السميع
كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...
التَّعْرِيفُ:
1 - الظِّل فِي اللُّغَةِ: نَقِيضُ الضِّحِّ (الشَّمْسُ أَوْ ضَوْءُهَا) ، قَال الْفَيُّومِيُّ: كُل مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَزَالَتْ عَنْهُ فَهُوَ ظِلٌّ، مِثْلُهُ مَا فِي اللِّسَانِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: الظِّل ضَوْءُ شُعَاعِ الشَّمْسِ إِذَا اسْتَتَرَتْ عَنْكَ بِحَاجِزٍ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ، قَال الشِّرْبِينِيُّ: الظِّل أَصْلُهُ السَّتْرُ، وَمِنْهُ: أَنَا فِي ظِل فُلاَنٍ، وَظِل اللَّيْل: سَوَادُهُ، وَهُوَ يَشْمَل مَا قَبْل الزَّوَال وَمَا بَعْدَهُ (2) ، وَمِثْلُهُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَابِدِينَ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْفَيْءُ:
2 - الْفَيْءُ: هُوَ الرُّجُوعُ. وَيُطْلَقُ عَلَى الظِّل مِنَ الزَّوَال إِلَى الْغُرُوبِ (4) ، وَيُقَال لِلْفَيْءِ التَّبَعُ، لأَِنَّهُ يَتْبَعُ الشَّمْسَ (5) .
وَيُفَرِّقُ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الظِّل وَالْفَيْءِ: بِأَنَّ كُل مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَزَالَتْ عَنْهُ فَهُوَ ظِلٌّ وَفَيْءٌ، وَمَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَهُوَ ظِلٌّ (6) ، وَهَذَا قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرَهُ أَبُو هِلاَلٍ الْعَسْكَرِيُّ فِي الْفُرُوقِ: بِأَنَّ الظِّل يَكُونُ لَيْلاً وَنَهَارًا، وَلاَ يَكُونُ الْفَيْءُ إِلاَّ بِالنَّهَارِ (7) .
وَقِيل: الظِّل بِالْغَدَاةِ، وَالْفَيْءُ بِالْعَشِيِّ (8) .
وَيُفَرِّقُ الْفُقَهَاءُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الظِّل: يَشْمَل مَا قَبْل الزَّوَال وَمَا بَعْدَهُ، وَالْفَيْءُ: مُخْتَصٌّ بِمَا بَعْدَهُ (9)
ب - الزَّوَال:
3 - الزَّوَال لُغَةً: التَّنْحِيَةُ، وَفِي الاِصْطِلاَحِ الْفِقْهِيِّ: هُوَ مَيْل الشَّمْسِ عَنْ كَبِدِ السَّمَاءِ أَيْ وَسَطِهَا، وَيُعْرَفُ بَعْدَ تَوَقُّفِ الظِّل مِنْ الاِنْتِقَاصِ، وَإِذَا أَخَذَ الظِّل فِي الزِّيَادَةِ فَالشَّمْسُ قَدْ زَالَتْ (10) ، وَعَلَى هَذَا فَالزَّوَال سَبَبٌ لِطُول الظِّل وَالْفَيْءِ. الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
أَوَّلاً - الظِّل وَأَوْقَاتُ الصَّلاَةِ:
4 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ وَقْتَ صَلاَةِ الظُّهْرِ يَدْخُل بِزَوَال الشَّمْسِ، وَاخْتَلَفُوا فِي آخِرِ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَوَّل وَقْتِ الْعَصْرِ.
فَقَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ هُوَ بُلُوغُ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَهُ غَيْرُ ظِل الزَّوَال، وَهَذَا هُوَ أَوَّل وَقْتِ الْعَصْرِ أَيْضًا (11) .
وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ إِذَا صَارَ ظِل كُل شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، سِوَى ظِل الزَّوَال، كَمَا أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ يَدْخُل بِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنَ الظِّل عِنْدَهُ (12) .
وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعِ فِي مُصْطَلَحِ: (أَوْقَاتُ الصَّلاَةِ ف 8، 9) .
ثَانِيًا - التَّبَوُّل وَالتَّخَلِّي فِي الظِّل:
5 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ التَّبَوُّل وَالتَّخَلِّي فِي ظِلٍّ يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ (13) ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَى مُعَاذٌ ﵁ قَال قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: اتَّقُوا الْمَلاَعِنَ الثَّلاَثَ: الْبِرَازَ فِي الْمَوَارِدِ، وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ، وَالظِّل (14) وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: اتَّقُوا اللَّعَّانِينَ، قَالُوا وَمَا اللَّعَّانُ يَا رَسُول اللَّهِ؟ قَال: الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ (15) .
وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلاَمِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ النَّهْيَ لِلْكَرَاهَةِ وَاسْتَظْهَرَ الدُّسُوقِيُّ التَّحْرِيمَ حَيْثُ قَال: وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَضَاءَ الْحَاجَةِ فِي الْمَوْرِدِ وَالطَّرِيقِ وَالظِّل وَمَا أُلْحِقَ بِهِ حَرَامٌ (16) .
وَمِثْلُهُ مَا نَقَلَهُ الشِّرْبِينِيُّ مِنْ كَلاَمِ النَّوَوِيِّ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي حُرْمَتُهُ لِلأَْخْبَارِ الصَّحِيحَةِ، وَلإِِيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ (17) .
وَيُلْحَقُ بِالظِّل فِي الصَّيْفِ مَحَل الاِجْتِمَاعِ فِي الشَّمْسِ فِي الشِّتَاءِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفُقَهَاءُ (18) .
