القيوم
كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...
ما يعطيه الإمام من الأراضي رقبة، أو منفعة لمن له حق في بيت المال . وهو إما إقطاع تمليك، أو استغلال، أو إرفاق . ومن أمثلته لا يقطع ولي الأمر ما كان مرفقاً عاماً للناس ينتفعون به؛ لما روي أن أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ، اسْتَقْطَعَ الْمِلْحَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الَّذِي يُقَالُ لَهُ : شَذَّا بِمَأْرِبَ، فَقَطَعَهُ لَهُ، ثم إِنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ التَّمِيمِيَّ قَالَ : يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنِّي قَدْ وَرَدْتُ الْمِلْحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ بِأَرْضٍ، فَمَنْ وَرَدَهُ أَخَذَهُ، وَهُوَ مِثْلُ الْمَاءِ الْعِدِّ، قَالَ : فَاسْتَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَبْيَضَ بْنَ حَمَّالٍ فِي قَطِيعَتِهِ، فَقَالَ أَبْيَضُ : قَدْ أَقَلْتُهُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُ مِنِّي صَدَقَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : "هُوَ مِنْكَ صَدَقَةٌ، وَهُوَ مِثْلُ الْمَاءِ الْعِدِّ، فَمَنْ وَرَدَهُ أَخَذَهُ ". الكبير للطبراني :808.
ما يعطيه الإمام من الأراضي رقبة، أو منفعة لمن له حق في بيت المال. وهو إما إقطاع تمليك، أو استغلال، أو إرفاق.
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الإِْقْطَاعِ فِي اللُّغَةِ: التَّمْلِيكُ وَالإِْرْفَاقُ، يُقَال اسْتَقْطَعَ الإِْمَامُ قَطِيعَةً فَأَقْطَعَهُ إِيَّاهَا: أَيْ سَأَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا لَهُ إِقْطَاعًا يَتَمَلَّكُهُ وَيَسْتَبِدُّ بِهِ وَيَنْفَرِدُ، وَيُقَال: أَقْطَعَ الإِْمَامُ الْجُنْدَ الْبَلَدَ: إِذَا جَعَل لَهُمْ غَلَّتَهَا رِزْقًا. (1)
وَهُوَ كَذَلِكَ شَرْعًا يُطْلَقُ عَلَى مَا يُقْطِعُهُ الإِْمَامُ، أَيْ يُعْطِيهِ مِنَ الأَْرَاضِي رَقَبَةً أَوْ مَنْفَعَةً لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - إِحْيَاءُ الْمَوَاتِ:
2 - هُوَ كَمَا عَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ: عِمَارَةُ الأَْرْضِ الْخَرِبَةِ الَّتِي لاَ مَالِكَ لَهَا وَلاَ يَنْتَفِعُ بِهَا أَحَدٌ (3) .
ب - أَعْطِيَاتُ السُّلْطَانِ:
3 - الْعَطَاءُ وَالْعَطِيَّةُ: اسْمٌ لِمَا يُعْطَى، وَالْجَمْعُ عَطَايَا وَأَعْطِيَةٌ، وَجَمْعُ الْجَمْعِ أَعْطِيَاتٌ. وَأَعْطِيَاتُ السُّلْطَانِ: مَا يُعْطِيهِ لأَِحَدٍ مِنَ الرَّعِيَّةِ مِنْ بَيْتِ الْمَال مَعَ مُرَاعَاةِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ.
وَعَلَى هَذَا قَدْ يَكُونُ الإِْقْطَاعُ عَطَاءً، وَقَدْ يَنْفَصِل الْعَطَاءُ، فَيَكُونُ فِي الأَْمْوَال الْمَنْقُولَةِ غَالِبًا (4) .
ج - الْحِمَى:
4 - الْمَشْرُوعُ مِنْهُ: أَنْ يَحْمِيَ الإِْمَامُ أَرْضًا مِنَ الْمَوَاتِ، يَمْنَعُ النَّاسَ رَعْيَ مَا فِيهَا مِنَ الْكَلأَِ لِتَكُونَ خَاصَّةً لِبَعْضِ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ كَمَوَاشِي الصَّدَقَةِ.
