البصير
(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...
التَّعْرِيفُ:
1 - اللَّمْسُ لُغَةً: الْجَسُّ وَالإِْدْرَاكُ بِظَاهِرِ الْبَشَرَةِ كَالْمَسِّ، وَيُكْنَى بِهِ وَبِالْمُلاَمَسَةِ عَنِ الْجِمَاعِ، وَقُرِئَ: {لَمَسْتُمْ} (1) وَ {لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ} حَمْلاً عَلَى الْمَسِّ وَعَلَى الْجِمَاعِ، وَقِيل: اللَّمْسُ: الْمَسُّ بِالْيَدِ (2) .
وَاللَّمْسُ اصْطِلاَحًا هُوَ: مُلاَقَاةُ جِسْمٍ لِجِسْمٍ لِطَلَبِ مَعْنًى فِيهِ كَحَرَارَةٍ أَوْ بِرَوْدَةٍ أَوْ صَلاَبَةٍ أَوْ رَخَاوَةٍ أَوْ عِلْمِ حَقِيقَةٍ، كَأَنْ يَلْمِسَ لِيَعْلَمَ هَل هُوَ آدَمِيٌّ أَوْ لاَ (3) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْمَسُّ:
2 - مِنْ مَعَانِي الْمَسِّ فِي اللُّغَةِ: اللَّمْسُ وَالْجُنُونُ، وَيُكْنَى بِهِ عَنِ النِّكَاحِ (4) . وَالْمَسُّ فِي الاِصْطِلاَحِ: مُلاَقَاةُ جِسْمٍ لآِخَرَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ (5) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَّمْسِ وَالْمَسِّ: أَنَّ الْمَسَّ الْتِقَاءُ الْجِسْمَيْنِ، سَوَاءٌ كَانَ لِقَصْدِ مَعْنًى أَوْ لاَ، وَاللَّمْسُ هُوَ الْمَسُّ لِطَلَبِ مَعْنًى.
فَاللَّمْسُ أَخَصُّ مِنَ الْمَسِّ (6) .
ب - الْمُبَاشَرَةُ: 1 - الْمُبَاشَرَةُ فِي اللُّغَةِ: الإِْفْضَاءُ بِالْبَشَرَتَيْنِ، يُقَال: بَاشَرَ الرَّجُل زَوْجَتَهُ: تَمَتَّعَ بِبَشَرَتِهَا، وَبَاشَرَ الأَْمْرَ تَوَلاَّهُ بِبَشَرَتِهِ وَهِيَ يَدُهُ.
قَال ابْنُ مَنْظُورٍ: مُبَاشَرَةُ الْمَرْأَةِ مُلاَمَسَتُهَا، وَكَنَّى بِهَا عَنِ الْجِمَاعِ (7) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (8) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ (9) .
وَيُرَادَفُ اللَّمْسُ الْمُبَاشَرَةَ فِي بَعْضِ إِطْلاَقَاتِهَا.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّمْسِ:
لَمْسُ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِنَقْضِ الْوُضُوءِ
4 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ لَمْسِ الْمَرْأَةِ بِالنِّسْبَةِ لِنَقْضِ الْوُضُوءِ. فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ أَنَّ لَمْسَ الرَّجُل الْمَرْأَةَ وَالْمَرْأَةِ الرَّجُل لاَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَالْحَسَنِ وَمَسْرُوقٍ (10) . ثُمَّ اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمُبَاشَرَةِ الْفَاحِشَةِ وَهُوَ أَنْ يُبَاشِرَ الرَّجُل الْمَرْأَةَ بِشَهْوَةٍ وَيَنْتَشِرُ لَهَا وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ وَلَمْ يَرَ بَلَلاً، فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّهُ يَكُونُ حَدَثًا اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ لاَ يَكُونَ حَدَثًا وَهُوَ قَوْل مُحَمَّدٍ، وَهَل تُشْتَرَطُ مُلاَقَاةُ الْفَرْجَيْنِ وَهِيَ مُمَاسَّتُهُمَا؟ عَلَى قَوْلِهِمَا لاَ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَشَرَطَهُ فِي النَّوَادِرِ، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ مُلاَقَاةَ الْفَرْجَيْنِ أَيْضًا (11) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ بِلَمْسِ الْمُتَوَضِّئِ الْبَالِغِ لِشَخْصٍ يَلْتَذُّ بِهِ عَادَةً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَلَوْ كَانَ الْمَلْمُوسُ غَيْرَ بَالِغٍ سَوَاءٌ أَكَانَ اللَّمْسُ لِزَوْجَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ أَوْ مَحْرَمًا أَمْ كَانَ اللَّمْسُ لِظُفُرٍ أَوْ شَعَرٍ أَمْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ كَثَوْبٍ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْحَائِل خَفِيفًا يُحِسُّ اللاَّمِسُ مَعَهُ بِطَرَاوَةِ الْبَدَنِ أَمْ كَانَ كَثِيفًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ اللَّمْسُ بَيْنَ الرِّجَال أَمْ بَيْنَ النِّسَاءِ، فَاللَّمْسُ بِلَذَّةٍ نَاقِضٌ.