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَحَلًّا لِلاِجْتِمَاعِ عَلَى مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ (19) . ثَالِثًا: اسْتِظْلاَل الْمُحْرِمِ:
6 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ اسْتِظْلاَل الْمُحْرِمِ بِمَا لاَ يُلاَمِسُ الْوَجْهَ، كَبِنَاءٍ مِنْ حَائِطٍ وَسَقْفٍ وَقَبْوٍ وَخَيْمَةٍ وَنَحْوِهَا كَالْمَحْمَل فَيَجُوزُ الاِسْتِظْلاَل بِظِلِّهِ الْخَارِجِ، كَمَا يُسْتَظَل بِالْحَائِطِ، نَازِلاً أَوْ سَائِرًا، سَوَاءٌ بِجَانِبِهِ أَوْ تَحْتِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وَجَوَازُ الاِسْتِظْلاَل بِمَا إِذَا كَانَ مَا يَتَظَلَّل بِهِ ثَابِتًا فِي أَصْلٍ تَابِعٍ لَهُ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، وَدَلِيل الْجَوَازِ هُوَ مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ ﵁ حَيْثُ قَال فِي حَدِيثِ حَجَّةِ النَّبِيِّ ﷺ: وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعْرٍ فَضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَل بِهَا، حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ. (20) .
أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمُظِل ثَابِتًا فِي أَصْلٍ يَتْبَعُهُ فَفِيهِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (إِحْرَام ف 63) .
رَابِعًا: الْجُلُوسُ بَيْنَ الضِّحِّ وَالظِّل:
7 - يُكْرَهُ الْجُلُوسُ بَيْنَ الضِّحِّ وَالظِّل، لِحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى أَنْ يُجْلَسَ بَيْنَ الضِّحِّ وَالظِّل وَقَال: مَجْلِسُ الشَّيْطَانِ (21) وَقَال ابْنُ مَنْصُورٍ لأَِبِي عَبْدِ اللَّهِ: يُكْرَهُ الْجُلُوسُ بَيْنَ الظِّل وَالشَّمْسِ؟ قَال: هَذَا مَكْرُوهٌ، أَلَيْسَ قَدْ نُهِيَ عَنْ ذَا؟ قَال إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ: صَحَّ النَّهْيُ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
قَال سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيل بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَال: رَأَى رَسُول اللَّهِ ﷺ أَبِي فِي الشَّمْسِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَحَوَّل إِلَى الظِّل.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ جَاءَ وَرَسُول اللَّهِ ﷺ يَخْطُبُ، فَقَامَ فِي الشَّمْسِ، فَأَمَرَ بِهِ فَحُوِّل إِلَى الظِّل (22) .
__________
(1) المصباح المنير ولسان العرب.
(2) مغني المحتاج 1 / 122.
(3) ابن عابدين على الدرالمختار 1 / 240.
(4) المصباح المنير، وابن عابدين 1 / 240، ومغني المحتاج 1 / 122.
(5) الفروق في اللغة لأبي هلال العسكري.
(6) المصباح المنير مادة (ظلل) .
(7) الفروق لأبي هلال العسكري.
(8) لسان العرب (ظلل) .
(9) ابن عابدين 1 / 240، ومغني المحتاج 1 / 122.
(10) ابن عابدين 1 / 238، وبداية المجتهد 1 / 48، ومغني المحتاج 1 / 121، والمغني لابن قدامة 1 / 371.
(11) فتح القدير 1 / 192، وجواهر الإكليل 1 / 32، ومواهب الجليل 1 / 382، ومغني المحتاج 1 / 121، والمغني لابن قدامة 1 / 371 - 375.
(12) البدائع 1 / 123، والهداية مع فتح القدير 1 / 192.
(13) ابن عابدين 1 / 239، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 107، ومغني المحتاج 1 / 41، والمغني لابن قدامة 1 / 165.
(14) حديث معاذ: " اتقوا الملاعن الثلاث. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 29) والحاكم (1 / 167) وصححه الحاكم ووافه الذهبي. والمورد: الطريق، وقارعة الطريق: أعلاه، وقيل: صدره، وقيل: ما برز منه.
(15) حديث: " اتقوا اللعانين؟ قالوا: وما اللعانان " أخرجه مسلم (1 / 226) من حديث أبي هريرة.
(16) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 1 / 107.
(17) مغني المحتاج 1 / 41.
(18) ابن عابدين 1 / 229، والدسوقي 1 / 107، ومغني المحتاج 1 / 41.
(19) ابن عابدين 1 / 229.
(20) المغني 3 / 38، وابن عابدين 2 / 164، حاشية الدسوقي 2 / 56، 57 وحديث: " وأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة. . . ". أخرجه مسلم (2 / 889) من حديث جابر بن عبد الله.
(21) حديث: " نهى أن يجلس بين الضح والظل " أخرجه أحمد بن حنبل (3 / 413، 414) وحسن إسناده البوصيري في الزوائد (2 / 251) .
(22) الأداب الشرعية 3 / 160 طبعة أولى - المنار. وحديث قيس بن أبي حازم: " رأى رسول الله ﷺ أبي في الشمس. . . " عزاه ابن مفلح في الآداب الشرعية (3 / 160) إلى سعيد بن منصور، ونقل عن إسحاق بن راهويه أنه قال: صح النهي فيه عن النبي ﷺ، ورواية قيس عن أبيه أنه جاء ورسول الله ﷺ يخطب. أخرجه أبو داود (5 / 163) وجود إسناده ابن مفلح في الأداب الشرعية (3 / 160) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 166/ 29