الكبير
كلمة (كبير) في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، وهي من الكِبَر الذي...
التَّعْجِيل، وَالإْسْرَاعِ إلى الأمر أَيَّ وَقْتٍ كَانَ . ومن أمثلته التبكير إلى طلب الرزق، وإلى صلاة الجمعة، ومن شواهده في الحديث الشريف : "من اغتسل يوم الجمعة، وغسَّل، وبكَّر، وابتكر، ودنا، واستمع، وأنصت، كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة ." الترمذي : 496.وصححه الألباني .
التَّعْجِيل، وَالإْسْرَاعِ إلى الأمر أَيَّ وَقْتٍ كَانَ.
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّبْكِيرُ: مَصْدَرُ بَكَّرَ بِالتَّشْدِيدِ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْخُرُوجِ بُكْرَةَ أَوَّل النَّهَارِ، وَيَكُونُ أَيْضًا بِمَعْنَى: التَّعْجِيل وَالإِْسْرَاعِ أَيَّ وَقْتٍ كَانَ، يُقَال: بَكَّرَ بِالصَّلاَةِ أَيْ: صَلاَّهَا لأَِوَّل وَقْتِهَا، وَيُقَال: بَكِّرُوا بِصَلاَةِ الْمَغْرِبِ أَيْ: صَلُّوهَا عِنْدَ سُقُوطِ الْقُرْصِ، وَكُل مَنْ أَسْرَعَ إِلَى شَيْءٍ فَقَدْ بَكَّرَ إِلَيْهِ. وَلَمْ يَخْرُجِ الْفُقَهَاءُ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ عَنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - التَّغْلِيسُ:
2 - التَّغْلِيسُ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ: فِعْلُهَا أَوَّل طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْل انْتِشَارِ الضَّوْءِ.
ب - الإِْسْفَارُ:
3 - الإِْسْفَارُ مَعْنَاهُ: الْوُضُوحُ وَالظُّهُورُ، يُقَال: أَسْفَرَ الصُّبْحُ: انْكَشَفَ وَأَضَاءَ، وَالإِْسْفَارُ بِصَلاَةِ الصُّبْحِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: فِعْلُهَا عِنْدَ انْتِشَارِ ضَوْءِ الْفَجْرِ (2) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 - التَّبْكِيرُ بِأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ فِي أَوَّل أَوْقَاتِهَا مُسْتَحَبٌّ لِتَحْصِيل الْفَضْل وَالثَّوَابِ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ - حِينَ سُئِل عَنْ أَفْضَل الأَْعْمَال - قَال: الصَّلاَةُ فِي أَوَّل وَقْتِهَا (3) وَهَذَا عَلَى الْجُمْلَةِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.
5 - وَيُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْحُكْمِ مَا نُصَّ عَلَى تَأْخِيرِهِ لِسَبَبٍ، كَالإِْبْرَادِ بِصَلاَةِ الظُّهْرِ فِي وَقْتِ الْحَرِّ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلاَةِ. (4)
كَذَلِكَ اسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ وَالْحَنَفِيَّةُ صَلاَةَ الْعِشَاءِ، لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ لأََمَرْتُهُمْ بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ (5) وَهُوَ أَيْضًا قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، وَزَادَ الْحَنَفِيَّةُ صَلاَةَ الْعَصْرِ. (6)
6 - أَمَّا التَّبْكِيرُ بِمَعْنَى الْخُرُوجِ أَوَّل النَّهَارِ فَهُوَ وَارِدٌ فِي صَلاَةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ. فَقَدِ اسْتَحَبَّ التَّبْكِيرَ لَهُمَا مِنْ أَوَّل النَّهَارِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: مَنْ غَسَّل يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَل، وَبَكَّرَ وَابْتَكَرَ كَانَ لَهُ بِكُل خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا أَجْرُ سَنَةٍ، صِيَامُهَا وَقِيَامُهَا (7) وَقَال الإِْمَامُ مَالِكٌ: لاَ يُسْتَحَبُّ التَّبْكِيرُ خَشْيَةَ الرِّيَاءِ. (8)
التَّبْكِيرُ لِطَلَبِ الرِّزْقِ:
7 - يُسْتَحَبُّ التَّبْكِيرُ بِطَلَبِ الرِّزْقِ وَالتِّجَارَةِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: بَاكِرُوا لِلْغُدُوِّ فِي طَلَبِ الرِّزْقِ، فَإِنَّ الْغُدُوَّ بَرَكَةٌ وَنَجَاحٌ (9) . قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: يُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَا بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ وَقْتٌ يَقْسِمُ اللَّهُ فِيهِ الرِّزْقَ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَثَبَتَ أَنَّهُ وَقْتٌ يُنَادِي فِيهِ الْمَلَكُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَأَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا (10) . وَهُوَ وَقْتُ ابْتِدَاءِ الْحِرْصِ وَنَشَاطِ النَّفْسِ وَرَاحَةِ الْبَدَنِ وَصَفَاءِ الْخَاطِرِ، فَيُقْسَمُ لأَِجْل ذَلِكَ كُلِّهِ وَأَمْثَالِهِ. (11)
التَّبْكِيرُ بِالتَّعْلِيمِ:
8 - يَنْبَغِي التَّبْكِيرُ بِتَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ، لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْهِمُ الْبُلُوغُ وَقَدْ تَمَكَّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِهِمْ، وَسَكَنَتْ إِلَيْهِ أَنْفُسُهُمْ، وَأَنِسَتْ بِمَا يَعْلَمُونَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ جَوَارِحُهُمْ.
