العالم
كلمة (عالم) في اللغة اسم فاعل من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...
الخروجُ عما يُوجبُه السؤال، أو الجواب الأول، إلى سؤال آخر، أو جواب آخر . ومثال ذلك : قولُ السائلِ : ما الدليلُ على حَدَثِ الأجسام؟ فقالَ المجيبُ : الأعراضُ . فقالَ السائلُ : وما حَد الأعراضِ؟ فهذاَ انتقالٌ عن السؤال الأولِ -وهو السؤالُ عن حَدَث الأجسامِ - إلى سؤالٍ ثانٍ -وهو السؤالُ عن حَدَّ الأعراضِ - وانتقاله بقوله : وهل تبقى الأعراضُ؟ إذْ كان هذا خروجاً عن سنَنِ السؤالِ الأولِ، وسؤالًا عن مذهبٍ آخرَ لا يُخِلُّ الخلافُ فيه بوجهِ الاستدلالِ على الحَدَثِ . فإن أجابَ المسؤولُ عن هذا السؤالِ، كان خارجاً أيضاً مع السائلِ، ومثالُه من الفقه : أن يقولَ السائلُ للمسؤول : ما مذهبُكَ في الخمر، هل هو مالٌ لأهل الذِّمَّةِ؟ فيقولُ المجيب : هو مالٌ لهم . فيقول السائلُ : وما حَدُّ المالِ؟ فهذا انتقال، فإن حد المالِ سؤالٌ مُستأنَفٌ، فإن شَرَعَ المجيبُ في جواب بيانِ المالِ، فقد خرجَ مع السائلِ أيضاً . وعند أكثر أهل الجدل يعد الانتقال انقطاعاً من السائل؛ لعجزه عن تصحيح سؤاله، أو جوابه . وعند بعض الأصوليين لا يعد انقطاعاً إذا انتقل لدليل أوضح من دليله السابق . واستشهدوا له بما جاء على لسان إبراهيم عَلَيْهِ السَّلَامُ عندما قال : ﱫﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﴾ ﴿ ﮂ ﮃﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙﱪالبقرة :258.
التَّعْرِيفُ:
1 - الاِنْتِقَال فِي اللُّغَةِ: التَّحَوُّل مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى آخَرَ. (1) وَيُسْتَعْمَل مَجَازًا فِي التَّحَوُّل الْمَعْنَوِيِّ، فَيُقَال: انْتَقَلَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ عِدَّةِ الطَّلاَقِ إِلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ.
وَيُطْلَقُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
2 - الزَّوَال:
الزَّوَال فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى: التَّنَحِّي، وَمَعْنَى الْعَدَمِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الاِنْتِقَال وَالزَّوَال: أَنَّ الزَّوَال يَعْنِي الْعَدَمَ فِي بَعْضِ الأَْحْيَانِ، وَالاِنْتِقَال لاَ يَعْنِي ذَلِكَ. وَأَيْضًا: أَنَّ الاِنْتِقَال يَكُونُ فِي الْجِهَاتِ كُلِّهَا، أَمَّا الزَّوَال فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي بَعْضِ الْجِهَاتِ دُونَ بَعْضٍ، أَلاَ تَرَى أَنَّهُ لاَ يُقَال: زَال مِنْ سُفْلٍ إِلَى عُلْوٍ. وَيُقَال: انْتَقَل مِنْ سُفْلٍ إِلَى عُلْوٍ، وَثَمَّةَ فَرْقٌ ثَالِثٌ هُوَ أَنَّ الزَّوَال لاَ يَكُونُ إِلاَّ بَعْدَ اسْتِقْرَارٍ وَثَبَاتٍ صَحِيحٍ أَوْ مُقَدَّرٍ، تَقُول: زَال مِلْكُ فُلاَنٍ، وَلاَ تَقُول ذَلِكَ إِلاَّ بَعْدَ ثَبَاتِ الْمِلْكِ لَهُ، وَتَقُول: زَالَتِ الشَّمْسُ، وَهَذَا وَقْتُ الزَّوَال، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُقَدِّرُونَ أَنَّ الشَّمْسَ تَسْتَقِرُّ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ ثُمَّ تَزُول، وَذَلِكَ لِمَا يُظَنُّ مِنْ بُطْءِ حَرَكَتِهَا. وَلَيْسَ كَذَلِكَ الاِنْتِقَال. (2) فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الاِنْتِقَال أَتَمَّ مِنَ الزَّوَال.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
قَدْ يَكُونُ الاِنْتِقَال وَاجِبًا، وَقَدْ يَكُونُ جَائِزًا.
