الودود
كلمة (الودود) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ وهو...
بيان أن الفرع لم يفارق الأصل إلا فيما لا يؤثر . مثل : إلغاء الفارق بين الصدقة بمال اليتيم، وأكله المنهي عنه صراحة في قوله تعالى :﴿ﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ﴾ النساء :١٠، . وقال الغزالي : هو تنقيح المناط
بيان أن الفرع لم يفارق الأصل إلا فيما لا يؤثر.
التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْلْغَاءُ فِي اللُّغَةِ هُوَ: الإِْبْطَال. وَالْفَارِقُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ فَرَّقَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ: إِذَا فَصَل بَيْنَهُمَا. (1)
وَإِلْغَاءُ الْفَارِقِ عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ: بَيَانُ عَدَمِ تَأْثِيرِ الْفَارِقِ بَيْنَ الأَْصْل وَالْفَرْعِ فِي الْقِيَاسِ، فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ لِمَا اشْتَرَكَا فِيهِ، وَذَلِكَ كَإِلْحَاقِ الأَْمَةِ بِالْعَبْدِ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ مِنْ بَعْضِهِ إِلَى سَائِرِهِ. وَهَذِهِ السِّرَايَةُ فِي الْعَبْدِ ثَابِتَةٌ بِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ: مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ، وَإِلاَّ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ (2) فَالْفَارِقُ بَيْنَ الأَْمَةِ وَالْعَبْدِ هُوَ الأُْنُوثَةُ، وَلاَ تَأْثِيرَ لَهَا فِي السِّرَايَةِ وَمِنْهُ أَيْضًا أَنَّ الآْيَة: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (3) تَقْتَضِي حَدَّ قَاذِفِ الْمَرْأَةِ الْمُحْصَنَةِ، وَسَكَتَتْ عَنْ قَذْفِ الرِّجَال الْمُحْصَنِينَ، فَيَلْحَقُونَ بِهِنَّ، لأَِنَّ الْفَارِقَ الأُْنُوثَةُ وَهِيَ مُلْغَاةٌ، أَيْ لاَ أَثَرَ لَهَا فِي الْحُكْمِ. (4) وَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ عَنْهُ بِنَفْيِ الْفَارِقِ. وَشَبِيهٌ بِهِ: " إِلْغَاءُ التَّفَاوُتِ " (5) وَمُقَابِلُهُ: إِبْدَاءُ الْفَارِقِ، أَوْ إِبْدَاءُ الْخُصُوصِيَّةِ أَوِ الْفَرْقِ. وَهُوَ مِنْ قَوَادِحِ الْعِلَّةِ.
وَيُسَمَّى الْقِيَاسُ الْمُعْتَمِدُ عَلَى إِلْغَاءِ الْفَارِقِ " الْقِيَاسَ فِي مَعْنَى الأَْصْل " أَوِ " قِيَاسَ الْمَعْنَى " (6) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
2 - هُنَاكَ مُصْطَلَحَانِ أُصُولِيَّانِ مُلْتَبِسَانِ بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ أَشَدَّ الْتِبَاسٍ وَأَخْفَاهُ.
أَوَّلُهُمَا: تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ. وَيُسَمِّيهِ الْحَنَفِيَّةُ الاِسْتِدْلاَل، وَهُوَ أَنْ يَدُل نَصٌّ ظَاهِرٌ عَلَى التَّعْلِيل بِوَصْفٍ، فَيُحْذَفَ خُصُوصُهُ عَنِ الاِعْتِبَارِ بِالاِجْتِهَادِ، وَيُنَاطَ الْحُكْمُ بِالأَْعَمِّ، أَوْ كَكَوْنِ أَوْصَافٍ فِي مَحَل الْحُكْمِ، فَيُحْذَفُ بَعْضُهَا عَنِ الاِعْتِبَارِ بِالاِجْتِهَادِ وَيُنَاطُ الْحُكْمُ بِالْبَاقِي.
