القريب
كلمة (قريب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فاعل) من القرب، وهو خلاف...
التَّعْرِيفُ:
1 - الْخَيْل جَمَاعَةُ الأَْفْرَاسِ. وَالْخَيْل مُؤَنَّثَةٌ وَلاَ وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا، أَوْ وَاحِدُهَا خَائِلٌ، وَالْجَمْعُ خُيُولٌ وَأَخْيَالٌ، وَسُمِّيَتْ خَيْلاً لاِخْتِيَالِهَا أَيْ إِعْجَابِهَا بِنَفْسِهَا مَرَحًا.
قَال بَعْضُهُمْ: وَتُطْلَقُ عَلَى الْعِرَابِ وَالْبَرَاذِينِ (1) ذُكُورِهِمَا وَإِنَاثِهِمَا، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَالْخَيْل وَالْبِغَال وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} (2) .
وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْفُرْسَانِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} (3) أَيْ بِفُرْسَانِكَ وَرَجَّالَتِكَ (4) .
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ بِالإِْطْلاَقِ الأَْوَّل. الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - حَثَّ الشَّارِعُ عَلَى اقْتِنَاءِ الْخَيْل لِلْجِهَادِ وَارْتِبَاطِهَا فِي سَبِيل اللَّهِ. قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْل} (5) . وَقَال ﷺ: الْخَيْل مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ (6) . وَتُنْظَرُ الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (فَرُوسِيَّةٌ) .
وَتَتَعَلَّقُ بِالْخَيْل أَحْكَامٌ مِنْهَا:
زَكَاتُهَا:
3 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ: إِلَى أَنَّهُ لاَ زَكَاةَ فِي الْخَيْل إِلاَّ إِذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي فَرَسِهِ وَغُلاَمِهِ صَدَقَةٌ (7) . وَعَنْ عَلِيٍّ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: قَدْ عَفَوْتُ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْل وَالرَّقِيقِ (8) . وَلأَِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَْنْعَامِ فَلَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا كَالْوُحُوشِ.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: الْخَيْل السَّائِمَةُ إذَا كَانَتْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَ الْكُل إنَاثًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَإِنْ كَانَ الْكُل ذُكُورًا فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لاَ تَجِبُ، وَفِي مَسَائِل النَّوَادِرِ أَنَّهَا تَجِبُ (9) .
وَلِتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ إلَى: (زَكَاةٌ) .
أَكْلُهَا:
4 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ) أَنَّ الْخَيْل مُبَاحٌ أَكْلُهَا. وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ قَوْلٌ ثَانٍ لِلْمَالِكِيَّةِ: إنَّ أَكْلَهَا حَلاَلٌ مَعَ الْكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِيَّةِ، وَبِهِ قَال الأَْوْزَاعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ الْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةِ وَنَحْوُهُ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا (10) ، وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: " أَطْعِمَةٌ " (11) . سَهْمُهَا فِي الْغَنِيمَةِ:
5 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ يُقْسَمُ مِنْهَا لِلْفَارِسِ ثَلاَثَةُ أَسْهُمٍ، سَهْمٌ لَهُ، وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ، وَحُسَيْنُ بْنُ ثَابِتٍ وَالثَّوْرِيُّ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ. لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَسْهَمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَارِسِ ثَلاَثَةَ أَسْهُمٍ، سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ وَسَهْمًا لَهُ (12) .
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: لِلْفَرَسِ سَهْمٌ وَاحِدٌ، لِمَا رَوَى مُجَمِّعُ بْنُ حَارِثَةَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ: قَسَمَ خَيْبَرَ عَلَى أَهْل الْحُدَيْبِيَةِ فَأَعْطَى الْفَارِسَ سَهْمَيْنِ وَأَعْطَى الرَّاجِل سَهْمًا (13) ، وَلأَِنَّهُ حَيَوَانٌ ذُو سَهْمٍ، فَلَمْ يَزِدْ عَلَى سَهْمٍ كَالآْدَمِيِّ.
وَلاَ يُسْهَمُ لأَِكْثَرَ مِنْ فَرَسٍ وَاحِدٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - مَا عَدَا أَبَا يُوسُفَ - وَالْمَالِكِيَّةَ، وَالشَّافِعِيَّةَ، لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يُقَاتِل عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا، فَلاَ يُسْهَمُ لِمَا زَادَ عَلَيْهَا.