أ - الاِنْتِقَال الْوَاجِبُ:
3 - إِذَا تَعَذَّرَ الأَْصْل وَجَبَ الاِنْتِقَال إِلَى الْبَدَل، (3) وَالْمُتَتَبِّعُ لأَِحْكَامِ الْفِقْهِ يَجِدُ كَثِيرًا مِنَ التَّطْبِيقَاتِ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ، مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا هَلَكَ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ وَجَبَ مِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ. (4) وَأَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْوُضُوءِ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَجَبَ عَلَيْهِ الاِنْتِقَال إِلَى التَّيَمُّمِ، وَمَنْ عَجَزَ عَنِ الْقِيَامِ فِي الصَّلاَةِ انْتَقَل إِلَى الْقُعُودِ، وَمَنْ عَجَزَ عَنِ الصِّيَامِ لِشَيْخُوخَةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ، وَمَنْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ صَلاَةُ الظُّهْرِ، وَمَنْ أَتْلَفَ لآِخَرَ شَيْئًا لاَ مِثْل لَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَإِذَا لَمْ يَجِدِ الْمُصَدِّقُ - جَابِي الصَّدَقَةِ - السِّنَّ الْمَطْلُوبَةَ مِنَ الإِْبِل أَخَذَ سِنًّا أَعْلَى مِنْهَا وَدَفَعَ الْفَرْقَ، أَوْ أَخَذَ سِنًّا أَدْنَى مِنْهَا وَأَخَذَ الْفَرْقَ، وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى خَمْرٍ وَجَبَ الاِنْتِقَال إِلَى مَهْرِ الْمِثْل. (5) وَمَنْ عَجَزَ عَنْ خِصَال كَفَّارَةِ الْيَمِينِ انْتَقَل إِلَى الْبَدَل وَهُوَ الصِّيَامُ، (6) وَهَكَذَا كُل كَفَّارَةٍ لَهَا بَدَلٌ، يُصَارُ إِلَى الْبَدَل عِنْدَ تَعَذُّرِ الأَْصْل (7) .
ب - الاِنْتِقَال الْجَائِزُ:
4 - الاِنْتِقَال الْجَائِزُ قَدْ يَكُونُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، وَقَدْ يَكُونُ بِاتِّفَاقِ الطَّرَفَيْنِ، وَيَجُوزُ الاِنْتِقَال مِنَ الأَْصْل إِلَى الْبَدَل إِذَا كَانَ فِي الْبَدَل مَصْلَحَةٌ ظَاهِرَةٌ شَرْعًا، فَيَجُوزُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ دَفْعُ بَدَل الْوَاجِبِ فِي الزَّكَاةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَزَكَاةِ الْفِطْرِ، وَالنَّذْرِ، وَالْكَفَّارَةِ، وَالْعُشْرِ، وَالْخَرَاجِ (8) .
كَمَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِ الْعَلاَقَةِ الاِنْتِقَال مِنَ الْوَاجِبِ إِلَى الْبَدَل فِي دَيْنِ الْقَرْضِ، وَبَدَل الْمُتْلَفَاتِ مَثَلاً وَقِيمَتِهِ، وَثَمَنِ الْمَبِيعِ، وَالأُْجْرَةِ، وَالصَّدَاقِ، وَعِوَضِ الْخُلْعِ، وَبَدَل الدَّمِ، وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي دَيْنِ السَّلَمِ. (9)
أَنْوَاعُ الاِنْتِقَال:
يَتَنَوَّعُ الاِنْتِقَال إِلَى الأَْنْوَاعِ الآْتِيَةِ:
أ - الاِنْتِقَال الْحِسِّيُّ:
5 - إِذَا انْتَقَلَتِ الْحَاضِنَةُ مِنْ بَلَدِ الْوَلِيِّ إِلَى آخَرَ لِلاِسْتِيطَانِ سَقَطَ حَقُّهَا فِي الْحَضَانَةِ.
وَيَنْتَقِل الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ أَوْ مَنْ يَنْدُبُهُ إِلَى الْمُخَدَّرَةِ (وَهِيَ مَنْ لاَ تَخْرُجُ فِي الْعَادَةِ لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا) وَالْعَاجِزَةِ لِسَمَاعِ شَهَادَتِهَا، وَلاَ تُكَلَّفُ هِيَ بِالْحُضُورِ إِلَى مَجْلِسِ الْقَاضِي لأَِدَاءِ الشَّهَادَةِ.