د - الإِْرْصَادُ:
5 - الإِْرْصَادُ لُغَةً: الإِْعْدَادُ، وَاصْطِلاَحًا: تَخْصِيصُ الإِْمَامِ غَلَّةَ بَعْضِ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَال لِبَعْضِ مَصَارِفِهِ. وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (إِرْصَاد) . فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِْقْطَاعِ أَنَّ الإِْرْصَادَ لاَ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْمُرْصَدِ لَهُ، بِحَيْثُ يَتَوَارَثُهُ أَوْلاَدُهُ أَوْ يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ كَمَا شَاءُوا. (5)
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
6 - الإِْقْطَاعُ جَائِزٌ بِشُرُوطِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ إِقْطَاعَ تَمْلِيكٍ أَمْ إِقْطَاعَ إِرْفَاقٍ، وَدَلِيل ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ رَكْضَ فَرَسِهِ مِنْ مَوَاتِ النَّقِيعِ، وَكَذَلِكَ فَعَل الْخُلَفَاءُ مِنْ بَعْدِهِ. (6)
أَنْوَاعُ الإِْقْطَاعِ:
الإِْقْطَاعُ نَوْعَانِ:
7 - النَّوْعُ الأَْوَّل: إِقْطَاعُ الإِْرْفَاقِ (أَوِ الإِْمْتَاعِ أَوِ الاِنْتِفَاعِ) . وَهُوَ: إِرْفَاقُ النَّاسِ بِمَقَاعِدِ الأَْسْوَاقِ، وَأَفْنِيَةِ الشَّوَارِعِ، وَحَرِيمِ الأَْمْصَارِ، وَمَنَازِل الْمُسَافِرِينَ، وَنَحْوِ ذَلِكَ (7) . وَهُوَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:
الْقِسْمُ الأَْوَّل:
8 - مَا يَخْتَصُّ الإِْرْفَاقُ فِيهِ بِالصَّحَارَى وَالْفَلَوَاتِ. حَيْثُ مَنَازِل الْمُسَافِرِينَ وَحُلُول الْمِيَاهِ، وَذَلِكَ ضَرْبَانِ:
(أَحَدُهُمَا) : أَنْ يَكُونَ لاِجْتِيَازِ السَّابِلَةِ وَاسْتِرَاحَةِ الْمُسَافِرِينَ فِيهِ. وَهَذَا لاَ نَظَرَ لِلسُّلْطَانِ فِيهِ لِبُعْدِهِ عَنْهُ، وَاَلَّذِي يَخُصُّ السُّلْطَانَ مِنْ ذَلِكَ إِصْلاَحُ عَوْرَتِهِ وَحِفْظُ مِيَاهِهِ، وَالتَّخْلِيَةُ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ نُزُولِهِ، وَيَكُونُ السَّابِقُ إِلَى الْمَنْزِل أَحَقَّ بِحُلُولِهِ فِيهِ مِنَ الْمَسْبُوقِ حَتَّى يَرْتَحِل عَنْهُ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ مِنَى مُنَاخُ مَنْ سَبَقَ. (8) فَإِنْ نَزَلُوهُ سَوَاءً، عُدِل بَيْنَهُمْ نَفْيًا لِلتَّنَازُعِ.
(وَالثَّانِي) أَنْ يَكُونَ نُزُولُهُمْ لِلاِسْتِيطَانِ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلِلإِْمَامِ مَنْعُهُمْ أَوْ تَرْكُهُمْ حَسَبَ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. (9)
الْقِسْمُ الثَّانِي:
9 - وَهُوَ مَا يَخْتَصُّ بِأَفْنِيَةِ الدُّورِ وَالأَْمْلاَكِ. يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ الاِرْتِفَاقُ مُضِرًّا بِهِمْ مُنِعَ اتِّفَاقًا، إِلاَّ أَنْ يَأْذَنُوا بِدُخُول الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ. فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُضِرٍّ بِهِمْ فَفِي إِبَاحَةِ ارْتِفَاقِهِمْ بِهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ أَرْبَابِهَا اتِّجَاهَانِ:
الأَْوَّل: أَنَّ لَهُمْ الاِرْتِفَاقَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ أَرْبَابُهَا، لأَِنَّ الْحَرِيمَ (وَهُوَ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ أَهْل الدُّورِ مِنْ أَمَاكِنَ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ لأَِحَدٍ) يُعْتَبَرُ مِرْفَقًا إِذَا وَصَل أَهْلُهُ إِلَى حَقِّهِمْ مِنْهُ سَاوَاهُمُ النَّاسُ فِيمَا عَدَاهُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَالزُّهْرِيِّ، وَهُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالْمَالِكِيَّةِ.
الثَّانِي: لاَ يَجُوزُ الاِرْتِفَاقُ بِحَرِيمِهِمْ إِلاَّ عَنْ إِذْنِهِمْ، لأَِنَّهُ تَبَعٌ لأَِمْلاَكِهِمْ فَكَانُوا بِهِ أَحَقَّ، وَبِالتَّصَرُّفِ فِيهِ أَخَصَّ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
الْقِسْمُ الثَّالِثُ:
10 - هُوَ مَا اخْتَصَّ بِأَفْنِيَةِ الشَّوَارِعِ وَالطُّرُقَاتِ، فَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ السُّلْطَانِ، وَفِي حُكْمِ نَظَرِهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ نَظَرَهُ فِيهِ مَقْصُورٌ عَلَى كَفِّهِمْ عَنِ التَّعَدِّي، وَمَنْعِهِمْ مِنَ الإِْضْرَارِ، وَالإِْصْلاَحِ بَيْنِهِمْ عِنْدَ التَّشَاجُرِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ نَظَرَهُ فِيهِ نَظَرُ مُجْتَهِدٍ فِيمَا يَرَاهُ صَالِحًا، فِي إِجْلاَسِ مَنْ يَجْلِسُ، وَمَنْعِ مَنْ يَمْنَعُهُ، وَتَقْدِيمِ مَنْ يُقَدِّمُهُ. (10) النَّوْعُ الثَّانِي: إِقْطَاعُ التَّمْلِيكِ:
11 - هُوَ تَمْلِيكٌ مِنَ الإِْمَامِ مُجَرَّدٌ عَنْ شَائِبَةِ الْعِوَضِيَّةِ بِإِحْيَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ. (11)
أَقْسَامُهُ وَحُكْمُ تِلْكَ الأَْقْسَامِ:
12 - يَنْقَسِمُ إِقْطَاعُ التَّمْلِيكِ فِي الأَْرْضِ الْمُقْطَعَةِ إِلَى ثَلاَثَةِ أَقْسَامٍ:
مَوَاتٍ، وَعَامِرٍ، وَمَعَادِنَ.
إِقْطَاعُ الْمَوَاتِ:
إِقْطَاعُ الْمَوَاتِ ضَرْبَانِ:
13 - الضَّرْبُ الأَْوَّل: مَا لَمْ يَزَل مَوَاتًا مِنْ قَدِيمِ الدَّهْرِ، فَلَمْ تَجْرِ فِيهِ عِمَارَةٌ وَلاَ يَثْبُتُ عَلَيْهِ مِلْكٌ، فَهَذَا يَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يُقْطِعَهُ مَنْ يُحْيِيهِ وَمَنْ يُعَمِّرُهُ، وَقَدْ أَقْطَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ رَكْضَ فَرَسِهِ مِنْ مَوَاتِ النَّقِيعِ، فَأَجْرَاهُ، ثُمَّ رَمَى بِسَوْطِهِ رَغْبَةً فِي الزِّيَادَةِ، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: أَعْطُوهُ مُنْتَهَى سَوْطِهِ. (12)
وَيَمْتَنِعُ بِهِ إِقْدَامُ غَيْرِ الْمُقْطَعِ عَلَى إِحْيَائِهِ، لأَِنَّهُ مَلَكَ رَقَبَتَهُ بِالإِْقْطَاعِ نَفْسِهِ، خِلاَفًا لِلْحَنَابِلَةِ، فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ إِقْطَاعَ الْمَوَاتِ مُطْلَقًا لاَ يُفِيدُ تَمْلِيكًا، لَكِنَّهُ يَصِيرُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ أَحْيَاهُ مَلَكَهُ بِالإِْحْيَاءِ لاَ بِالإِْقْطَاعِ، أَمَّا إِذَا كَانَ الإِْقْطَاعُ مُطْلَقًا، أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِ، فَإِنَّهُ يُحْمَل عَلَى إِقْطَاعِ الإِْرْفَاقِ، لأَِنَّهُ الْمُحَقَّقُ. (13) 14 - الضَّرْبُ الثَّانِي مِنَ الْمَوَاتِ: مَا كَانَ عَامِرًا فَخَرِبَ، فَصَارَ مَوَاتًا عَاطِلاً، وَذَلِكَ نَوْعَانِ:
(أَحَدُهُمَا) مَا كَانَ عَادِيًّا (أَيْ قَدِيمًا، جَاهِلِيًّا) فَهُوَ كَالْمَوَاتِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ عِمَارَةٌ وَيَجُوزُ إِقْطَاعُهُ. قَال ﷺ عَادِيُّ الأَْرْضِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، ثُمَّ هِيَ لَكُمْ مِنِّي (14)
