الباطن
هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...
التَّعْرِيفُ:
1 - الْهَتْمَاءُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الَّتِي انْكَسَرَتْ ثَنَايَاهَا مِنْ أَصْلِهَا وَانْقَلَعَتْ (1) وَيَسْتَعْمِل الْفُقَهَاءُ هَذَا اللَّفْظَ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ نَفْسِهِ.
فَقَدْ عَرَّفَ مَرْعِيٌّ الْكَرْمِيُّ صَاحِبُ " غَايَةِ الْمُنْتَهَى " وَغَيْرُهُ الْهَتْمَاءَ بِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي ذَهَبَتْ ثَنَايَاهَا مِنْ أَصْلِهَا (2)
حُكْمُ التَّضْحِيَةِ بِالْهَتْمَاءِ:
2 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ التَّضْحِيَةِ بِالْهَتْمَاءِ: وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ:
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ إِلَى أَنَّ الْهَتْمَاءَ إِنْ كَانَتْ تَرْعَى وَتُعْلَفُ جَازَتِ التَّضْحِيَةُ بِهَا وَإِلاَّ فَلاَ (3) .
وَقَالُوا فِي رِوَايَةٍ: وَالَّتِي لاَ أَسْنَانَ لَهَا وَهِيَ تَعْتَلِفُ أَوْ لاَ تَعْتَلِفُ لاَ تَجُوزُ (4) .
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الأَْسْنَانِ الْكَثْرَةُ وَالْقِلَّةُ؛ لأَِنَّ الأَْسْنَانَ عُضْوٌ كَالأُْذُنِ، فَيُعْتَبَرُ فِيهِ بَقَاءُ الأَْكْثَرِ.
وَعَنْهُ أَنَّهُ إِنْ بَقِيَ مَا يُمْكِنُ الاِعْتِلاَفُ بِهِ أَجْزَأَهُ لِحُصُول الْمَقْصُودِ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الأَْسْنَانِ الأَْكْل بِهَا، فَاعْتُبِرَ بَقَاءُ الْمَقْصُودِ (5) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ فَقْدَ السَّنِّ الْوَاحِدِ لاَ يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَكَذَا الأَْكْثَرُ لإِِثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ، وَأَمَّا لِغَيْرِهِمَا بِضَرْبٍ أَوْ مَرَضٍ فَمُضِرٌّ (6) .
وَقَال اللَّخْمِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: لاَ تُجْزِئُ الذَّاهِبَةُ الأَْسْنَانِ بِكَسْرٍ، وَمَنَعَ مَالِكٌ مَرَّةً إِذَا كَانَ ذَهَابُ أَسْنَانِهَا لِكِبَرٍ (7) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تُجْزِئُ الَّتِي ذَهَبَ بَعْضُ أَسْنَانِهَا، فَإِنِ انْكَسَرَ أَوْ تَنَاثَرَ جَمِيعُ أَسْنَانِهَا فَقَدْ أَطْلَقَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَجَمَاعَةٌ أَنَّهَا لاَ تُجْزِئُ، وَقَال إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: قَال الْمُحَقِّقُونَ: تُجْزِئُ. وَقِيل: لاَ تُجْزِئُ.
وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ لِمَرَضٍ، أَوْ كَانَ يُؤَثِّرُ فِي الاِعْتِلاَفِ وَيُنْقِصُ اللَّحْمَ مُنِعَ وَإِلاَّ فَلاَ.
وَعَلَّقَ النَّوَوِيُّ عَلَى هَذَا الْقَوْل قَائِلاً: وَهَذَا حَسَنٌ، وَلَكِنَّهُ يُؤَثِّرُ بِلاَ شَكٍّ، فَيَرْجِعُ الْكَلاَمُ إِلَى الْمَنْعِ الْمُطْلَقِ.
ثُمَّ قَال: الأَْصَحُّ الْمَنْعُ (8) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ تُجْزِئُ مَا ذَهَبَ ثَنَايَاهَا مِنْ أَصْلِهَا وَهِيَ الْهَتْمَاءُ، فَلَوْ بَقِيَ مِنَ الثَّنَايَا بَقِيَّةٌ أَجْزَأَ (9) .
__________
(1) الْمُعْجَم الْوَسِيط وَالْمِصْبَاح الْمُنِير، وَالنِّهَايَة فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ لاِبْنِ الأَْثِيرِ 5 / 243.
(2) مَطَالِب أُولِي النُّهَى 2 / 465، وَانْظُرْ تَبْيِين الْحَقَائِقِ وَحَاشِيَة الشلبي عَلَيْهِ 6 / 6، وَالْبِنَايَة شَرْح الْهِدَايَةِ 9 / 149
(3) الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّة 5 / 298، وَحَاشِيَة الشلبي بِهَامِش تَبْيِين الْحَقَائِقِ 6 / 6.
(4) حَاشِيَة ابْن عَابِدِينَ 5 / 206.
(5) الْبِنَايَة شَرْح الْهِدَايَةِ 9 / 149 - 150.
(6) الشَّرْح الصَّغِير 2 / 144 ط دَارَ الْمَعَارِف.
(7) الذَّخِيرَة للقرافي 4 / 148.
(8) رَوْضَة الطَّالِبِينَ 3 / 196 - 197، وَانْظُرْ أَسْنَى الْمَطَالِب 1 / 536.
(9) مَطَالِب أُولِي النُّهَى 2 / 465.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 156/ 42