البر
البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...
التَّعْرِيفُ:
1 - اللِّوَاطُ لُغَةً: مَصْدَرُ لاَطَ، يُقَال: لاَطَ الرَّجُل وَلاَوَطَ: أَيْ عَمِل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ (1) .
وَاصْطِلاَحًا: إِيلاَجُ ذَكَرٍ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الزِّنَا:
2 - الزِّنَا فِي اللُّغَةِ: الْفُجُورُ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ عَرَّفَهُ الْفُقَهَاءُ بِتَعْرِيفَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، مِنْهَا تَعْرِيفُ الْحَنَفِيَّةِ لِلزِّنَا بِالْمَعْنَى الأَْعَمِّ وَهُوَ يَشْمَل مَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَمَا لاَ يُوجِبُهُ بِأَنَّهُ: وَطْءُ الرَّجُل الْمَرْأَةَ فِي الْقُبُل فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَشُبْهَتِهِ (3) .
وَعَرَّفَهُ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ: إِيلاَجُ الذَّكَرِ بِفَرْجٍ مُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ خَالٍ عَنِ الشُّبْهَةِ مُشْتَهًى طَبْعًا (4) .
وَيَتَّفِقُ اللِّوَاطُ وَالزِّنَا فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَطْءٌ مُحَرَّمٌ، لَكِنِ اللِّوَاطُ وَطْءٌ فِي الدُّبُرِ، وَالزِّنَا وَطْءٌ فِي الْقُبُل.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
3 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ اللِّوَاطَ مُحَرَّمٌ لأَِنَّهُ مِنْ أَغْلَظِ الْفَوَاحِشِ (5) .
وَقَدْ ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْكَرِيمِ وَعَابَ عَلَى فِعْلِهِ فَقَال تَعَالَى: {وَلُوطًا إِذْ قَال لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَال شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَل أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} (6) وَقَال تَعَالَى: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَل أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} (7) .
وَقَدْ ذَمَّهُ الرَّسُول ﷺ بِقَوْلِهِ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ عَمِل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ (8) .
عُقُوبَةُ اللاَّئِطِ
4 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ عُقُوبَةَ اللاَّئِطِ هِيَ عُقُوبَةُ الزَّانِي، فَيُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَيُجْلَدُ غَيْرُهُ وَيُغَرَّبُ لأَِنَّهُ زِنًا بِدَلِيل قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} (9) ، وَقَال تَعَالَى: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ} (10) ، وَعَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: إِذَا أَتَى الرَّجُل الرَّجُل فَهُمَا زَانِيَانِ (11) .
5 - هَذَا فِي الْجُمْلَةِ، وَلِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَلِمُخَالِفِيهِمْ فِي هَذَا الْحُكْمِ تَفْصِيلٌ: فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجِبُ الْحَدُّ لِوَطْءِ امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ فِي غَيْرِ قُبُلِهَا وَلاَ بِاللِّوَاطَةِ بَل يُعَزَّرُ.
وَقَال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: اللِّوَاطُ كَالزِّنَا فَيُحَدُّ جَلْدًا إِنْ لَمْ يَكُنْ أُحْصِنَ وَرَجْمًا إِنْ أُحْصِنَ.
وَمَنْ تَكَرَّرَ اللِّوَاطُ مِنْهُ يُقْتَل عَلَى الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (12) .
وَمَنْ فَعَل اللِّوَاطَ فِي عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ مَنْكُوحَتِهِ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ بِاتِّفَاقِ الْحَنَفِيَّةِ وَإِنَّمَا يُعَزَّرُ لاِرْتِكَابِهِ الْمَحْظُورَ (13) . وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ فَعَل فِعْل قَوْمِ لُوطٍ رُجِمَ الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ، سَوَاءٌ كَانَا مُحْصَنَيْنِ أَوْ غَيْرَ مُحْصَنَيْنِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ التَّكْلِيفُ فِيهِمَا، وَلاَ يُشْتَرَطُ الإِْسْلاَمُ وَلاَ الْحُرِّيَّةُ. وَأَمَّا إِتْيَانُ الرَّجُل حَلِيلَتَهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ فَلاَ حَدَّ بَل يُؤَدَّبُ (14) .
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ بِاللِّوَاطِ حَدُّ الزِّنَا، وَفِي قَوْلٍ يُقْتَل الْفَاعِل مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ (15) .
وَقِيل: إِنَّ وَاجِبَهُ التَّعْزِيرُ فَقَطْ كَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ.
وَشَمَل ذَلِكَ دُبُرَ عَبْدِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ هَذَا حُكْمُ الْفَاعِل.
