الودود
كلمة (الودود) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعول) من الودّ وهو...
ضمُّ الإنسانِ إلى مكان يسكن فيه، ويأمن مما يخافه . ومن أمثلته : إيواء المجرم الهارب من العدالة . ومن شواهده الحديث الشريف : "الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عَائِرٍ إِلَى كَذَا، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا، أو آوَى مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ، والمَلاَئِكَةِ، والنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ، ولاَ عَدْلٌ ." البخاري :1870.
ضمُّ الإنسانِ إلى مكان يسكن فيه، ويأمن مما يخافه.
التَّعْرِيفُ:
1 - الإِْيوَاءُ لُغَةً: مَصْدَرُ آوَى - وَهُوَ مُتَعَدٍّ - ضَمُّ الإِْنْسَانِ غَيْرَهُ إِلَى مَكَانٍ يُقِيمُ وَيَأْمَنُ فِيهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ} (1) وَمُجَرَّدُهُ أَوَى، وَهُوَ لاَزِمٌ. وَقَدْ يُسْتَعْمَل مُتَعَدِّيًا، يُقَال: أَوَى إِلَى فُلاَنٍ إِذَا الْتَجَأَ وَانْضَمَّ إِلَيْهِ. وَالْمَأْوَى لِكُل حَيَوَانٍ سَكَنُهُ (2) .
وَهُوَ فِي الشَّرِيعَةِ كَذَلِكَ، فَقَدْ قَال ﵊ لِلأَْنْصَارِ: أَسْأَلُكُمْ لِرَبِّي ﷿ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَسْأَلُكُمْ لِنَفْسِي وَلأَِصْحَابِي أَنْ تُؤْوُونَا. . (3) أَيْ تَضُمُّونَا إِلَيْكُمْ، وَقَال صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: لاَ يَأْوِي الضَّالَّةَ إِلاَّ ضَالٌّ (4) أَيْ يَأْخُذُهَا وَيَضُمُّهَا إِلَيْهِ وَهَكَذَا (5) .
الْحُكْمُ الْعَامُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
2 - حَيْثُمَا كَانَ الإِْيوَاءُ لِغَايَةٍ مَشْرُوعَةٍ كَانَ الإِْيوَاءُ مَشْرُوعًا، مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى مَنْعِهِ دَلِيلٌ، كَإِيوَاءِ الْيَتِيمِ، وَإِيوَاءِ الْمُشَرَّدِ، وَإِيوَاءِ الضَّيْفِ، وَإِيوَاءِ الْفَارِّ مِنَ الظَّالِمِ، وَإِيوَاءِ اللُّقَطَةِ الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَمْتَنِعَ بِنَفْسِهَا.
وَحَيْثُمَا كَانَ الإِْيوَاءُ لِغَايَةٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ، فَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ كَإِيوَاءِ الْجَاسُوسِ وَالْجَانِي (6) لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ فِي الْمَدِينَةِ مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (7) .
3 - وَإِيوَاءُ الْعَيْنِ الْمَسْرُوقَةِ مِنْ قِبَل مَالِكِهَا شَرْطٌ لِقَطْعِ سَارِقِهَا، وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ بِالْحِرْزِ.
لِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ تُقْطَعُ الْيَدُ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ، فَإِذَا ضَمَّهُ الْجَرِينُ قُطِعَتْ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ، وَلاَ تُقْطَعُ فِي حَرِيسَةِ الْجَبَل، فَإِذَا آوَى الْمَرَاحُ قُطِعَتْ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ (8) كَمَا فَصَّل ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ السَّرِقَةِ. (ر: سَرِقَةٌ) .
4 - وَإِيوَاءُ الْمَبِيعِ إِلَى الْمُشْتَرِي - بِمَعْنَى نَقْلِهِ وَضَمِّهِ إِلَى الْمُشْتَرِي - فِي الْمَنْقُولاَتِ شَرْطٌ عِنْدَ الْبَعْضِ؛ لِجَوَازِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهُ، لِقَوْل ابْنِ عُمَرَ: لَقَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ ﷺ يَبْتَاعُونَ جُزَافًا - يَعْنِي الطَّعَامَ - يَضْرِبُونَ أَنْ يَبِيعُوهُ فِي مَكَانِهِمْ حَتَّى يُؤْوُوهُ إِلَى رِحَالِهِمْ (1) .
__________
(1) سورة يوسف / 99.
(2) لسان العرب، والمغرب، مادة " أوى ".
(3) حديث: " أسألكم لربي ﷿ أن تعبدوه. . . " أخرجه أحمد (4 / 119 - 120 - ط الميمنية) وقال الهيثمي: رواه أحمد هكذا مرسلا، ورجاله رجال الصحيح، وقد ذكر الإمام أحمد بعده سندا إلى الشعبي عن أبي مسعود - عقبة بن عامر - قال بنحو هذا. . . وفيه مجالد وفيه ضعف، وحديثه حسن إن شاء الله. (المجمع 6 / 48 - ط القدسي) .
(4) حديث: " لا يأوي الضالة إلا ضال. . . ". أخرجه ابن ماجه (2 / 836 - ط الحلبي) وأصله في صحيح مسلم (3 / 1351 - ط الحلبي) .
(5) مجمع بحار الأنوار للفتني الكجراني، والنهاية في غريب الحديث، والفائق في غريب الحديث مادة: " أوى "
(6) عمدة القاري 15 / 94.
(7) حديث: " من أحدث فيها حدثا. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 81 - ط السلفية) . ومسلم (2 / 995 - 996 - ط الحلبي) .
(8) المغني 8 / 258. وحديث: " لا تقطع اليد في ثمر معلق. . . " أخرجه النسائي (8 / 84 - 85 ط المكتبة التجارية) وإسناده حسن، (التلخيص الحبير 4 / 64 - ط شركة الطباعة الفنية المتحدة) . والجرين: هو موضع تجفيف الثمر (سنن النسائي بشرح السيوطي 8 / 85) . والمجن: هو الترس (لسان العرب) . وحريسة الجبل هي: الشاة مما يحرس بالجبل (الفائق في غريب الحديث) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 318/ 7