الطيب
كلمة الطيب في اللغة صيغة مبالغة من الطيب الذي هو عكس الخبث، واسم...
إيقاع ما يوجب الألم النفسي، أو الجسدي . جاء في قوله عَزَّ وَجَلَّ: ﱫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥﱪالنساء : 104
إيقاع ما يوجب الألم النفسي، أو الجسدي.
التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْيلاَمُ هُوَ: الإِْيجَاعُ، وَالأَْلَمُ: الْوَجَعُ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْعَذَابُ:
2 - الْعَذَابُ: هُوَ الأَْلَمُ الْمُسْتَمِرُّ، وَالأَْلَمُ قَدْ يَكُونُ مُسْتَمِرًّا، وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَ مُسْتَمِرٍّ. وَعَلَى هَذَا فَالْعَذَابُ أَخَصُّ مِنَ الأَْلَمِ، فَكُل عَذَابٍ أَلَمٌ، وَلَيْسَ كُل أَلَمٍ عَذَابًا.
ب - الْوَجَعُ:
3 - الأَْلَمُ: مَا يُلْحِقُهُ بِكَ غَيْرُكَ. وَالْوَجَعُ: مَا تُلْحِقُهُ أَنْتَ بِنَفْسِكَ، أَوْ يُلْحِقُهُ بِكَ غَيْرُكَ مِنَ الأَْلَمِ. وَعَلَى هَذَا فَالْوَجَعُ أَعَمُّ مِنَ الأَْلَمِ (2) .
أَنْوَاعُ الإِْيلاَمِ:
4 - أ - يَنْقَسِمُ الإِْيلاَمُ بِاعْتِبَارِ مَحَلِّهِ إِلَى قِسْمَيْنِ:
إِيلاَمٌ جَسَدِيٌّ: وَهُوَ الْوَاقِعُ عَلَى جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ، كَالإِْيلاَمِ الْحَاصِل مِنَ الضَّرْبِ، أَوْ مِنْ قَطْعِ الْيَدِ فِي الْحَدِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَإِيلاَمٌ نَفْسِيٌّ: وَهُوَ الْوَاقِعُ عَلَى النَّفْسِ لاَ عَلَى الْبَدَنِ، كَالإِْخَافَةِ وَالْقَلَقِ وَالتَّوْبِيخِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَكُلٌّ مِنَ الأَْلَمَيْنِ لَهُ اعْتِبَارُهُ فِي الشَّرِيعَةِ كَمَا سَيَأْتِي.
ب - وَيَنْقَسِمُ الإِْيلاَمُ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ مَصْدَرِهِ إِلَى قِسْمَيْنِ:
إِيلاَمٌ صَادِرٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى كَالأَْمْرَاضِ، وَنَحْوِهَا.
وَإِيلاَمٌ صَادِرٌ عَنِ الْعَبْدِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً.
وَلِكُلٍّ مِنَ الأَْلَمَيْنِ أَحْكَامُهُ فِي الشَّرِيعَةِ كَمَا سَيَأْتِي. الآْثَارُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى الإِْيلاَمِ:
أ - الإِْيلاَمُ الصَّادِرُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى:
5 - قَدْ يَبْتَلِي اللَّهُ تَعَالَى بَعْضَ عِبَادِهِ بِالآْلاَمِ الْجَسَدِيَّةِ كَالأَْمْرَاضِ وَالأَْسْقَامِ، أَوْ بِالآْلاَمِ النَّفْسِيَّةِ كَالأَْحْزَانِ وَالْهُمُومِ، وَمَا عَلَى الإِْنْسَانِ إِذَا نَزَل بِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ الصَّبْرُ، عَمَلاً بِقَوْلِهِ ﵊ عَجَبًا لأَِمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأَِحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ (3) . لأَِنَّ فِي هَذَا الصَّبْرِ عَلَى الاِبْتِلاَءِ تَكْفِيرًا لِسَيِّئَاتِهِ، وَإِعْلاَءً لِدَرَجَاتِهِ، قَال ﵊، فِيمَا رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُول اللَّهِ ﷺ يَقُول: مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلاَ نَصَبٍ وَلاَ سَقَمٍ وَلاَ حَزَنٍ، حَتَّى الْهَمَّ يُهِمَّهُ، إِلاَّ كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ (4) وَلاَ يُنَافِي هَذَا الأَْخْذَ بِالأَْسْبَابِ الَّتِي وَضَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِدَفْعِ هَذَا الْبَلاَءِ أَوْ رَفْعِهِ، كَالدَّوَاءِ وَالدُّعَاءِ وَالْوِقَايَةِ.