وَلاَ تَنْتَقِل الْمُعْتَدَّةُ رَجْعِيًّا مِنْ بَيْعِهَا إِلاَّ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْ ذَلِكَ
ب - انْتِقَال الدَّيْنِ:
6 - يَنْتَقِل الدَّيْنُ الثَّابِتُ فِي الذِّمَّةِ إِلَى ذِمَّةِ شَخْصٍ آخَرَ بِالْحَوَالَةِ.
ج - انْتِقَال النِّيَّةِ:
7 - انْتِقَال النِّيَّةِ أَثْنَاءَ أَدَاءِ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ الْمَحْضَةِ يُفْسِدُ تِلْكَ الْعِبَادَةَ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ تَفْسُدُ إِلاَّ إِذَا رَافَقَهَا شُرُوعٌ فِي غَيْرِهَا، فَفِي الصَّلاَةِ مَثَلاً؛ إِذَا انْتَقَل وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ مِنْ نِيَّةِ الْفَرْضِ الَّذِي نَوَاهُ إِلَى نِيَّةِ فَرْضٍ آخَرَ، أَوْ إِلَى نَفْلٍ، فَسَدَتْ صَلاَتُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لاَ تَفْسُدُ إِلاَّ إِذَا كَبَّرَ لِلصَّلاَةِ الأُْخْرَى. وَإِذَا فَسَدَتْ صَلاَتُهُ، فَهَل تَصِحُّ الصَّلاَةُ الْجَدِيدَةُ الَّتِي انْتَقَل إِلَيْهَا؟
قَال الْجُمْهُورُ: لاَ تَصِحُّ، وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: تَصِحُّ مُسْتَأْنَفَةً مِنْ حِينِ التَّكْبِيرِ، وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنْ نَقَل نِيَّةَ الْفَرْضِ إِلَى النَّفْل صَحَّ النَّفَل، وَقَال آخَرُونَ: لاَ تَصِحُّ. (10)
وَمِنْ صُوَرِ انْتِقَال النِّيَّةِ أَيْضًا نِيَّةُ الْمُقْتَدِي الاِنْفِصَال عَنِ الإِْمَامِ، وَقَدْ أَجَازَ ذَلِكَ بَعْضُ الأَْئِمَّةِ وَمَنَعَهُ آخَرُونَ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (اقْتِدَاء) . د - انْتِقَال الْحُقُوقِ:
الْحُقُوقُ مِنْ حَيْثُ قَابِلِيَّتُهَا لِلاِنْتِقَال عَلَى نَوْعَيْنِ: حُقُوقٍ تَقْبَل الاِنْتِقَال، وَحُقُوقٍ لاَ تَقْبَل الاِنْتِقَال.
(1) الْحُقُوقُ الَّتِي لاَ تَقْبَل الاِنْتِقَال:
8 - أَوَّلاً: الْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِشَخْصِ الإِْنْسَانِ، وَتَتَعَلَّقُ بِإِرَادَتِهِ، وَهِيَ حُقُوقٌ غَيْرُ مَالِيَّةٍ فِي الْغَالِبِ كَاللِّعَانِ، وَالْفَيْءِ بَعْدَ الإِْيلاَءِ، وَالْعَوْدِ فِي الظِّهَارِ، وَالاِخْتِيَارِ بَيْنَ النِّسْوَةِ اللاَّتِي أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ إِذَا كُنَّ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، وَاخْتِيَارِ إِحْدَى زَوْجَتَيْهِ الأُْخْتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ، وَحَقِّ الزَّوْجَةِ فِي الطَّلاَقِ بِسَبَبِ الضَّرَرِ وَنَحْوِهِ، وَحَقِّ الْوَلِيِّ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ، وَمَا فُوِّضَ إِلَيْهِ مِنَ الْوِلاَيَاتِ وَالْمَنَاصِبِ كَالْقَضَاءِ وَالتَّدْرِيسِ وَالأَْمَانَاتِ وَالْوَكَالاَتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَقَدْ تَكُونُ حُقُوقًا مَالِيَّةً، كَحَقِّ الْفَسْخِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، وَحَقِّ الرُّجُوعِ بِالْهِبَةِ، وَحَقِّ الْخِيَارِ فِي قَبُول الْوَصِيَّةِ، إِذْ لاَ تَنْتَقِل هَذِهِ الْحُقُوقُ إِلَى الْوَرَثَةِ بِالْمَوْتِ. عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُعْرَفُ فِي أَبْوَابِهَا
9 - ثَانِيًا: حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى الْبَدَنِيَّةُ الْخَالِصَةُ الْمَفْرُوضَةُ فَرْضًا عَيْنِيًّا، كَالصَّلاَةِ، وَالصِّيَامِ، وَالْحُدُودِ إِلاَّ الْقَذْفَ لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ الْعَبْدِ.
