الحفي
كلمةُ (الحَفِيِّ) في اللغة هي صفةٌ من الحفاوة، وهي الاهتمامُ...
التَّعْرِيفُ:
1 - الْفَتْحُ فِي اللُّغَةِ نَقِيضُ الإِْغْلاَقِ، يُقَال: فَتَحَ الْبَابَ يَفْتَحُهُ فَتْحًا: أَزَال غَلْقَهُ.
وَالإِْمَامُ كُل مَنْ يُقْتَدَى بِهِ. (1)
وَالْفَتْحُ عَلَى الإِْمَامِ فِي الاِصْطِلاَحِ هُوَ: تَلْقِينُ الْمَأْمُومِ الإِْمَامَ الآْيَةَ عِنْدَ التَّوَقُّفِ فِيهَا (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - اللَّبْسُ:
2 - اللَّبْسُ: اخْتِلاَطُ الأَْمْرِ، مِنْ لَبَسَ الأَْمْرَ عَلَيْهِ يَلْبِسُ لَبْسًا فَالْتَبَسَ: إِذَا خَلَطَهُ عَلَيْهِ حَتَّى لاَ يَعْرِفَ جِهَتَهُ (3) وَفِي الْحَدِيثِ جَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَلَبَسَ عَلَيْهِ (4) . وَالصِّلَةُ أَنَّ اللَّبْسَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِلْفَتْحِ عَلَى الإِْمَامِ.
ب - الْحَصْرُ:
3 - الْحَصْرُ: ضَرْبٌ مِنَ الْعِيِّ، مِنْ حَصِرَ الرَّجُل حَصْرًا: عَيِيَ، وَكُل مَنِ امْتَنَعَ مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَقَدْ حَصِرَ عَنْهُ. (5)
وَالْحَصْرُ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِلْفَتْحِ عَلَى الإِْمَامِ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ فَتْحَ الْمُؤْتَمِّ عَلَى إِمَامِهِ إِذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ فِي الْقِرَاءَةِ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ وَرَدَّهُ إِذَا غَلِطَ فِي الْقِرَاءَةِ إِلَى الصَّوَابِ مَشْرُوعٌ إِجْمَالاً، (6) وَبِهِ قَال جَمْعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عُمَرَ ﵃، وَعَطَاءٍ، وَالْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ وَابْنِ مَعْقِلٍ، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ.
وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ صَلَّى صَلاَةً فَقَرَأَ فِيهَا فَلَبَسَ عَلَيْهِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَال لأُِبَيٍّ ﵁: أَصَلَّيْتَ مَعَنَا؟ قَال: نَعَمْ، قَال: فَمَا مَنَعَكَ؟ (7) وَبِحَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ يَزِيدَ الْمَالِكِيِّ ﵁ قَال: شَهِدْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ: يَقْرَأُ فِي الصَّلاَةِ، فَتَرَكَ شَيْئًا لَمْ يَقْرَأْهُ فَقَال لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُول اللَّهِ تَرَكْتَ آيَةَ كَذَا وَكَذَا، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: هَلاَّ أَذْكَرْتَنِيهَا. (8)
وَكَرِهَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ - ﵁ - وَشُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ (9) .
أَحْكَامُ الْفَتْحِ عَلَى الإِْمَامِ:
5 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي بَعْضِ أَحْكَامِ الْفَتْحِ عَلَى الإِْمَامِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ إِجْمَالاً.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمُؤْتَمَّ إِنْ فَتَحَ عَلَى إِمَامِهِ بَعْدَ تَوَقُّفِهِ فِي الْقِرَاءَةِ لَمْ يَكُنْ كَلاَمًا مُفْسِدًا لِلصَّلاَةِ، لأَِنَّهُ مُضْطَرٌّ إِلَى إِصْلاَحِ صَلاَتِهِ، سَوَاءٌ أَقَرَأَ الإِْمَامُ مِقْدَارَ الْفَرْضِ فِي الْقِرَاءَةِ أَمْ لَمْ يَقْرَأْ، لأَِنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْتَحْ عَلَيْهِ رُبَّمَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ مَا يَكُونُ مُفْسِدًا لِلصَّلاَةِ، فَكَانَ فِي الْفَتْحِ عَلَيْهِ صَلاَحُ صَلاَتِهِ فِي الْحَالَيْنِ، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ قَال: إِذَا اسْتَطْعَمَكُمُ الإِْمَامُ فَأَطْعِمُوهُ (10) .