ب - الإِْيلاَمُ الصَّادِرُ عَنِ الْعِبَادِ:
6 - إِذَا كَانَ الإِْيلاَمُ صَادِرًا عَنِ الْعِبَادِ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ نَتِيجَةَ اعْتِدَاءٍ يُقْصَدُ مِنْهُ الإِْضْرَارُ نَفْسِيًّا أَمْ جَسَدِيًّا فَإِنَّ فِي هَذَا الإِْيلاَمِ إِثْمًا، فَيَجِبُ اجْتِنَابُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (5) وَلِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ (6) ، كَمَا يَجِبُ الْقِصَاصُ أَوِ التَّعْوِيضُ الْمَالِيُّ أَوِ التَّعْزِيرُ، بِحَسَبِ الْحَال، وَتَفْصِيلُهُ فِي الْجِنَايَاتِ وَالتَّعْزِيرِ.
7 - وَقَدْ يَكُونُ مُوجِبُ الإِْيلاَمِ الضَّمَانَ وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ التَّعْزِيرِ كَمَا فِي حَالاَتِ الْجِنَايَةِ خَطَأً عَلَى النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا، عَلَى مَا فَصَّلَهُ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ. وَقَدْ ضَمَّنَ عُمَرُ إِفْزَاعَ رَجُلٍ بِأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. فَقَدْ رُوِيَ
أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَقُصُّ شَارِبَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَفْزَعَهُ عُمَرُ. فَضَرَطَ الرَّجُل، فَقَال عُمَرُ: إِنَّا لَمْ نُرِدْ هَذَا، وَلَكِنَّا سَنَعْقِلُهَا لَكَ. فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا. قَال الرَّاوِي وَأَحْسَبُهُ قَال: وَشَاةٌ أَوْ عِنَاقًا (7) .
8 - الإِْيلاَمُ الَّذِي يُجْعَل وَسِيلَةً لِلإِْصْلاَحِ عِنْدَمَا يَجِبُ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى، كَالْحُدُودِ، أَوْ عِنْدَمَا يَتَرَجَّحُ لَدَى وَلِيِّ الأَْمْرِ جَدْوَاهُ فِي الإِْصْلاَحِ، كَالتَّعْزِيرِ وَالتَّأْدِيبِ، لاَ يَجُوزُ تَخْفِيفُ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الإِْيلاَمِ، وَقَدْ نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ نَزْعِ الْحَشْوِ وَالْفَرْوِ عَنِ الْمَجْلُودِ فِي الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ؛ لِيَصِل الأَْلَمُ إِلَى جِلْدِهِ (8) .
__________
(1) لسان العرب مادة: " ألم ".
(2) الفروق لأبي هلال العسكري ص 234 طبع دار الآفاق بيروت.
(3) حديث: " عجبا لأمر المؤمن. . . . " أخرجه مسلم (4 / 2295 - ط الحلبي) .
(4) حديث: " ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 103 - ط السلفية) ومسلم (4 / 1193 ط الحلبي)
(5) سورة البقرة / 190.
(6) حديث: " لا ضرر ولا ضرار ". رواه ابن ماجه (2 / 784 ط الحلبي) وغيره عن ابن عباس. وهو صحيح بطرقه (فيض القدير 6 / 431 - 432 - ط المكتبة التجارية) .
(7) أثر: " أن عمر بن الخطاب قد ضمن إفزاع رجل بأربعين درهما. . . " أخرجه ابن حزم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية. قال محمد منير الدمشقي محقق المحلى: إسماعيل هذا لم يدرك عمر، وفي السند رجل مجهول لا يدرى من هو (مصنف عبد الرزاق 10 / 24، والمحلى لابن حزم 10 / 459) .
(8) حاشية ابن عابدين 3 / 170.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 240/ 7
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".