وَقَدْ قَال النَّوَوِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الآْبَاءِ وَالأُْمَّهَاتِ تَعْلِيمُ الأَْوْلاَدِ الصِّغَارِ مَا سَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنَ: الطَّهَارَةِ، وَالصَّلاَةِ، وَالصَّوْمِ، وَتَحْرِيمِ الزِّنَى وَاللِّوَاطِ وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْمُسْكِرِ وَالْكَذِبِ، وَنَحْوِهَا. وَاسْتَدَل عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} (12) قَال عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ﵁ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: مَعْنَاهُ عَلِّمُوهُمْ مَا يَنْجُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ.
وَتَعْلِيمُ الصِّبْيَانِ يَرُدُّ الْعَذَابَ الْوَاقِعَ بِإِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ آبَائِهِمْ، أَوْ عَمَّنْ تَسَبَّبَ فِي تَعْلِيمِهِمْ، أَوْ عَنْ مُعَلِّمِهِمْ، أَوْ عَنْهُمْ فِيمَا يُسْتَقْبَل، أَوْ عَنِ الْمَجْمُوعِ، أَوْ يَرُدُّ الْعَذَابَ عُمُومًا. (13)
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والنهاية لابن الأثير، والنظم المستعذب بهامش المهذب 1 / 114 ط الحلبي، والمغني 2 / 299 ط الرياض.
(2) اللسان، والمصباح المنير.
(3) حديث: " أفضل الأعمال الصلاة في أول وقتها. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 6 / 3 - ط السلفية) ، ومسلم (19 - ط الحلبي) .
(4) حديث: " إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة. . ". أخرجه البخاري (الفتح 2 / 20 - ط - السلفية) .
(5) حديث: " لولا أن أشق على المؤمنين لأمرتهم بتأخير العشاء " أخرجه أبو داود (1 / 40 - ط عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة، وأصله في صحيح البخاري (الفتح 2 / 50 - ط السلفية) من حديث ابن عباس.
(6) ابن عابدين 1 / 256، 257 ط بولاق الثالثة، والاختيار 1 / 40 ط دار المعرفة، والدسوقي 1 / 179، 180 ط دار الفكر، والمغني 1 / 388، ومغني المحتاج 1 / 125، 126 ط مصطفى الحلبي.
(7) حديث: " من غسل يوم الجمعة. . . " أخرجه الترمذي (2 / 368 - ط الحلبي) وحسنه.
(8) مغني المحتاج 1 / 292، والدسوقي 1 / 381، 399، والمهذب 1 / 114 ط الحلبي، والمغني 2 / 299، 373، وحاشية الطحطاوي على الدر 1 / 347 ط دار المعرفة بيروت، والفتاوى الهندية 1 / 149 ط المكتبة الإسلامية - تركيا.
(9) حديث: " باكروا طلب الرزق، فإن الغدو بركة ونجاح. . . " أخرجه البزار والطبراني في الأوسط، وقال الهيثمي: فيه إسماعيل بن قيس بن سعد بن زيد بن ثابت، وهو ضعيف، مجمع الزوائد (4 / 61 - ط القدسي) .
(10) حديث: " اللهم أعط منفقا. . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 241 ط السلفية) ومسلم (2 / 700 ط الحلبي) .
(11) تحفة الأحوذي 4 / 403 ط السلفية، وصحيح الترمذي بشرح ابن العربي 5 / 215، 216 ط المطبعة الأزهرية 1350 هـ.
(12) سورة التحريم / 6.
(13) كفاية الطالب الرباني 1 / 30 - 36 نشر دار المعرفة، والمجموع للنووي 1 / 26 ط المنيرية.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 113/ 10