وَالنَّقْضُ بِاللَّمْسِ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ ثَلاَثَةٍ: أَنْ يَكُونَ اللاَّمِسُ بَالِغًا، وَأَنْ يَكُونَ الْمَلْمُوسُ مِمَّنْ يُشْتَهَى عَادَةً، وَأَنْ يَقْصِدَ اللاَّمِسُ اللَّذَّةَ أَوْ يَجِدَهَا.
وَلاَ يُنْقَضُ الْوُضُوءُ بِلَذَّةٍ مِنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ، وَلَوْ حَدَثَ إِنْعَاظٌ مَا لَمْ يُمْذِ بِالْفِعْل، وَلاَ بِلَمْسِ صَغِيرَةٍ لاَ تُشْتَهَى أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ رَجُلٍ مُلْتَحٍ، إِذِ الشَّأْنُ عَدَمُ التَّلَذُّذِ بِهِ عَادَةً إِذَا كَمَلَتْ لِحْيَتُهُ (12) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا الْتَقَتْ بَشَرَتَا رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ تُشْتَهَى، انْتَقَضَ وُضُوءُ اللاَّمِسِ مِنْهُمَا، سَوَاءٌ كَانَ اللاَّمِسُ الرَّجُل أَوِ الْمَرْأَةَ، وَسَوَاءٌ كَانَ اللَّمْسُ بِشَهْوَةٍ أَمْ لاَ، تَعْقُبُهُ لَذَّةٌ أَمْ لاَ، وَسَوَاءٌ قَصَدَ ذَلِكَ أَمْ حَصَل سَهْوًا أَوِ اتِّفَاقًا، وَسَوَاءٌ اسْتَدَامَ اللَّمْسَ أَمْ فَارَقَ بِمُجَرَّدِ الْتِقَاءِ الْبَشَرَتَيْنِ، وَسَوَاءٌ لَمَسَ بِعُضْوٍ مِنْ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَلْمُوسُ أَوِ الْمَلْمُوسُ بِهِ صَحِيحًا أَوْ أَشَل، زَائِدًا أَوْ أَصْلِيًّا، فَكُل ذَلِكَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَهَل يَنْقُضُ وُضُوءَ الْمَلْمُوسِ؟ فِيهِ قَوْلاَنِ مَشْهُورَانِ، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْقِرَاءَتَيْنِ، فَمَنْ قَرَأَ (لَمَسْتُمْ) لَمْ يُنْقَضِ الْمَلْمُوسُ لأَِنَّهُ لَمْ يَلْمِسْ، وَمَنْ قَرَأَ (لاَمَسْتُمْ) نَقَضَهُ لأَِنَّهَا مُفَاعَلَةٌ، وَاخْتُلِفَ فِي الأَْصَحِّ مِنَ الْقَوْلَيْنِ فَصَحَّحَ الرُّويَانِيُّ - وَالشَّاشِيُّ عَدَمَ الاِنْتِقَاضِ، وَصَحَّحَ الأَْكْثَرُونَ الاِنْتِقَاضَ (13) .
وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَنَّ لَمْسَ النِّسَاءِ لِشَهْوَةٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَلاَ يَنْقُضُهُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ، وَهَذَا قَوْل عَلْقَمَةَ وَأَبِي عُبَيْدَةَ وَالنَّخَعِيِّ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَالشَّعْبِيِّ (14) .
وَلاَ يَنْقُضُ مَسُّ الرَّجُل الطِّفْلَةَ وَلاَ الْمَرْأَةِ الطِّفْل، أَيْ مَنْ دُونَ سَبْعٍ (15) .