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، أَنَّهُ يُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ وَلاَ يُسْهَمُ لأَِكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. لِمَا رَوَى الأَْوْزَاعِيُّ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ كَانَ يُسْهِمُ لِلْخَيْل، وَكَانَ لاَ يُسْهِمُ لِلرَّجُل فَوْقَ فَرَسَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عَشَرَةُ أَفْرَاسٍ (14) . وَلأَِنَّ بِهِ إِلَى الثَّانِي حَاجَةً، فَإِنَّ إِدَامَةَ رُكُوبِ وَاحِدٍ تُضْعِفُهُ، وَتَمْنَعُ الْقِتَال عَلَيْهِ، فَيُسْهَمُ لَهُ كَالأَْوَّل بِخِلاَفِ الثَّالِثِ فَإِنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ (15) .
وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (غَنَائِمُ) .
الْمُسَابَقَةُ بَيْنَهَا:
6 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ بَيْنَ الْخَيْل سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِعِوَضٍ أَمْ بِغَيْرِهِ (16) ، وَفِي كَيْفِيَّةِ تَحَقُّقِ السَّبْقِ بَيْنَهَا تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ: (رَمْيٌ، وَسَبْقٌ) .
7 - وَبِالإِْضَافَةِ إِلَى مَا سَبَقَ يَتَعَلَّقُ بِالْخَيْل مَسَائِل أُخْرَى بَحَثَهَا الْفُقَهَاءُ فِي مَوَاطِنِهَا، فَمَسْأَلَةُ إِنْزَاءِ الْحَمِيرِ عَلَيْهَا تَطَرَّقَ إِلَيْهَا الْفُقَهَاءُ فِي الزَّكَاةِ (1) ، وَطَهَارَةُ بَوْلِهَا لِلْمُجَاهِدِ أَصَابَهُ بِأَرْضِ حَرْبٍ، بُحِثَ فِي بَابِ النَّجَاسَاتِ (2) ، وَرُكُوبُ الْمَرْأَةِ عَلَيْهَا بُحِثَ فِي مَبَاحِثِ الْحَظْرِ وَالإِْبَاحَةِ (3) . وَمَنْعُ الذِّمِّيِّ مِنْ رُكُوبِهَا بُحِثَ فِي الْجِزْيَةِ عِنْدَ الْحَدِيثِ عَنْ تَمْيِيزِ أَهْل الذِّمَّةِ فِي الْمَلْبَسِ (4) ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الأُْمُورِ.
__________
(1) العراب: الخيل العربية، والبراذين: الخيل غير العربية.
(2) سورة النحل / 8.
(3) سورة الإسراء / 64.
(4) مختار الصحاح، والمغرب للمطرزي، والمصباح، والقاموس مادة: " خيل "، وابن عابدين 2 / 19.
(5) سورة الأنفال / 60.
(6) حديث: " الخيل معقود. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 56 ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1493 - ط الحلبي) من حديث عروة البارقي.
(7) حديث: " ليس على المسلم في فرسه. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 427 ط السلفية) ، ومسلم (2 / 675 - 676 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(8) حديث: " قد عفوت عن صدقة الخيل والرقيق. . . . " أخرجه الترمذي (3 / 7 - ط الحلبي) من حديث علي بن أبي طالب، ونقل عن البخاري أنه صححه.
(9) ابن عابدين 2 / 19 ط دار إحياء التراث العربي، والفتاوى الهندية 1 / 178، والخانية على هامشها 1 / 249، والتاج والإكليل على هامش مواهب الجليل 2 / 256، والوجيز 1 / 79 ط دار المعرفة، والمغني 1 / 620، 621 ط الرياض.
(10) ابن عابدين 1 / 150، وجواهر الإكليل 1 / 8 ط السعودية، مكة المكرمة، ونهاية المحتاج 8 / 152 ط مصطفى البابي الحلبي، والمغني 8 / 591.
(11) ينظر كتاب " توفية الكيل لمن حرم لحوم الخيل " للحافظ العلائي. نشر وطبع وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بالكويت.
(12) حديث: " أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم، سهمين. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 7 / 484 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن عمر.
(13) حديث: " قسم خيبر على أهل الحديبية فأعطى الفارس. . . . " أخرجه أبو داود (3 / 174 - 175 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث مجمع بن جارية، وضعفه ابن حجر في الفتح (6 / 68 - ط السلفية) .
(14) حديث: " كان لا يسهم للرجل فوق فرسين، وإن كان. . . . . " أخرجه سعيد بن منصور في سننه كما في المغني لابن قدامة (8 / 407 - 408 - ط الرياض) وفيه إرسال.
(15) ابن عابدين 3 / 234، وجواهر الإكليل 1 / 262 ط دار الباز، مكة المكرمة، والقليوبي 3 / 194 ط دار إحياء الكتب العربية، والمغني 8 / 404، 405، 408 - ط الرياض.
(16) ابن عابدين 5 / 257، 258، 479، وجواهر الإكليل 1 / 271، وشرح المنهاج على هامش القليوبي 4 / 256، ونهاية المحتاج 8 / 164، 165، والمغني 8 / 651، 652، 659، 660.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 191/ 20