالْفُرْسُ وَالْقِبْطُ فِي تَأْرِيخِهِمْ. فَهُنَاكَ السَّنَةُ الرُّومِيَّةُ، وَالسَّنَةُ السُّرْيَانِيَّةُ، وَالسَّنَةُ الْفَارِسِيَّةُ، وَالسَّنَةُ الْقِبْطِيَّةُ، وَهَذِهِ السُّنُونَ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَّفِقَةً فِي عَدَدِ شُهُورِ كُل سَنَةٍ مِنْهَا، إِلاَّ أَنَّهَا تَخْتَلِفُ فِي أَسْمَاءِ تِلْكَ الشُّهُورِ وَعَدَدِ أَيَّامِهَا وَأَسْمَاءِ الأَْيَّامِ، وَفِي مَوْعِدِ بَدْءِ كُل سَنَةٍ مِنْهَا. (12)
حُكْمُ اسْتِعْمَال التَّأْرِيخِ غَيْرِ الْهِجْرِيِّ فِي الْمُعَامَلاَتِ:
8 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إِذَا اسْتَعْمَلاَ التَّأْرِيخَ غَيْرَ الْهِجْرِيِّ فِي الْمُعَامَلاَتِ تَنْتَفِي الْجَهَالَةُ وَيَصِحُّ الْعَقْدُ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ التَّأْرِيخُ مَعْلُومًا عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، كَأَنْ يُؤَرَّخَ بِشَهْرٍ مِنْ أَشْهُرِ الرُّومِ، كَكَانُونَ، وَشُبَاطَ؛ لأَِنَّ تِلْكَ الشُّهُورَ مَعْلُومَةٌ مَضْبُوطَةٌ، أَوْ يُؤَرَّخَ بِفِطْرِ النَّصَارَى بَعْدَمَا شَرَعُوا فِي صَوْمِهِمْ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مَعْلُومًا، أَمَّا إِذَا أُرِّخَ بِتَأْرِيخٍ قَدْ لاَ يَعْرِفُهُ الْمُسْلِمُونَ، مِثْل أَنْ يُؤَرَّخَ بَعِيدٍ مِنْ أَعْيَادِ الْكُفَّارِ، كَالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ، وَفِصْحِ النَّصَارَى، وَصَوْمِهِمُ الْمِيلاَدَ، وَفِطْرِ الْيَهُودِ، وَالشَّعَانِينِ، فَقَدْ ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْبَيْعِ إِلَى تِلْكَ الأَْوْقَاتِ: أَنَّهُ يَصِحُّ إِذَا عَلِمَ الْمُتَعَاقِدَانِ ذَلِكَ، وَلاَ يَصِحُّ مَعَ جَهْلِهِمَا وَمَعْرِفَةِ غَيْرِهِمَا بِهِ؛ لأَِنَّهُ يُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ. (13) وَصَحَّحَ الْمَالِكِيَّةُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّ تِلْكَ الأَْيَّامَ إِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً فَإِنَّهَا تَكُونُ كَالْمَنْصُوصَةِ (14) . وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ كَمَا جَاءَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ التَّأْقِيتَ بِالنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ مُجْزِئٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِي وَجْهٍ: لاَ يَصِحُّ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ وَقْتِهِمَا.، أَمَّا التَّأْرِيخُ بِفِصْحِ النَّصَارَى فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَصِحُّ، وَتَمَسَّكَ بِظَاهِرِهِ بَعْضُ الأَْصْحَابِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ اجْتِنَابًا لِمَوَاقِيتِ الْكُفَّارِ، وَقَال جُمْهُورُ الأَْصْحَابِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: إِنِ اخْتَصَّ بِمَعْرِفَتِهِ الْكُفَّارُ لَمْ يَصِحَّ؛ لأَِنَّهُ لاَ اعْتِمَادَ عَلَى قَوْلِهِمْ، وَإِنْ عَرَفَهُ الْمُسْلِمُونَ جَازَ كَالنَّيْرُوزِ، ثُمَّ اعْتَبَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِمَا مَعْرِفَةَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَقَال أَكْثَرُ الأَْصْحَابِ: يَكْفِي مَعْرِفَةُ النَّاسِ، وَسَوَاءٌ اعْتَبَرْنَا مَعْرِفَتَهُمَا أَمْ لاَ، فَلَوْ عَرَفَا كَفَى عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِي وَجْهٍ يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ عَدْلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سِوَاهُمَا؛ لأَِنَّهُمَا قَدْ يَخْتَلِفَانِ فَلاَ بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ، وَفِي مَعْنَى الْفِصْحِ سَائِرُ أَعْيَادِ أَهْل الْمِلَل كَفِطْرِ الْيَهُودِ وَنَحْوِهِ. (15) وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ التَّأْرِيخِ بِغَيْرِ الشُّهُورِ الْهِلاَلِيَّةِ، كَالشُّهُورِ الرُّومِيَّةِ، وَأَعْيَادِ الْكُفَّارِ، فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ يَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ إِذَا عَرَفَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ، وَقَدِ اخْتَارَ هَذَا الْقَوْل جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. وَقِيل: لاَ يَصِحُّ كَالشَّعَانِينِ وَعِيدِ الْفَطِيرِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَجْهَلُهُ الْمُسْلِمُونَ غَالِبًا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلاَمِ الْخِرَقِيِّ وَابْنِ أَبِي مُوسَى وَابْنِ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، حَيْثُ قَالُوا بِالأَْهِلَّةِ. (16)
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
9 - يُبْحَثُ عَنِ الأَْحْكَامِ الْخَاصَّةِ بِمُصْطَلَحِ التَّأْرِيخِ فِي مُصْطَلَحِ (أَجَلٌ) وَمُصْطَلَحِ (تَأْقِيتٍ) لأَِنَّ الْفُقَهَاءَ فِي الْغَالِبِ لاَ يَذْكُرُونَ فِي كُتُبِهِمْ لَفْظَ التَّأْرِيخِ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُونَ لَفْظَ الأَْجَل، وَلَفْظَ التَّأْقِيتِ، فَكُل مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّصَرُّفَاتِ مِنَ التَّأْقِيتِ أَوِ التَّأْجِيل يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى هَذَيْنِ الْمُصْطَلَحَيْنِ (الأَْجَل وَالتَّأْقِيتِ) .
__________
(1) لسان العرب، والصحاح، والمصباح المنير: مادة: " أرخ ".
(2) الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ للسخاوي ص 17 ط العلمية.
(3) المصباح مادة: " أجل "، وانظر مصطلح (أجل) .
(4) الصحاح، والمصباح مادة: " وقت ".
(5) الكليات 4 / 306 ط دمشق.
(6) الكامل لابن الأثير 1 / 10 ط المنيرية، والإعلان بالتوبيخ للسخاوي ص 146 ط العلمية، وتهذيب ابن عساكر 1 / 22 ط دمشق.
(7) الإعلان للسخاوي / 146 و147 ط. العلمية.
(8) الإعلان للسخاوي / 147 - 148 ط. العلمية، وانظر ما ذكره ابن عساكر في تاريخه 1 / 19 - 22 ط. دمشق.
(9) فتح الباري 7 / 268 ط الرياض. والكامل لابن الأثير1 / 9 ط المنيرية. والإعلان للسخاوي ص 140 - 141 ط العلمية.
(10) تفسير فخر الرازي 5 / 135 ط البهية.
(11) التعريفات للجرجاني / 122 ط العلمية.
(12) انظر التفصيل في مروج الذهب للمسعودي 1 / 349 - 354 ط البهية.
(13) تبيين الحقائق مع حاشية الشلبي 4 / 59 ط دار المعرفة، وابن عابدين 4 / 119 ط المصرية، وفتح القدير مع العناية 5 / 222 ط الأميرية، والبحر الرائق 6 / 95 - 96 ط الأولى العلمية.
(14) مواهب الجليل 4 / 529 ط النجاح، والخرشي 5 / 210 ط دار صادر، والزرقاني 5 / 212 ط دار الفكر، وحاشية الدسوقي 3 / 205 ط الفكر، وجواهر الإكليل 2 / 69 ط دار المعرفة.
(15) الروضة 4 / 8 ط المكتب الإسلامي، وحاشية قليوبي 2 / 247 ط الحلبي، ونهاية المحتاج 4 / 187 ط المكتبة الإسلامية وتحفة المحتاج 5 / 12 ط دار صادر والمهذب 1 / 306 ط دار المعرفة، وأسنى المطالب 2 / 125 ط المكتبة الإسلامية.
(16) الإنصاف 5 / 100 - 101 ط التراث، والمغني 4 / 324 - 325 ط الرياض، وكشاف القناع 3 / 301 ط النصر.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 27/ 10
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".