وَاسْتِطْعَامُهُ سُكُوتُهُ، وَيَنْوِي الْفَاتِحُ الْفَتْحَ لاَ التِّلاَوَةَ عَلَى الصَّحِيحِ، لأَِنَّهُ مُرَخَّصٌ فِيهِ، وَقِرَاءَتُهُ مَمْنُوعٌ عَنْهَا، وَلَوْ فَتَحَ عَلَيْهِ بَعْدَ انْتِقَالِهِ إِلَى آيَةٍ أُخْرَى لَمْ تَفْسُدْ صَلاَتُهُ، وَهُوَ قَوْل عَامَّةِ مَشَايِخِهِمْ، لإِِطْلاَقِ الْمُرَخِّصِ.
وَفِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ: وَفِي الْمُحِيطِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، فَإِنَّ فِيهِ: وَذَكَرَ فِي الأَْصْل وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ إِذَا فَتَحَ عَلَى إِمَامِهِ يَجُوزُ مُطْلَقًا، لأَِنَّ الْفَتْحَ وَإِنْ كَانَ تَعْلِيمًا، لَكِنَّهُ لَيْسَ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ، وَأَنَّهُ تِلاَوَةٌ حَقِيقِيَّةٌ فَلاَ يَكُونُ مُفْسِدًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ، وَصَحَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ لاَ تَفْسُدُ صَلاَةُ الْفَاتِحِ عَلَى كُل حَالٍ، وَتَفْسُدُ صَلاَةُ الإِْمَامِ، إِذَا أَخَذَ مِنَ الْفَاتِحِ بَعْدَ أَنِ انْتَقَل إِلَى آيَةٍ أُخْرَى، وَفِي الْكَافِي: لاَ تَفْسُدُ صَلاَةُ الإِْمَامِ أَيْضًا.
وَالْحَاصِل أَنَّ الْفَتْحَ عَلَى إِمَامِهِ لاَ يُوجِبُ فَسَادَ صَلاَةِ أَحَدٍ لاَ الْفَاتِحِ، وَلاَ الآْخِذِ فِي الصَّحِيحِ، وَيُكْرَهُ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَعْجَل بِالْفَتْحِ، وَيُكْرَهُ لِلإِْمَامِ أَنْ يُلْجِئَهُمْ إِلَيْهِ بِأَنْ يَسْكُتَ بَعْدَ الْحَصْرِ، أَوْ يُكَرِّرَ الآْيَةَ، بَل يَرْكَعُ إِذَا جَاءَ أَوَانُهُ، أَوْ يَنْتَقِل إِلَى آيَةٍ أُخْرَى لَيْسَ فِي وَصْلِهَا مَا يُفْسِدُ الصَّلاَةَ، أَوْ يَنْتَقِل إِلَى سُورَةٍ أُخْرَى.
وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي أَوَانِ الرُّكُوعِ، فَفِي بَعْضِهَا: اعْتُبِرَ أَوَانُهُ إِذَا قَرَأَ الْمُسْتَحَبَّ، وَفِي بَعْضِهَا: اعْتُبِرَ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ: أَيْ إِذَا قَرَأَ مِقْدَارَ مَا يَجُوزُ بِهِ الصَّلاَةُ رَكَعَ. (11)
وَإِنْ فَتَحَ الْمُصَلِّي عَلَى غَيْرِ إِمَامِهِ فَسَدَتْ صَلاَتُهُ لأَِنَّهُ تَعْلِيمٌ وَتَعَلُّمٌ، فَكَانَ مِنْ جِنْسِ كَلاَمِ النَّاسِ، إِلاَّ إِذَا نَوَى التِّلاَوَةَ، فَإِنْ نَوَى التِّلاَوَةَ لاَ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ عِنْدَ الْكُل، وَتَفْسُدُ صَلاَةُ الآْخِذِ، إِلاَّ إِذَا تَذَكَّرَ قَبْل تَمَامِ الْفَتْحِ، وَأَخَذَ فِي التِّلاَوَةِ قَبْل تَمَامِ الْفَتْحِ فَلاَ تَفْسُدُ، وَإِلاَّ فَسَدَتْ صَلاَتُهُ، لأَِنَّ تَذَكُّرَهُ يُضَافُ إِلَى الْفَتْحِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: إِنْ حَصَل التَّذَكُّرُ بِسَبَبِ الْفَتْحِ تَفْسُدُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَشَرَعَ فِي التِّلاَوَةِ قَبْل تَمَامِ الْفَتْحِ أَمْ بَعْدَهُ، لِوُجُودِ التَّعَلُّمِ، وَإِنْ حَصَل تَذَكُّرُهُ مِنْ نَفْسِهِ لاَ بِسَبَبِ الْفَتْحِ لاَ تَفْسُدُ مُطْلَقًا، وَكَوْنُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ حَصَل بِالْفَتْحِ لاَ يُؤَثِّرُ بَعْدَ تَحَقُّقِ أَنَّهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَيَشْمَل هَذَا إِذَا كَانَ الْمَفْتُوحُ عَلَيْهِ مُصَلِّيًا أَوْ غَيْرَ مُصَلٍّ، وَإِنْ سَمِعَ الْمُؤْتَمُّ مِمَّنْ لَيْسَ فِي الصَّلاَةِ فَفَتَحَ بِهِ عَلَى إِمَامِهِ فَسَدَتْ صَلاَةُ الْكُل، لأَِنَّ التَّلْقِينَ مِنْ خَارِجٍ، وَفَتْحُ الْمُرَاهِقِ كَالْبَالِغِ فِيمَا ذُكِرَ.
هَذَا كُلُّهُ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ: إِنَّ الْفَتْحَ عَلَى الإِْمَامِ لاَ يَكُونُ مُفْسِدًا لِلصَّلاَةِ، فَلاَ تَفْسُدُ صَلاَةُ الْفَاتِحِ مُطْلَقًا، لأَِنَّهُ قِرَاءَةٌ فَلاَ تَتَغَيَّرُ بِقَصْدِ الْقَارِئِ. (12)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا أُرْتِجَ عَلَى الإِْمَامِ فِي الْفَاتِحَةِ يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَفْتَحَ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْل: بِأَنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ تَجِبُ فِي الصَّلاَةِ كُلِّهَا أَوْ جُلِّهَا.
أَمَّا عَلَى الْقَوْل: بِأَنَّ الْفَاتِحَةَ تَجِبُ فِي جُل الصَّلاَةِ لاَ فِي كُلِّهَا، وَحَصَل الرِّتَاجُ بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي جُل الصَّلاَةِ، كَأَنْ يَقِفَ فِي ثَالِثَةِ الثُّلاَثِيَّةِ، أَوْ رَابِعَةِ الرَّبَاعِيَةِ، فَالْفَتْحُ عَلَيْهِ سُنَّةٌ، أَمَّا صَلاَةُ الإِْمَامِ فَصَحِيحَةٌ مُطْلَقًا، لأَِنَّهُ كَمَنْ طَرَأَ لَهُ الْعَجْزُ عَنْ رُكْنٍ فِي أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ، أَمَّا فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ فَيُسَنُّ الْفَتْحُ عَلَيْهِ إِنْ وَقَفَ حَقِيقَةً: بِأَنِ اسْتَفْتَحَ وَلَمْ يَنْتَقِل لِغَيْرِ سُورَةٍ وَلَمْ يُكَرِّرْ آيَةً، أَوْ وَقَفَ حُكْمًا: بِأَنْ رَدَّدَ آيَةً، إِذْ يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ لِلتَّبَرُّكِ أَوِ التَّلَذُّذِ بِهَا، وَيُحْتَمَل لِلاِسْتِطْعَامِ، كَقَوْلِهِ: " وَاللَّهُ " وَيُكَرِّرُهَا أَوْ يَسْكُتُ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ لاَ يَعْلَمُ أَنَّ بَعْدَهَا " غَفُورٌ رَحِيمٌ ". وَمِنَ الْحُكْمِيِّ أَيْضًا: خَلْطُ آيَةِ رَحْمَةٍ بِآيَةِ عَذَابٍ، أَوْ تَغْيِيرُهُ آيَةً تَغْيِيرًا يَقْتَضِي الْكُفْرَ، أَوْ وَقْفُهُ وَقْفًا قَبِيحًا فَيَفْتَحُ عَلَيْهِ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى الصَّوَابِ، وَلاَ سُجُودَ عَلَيْهِ لِلْفَتْحِ عَلَى إِمَامِهِ، وَأَمَّا إِنِ انْتَقَل إِلَى آيَةٍ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، أَوْ لَمْ يَقِفْ فَيُكْرَهُ الْفَتْحُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَلاَ تَبْطُل صَلاَةُ الْفَاتِحِ وَلاَ سُجُودَ عَلَيْهِ. (13)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْفَتْحَ عَلَى الإِْمَامِ مُسْتَحَبٌّ، قَال النَّوَوِيُّ: إِذَا أُرْتِجَ عَلَى الإِْمَامِ وَوَقَفَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ اسْتُحِبَّ لِلْمَأْمُومِ تَلْقِينُهُ، وَكَذَا إِذَا كَانَ يَقْرَأُ فِي مَوْضِعٍ فَسَهَا وَانْتَقَل إِلَى غَيْرِهِ اسْتُحِبَّ تَلْقِينُهُ، وَإِذَا سَهَا عَنْ ذِكْرٍ فَأَهْمَلَهُ، أَوْ قَال غَيْرَهُ اسْتُحِبَّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يَقُولَهُ جَهْرًا لِيَسْمَعَهُ، وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ ﵁: " كَانَ أَصْحَابُ رَسُول اللَّهِ ﷺ يُلَقِّنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الصَّلاَةِ (14) . وَالأَْخْبَارِ السَّابِقَةِ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْفَتْحِ عَلَى الإِْمَامِ.
وَلاَ يَقْطَعُ الْفَتْحُ عَلَى الإِْمَامِ مُوَالاَةَ الْفَاتِحَةِ، لأَِنَّهُ فِي مَصْلَحَةِ الصَّلاَةِ، فَلاَ يَجِبُ اسْتِئْنَافُهَا، وَإِنْ كَانَ التَّوَقُّفُ فِي قِرَاءَةِ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ، لأَِنَّهُ إِعَانَةٌ لِلإِْمَامِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْمَطْلُوبَةِ.
وَلاَ بُدَّ فِي الْفَتْحِ عَلَيْهِ مِنْ قَصْدِ الْقِرَاءَةِ، وَلَوْ مَعَ الْفَتْحِ، وَإِلاَّ بَطَلَتْ صَلاَةُ الْفَاتِحِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
وَيَكُونُ الْفَتْحُ عَلَى الإِْمَامِ إِذَا تَوَقَّفَ عَنِ الْقِرَاءَةِ وَسَكَتَ، وَلاَ يَفْتَحُ عَلَيْهِ مَا دَامَ يُرَدِّدُ. (15)
فَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْقِرَاءَةَ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إِنْ كَانَ عَالِمًا، وَإِلاَّ فَلاَ تَبْطُل، لأَِنَّهَا مِمَّا يَخْفَى عَلَى الْعَوَامِّ غَالِبًا، وَالْفَتْحُ مَنْدُوبٌ عِنْدَهُمْ وَلَوْ فِي الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ، وَفِي حَاشِيَةِ الْقَلْيُوبِيِّ: وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى مِنَ الْجُمُعَةِ، وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ الْوُجُوبُ فِي هَذِهِ، وَأَنَّهُ لاَ يَقْطَعُ مُوَالاَةَ الْفَاتِحَةِ وَإِنْ طَال، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (16) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: إِذَا أُرْتِجَ عَلَى الإِْمَامِ فِي الْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ كَالْفَاتِحَةِ لَزِمَ مَنْ وَرَاءَهُ الْفَتْحُ عَلَيْهِ، وَكَذَا إِنْ غَلِطَ فِي الْفَاتِحَةِ، لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ صَلاَتِهِ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْبِيهُهُ عِنْدَ نِسْيَانِ سَجْدَةٍ وَنَحْوِهَا مِنَ الأَْرْكَانِ الْفِعْلِيَّةِ.