(2) الْحُقُوقُ الَّتِي تَقْبَل الاِنْتِقَال:
10 - قَال الْقَرَافِيُّ: مِنَ الْحُقُوقِ مَا يَنْتَقِل إِلَى الْوَارِثِ، وَمِنْهَا مَا لاَ يَنْتَقِل، فَمِنْ حَقِّ الإِْنْسَانِ أَنْ يُلاَعِنَ عِنْدَ سَبَبِ اللِّعَانِ، وَأَنْ يَفِيءَ بَعْدَ الإِْيلاَءِ، وَأَنْ يَعُودَ بَعْدَ الظِّهَارِ، وَأَنْ يَخْتَارَ مِنْ نِسْوَةٍ إِذَا أَسْلَمَعَلَيْهِنَّ، وَهُنَّ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ، وَأَنْ يَخْتَارَ إِحْدَى الأُْخْتَيْنِ إِذَا أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ، وَإِذَا حَمَل الْمُتَبَايِعَانِ لَهُ الْخِيَارَ فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ يَمْلِكَ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ عَلَيْهِمَا وَفَسْخَهُ، وَمِنْ حَقِّهِ مَا فُوِّضَ إِلَيْهِ مِنَ الْوِلاَيَاتِ وَالْمَنَاصِبِ، كَالْقِصَاصِ وَالإِْمَامَةِ وَالْخَطَابَةِ وَغَيْرِهِمَا، وَكَالأَْمَانَةِ وَالْوَكَالَةِ، فَجَمِيعُ هَذِهِ الْحُقُوقِ لاَ يَنْتَقِل لِلْوَارِثِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً لِلْمُورَثِ. بَل الضَّابِطُ لِمَا يَنْتَقِل إِلَيْهِ مَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْمَال، أَوْ يَدْفَعُ ضَرَرًا عَنِ الْوَارِثِ فِي عِرْضِهِ بِتَخْفِيفِ أَلَمِهِ. وَمَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِنَفْسِ الْمُورَثِ وَعَقْلِهِ وَشَهَوَاتِهِ لاَ يَنْتَقِل لِلْوَارِثِ. وَالسِّرُّ فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْوَرَثَةَ يَرِثُونَ الْمَال فَيَرِثُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَبَعًا لَهُ، وَلاَ يَرِثُونَ عَقْلَهُ وَلاَ شَهْوَتَهُ وَلاَ نَفْسَهُ، فَلاَ يَرِثُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَمَا لاَ يُورَثُ لاَ يَرِثُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، فَاللِّعَانُ يَرْجِعُ إِلَى أَمْرٍ يَعْتَقِدُهُ لاَ يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ غَالِبًا، وَالاِعْتِقَادَاتُ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْمَال، وَالْفَيْئَةُ شَهْوَتُهُ، وَالْعَوْدُ إِرَادَتُهُ، وَاخْتِيَارُ الأُْخْتَيْنِ وَالنِّسْوَةِ إِرْبُهُ وَمَيْلُهُ، وَقَضَاؤُهُ عَلَى الْمُتَبَايِعَيْنِ عَقْلُهُ وَفِكْرَتُهُ وَرَأْيُهُ وَمَنَاصِبُهُ وَوِلاَيَاتُهُ وَآرَاؤُهُ وَاجْتِهَادَاتُهُ وَأَفْعَالُهُ الدِّينِيَّةُ فَهُوَ دِينُهُ، وَلاَ يَنْتَقِل شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِلْوَارِثِ، لأَِنَّهُ لَمْ يَرِثْ مُسْتَنَدَهُ وَأَصْلَهُ.