وَلاَ يَخْتَصُّ اللَّمْسُ النَّاقِضُ بِالْيَدِ بَل أَيُّ شَيْءٍ مِنْهُ لاَقَى شَيْئًا مِنْ بَشَرَتِهَا مَعَ الشَّهْوَةِ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ عُضْوًا أَصْلِيًّا أَوْ زَائِدًا.
وَلاَ يَنْقُضُ مَسُّ شَعَرِ الْمَرْأَةِ وَلاَ ظُفُرُهَا وَلاَ سِنُّهَا وَلاَ يَنْقُضُ لَمْسُهَا لِشَعَرِهِ وَلاَ سِنِّهِ وَلاَ ظُفُرِهِ (16) .
أَثَرُ لَمْسِ الْفَرْجِ فِي انْتِقَاضِ الْوُضُوءِ
5 - لَمْسُ الْفَرْجِ لاَ يُنْتَقَضُ بِهِ الْوُضُوءُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَيُنْتَقَضُ بِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَلِلتَّفْصِيل (ر: فَرْجٌ ف 40) .
لَمْسُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْجُنُبِ لِلْمُصْحَفِ
6 - يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْجُنُبِ مَسُّ الْمُصْحَفِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ} (17) ، وَلِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: لاَ يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلاَّ طَاهِرٌ (18) . وَلِلتَّفْصِيل (ر: جَنَابَةٌ ف 10 وَحَدَثٌ ف 26، وَمُصْحَفٌ) .
لَمْسُ الصَّائِمِ لِلْمَرْأَةِ
7 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - أَنَّ الصَّائِمَ إِذَا تَعَمَّدَ إِنْزَال الْمَنِيِّ بِاللَّمْسِ وَالتَّقْبِيل وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَضَاءَ دُونَ الْكَفَّارَةِ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يُوجِبُ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ عِنْدَ حُصُول الإِْنْزَال (وَالتَّفْصِيل فِي صَوْمٌ ف 41) .
لَمْسُ الْمُحْرِمِ لِلْمَرْأَةِ وَأَثَرُهُ عَلَى النُّسُكِ
8 - إِذَا لَمَسَ الْمُحْرِمُ الْمَرْأَةَ بِشَهْوَةٍ أَوْ قَبَّل أَوْ بَاشَرَ بِغَيْرِ جِمَاعٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الدَّمُ، سَوَاءٌ أَنْزَل مَنِيًّا أَمْ لَمْ يُنْزِل، وَلاَ يَفْسُدُ حَجُّهُ اتِّفَاقًا بَيْنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ. إِلاَّ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ قَالُوا إِنْ أَنْزَل وَجَبَ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ أَنْزَل مَنِيًّا فَسَدَ حَجُّهُ، وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُجَامِعِ، وَإِنْ لَمْ يُنْزِل فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ. وَلِلتَّفْصِيل (ر: إِحْرَامٌ ف 176) .
اللَّمْسُ بَيْنَ الرَّجُل وَالْمَرْأَةِ لِلْعِلاَجِ
9 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى عَدِمِ جِوَازِ لَمْسِ الرَّجُل شَيْئًا مِنْ جَسَدِ الْمَرْأَةِ الأَْجْنَبِيَّةِ الْحَيَّةِ، إِلاَّ أَنَّهُمْ أَجَازُوا لِلطَّبِيبِ الْمُسْلِمِ إِنْ لَمْ تُوجَدْ طَبِيبَةٌ أَنْ يُدَاوِيَ الْمَرِيضَةَ الأَْجْنَبِيَّةَ الْمُسْلِمَةَ وَيَنْظُرَ مِنْهَا وَيَلْمِسَ مَا تُلْجِئُ الْحَاجَةُ إِلَى نَظَرِهِ وَلَمْسِهِ، وَيُجِيزُونَ لِلطَّبِيبَةِ أَنْ تَنْظُرَ وَتَلْمِسَ مِنَ الْمَرِيضِ مَا تَدْعُو الْحَاجَةُ الْمُلْجِئَةُ إِلَى نَظَرِهِ وَلَمْسِهِ إِنْ لَمْ يُوجَدْ طَبِيبٌ يَقُومُ بِمُدَاوَاةِ الْمَرِيضِ. وَلِلتَّفْصِيل (ر: عَوْرَةٌ ف 15، 18) .