(ثَانِيهِمَا) مَا كَانَ إِسْلاَمِيًّا جَرَى عَلَيْهِ مِلْكُ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ خَرِبَ حَتَّى صَارَ مَوَاتًا عَاطِلاً، وَلاَ يُعْرَفُ لَهُ مَالِكٌ وَلاَ وَرَثَةُ مَالِكٍ. قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى رَأْيِ الإِْمَامِ مُطْلَقًا.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُمْلَكُ بِالإِْحْيَاءِ مُطْلَقًا، إِذَا كَانَتِ الأَْرْضُ غَيْرَ مُقْطَعَةٍ، أَمَّا إِذَا كَانَتْ مُقْطَعَةً فَالرَّاجِحُ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا لاَ تُمْلَكُ بِالإِْحْيَاءِ. وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَرْبَابُهُ مُلِكَ بِالإِْحْيَاءِ، بِشَرْطِ إِقْطَاعِ الإِْمَامِ لَهُ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْحَنَابِلَةِ. (15)
إِقْطَاعُ الْعَامِرِ
إِقْطَاعُ الْعَامِرِ ضَرْبَانِ:
15 - الضَّرْبُ الأَْوَّل: مَا تَعَيَّنَ مَالِكُهُ فَلاَ نَظَرَ لِلسُّلْطَانِ فِي إِقْطَاعِهِ اتِّفَاقًا، إِلاَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِتِلْكَ الأَْرْضِ مِنْ حُقُوقِ بَيْتِ الْمَال أَوِ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ. وَهَذَا إِذَا كَانَتْ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ لِمُسْلِمٍ أَمْ لِذِمِّيٍّ. فَإِنْ كَانَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ الَّتِي لاَ يَثْبُتُ لِلْمُسْلِمِينَ عَلَيْهَا يَدٌ، فَأَرَادَ الإِْمَامُ إِقْطَاعَهَا عِنْدَ الظَّفَرِ جَازَ. وَقَدْ: سَأَل تَمِيمٌ الدَّارِيُّ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنْ يُقْطِعَهُ عُيُونَ الْبَلَدِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ بِالشَّامِ قَبْل فَتْحِهِ فَفَعَل. (16)
16 - الضَّرْبُ الثَّانِي مِنَ الْعَامِرِ: مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مَالِكُوهُ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ مُسْتَحِقُّوهُ: فَمَا اصْطَفَاهُ الإِْمَامُ لِبَيْتِ الْمَال، وَكَذَلِكَ كُل مَا دَخَل بَيْتَ الْمَال مِنْ أَرْضِ الْخَرَاجِ، أَوْ مَا مَاتَ عَنْهُ أَرْبَابُهُ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّهُ وَارِثٌ بِفَرْضٍ وَلاَ تَعْصِيبٍ فَفِي إِقْطَاعِهِ رَأْيَانِ:
الأَْوَّل: عَدَمُ الْجَوَازِ. وَهُوَ رَأْيُ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّهُ لاَ يَجُوزُ إِقْطَاعُ رَقَبَتِهِ لاِصْطِفَائِهِ لِبَيْتِ الْمَال، فَكَانَ بِذَلِكَ مِلْكًا لِكَافَّةِ الْمُسْلِمِينَ. فَجَرَى عَلَى رَقَبَتِهِ حُكْمُ الْوَقْفِ الْمُؤَبَّدِ.
الثَّانِي: الْجَوَازُ. وَهُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ، لأَِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يُجِيزَ مِنْ بَيْتِ الْمَال مَنْ لَهُ غَنَاءٌ فِي الإِْسْلاَمِ، وَمَنْ يَقْوَى بِهِ عَلَى الْعَدُوِّ، وَيَعْمَل فِي ذَلِكَ بِاَلَّذِي يَرَى أَنَّهُ خَيْرٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَأَصْلَحُ لأَِمْرِهِمْ، وَالأَْرْضُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمَال يَصِحُّ تَمْلِيكُ رَقَبَتِهَا، كَمَا يُعْطَى الْمَال حَيْثُ ظَهَرَتِ الْمَصْلَحَةُ (17) . إِقْطَاعُ الْمَعَادِنِ
الْمَعَادِنُ هِيَ الْبِقَاعُ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهُ جَوَاهِرَ الأَْرْضِ. وَهِيَ ضَرْبَانِ: ظَاهِرَةٌ وَبَاطِنَةٌ.