وَأَمَّا الْمَفْعُول بِهِ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا جُلِدَ وَغُرِّبَ مُحْصَنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ سَوَاءٌ أَكَانَ رَجُلاً أَمِ امْرَأَةً لأَِنَّ الْمَحَل لاَ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الإِْحْصَانُ، وَقِيل تُرْجَمُ الْمَرْأَةُ الْمُحْصَنَةُ.
وَأَمَّا وَطْءُ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فِي دُبْرِهَا فَالْمَذْهَبُ أَنَّ وَاجِبَهُ التَّعْزِيرُ إِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ الْفِعْل، فَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ فَلاَ تَعْزِيرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَالزَّوْجَةُ وَالأَْمَةُ فِي التَّعْزِيرِ مِثْلُهُ سَوَاءً (16) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ حَدَّ اللِّوَاطِ الْفَاعِل وَالْمَفْعُول بِهِ كَزَانٍ، لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ السَّابِقِ، وَلأَِنَّهُ فَرْجٌ مَقْصُودٌ بِالاِسْتِمْتَاعِ فَوَجَبَ فِيهِ الْحَدُّ كَفَرْجِ الْمَرْأَةِ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اللِّوَاطُ فِي مَمْلُوكِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لأَِنَّ الذَّكَرَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْوَطْءِ، فَلاَ يُؤَثِّرُ مِلْكُهُ لَهُ، أَوْ فِي دُبُرِ أَجْنَبِيَّةٍ لأَِنَّهُ فَرْجٌ أَصْلِيٌّ كَالْقُبُل، فَإِنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي دُبُرِهَا أَوْ وَطِئَ مَمْلُوكَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَهُوَ مُحَرَّمٌ وَلاَ حَدَّ فِيهِ لأَِنَّهَا مَحَلٌّ لِلْوَطْءِ فِي الْجُمْلَةِ بَل يُعَزَّرُ لاِرْتِكَابِ مَعْصِيَةٍ (17) .
مَا يَثْبُتُ بِهِ اللِّوَاطُ
6 - يَثْبُتُ اللِّوَاطُ بِالإِْقْرَارِ أَوِ الشَّهَادَةِ.
وَأَمَّا عَدَدُ الشُّهُودِ، فَقَدْ قَال جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَدَدُهُمْ بِعَدَدِ شُهُودِ الزِّنَا أَيْ أَرْبَعَةِ رِجَالٍ (18) .
الْقَذْفُ بِاللِّوَاطِ
7 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا قَال رَجُلٌ لِرَجُلٍ: إِنَّهُ عَمِل عَمَل قَوْمِ لُوطٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ قَذْفًا، وَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ (19) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلِحِ (قَذْفٌ ف 11) .
__________
(1) الصحاح.
(2) نهاية المحتاج 7 / 403.
(3) لسان العرب، وفتح القدير 5 / 31، ورد المحتار 3 / 141.
(4) مغني المحتاج 4 / 143 - 144.
(5) إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام 4 / 124، والإفصاح عن معاني الصحاح 2 / 238، والأم 7 / 183، والمبسوط 9 / 77، والمغني لابن قدامة 8 / 187، وكشاف القناع عن متن الإقناع 6 / 94، والكافي لابن عبد البر 2 / 1073.
(6) سورة الأعراف / 80 - 81.
(7) سورة الشعراء / 165 - 166.
(8) حديث: " لعن الله من عمل عمل قوم لوط. . . ". أخرجه أحمد (1 / 309) والحاكم (4 / 356) من حديث ابن عباس، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(9) سورة الإسراء / 32.
(10) سورة الأعراف / 80.
(11) حديث: " إذا أتى الرجل الرجل فهما زانيان ". أخرجه البيهقي (8 / 233) وقال: " هو منكر بهذا الإسناد "، وذكر ابن حجر في التلخيص (4 / 55) أن في إسناده روايًا متهمًا بالكذب.
(12) فتح القدير مع الهداية 4 / 150، والزيلعي 3 / 180، وحاشية ابن عابدين 3 / 155.
(13) الزيلعي 3 / 181.
(14) القوانين الفقهية 3 / 232، وحاشية الدسوقي 4 / 314.
(15) حديث: " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 57) والحاكم (4 / 355) وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(16) مغني المحتاج 4 / 144.
(17) كشاف القناع 6 / 94، والإنصاف 01 / 176.
(18) الكافي لابن عبد البر 2 / 1073، والمدونة الكبرى 4 / 380، والدرر السنية 4 / 449، والمبسوط 16 / 114، والإفصاح عن معاني الصحاح 2 / 238، والأم 7 / 183.
(19) المبسوط 9 / 102، والمدونة الكبرى 4 / 380، والمهذب 2 / 274.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 339/ 35
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".