القدوس
كلمة (قُدُّوس) في اللغة صيغة مبالغة من القداسة، ومعناها في...
التَّعْرِيفُ:
1 - الصَّفْقَةُ: الْمَرَّةُ مِنَ الصَّفْقِ، وَهِيَ فِي اللُّغَةِ: الضَّرْبُ الَّذِي يُسْمَعُ لَهُ صَوْتٌ (1) .
وَفِي الْحَدِيثِ: التَّسْبِيحُ لِلرِّجَال، وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ (2) .
وَتُطْلَقُ الصَّفْقَةُ فِي الاِصْطِلاَحِ: عَلَى عَقْدِ الْبَيْعِ، يُقَال: صَفَّقَ يَدَهُ بِالْبَيْعَةِ وَالْبَيْعِ:
وَعَلَى يَدِهِ صَفْقًا إِذَا ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى يَدِ صَاحِبِهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ وُجُوبِ الْبَيْعِ، وَيُقَال: تَصَافَقَ الْقَوْمُ إِذَا تَبَايَعُوا. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ - ﵁ -: الصَّفْقَتَانِ فِي صَفْقَةٍ رِبًا (3) . أَيْ بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ (4) الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصَّفْقَةِ:
2 - الْجَمْعُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فِي صَفْقَةٍ ضَرْبَانِ:
(5) أَنْ يُجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ
(6) أَنْ يَجْمَعَهُمَا فِي عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيِ الْحُكْمِ.
فَالأَْوَّل: إِنْ جَمَعَ فِي الصَّفْقَةِ بَيْنَ مَا يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ هُوَ جَمْعٌ، كَأَنْ جَمَعَ بَيْنَ أُخْتَيْنِ أَوْ خَمْسِ نِسْوَةٍ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ بَطَل الْعَقْدُ فِي الْجَمِيعِ؛ لِتَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الأُْخْتَيْنِ، وَبَيْنَ الْخَمْسِ، فَالإِْبْطَال فِي وَاحِدَةٍ، وَالتَّصْحِيحُ فِي غَيْرِهَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، فَإِنْ جَمَعَ فِي الصَّفْقَةِ بَيْنَ شَيْئَيْنِ: كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَابِلٌ لِلْعَقْدِ، بِأَنْ يَجْمَعَ عَيْنَيْنِ لَهُ قَابِلَتَيْنِ لِلْبَيْعِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ صَحَّ الْعَقْدُ فِيهِمَا، ثُمَّ إِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ: كَشَاةٍ وَثَوْبٍ، أَوْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ لَكِنَّهُمَا مُخْتَلِفَا الْقِيمَةِ وَزَّعَ الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ. وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ: كَشَاتَيْنِ مُتَّفِقَتَيِ الْقِيمَةِ وَزَّعَ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الأَْجْزَاءِ.
وَإِنْ جَمَعَ فِي الصَّفْقَةِ شَيْئَيْنِ غَيْرَ قَابِلَيْنِ لِلْعَقْدِ: كَخَمْرٍ، وَمَيْتَةٍ فَالْعَقْدُ بَاطِلٌ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ (5) . اشْتِمَال الصَّفْقَةِ عَلَى مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَمَا لاَ يَجُوزُ:
3 - إِذَا اشْتَمَلَتِ الصَّفْقَةُ عَلَى مَا يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَيْهِ، وَمَا لاَ يَجُوزُ، فَإِنْ كَانَ لِمَا لاَ يَجُوزُ فِيهِ الْعَقْدُ قِيمَةٌ، كَأَنْ يَبِيعَ دَارَهُ وَدَارَ غَيْرِهِ صَحَّ الْعَقْدُ فِي دَارِهِ بِالْقِسْطِ مِنَ الْمُسَمَّى، إِذَا وَزَّعَ عَلَى قِيمَتَيْهِمَا، وَبَطَل فِي دَارِ غَيْرِهِ إِعْطَاءً لِكُل مِنْهُمَا حُكْمُهُ؛ وَلأَِنَّ الصَّفْقَةَ اشْتَمَلَتْ عَلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ، فَالْعَدْل التَّصْحِيحُ فِي الصَّحِيحِ، وَقَصْرُ الْفَسَادِ عَلَى الْفَاسِدِ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلْمَالِكِيَّةِ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ بُطْلاَنُ الصَّفْقَةِ كُلِّهَا (8) .
أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ، بِأَنِ اشْتَمَلَتْ عَلَى خَلٍّ وَخَمْرٍ، أَوْ مَيْتَةٍ وَمُذَكَّاةٍ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَبْطُل فِيهِمَا إِنْ لَمْ يُسَمِّ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا بِاتِّفَاقِ أَئِمَّتِهِمْ.
أَمَّا إِذَا سَمَّى لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا فَقَدْ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْبَيْعَ يَبْطُل فِيهِمَا؛ لأَِنَّ الْمَيْتَةَ وَالْخَمْرَ لَيْسَا بِمَالٍ، وَالْبَيْعُ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ، فَكَانَ الْقَبُول فِي الْمَيْتَةِ، وَالْخَمْرِ كَالْمَشْرُوطِ لِلْبَيْعِ فِيهِمَا، وَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ. وَقَال الصَّاحِبَانِ: يَصِحُّ الْعَقْدُ إِنْ سُمِّيَ لِكُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِسْطٌ مِنَ الثَّمَنِ، وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: تُفَرَّقُ الصَّفْقَةُ فِيهِمَا فَيَصِحُّ فِي الْحَلاَل وَيَبْطُل فِي الْحَرَامِ.
وَالتَّفْصِيل فِي (تَفْرِيقٌ، وَبَيْعٌ) .
وَإِنِ اشْتَمَلَتِ الصَّفْقَةُ عَلَى عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيِ الْحُكْمِ: كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ، أَوْ بَيْعٍ وَسَلَمٍ، أَوْ بَيْعٍ وَنِكَاحٍ، صَحَّ كُلٌّ مِنْهُمَا؛ لِصِحَّتِهِ مُنْفَرِدًا فَلاَ يَضُرُّ الْجَمْعُ، وَلاَ أَثَرَ لاِخْتِلاَفِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ، كَمَا لاَ أَثَرَ لَهُ فِي بَيْعِ مَشْفُوعٍ، وَغَيْرِ مَشْفُوعٍ.
وَصُورَةُ الإِْجَارَةِ، وَالْبَيْعِ أَنْ يَقُول: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ، وَآجَرْتُكَ دَارِي سَنَةً بِكَذَا. وَصُورَةُ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ، أَنْ يَقُول: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي، وَبِعْتُكَ دَارَهَا، وَهِيَ فِي حِجْرِهِ؛ أَوْ رَشِيدَةٌ وَكَّلَتْهُ فِي بَيْعِ دَارِهَا فَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَالْبَيْعُ، وَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى قِيمَةِ الْمَبِيعِ، وَمَهْرِ الْمِثْل (9) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلَحِ: (تَفْرِيقٌ، وَنِكَاحٌ، وَصَدَاقٌ) .
__________
(1) لسان العرب
(2) حديث: " التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 77 - ط. السلفية) ومسلم (1 / 318 - ط. الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(3) حديث أبن مسعود: " صفقتان في صفقة ربا ". أخرجه العقيلي في الضعفاء. 3 / 288 - ط. دار الكتب العلمية) مرفوعا وموقوفا، ورجح الموقوف.
(4) حاشية الجمل 3 / 94، ومطالب أولي النهى 3 / 45، والتعريفات ص 133.
(5) روضة الطالبين 3 / 420، أسنى المطالب 2 / 42، ابن عابدين 4 / 103، كشاف القناع 3 / 157، الشرح الصغير 3 / 22 - 23.
(6)
(7) روضة الطالبين 3 / 420، أسنى المطالب 2 / 42، ابن عابدين 4 / 103، كشاف القناع 3 / 157، الشرح الصغير 3 / 22 - 23.
(8) أسنى المطالب 2 / 42، فتح القدير، 6 / 89، مطالب أولي النهى 3 / 45. القوانين الفقهية 172.
(9) المراجع السابقة
الموسوعة الفقهية الكويتية: 42/ 27