17 - أَمَّا الظَّاهِرَةُ: فَمَا كَانَ جَوْهَرُهَا الْمُسْتَوْدَعُ فِيهَا بَارِزًا. كَمَعَادِنِ الْكُحْل، وَالْمِلْحِ، وَالنَّفْطِ، فَهُوَ كَالْمَاءِ الَّذِي لاَ يَجُوزُ إِقْطَاعُهُ، وَالنَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ، يَأْخُذُهُ مَنْ وَرَدَ إِلَيْهِ، لِمَا وَرَدَ أَنَّ أَبْيَضَ بْنَ حَمَّالٍ اسْتَقْطَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ مِلْحَ مَأْرَبٍ فَأَقْطَعَهُ، فَقَال الأَْقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي وَرَدْتُ هَذَا الْمِلْحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ، مَنْ وَرَدَهُ أَخَذَهُ وَهُوَ مِثْل الْمَاءِ الْعِدِّ بِالأَْرْضِ، فَاسْتَقَال أَبْيَضَ قَطِيعَةَ الْمِلْحِ. فَقَال: قَدْ أَقَلْتُكَ عَلَى أَنْ تَجْعَلَهُ مِنِّي صَدَقَةً. فَقَال النَّبِيُّ ﷺ: هُوَ مِنْكَ صَدَقَةٌ، وَهُوَ مِثْل الْمَاءِ الْعِدِّ، مَنْ وَرَدَهُ أَخَذَهُ (18)
وَهُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَقَدْ أَجَازُوا إِقْطَاعَ الإِْمَامِ لِلْمَعَادِنِ بِغَيْرِ تَمْيِيزٍ بَيْنَ الْبَاطِنِ وَالظَّاهِرِ.
18 - وَأَمَّا الْمَعَادِنُ الْبَاطِنَةُ: فَهِيَ مَا كَانَ جَوْهَرُهُ مُسْتَكِنًّا فِيهَا، لاَ يُوصَل إِلَيْهِ إِلاَّ بِالْعَمَل، كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالصُّفْرِ وَالْحَدِيدِ. فَهَذِهِ وَمَا أَشْبَهَهَا مَعَادِنُ بَاطِنَةٌ، سَوَاءٌ احْتَاجَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا إِلَى سَبْكٍ وَتَصْفِيَةٍ وَتَخْلِيصٍ أَوْ لَمْ يَحْتَجْ. وَقَدْ أَجَازَ إِقْطَاعَهَا الْحَنَفِيَّةُ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَمَنَعَ ذَلِكَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الرَّأْيُ الرَّاجِحُ لِلشَّافِعِيَّةِ. (19) التَّصَرُّفُ فِي الأَْرَاضِيِ الأَْمِيرِيَّةِ:
19 - يَجُوزُ لِلإِْمَامِ أَنْ يَدْفَعَ الأَْرْضَ الأَْمِيرِيَّةَ لِلزِّرَاعَةِ، إِمَّا بِإِقَامَتِهِمْ مَقَامَ الْمُلاَّكِ فِي الزِّرَاعَةِ وَإِعْطَاءِ الْخَرَاجِ، أَوَإِجَارَتِهَا لِلزُّرَّاعِ بِقَدْرِ الْخَرَاجِ، وَعَلَى هَذَا اتَّفَقَ الأَْئِمَّةُ.
وَأَمَّا إِقْطَاعُهَا أَوْ تَمْلِيكُهَا: فَمَنَعَهُ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، لأَِنَّهُ صَارَ مِلْكًا عَامًّا لِلْمُسْلِمِينَ، وَأَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يُجِيزَ مِنْ بَيْتِ الْمَال مَنْ لَهُ غَنَاءٌ فِي الإِْسْلاَمِ، كَمَا أَنَّ لَهُ أَنْ يَعْمَل مَا يَرَاهُ خَيْرًا لِلْمُسْلِمِينَ وَأَصْلَحَ، وَالأَْرْضُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمَال. (20)
وَعَلَى هَذَا فَمَنْ يُلْغِي إِقْطَاعَهَا لاَ يُجِيزُ تَمْلِيكَهَا، أَوْ إِرْثَهَا أَوْ إِرْثَ اخْتِصَاصِهَا، وَإِنَّمَا مَنَافِعُهَا هِيَ الَّتِي تُمْلَكُ فَقَطْ. فَلَهُ إِيجَارُهَا، وَلِلإِْمَامِ إِخْرَاجُهَا عَنْهُ مَتَى شَاءَ، غَيْرَ أَنَّهُ جَرَى الرَّسْمُ فِي الدَّوْلَةِ الْعُثْمَانِيَّةِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنِ ابْنٍ انْتَقَل الاِخْتِصَاصُ لِلاِبْنِ مَجَّانًا، وَإِلاَّ فَلِبَيْتِ الْمَال، وَلَوْ لَهُ بِنْتٌ أَوْ أَخٌ لأَِبٍ لَهُ أَخْذُهَا بِالإِْجَارَةِ الْفَاسِدَةِ. وَهَذَا إِذَا كَانَتِ الأَْرَاضِي الأَْمِيرِيَّةُ عَامِرَةً، وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ مَوَاتًا فَإِنَّهَا تُمْلَكُ بِالإِْحْيَاءِ، وَتُؤْخَذُ بِالإِْقْطَاعِ كَمَا سَبَقَ، وَتُورَثُ عَنْهُ إِذَا مَاتَ، وَيَصِحُّ بَيْعُهَا، وَعَلَيْهِ وَظِيفَتُهَا مِنْ عُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ (21) وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ - (أَرْضُ الْحَوْزِ) . إِقْطَاعُ الْمَرَافِقِ:
20 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِلإِْمَامِ إِقْطَاعُ الْمَرَافِقِ الْعَامَّةِ وَمَا لاَ غِنَى عَنْهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَكَذَلِكَ أَرْضُ الْمِلْحِ وَالْقَارِ وَنَحْوِهَا. وَكَذَلِكَ مَا قَرُبَ مِنَ الْعَامِرِ، وَتَعَلَّقَتْ بِهِ مَصَالِحُ الْمُسْلِمِينَ، مِنْ طُرُقٍ وَسَيْل مَاءٍ وَمَطْرَحِ قُمَامَةٍ وَمَلْقَى تُرَابٍ وَآلاَتٍ، فَلاَ يَجُوزُ إِقْطَاعُهُ، بِغَيْرِ خِلاَفٍ، وَكَذَلِكَ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ مَصَالِحُ الْقَرْيَةِ، كَفِنَائِهَا وَمَرْعَى مَاشِيَتِهَا وَمُحْتَطَبِهَا وَطُرُقِهَا وَمَسِيل مَائِهَا، لاَ يَجُوزُ إِقْطَاعُهُ (22) .
إِجَارَةُ الإِْقْطَاعَاتِ وَإِعَارَتُهَا:
21 - مَا أَقْطَعَهُ الإِْمَامُ لِلنَّاسِ مِلْكًا، أَوِ اشْتُرِيَ مِنْ بَيْتِ الْمَال شِرَاءً مُسَوِّغًا، فَلاَ خَفَاءَ فِي جَوَازِ إِجَارَتِهِ وَإِعَارَتِهِ، حَيْثُ صَارَ مِلْكًا لِلأَْشْخَاصِ يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلاَّكِ، وَمَنْ أَقْطَعَهُ الإِْمَامُ أَرْضًا إِقْطَاعَ انْتِفَاعٍ فِي مُقَابَلَةِ خِدْمَةٍ عَامَّةٍ يُؤَدِّيهَا، وَبِعِبَارَةِ الْفُقَهَاءِ: فِي مُقَابَلَةِ اسْتِعْدَادِهِ لِمَا أُعِدَّ لَهُ، فَإِنَّ لِلْمُقْطَعِ إِجَارَتَهَا وَإِعَارَتَهَا، لأَِنَّهُ مَلَكَهَا مِلْكَ مَنْفَعَةٍ.
وَإِذَا مَاتَ الْمُؤَجِّرُ، أَوْ أَخْرَجَ الإِْمَامُ الأَْرْضَ الْمُقْطَعَةَ مِنْهُ انْفَسَخَتِ الإِْجَارَةُ، لاِنْتِقَال الْمِلْكِ إِلَى غَيْرِ الْمُؤَجِّرِ. (23)
اسْتِرْجَاعُ الإِْقْطَاعَاتِ:
22 - إِذَا أَقْطَعَ الإِْمَامُ أَرْضًا مَوَاتًا، وَتَمَّ إِحْيَاؤُهَا، أَوْ لَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ الْمُقَرَّرَةُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِلإِْحْيَاءِ، فَلَيْسَ لَهُ اسْتِرْجَاعُ الإِْقْطَاعِ مِنْ مُقْطَعِهِ، وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ الإِْقْطَاعُ مِنْ بَيْتِ الْمَال بِشِرَاءٍ مَسُوغٍ أَوْ بِمُقَابِلٍ، لأَِنَّهُ فِي الأَْوَّل يَكُونُ تَمْلِيكًا بِالإِْحْيَاءِ، وَفِي الثَّانِي يَكُونُ تَمْلِيكًا بِالشِّرَاءِ فَلاَ يَجُوزُ إِخْرَاجُهُ مِنْهُ إِلاَّ بِحَقِّهِ. (24)
تَرْكُ عِمَارَةِ الأَْرْضِ الْمُقْطَعَةِ:
23 - لاَ يُعَارِضُ الْمُقْطَعُ إِذَا أَهْمَل أَرْضَهُ بِغَيْرِ عِمَارَةٍ قَبْل طُول انْدِرَاسِهَا. وَقَدَّرَ الْحَنَفِيَّةُ ذَلِكَ بِثَلاَثِ سِنِينَ، وَهُوَ رَأْيٌ لِلْمَالِكِيَّةِ. وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ أَحْيَاهَا غَيْرُهُ قَبْل ذَلِكَ كَانَتْ مِلْكًا لِلْمُقْطَعِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ:
إِنْ أَحْيَاهَا عَالِمًا بِالإِْقْطَاعِ كَانَتْ مِلْكًا لِلْمُقْطَعِ، وَإِنْ أَحْيَاهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِالإِْقْطَاعِ، خُيِّرَ الْمُقْطَعُ بَيْنَ أَخْذِهَا وَإِعْطَاءِ الْمُحْيِي نَفَقَةَ عِمَارَتِهِ، وَبَيْنَ تَرْكِهَا لِلْمُحْيِي وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الأَْرْضِ الْمُحْيَاةِ. وَقَال سَحْنُونٌ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: لاَ تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ مُحْيِيهَا وَلَوْ طَال انْدِرَاسُهَا، وَإِنْ أَعْمَرَهَا غَيْرُهُ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الأَْوَّل.