قِيَامُ اللَّمْسِ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ فِي حُصُول الْعِلْمِ بِالْمَبِيعِ
10 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يَحْصُل الْعِلْمُ بِحَقِيقَةِ الْمَبِيعِ بِاللَّمْسِ (19) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ كُل عَقْدٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ لاَ يَصِحُّ بِدُونِهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِهِمْ أَنَّهُمْ لاَ يَعْتَبِرُونَ اللَّمْسَ وَسِيلَةً لِحُصُول الْعِلْمِ بِحَقِيقَةِ الْمَبِيعِ (20) .
12
أَثَرُ اللَّمْسِ فِي ثُبُوتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ
11 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا لَوْ لَمَسَ الرَّجُل امْرَأَةً بِشَهْوَةٍ هَل يَحِل لَهُ الزَّوَاجُ بِأُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا؟ يَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْجُمْلَةِ أَنَّ لَمْسَ أَجْنَبِيَّةٍ سَوَاءٌ كَانَ لِشَهْوَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا لاَ يَنْشُرُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ (21) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى ثُبُوتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بِاللَّمْسِ وَالتَّقْبِيل وَالنَّظَرِ إِلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ كَمَا تَثْبُتُ بِالْوَطْءِ.
وَلاَ فَرْقَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بِاللَّمْسِ بَيْنَ كَوْنِهِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مُخْطِئًا (22) .
الرَّجْعَةُ بِاللَّمْسِ
12 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى صِحَّةِ الرَّجْعَةِ بِاللَّمْسِ بِشَهْوَةٍ وَسَائِرِ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ، إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَشْتَرِطُونَ لِصِحَّةِ الرَّجْعَةِ أَنْ يَنْوِيَ الزَّوْجُ بِاللَّمْسِ الرَّجْعَةَ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ عَدِمَ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ بِاللَّمْسِ وَبِغَيْرِهِ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ (23) .
لَمْسُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ الْمُظَاهِرَ مِنْهَا
13 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَأَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ وَأَحْمَدُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ إِلَى حُرْمَةِ دَوَاعِي الْجِمَاعِ مِنْ تَقْبِيلٍ أَوْ لَمْسٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ قَبْل التَّكْفِيرِ.
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ إِبَاحَةَ دَوَاعِي الْوَطْءِ فَلاَ يَحْرُمُ عِنْدَهُمْ لَمْسُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ الْمُظَاهِرَ مِنْهَا وَلاَ تَقْبِيلُهَا وَلاَ مُبَاشَرَتُهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ.
وَلِلتَّفْصِيل: (ر: ظِهَارٌ ف 22) .
__________
(1) سورة المائدة / 6.
(2) لسان العرب، والمفردات للراغب الأصفهاني، والمصباح المنير.
(3) حاشية الدسوقي 1 / 119.
(4) المفردات، والقاموس المحيط.
(5) حاشية الدسوقي 1 / 116.
(6) مواهب الجليل 1 / 297.
(7) المفردات، والمصباح المنير، ولسان العرب.
(8) سورة البقرة / 187.
(9) حاشية ابن عابدين 1 / 99، وقواعد الفقه للبركتي.
(10) الفتاوى الهندية 1 / 13، والمغني مع الشرح الكبير 1 / 187.
(11) بدائع الصنائع 1 / 147 ط. الإمام، والفتاوى الهندية 1 / 13، والمبسوط 1 / 68.
(12) حاشية الدسوقي 1 / 119.
(13) المجموع 2 / 26 نشر المكتبة العلمية.
(14) المغني مع الشرح الكبير 1 / 186 - 187.
(15) كشاف القناع 1 / 129.
(16) المغني مع الشرح الكبير 1 / 190.
(17) سورة الواقعة / 79.
(18) حديث: " لا يمس القرآن إلا طاهر ". أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1 / 276) وقال: رواه الطبراني في الكبير والصغير ورجاله موثقون.
(19) حاشية ابن عابدين 4 / 68، وحاشية الدسوقي 3 / 24 وشرح منتهى الإرادات 2 / 146.
(20) مغني المحتاج 2 / 16 - 21، 31.
(21) القوانين الفقهية ص210، والقليوبي 3 / 241، والمغني 6 / 579.
(22) الفتاوى الهندية 1 / 274.
(23) البناية 4 / 593، والقوانين الفقهية ص234، ومغني المحتاج 3 / 337، وكشاف القناع 5 / 343.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 331/ 35
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".