الكبير
كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...
أهل الرأي، والتدبير من العلماء، والأكابر، والرؤساء، وسائر وجوه الناس . ومن أمثلته قولهم : المعتبر في البيعة هو بيعة أهل الحل، والعقد من العلماء، والرؤساء، وسائر وجوه الناس .
أهل الرأي والتدبير، من العلماء، والأكابر، والرؤساء، وسائر وجوه الناس.
التَّعْرِيفُ:
1 - يُطْلَقُ لَفْظُ " أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ " عَلَى أَهْل الشَّوْكَةِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَوُجُوهِ النَّاسِ الَّذِينَ يَحْصُل بِهِمْ مَقْصُودُ الْوِلاَيَةِ (1) ، وَهُوَ الْقُدْرَةُ وَالتَّمَكُّنُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ حَل الأُْمُورِ وَعَقْدِهَا (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - أَهْل الاِخْتِيَارِ:
2 - أَهْل الاِخْتِيَارِ هُمُ الَّذِينَ وُكِّل إِلَيْهِمُ اخْتِيَارُ الإِْمَامِ. وَهُمْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ، وَقَدْ يَكُونُونَ جَمِيعَ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ، وَقَدْ يَكُونُونَ بَعْضًا مِنْهُمْ (3) .
ب - أَهْل الشُّورَى:
3 - الْمُسْتَقْرِئُ لِحَوَادِثَ التَّارِيخِ يَجِدُ أَنَّ هُنَاكَ فَرْقًا بَيْنَ أَهْل الشُّورَى وَأَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ، إِذِ الصِّفَةُ الْبَارِزَةُ فِي أَهْل الشُّورَى " هِيَ الْعِلْمُ " لَكِنِ الصِّفَةُ الْبَارِزَةُ فِي أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ هِيَ " الشَّوْكَةُ ".
فَقَدْ وَرَدَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ ﵁ كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ اسْتَدْعَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَكُل هَؤُلاَءِ كَانَ يُفْتِي فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ، فَاسْتَشَارَهُمْ (4) فِي حِينِ كَانَ مِنْ بَيْنِ الَّذِينَ تَوَلَّوْا بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ، وَلَمْ يَكُنْ بَشِيرٌ مِنْ أَهْل الْفَتْوَى مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ مَسْمُوعَ الْكَلِمَةِ فِي قَوْمِهِ - الْخَزْرَجِ - وَيُقَال إِنَّهُ أَوَّل مَنْ بَايَعَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ يَوْمَ السَّقِيفَةِ مِنَ الأَْنْصَارِ (5) .
صِفَاتُ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ:
4 - لَمَّا نِيطَ بِأَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ عَمَلٌ مُعَيَّنٌ - وَهُوَ تَعْيِينُ الْخُلَفَاءِ - كَانَ لاَ بُدَّ مِنْ أَنْ تَتَوَفَّرَ فِيهِمُ الصِّفَاتُ التَّالِيَةُ:
أ - الْعَدَالَةُ الْجَامِعَةُ لِشُرُوطِهَا الْوَاجِبَةِ فِي الشَّهَادَاتِ مِنَ الإِْسْلاَمِ وَالْعَقْل وَالْبُلُوغِ وَعَدَمِ الْفِسْقِ وَاكْتِمَال الْمُرُوءَةِ.
ب - الْعِلْمُ الَّذِي يُوصَل بِهِ إِلَى مَعْرِفَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الإِْمَامَةَ عَلَى الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهَا.
ج - الرَّأْيُ وَالْحِكْمَةُ الْمُؤَدِّيَانِ إِلَى اخْتِيَارِ مَنْ هُوَ لِلإِْمَامَةِ أَصْلَحُ (6) . د - أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَوِي الشَّوْكَةِ الَّذِينَ يَتَّبِعُهُمُ النَّاسُ، وَيَصْدُرُونَ عَنْ رَأْيِهِمْ؛ لِيَحْصُل بِهِمْ مَقْصُودُ الْوِلاَيَةِ (7) .