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَاعْتَبَرُوا الْقُدْرَةَ عَلَى الإِْحْيَاءِ بَدَلاً مِنْهَا. فَإِنْ مَضَى زَمَانٌ يَقْدِرُ عَلَى إِحْيَائِهَا فِيهِ قِيل لَهُ: إِمَّا أَنْ تُحْيِيَهَا فَتَقِرَّ فِي يَدِكَ، وَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ يَدَكَ عَنْهَا لِتَعُودَ إِلَى حَالِهَا قَبْل الإِْقْطَاعِ. وَقَدِ اعْتَبَرَ الْحَنَابِلَةُ الأَْعْذَارَ الْمَقْبُولَةَ مُسَوِّغًا لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ بِدُونِ إِحْيَاءٍ، إِلَى أَنْ يَزُول الْعُذْرُ. وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ عُمَرَ ﵁ جَعَل أَجَل الإِْقْطَاعِ إِلَى ثَلاَثِ سِنِينَ. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ التَّأْجِيل لاَ يَلْزَمُ، وَتَأْجِيل عُمَرَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِسَبَبٍ اقْتَضَاهُ. (25)
وَقْفُ الإِْقْطَاعَاتِ:
24 - إِنَّ وَقْفَ الإِْقْطَاعِ يَدُورُ صِحَّةً وَعَدَمًا عَلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِيَّةِ وَعَدَمِهِ لِلْوَاقِفِ، فَمَنْ أَثْبَتَهَا لَهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ حَكَمَ بِصِحَّةِ وَقْفِ الإِْقْطَاعِ، وَمَنْ لَمْ يُثْبِتْهَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ. عَلَى أَنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَقِفَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَال عَلَى جِهَةٍ أَوْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، مَعَ أَنَّهُ لاَ يَمْلِكُ مَا يَقِفُهُ، إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ. (26)
الإِْقْطَاعُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ:
25 - الأَْصْل فِي إِقْطَاعِ التَّمْلِيكِ: أَنْ يَكُونَ مُجَرَّدًا عَنِ الْعِوَضِ، فَإِنْ أَقْطَعَهُ الإِْمَامُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ كَذَا أَوْ كُل عَامٍ كَذَا - جَازَ وَعُمِل بِهِ، وَمَحَل الْعِوَضِ الْمَأْخُوذِ بَيْتُ مَال الْمُسْلِمِينَ، لاَ يَخْتَصُّ الإِْمَامُ بِهِ، لِعَدَمِ مِلْكِهِ لِمَا أَقْطَعَهُ، وَهُوَ رَأْيُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَرَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، حَيْثُ إِنَّ لِلإِْمَامِ أَنْ يَفْعَل مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ. وَهُنَاكَ رَأْيٌ لِلشَّافِعِيَّةِ بِخِلاَفِهِ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الإِْقْطَاعَ عَطِيَّةٌ وَهِبَةٌ وَصِلَةٌ وَلَيْسَ بَيْعًا، وَالأَْثْمَانُ مِنْ صِفَةِ الْبَيْعِ. (27)
__________
(1) لسان العرب وتاج العروس والمصباح المنير مادة: " قطع ".
(2) ابن عابدين 3 / 392 ط بولاق.
(3) البجيرمي على الخطيب 3 / 192.
(4) لسان العرب في المادة، والفروق في اللغة 162، 165، وابن عابدين 5 / 411، والزاهر ص 263 فقرة - 569.
(5) ابن عابدين 3 / 266، 392 ط بولاق، ولسان العرب والمصباح في المادة.