وَإِنْ عَجَزَ الْمُصَلِّي عَنْ إِتْمَامِ الْفَاتِحَةِ بِالإِْرْتَاجِ عَلَيْهِ فَكَالْعَاجِزِ عَنِ الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ، يَأْتِي بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا عَجَزَ عَنْهُ، وَلاَ يُعِيدُهَا كَالأُْمِّيِّ، فَإِنْ كَانَ إِمَامًا صَحَّتْ صَلاَةُ الأُْمِّيِّ خَلْفَهُ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ، وَالْقَارِئُ يُفَارِقُهُ لِلْعُذْرِ وَيُتِمُّ لِنَفْسِهِ، لأَِنَّهُ لاَ يَصِحُّ ائْتِمَامُ الْقَارِئِ بِالأُْمِّيِّ، هَذَا قَوْل ابْنِ عَقِيلٍ، وَقَال الْمُوَفَّقُ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ. (17)
وَلاَ يَفْتَحُ الْمُصَلِّي عَلَى غَيْرِ إِمَامِهِ مُصَلِّيًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ، لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فَإِنْ فَعَل كُرِهَ وَلَمْ تَبْطُل الصَّلاَةُ بِهِ، لأَِنَّهُ قَوْلٌ مَشْرُوعٌ فِيهَا (18)
__________
(1) لسان العرب والمصباح.
(2) مغني المحتاج 1 / 158، ونهاية المحتاج 1 / 483، والمغني 2 / 56، وفتح القدير 1 / 347.
(3) لسان العرب مادة لبس.
(4) حديث: " جاءه الشيطان فلبس عليه ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 104، (ومسلم) 1 / 398) .
(5) لسان العرب مادة حصر.
(6) ابن عابدين 1 / 418، والبحر الرائق 2 / 6 - 7، وفتح القدير 1 / 347، وشرح الزرقاني 1 / 242، وحاشية الدسوقي 1 / 282، والمجموع شرح المهذب 4 / 238، ومغني المحتاج 1 / 158، والقليوبي 1 / 149، والمغني 2 / 55 - 56.
(7) حديث: " أن رسول الله ﷺ صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 558 - 559) من حديث ابن عمر. وصحح إسناده النووي في المجموع 4 / 241.
(8) حديث المسور بن يزيد: " شهدت رسول الله ﷺ يقرأ في الصلاة. . . ". أخرجه أبو داود (1 / 558) وجود إسناده النووي في المجموع 4 / 241.
(9) المجموع 4 / 241.
(10) أثر علي: " إذا استطعمكم الإمام فأطعموه ". أخرجه الدارقطني (1 / 100) .
(11) البحر الرائق 2 / 6، وابن عابدين 1 / 418، وفتح القدير 1 / 347.
(12) البحر الرائق 2 / 6 - 7، وابن عابدين 1 / 418، وفتح القدير 1 / 347.
(13) شرح الزرقاني 1 / 242، وحاشية الدسوقي 1 / 281.
(14) حديث: " كان أصحاب رسول الله ﷺ يلقن بعضهم بعضًا ". أخرجه الدارقطني 1 / 401، وضعف إسناده النووي في المجموع 4 / 239.
(15) حاشية الجمل على شرح المنهج 1 / 348، والقليوبي 1 / 149 - 150، والمجموع شرح المهذب 4 / 238 وما بعده.
(16) المصادر السابقة.
(17) المغني: 2 / 55 - 56، وكشاف القناع 1 / 378 - 379.
(18) المغني 2 / 56، وكشاف القناع 1 / 379.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 13/ 32