هـ - الإِْخْلاَصُ وَالنَّصِيحَةُ لِلْمُسْلِمِينَ (8) .
تَعْيِينُ (أَهْل الاِخْتِيَارِ) مِنْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ:
5 - الأَْصْل أَنَّ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ هُمْ كُل مَنْ تَتَوَافَرُ فِيهِ الصِّفَاتُ السَّابِقَةُ، إِلاَّ أَنَّ مَنْ يُبَاشِرُ الاِخْتِيَارَ مِنْهُمْ هُمْ فِئَةٌ مِنْهُمْ فِي الْغَالِبِ يُطْلَقُ عَلَيْهَا أَهْل الاِخْتِيَارِ. وَيَتِمُّ تَعْيِينُ أَهْل الاِخْتِيَارِ (وَهُمْ مَجْمُوعَةٌ مِنْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ) بِأَحَدِ طَرِيقَيْنِ:
أ - تَعَيُّنُ الْخَلِيفَةِ لَهُمْ: كَمَا فَعَل عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِتَعْيِينِ سِتَّةٍ مِنْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ لِيَخْتَارُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ خَلِيفَةً لِلْمُسْلِمِينَ بَعْدَهُ، وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ دُونَ نِزَاعٍ.
ب - التَّعْيِينُ بِالْحُضُورِ: إِذَا لَمْ يُعَيِّنِ الْخَلِيفَةُ جَمَاعَةً مِنْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ فَإِنَّ مَنْ يَتَيَسَّرُ حُضُورُهُ مِنْهُمْ تَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعَةُ، وَيَقُومُ الْحُضُورُ مَقَامَ التَّعْيِينِ (9) .
أَعْمَال أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ:
6 - مِنْ ذَلِكَ:
أ - تَوْلِيَةُ الْخَلِيفَةِ: وَهَذَا إِجْمَاعٌ لاَ خِلاَفَ فِيهِ لأَِحَدٍ مِنْ أَهْل السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ (10) .
ب - تَجْدِيدُ الْبَيْعَةِ لِمَنْ عَهِدَ إِلَيْهِ بِالإِْمَامَةِ عِنْدَ وَفَاةِ الإِْمَامِ، إِذَا كَانَ حِينَ عَهِدَ إِلَيْهِ غَيْرَ مُسْتَجْمِعٍ لِشُرُوطِ انْعِقَادِ الإِْمَامَةِ، قَال الْمَاوَرْدِيُّ: تُعْتَبَرُ شُرُوطُ الإِْمَامَةِ فِي الْمُوَلَّى مِنْ وَقْتِ الْعَهْدِ إِلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ فَاسِقًا وَقْتَ الْعَهْدِ، ثُمَّ أَصْبَحَ بَالِغًا عَدْلاً عِنْدَ مَوْتِ الْمُوَلِّي لَمْ تَصِحَّ خِلاَفَتُهُ، حَتَّى يَسْتَأْنِفَ أَهْل الاِخْتِيَارِ بَيْعَتَهُ (11) .
ج - اسْتِقْدَامُ الْمَعْهُودِ إِلَيْهِ الْغَائِبِ عِنْدَ مَوْتِ الإِْمَامِ (12) .
د - تَعْيِينُ نَائِبٍ لِلإِْمَامِ الَّذِي وُلِّيَ غَائِبًا إِلَى أَنْ يَقْدُمَ، قَال الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا عَهِدَ الإِْمَامُ إِلَى غَائِبٍ، وَمَاتَ الإِْمَامُ وَالْمَعْهُودُ إِلَيْهِ عَلَى غَيْبَتِهِ، اسْتَقْدَمَهُ أَهْل الاِخْتِيَارِ، فَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَاسْتَضَرَّ الْمُسْلِمُونَ بِتَأْخِيرِ النَّظَرِ فِي أُمُورِهِمُ اسْتَنَابَ أَهْل الاِخْتِيَارِ نَائِبًا عَنْهُ، يُبَايِعُونَهُ بِالنِّيَابَةِ دُونَ الْخِلاَفَةِ (13) .