(6) الأحكام السلطانية للماوردي 190، والأحكام السلطانية لأبي يعلى 211 وحديث " أقطع الرسول ﷺ الزبير ركض فرسه من موات النقيع " أخرجه أبو داود (3 / 453 - ط عزت عبيد دعاس) وقال ابن حجر في التلخيص (3 / 64 - ط دار المحاسن) : فيه العمري الكبير وفيه ضعف.
(7) الأحكام السلطانية للماوردي ص 187 ط مصطفى الحلبي، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 208، والمغني لابن قدامة 5 / 577 ط الرياض، والدسوقي 4 / 67 ط دار الفكر.
(8) حديث: " منى مناخ من سبق ". أخرجه الترمذي (33 / 228 - ط الحلبي) وأعله المناوي في الفيض (6 / 244 - ط المكتبة التجارية) بجهالة أحد رواته.
(9) الأحكام السلطانية للماوردي ص 187، والمغني 5 / 577
(10) ابن عابدين 5 / 475، والدسوقي 4 / 67، 68، والأحكام السلطانية للماوردي ص177، 188 والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 209، 210 واللجنة تنبه إلى أن محل هذه التقسيمات والتفصيلات حيث لم يكن هناك تنظيم من ولي الأمر مراعى فيه المصلحة، وإلا فالواجب شرعا الالتزام بأمره، لأن طاعته فيما لا إثم فيه واجبة في كل تصرف منوط بالمصلحة.
(11) الدسوقي 4 / 68، والخراج ص 66، والأحكام السلطانية للماوردي ص 190.
(12) حديث: " أعطوه منتهى سوطه ". سبق تخريجه (ف / 6) .
(13) الأحكام السلطانية للماوردي ص 190، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 212، وابن عابدين 3 / 265، والخراج ص 65 ط السلفية القاهرة، وحاشية الدسوقي 4 / 68، والمغني 5 / 579، وحاشية قليوبي 3 / 79، وشرح العناية 9 / 4، ومنتهى الإيرادات 1 / 544، 545، والرهوني 7 / 105، والهندية 5 / 386، ونهاية المحتاج 5 / 328 ط البابي الحلبي.
(14) حديث: " عادي الأرض لله ولرسوله ثم هي لكم مني " أخرجه الشافعي في مسنده (2 / 133 - ط مكتب نشر الثقافة الإسلامية) وأعله ابن حجر بالإرسال (التلخيص (3 / 62 ط دار المحاسن) .
(15) الفتاوى الهندية 5 / 386، والرهوني 5 / 105 والأحكام السلطانية للماوردي ص 190، 191، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 213.
(16) حديث: " أقطع تميم الداري " أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في الأموال (ص 274 - ط المكتبة التجارية الكبرى) وفي إسناده إرسال.
(17) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير 4 / 68، والأحكام السلطانية للماوردي ص 292، 293، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص215، 216، والخراج لأبي يوسف ص 63، وابن عابدين 3 / 265.
(18) حديث: " استقطع أبيض بن حمال النبي ﷺ " أخرجه الشافعي في الأم (4 / 42 - شركة الطباعة الفنية) ويحيى بن آدم في الخراج. (ص 110 - ط السلفيه) وصححه أحمد شاكر في التعليق عليه.
(19) الأحكام للماوردي ص 197، 198، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 219، 220، وقليوبي 3 / 94، 95، وابن عابدين 5 / 279، والخرشي 2 / 208.
(20) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 4 / 68، والأحكام السلطانية للماوردي ص 292، 293، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 215، 216، والخراج لأبي يوسف ص63، وابن عابدين 3 / 265.
(21) الدر المنتقى 1 / 671، 672، وابن عابدين 3 / 256، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص218.
(22) قليوبي وعميرة 3 / 89، 90، ومطالب أولي النهى 4 / 180، وابن عابدين 5 / 278، والمغني 5 / 566، 580 ط السعودية.
(23) ابن عابدين 3 / 266، وقليوبي وعميرة 3 / 92.
(24) المغني 5 / 569، وابن عابدين 5 / 278، والتاج والإكليل على الحطاب 6 / 12، والدسوقي 4 / 69، 70، وقليوبي وعميرة 3 / 90، 91.
(25) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 213، والأحكام السلطانية للماوردي ص 217 ط التوفيقية، والدسوقي 4 / 66، وابن عابدين 5 / 278.
(26) ابن عابدين 266، و 392، وتحفة المحتاج 214 و 6 / 237 ط دار صادر، والدسوقي 4 / 68 ط عيسى الحلبي، والمغني 5 / 427 ط مكتبة القاهرة.
(27) الخراج لأبي يوسف ص 69، والدسوقي 4 / 68، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 216، والأحكام السلطانية للماوردي ص 220.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 80/ 6