البصير
(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...
التَّعْرِيفُ:
ا - النَّفْرُ فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ نَفَرَ، وَيَأْتِي بِمَعَانٍ، يُقَال: نَفَرَ نَفْرًا: هَجَرَ وَطَنَهُ وَضَرَبَ فِي الأَْرْضِ، وَيُقَال: نَفَرَ الْحَاجُّ مِنْ مِنًى: دَفَعُوا إِلَى مَكَّةَ، وَنَفَرَ النَّاسُ إِلَى الْعَدُوِّ: أَسْرَعُوا فِي الْخُرُوجِ لِقِتَالِهِ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (1) .
:
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالنَّفْرِ نَفْرُ الْحَاجِّ:
2 - لِلْحَاجِّ نَفْرَانِ يَنْفِرُ فِي أَيِّهِمَا شَاءَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّل فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} (2) .
النَّفْرُ الأَْوَّل:
3 - وَهُوَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ثَالِثُ أَيَّامِ النَّحْرِ، أَيِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ، وَيُسَمَّى يَوْمَ النَّفْرِ الأَْوَّل.
وَذَلِكَ إِذَا رَمَى الْحَاجُّ الْجِمَارَ الثَّلاَثَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، جَازَ لَهُ أَنْ يَنْفِرَ أَيْ يَرْحَل إِلَى مَكَّةَ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَالْمَبِيتُ بِمِنًى لَيْلَتَهُ.
وَيُشْتَرَطُ لِذَلِكَ أَنْ يُجَاوِزَ الْحَاجُّ مِنًى قَبْل غُرُوبِ الشَّمْسِ، عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُشْتَرَطُ أَنْ يُجَاوِزَ حُدُودَ مِنًى قَبْل فَجْرِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
فَإِنْ لَمْ يَخْرُجِ الْحَاجُّ مِنْ مِنًى إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ الْمُبَيَّنِ لِكُل مَذْهَبٍ فَلْيَمْكُثْ وَلْيَبِتْ بِمِنًى، وَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ رَمْيُ الْجِمَارِ الثَّلاَثِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الْمَبِيتُ بِمِنًى هَذِهِ اللَّيْلَةَ، عِنْدَ الْقَائِلِينَ بِوُجُوبِ الْمَبِيتِ بِمِنًى (3) . (انْظُرْ مُصْطَلَحَ: رَمْيٌ ف 3 وَمَا بَعْدَهَا) .
النَّفْرُ الثَّانِي:
4 - وَهُوَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، بَعْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ الثَّلاَثِ، وَيُسَمَّى " يَوْمَ النَّفْرِ الثَّانِي " (ر: مُصْطَلَحَ: رَمْيٌ ف 3 وَمَا بَعْدَهَا وَحَجٌّ ف 46) .
وَبَعْدَ هَذَا الرَّمْيِ تَنْتَهِي مَنَاسِكُ مِنًى، وَيَرْحَل الْحُجَّاجُ جَمِيعُهُمْ إِلَى مَكَّةَ، وَلاَ يُشْرَعُ الْمُكْثُ بِمِنًى بَعْدَ رَمْيِ هَذَا الْيَوْمِ.
وَيُسْتَحَبُّ فِي النَّفْرِ إِلَى مَكَّةَ مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الأَْذْكَارِ لِلْمُسَافِرِينَ مِنَ التَّكْبِيرِ، وَالتَّهْلِيل، وَالتَّمْجِيدِ، وَالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَالدُّعَاءِ (4) .
وَإِذَا وَصَل " الْمُحَصَّبَ " يُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْزِل فِيهِ وَيُصَلِّيَ، ر: مُصْطَلَحَ (حَجٌّ ف 107) .
النَّفْرُ لِطَلَبِ الْعِلْمِ وَالْجِهَادِ:
5 - وَرَدَ النَّفْرُ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي الْحَثِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ وَالْجِهَادِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُل فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (5) } ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيل اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (6) .
قَال الْقُرْطُبِيُّ: هَذِهِ الآْيَةُ (يَعْنِي الآْيَةَ الأُْولَى) أَصْلٌ فِي وُجُوبِ طَلَبِ الْعِلْمِ، وَقَوْل مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ يَقْتَضِي نَدْبَ طَلَبِ الْعِلْمِ وَالْحَثَّ عَلَيْهِ، دُونَ الْوُجُوبِ وَالإِْلْزَامِ، وَإِنَّمَا لَزِمَ طَلَبُ الْعِلْمِ بِأَدِلَّتِهِ (7) .
ر: مُصْطَلَحَ: (طَلَبُ الْعِلْمِ ف 6 وَجِهَادٌ ف 7) .
__________
(1) الْمُعْجَمُ الْوَسِيطُ، وَالْمِصْبَاحُ الْمُنِيرُ، وَالْمُفْرَدَاتُ فِي غَرِيبِ الْقُرْآنِ.
(2) سُورَةُ الْبَقَرَةِ آيَةُ: 203.
(3) الْقَامُوسُ الْمُحِيطُ لِلْفَيْرُوزَآبَادِي، وَمُخْتَارُ الصِّحَاحِ لِلرَّازِيِّ، وَالْمِصْبَاحُ الْمُنِيرُ، وَشَرْحُ الرِّسَالَةِ 1 / 482، وَمُغْنِي الْمُحْتَاجِ 1 / 506، وَالْمُغْنِي 3 / 454، وَالْمَسْلَكُ الْمُتَقَسِّطُ " شَرْحُ اللُّبَابِ " ص 163.
(4) الْمَرَاجِعُ السَّابِقَةُ.
(5) سُورَةُ التَّوْبَةِ آيَةُ: 122
(6) سُورَةُ التَّوْبَةِ آيَةُ: 41
(7) تَفْسِيرُ الْقُرْطُبِيِّ 8 / 293 - 295.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 26/ 41