وَثَانِيهِمَا: السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ. وَهُوَ حَصْرُ الأَْوْصَافِ الْمَوْجُودَةِ فِي الأَْصْل الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَإِبْطَال مَا لاَ يَصْلُحُ مِنْهَا لِلْعِلِّيَّةِ، فَيَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لَهَا. وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ وَالسَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ أَنَّ الْوَصْفَ فِي تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ فِي شِقِّهِ الأَْوَّل مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، بِخِلاَفِهِ فِي السَّبْرِ وَالتَّقْسِيمِ، وَفِي الشِّقِّ الثَّانِي مِنْهُ: إِنَّمَا هُوَ فِي حَذْفِ مَا لاَ يَصْلُحُ لِلْعِلِّيَّةِ وَفِي تَعْيِينِ الْبَاقِي لَهَا، وَفِي السَّبْرِ الاِجْتِهَادُ فِي الْحَذْفِ فَقَطْ، فَيَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلْعِلِّيَّةِ. وَإِلْغَاءُ الْفَارِقِ قَرِيبٌ مِنَ السَّبْرِ إِلاَّ أَنَّهُ فِي السَّبْرِ يُبْطِل الْجَمِيعَ إِلاَّ وَاحِدًا، وَفِي إِلْغَاءِ الْفَارِقِ يَبْطُل وَاحِدٌ فَتَتَعَيَّنُ الْعِلَّةُ بَيْنَ الْبَاقِي، وَالْبَاقِي مَوْجُودٌ فِي الْفَرْعِ فَيَلْزَمُ اشْتِمَالُهُ عَلَى الْعِلَّةِ. (7) وَيَبْدُو مِنْ تَعْرِيفَيْ إِلْغَاءِ الْفَارِقِ وَتَنْقِيحِ الْمَنَاطِ أَنَّ الْمُلْغَى فِي إِلْغَاءِ الْفَارِقِ وَصْفٌ مَوْجُودٌ فِي الْفَرْعِ، بِخِلاَفِ الْمُلْغَى فِي تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ فَهُوَ وَصْفٌ فِي الأَْصْل الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، كَمَا أَنَّ إِلْغَاءَ الْفَارِقِ لَيْسَ فِيهِ تَعْيِينٌ لِلْعِلَّةِ، وَإِنَّمَا يَحْصُل الإِْلْحَاقُ بِمُجَرَّدِ الإِْلْغَاءِ، بِخِلاَفِ تَنْقِيحِ الْمَنَاطِ فَفِيهِ اجْتِهَادٌ فِي تَعْيِينِ الْبَاقِي مِنَ الأَْوْصَافِ لِلْعِلِّيَّةِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
3 - اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي عَدِّ إِلْغَاءِ الْفَارِقِ مِنْ مَسَالِكِ الْعِلَّةِ، فَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ كَصَاحِبِ كِتَابِ الْمُقْتَرَحِ، وَابْنِ السُّبْكِيِّ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ، بَل ذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي كِتَابِ " رَوْضَةِ النَّاظِرِ " الْخِلاَفَ فِي تَسْمِيَةِ إِلْحَاقِ الْمَسْكُوتِ بِالْمَنْطُوقِ قِيَاسًا إِذَا كَانَ طَرِيقُهُ نَفْيَ الْفَارِقِ الْمُؤَثِّرِ عَلَى سَبِيل الْقَطْعِ. (8) وَلَمْ يَعُدَّهُ أَحَدٌ مِنَ الْجَدَلِيِّينَ مِنْ مَسَالِكِ التَّعْلِيل. (9) وَتَمَامُ الْكَلاَمِ عَلَيْهِ مَحَلُّهُ الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ.
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
4 - ذَكَرَ بَعْضُ الأُْصُولِيِّينَ إِلْغَاءَ الْفَارِقِ فِي مَبْحَثِ الْعِلَّةِ مِنْ مَبَاحِثِ الْقِيَاسِ عِنْدَ كَلاَمِهِمْ عَلَى مَسَالِكِ الْعِلَّةِ، كَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَقْسِيمِ الْقِيَاسِ إِلَى جَلِيٍّ وَخَفِيٍّ، حَيْثُ إِنَّ الْجَلِيَّ مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ، أَوْ كَانَ تَأْثِيرُ الْفَارِقِ فِيهِ احْتِمَالاً ضَعِيفًا، وَالْخَفِيُّ بِخِلاَفِهِ. كَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَقْسِيمِ الْقِيَاسِ بِاعْتِبَارِ عِلَّتِهِ إِلَى قِيَاسِ عِلَّةٍ وَقِيَاسِ دَلاَلَةٍ وَقِيَاسٍ فِي مَعْنَى الأَْصْل، وَأَنَّ الْقِيَاسَ فِي مَعْنَى الأَْصْل هُوَ مَا يَكُونُ الْقِيَاسُ بِإِلْغَاءِ الْفَارِقِ فِيهِ. (1)
__________
(1) المصباح المنير مادة: (لغو - فرق)
(2) حديث: " من أعتق شركا له. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 5 / 151 ط السلفية) ومسلم (3 / 1286 - ط الحلبي)
(3) سورة النور / 4
(4) جمع الجوامع بشرحه للمحلي 2 / 293 ط عيسى الحلبي
(5) البحر المحيط في الأصول للزركشي (مسالك العلة - مسلك السبر والتقسيم فما بعده) ، وشرح جمع الجوامع 2 / 341، 339
(6) شرح جمع الجوامع 2 / 319، 341 وتسهيل الفصول ص 224 ط الأولى
(7) شرح جمع الجوامع 2 / 270، 292، والبحر المحيط للزركشي، تنقيح المناط، والتنبيه الذي عقبه، والمحصول للرازي، (القسم الثاني من الجزء الثاني ص 316 ط جامعة الإمام محمد بن سعود)
(8) روضة الناظر ص 154 - 155 ط السلفية بالقاهرة
(9) البحر المحيط للزركشي، وشرح جمع الجوامع 2 / 293
الموسوعة الفقهية الكويتية: 186/ 6
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".