وَانْتَقَل لِلْوَارِثِ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعَاتِ، وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ ﵀ تَعَالَى، وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: لاَ يَنْتَقِل إِلَيْهِ. وَيَنْتَقِل لِلْوَارِثِ خِيَارُ الشُّفْعَةِ عِنْدَنَا (عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ) وَخِيَارُ التَّعْيِينِ إِذَا اشْتَرَى مَوْرُوثُهُ عَبْدًا مِنْ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ، وَخِيَارُ الْوَصِيَّةِ إِذَا مَاتَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَخِيَارُ الإِْقَالَةِ وَالْقَبُول إِذَا أَوْجَبَ الْبَيْعَ لِزَيْدٍ فَلِوَارِثِهِ الْقَبُول وَالرَّدُّ. وَقَال ابْنُ الْمَوَّازِ: إِذَا قَال: مَنْ جَاءَنِيبِعَشَرَةٍ فَغُلاَمِي لَهُ، فَمَتَى جَاءَ أَحَدٌ بِذَلِكَ إِلَى شَهْرَيْنِ لَزِمَهُ، وَخِيَارُ الْهِبَةِ وَفِيهِ خِلاَفٌ، وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ خِيَارَ الشُّفْعَةِ، وَسَلَّمَ خِيَارَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَخِيَارَ تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ، وَحَقَّ الْقِصَاصِ، وَحَقَّ الرَّهْنِ، وَحَبْسِ الْمَبِيعِ، وَخِيَارَ مَا وُجِدَ مِنْ أَمْوَال الْمُسْلِمِينَ فِي الْغَنِيمَةِ فَمَاتَ رَبُّهُ قَبْل أَنْ يَخْتَارَهُ أَخَذَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَوَافَقْنَاهُ نَحْنُ عَلَى خِيَارِ الْهِبَةِ فِي الأَْبِ لِلاِبْنِ بِالاِعْتِصَارِ، وَخِيَارُ الْعِتْقِ وَاللِّعَانِ وَالْكِتَابَةِ وَالطَّلاَقِ، بِأَنْ يَقُول: طَلَّقْتَ امْرَأَتِي مَتَى شِئْتَ، فَيَمُوتُ الْمَقُول لَهُ، وَسَلَّمَ الشَّافِعِيُّ جَمِيعَ مَا سَلَّمْنَاهُ، وَسَلَّمَ خِيَارَ الإِْقَالَةِ وَالْقَبُول. (11)
هـ - انْتِقَال الأَْحْكَامِ:
11 - أَوَّلاً: إِذَا طَلَّقَ الرَّجُل زَوْجَتَهُ غَيْرَ الْحَامِل، ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا تَنْتَقِل مِنْ عِدَّةِ الطَّلاَقِ إِلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ فِي الْجُمْلَةِ. (12)
وَإِذَا طَلَّقَهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ لاَ تَحِيضُ، فَابْتَدَأَتْ عِدَّتُهَا بِالأَْشْهُرِ ثُمَّ حَاضَتِ، انْتَقَلَتْ عِدَّتُهَا إِلَى الْحَيْضِ.
12 - ثَانِيًا: حَجْبُ النُّقْصَانِ يَنْتَقِل فِيهِ الْوَارِثُ مِنْ فَرْضٍ إِلَى فَرْضٍ أَقَل، فَالزَّوْجُ - مَثَلاً - يَنْتَقِل فَرْضُهُ مِنَ النِّصْفِ إِلَى الرُّبُعِ، عِنْدَ وُجُودِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ.
__________
(1) تاج العروس مادة: (نقل) .
(2) الفروق في اللغة ص 139، 140.
(3) انظر مجلة الأحكام العدلية - المادة 53.
(4) حاشية قليوبي 2 / 8.
(5) الاختيار 3 / 104.
(6) حاشية قليوبي 2 / 290.
(7) انظر كثيرا في التطبيقات على ذلك في مجلة الأحكام العدلية - المواد: 298، 308، 309، 777، 891، 912 وغيرها.
(8) حاشية ابن عابدين 2 / 22.
(9) الأشباه والنظائر للسيوطي ص 331 طبعة مصطفى الحلبي 1378 هـ 1959 م.
(10) انظر المغني 1 / 466، 468، وابن عابدين 1 / 419، وأسنى المطالب 1 / 143، ومواهب الجليل 1 / 515.
(11) الفروق للقرافي 3 / 276 - 278.
(12) حاشية قليوبي 4 / 49، والمغني مع الشرح الكبير 9 / 110.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 314/ 6