هـ - عَزْل الإِْمَامِ عِنْدَ وُجُودِ مَا يَقْتَضِيهِ وَيُنْظَرُ فِي إِمَامَتِهِ (14) .
عَدَدُ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمُ الإِْمَامَةُ مِنْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ:
7 - اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عَدَدِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِمُ الإِْمَامَةُ مِنْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ عَلَى مَذَاهِبَ شَتَّى فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لاَ تَنْعَقِدُ إِلاَّ بِأَكْثَرِيَّةِ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ مِنْ كُل بَلَدٍ؛ لِيَكُونَ الرِّضَى بِهِ عَامًّا، وَالتَّسْلِيمُ لإِِمَامَتِهِ إِجْمَاعًا، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْحَنَابِلَةُ، قَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ: الإِْمَامُ الَّذِي يُجْتَمَعُ عَلَيْهِ، كُلُّهُمْ يَقُول: هَذَا إِمَامٌ (1) .
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: أَقَل مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ، يَجْتَمِعُونَ عَلَى عَقْدِهَا، أَوْ يَعْقِدُهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَى الأَْرْبَعَةِ. وَالَّذِي عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّ الإِْمَامَةَ تَنْعَقِدُ بِتَوْلِيَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْل الْحَل وَالْعَقْدِ دُونَ تَحْدِيدِ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ (2) . وَتَفْصِيل مَا أُجْمِل هُنَا مَوْطِنُهُ مُصْطَلَحُ (الإِْمَامَةِ الْكُبْرَى) .
__________
(1) كلام الفقهاء في هذا الحديث مبني على قواعد المصلحة المرسلة، لتحقيق أفضل الوجوه للسياسة الشرعية، ولا يمنع ذلك من استنباط طرق أخرى إذا كانت تحقق المصلحة ولا تعارض أصول الشريعة (اللجنة) .
(2) مادة " أهل " في لسان العرب، والمغرب، والصحاح، وتاج العروس، والمنتقى من منهاج الاعتدال ص 58 طبع المطبعة السلفية، وتفسير الرازي 9 / 145، في تفسير قوله تعالى / 30 وأولي الأمر منكم / 30، وأسنى المطالب 4 / 109، طبع المكتبة الإسلامية، وحاشية القليوبي 4 / 173، طبع البابي الحلبي.
(3) الأحكام السلطانية للماوردي ص 8، ولأبي يعلى ص 10.
(4) كنز العمال 5 / 627، والمهذب للشيرازي 2 / 297.
(5) أسد الغابة، ترجمة بشير بن سعد.
(6) حاشية قليوبي 4 / 173، وأسنى المطالب 4 / 109، والأحكام السلطانية للماوردي ص 6، ولأبي يعلى ص 2 - 3.
(7) المنتقى من منهاج الاعتدال ص 51.
(8) حجة الله البالغة للدهلوي ص 738، طبع دار الكتب الحديثة بالقاهرة ومكتبة المثنى ببغداد.
(9) أصول الدين لعبد القاهر البغداي ص 208، طبع اسطنبول سنة 1346 هـ، وحاشية قليوبي 4 / 173.
(10) انظر المراجع السابقة، والمواقف للأيجي وشرحه للجرجاني 8 / 351، طبع مطبعة السعادة بمصر 1325، وقال الشيعة الإمامية: يعرف الإمام بالنص.
(11) الأحكام السلطانية للماوردي ص 11.
(12) الأحكام السلطانية للماوردي 11.
(13) أسنى المطالب 4 / 110، والأحكام السلطانية للماوردي ص 11.
(14) الأحكام السلطانية للماوردي ص 11، ولأبي يعلى ص 10.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 115/ 7
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".