الخبير
كلمةُ (الخبير) في اللغةِ صفة مشبَّهة، مشتقة من الفعل (خبَرَ)،...
رَفْعُ الْقَبْرِ عَنِ الأْرْضِ مِقْدَارَ شِبْرٍ، أَوْ أَكْثَرَ قَلِيلاً . ومن شواهده ما رواه أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ : " أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - مُسَنَّمًا . " البخاري : 1390.
رَفْعُ الشَّيْءِ، يُقَالُ: سَنَّمَ الشَّيْءَ أَيْ رَفَعَهُ، وَضِدُّهُ: الخَفْضُ، وَأَصْلُ التَّسَنُّمِ: العُلُوُّ وَالارْتِفَاعُ، يُقَالُ: تَسَنَّمْتُ الجَبَلَ أَتَسَنَّمُهُ تَسَنُّمًا أَيْ عَلَوْتُ عَلَيْهِ، وَكُل شَيْءٍ عَلاَ شَيْئًا فَقَدْ تَسَنَّمَهُ، وَمِنْهُ سَنَامُ البَعِيرِ وَهُوَ أَعْلَى ظَهْرِهِ، وَسَنَامُ كُلِّ شَيْءٍ أَعْلاَهُ، وَالجَمْعُ أَسْنِمَةٌ، وَنَاقَةٌ سَنِمَةٌ: عَظِيمَةُ السَّنَامِ، وَأَسْنَمْتُ النَّارَ: أَعْلَيْتُ لَهَبَهَا، وَيُطْلَقُ التَّسنِيمُ بِمَعْنَى: مَاءٍ فِي الجَنَّةِ، سُمِّي بذلكَ؛ لِأَنَّهُ يَجْرِي فَوْقَ الغُرَفِ وَالقُصورِ.
يَرِدُ مُصْطَلَحُ (تَسْنِيمٍ) فِي العَقِيدَةِ وَيُرادُ بِهِ: (عَيْنٌ في الجَنَّةِ رَفِيعَةُ القَدرِ ولَذِيذَةُ الطَّعْمِ يَشْرَبُ مِنْهَا عِبَادُ اللهِ المُقرَّبُونَ).
سنم
رَفْعُ الْقَبْرِ عَنِ الأْرْضِ مِقْدَارَ شِبْرٍ، أَوْ أَكْثَرَ قَلِيلاً.
* الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان : ص15 - المحكم والمحيط الأعظم : (8/530)
* لسان العرب : (12/306)
* تاج العروس : (32/424)
* مختار الصحاح : (ص155)
* طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : ص40 - أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء : (ص44)
* معجم مقاييس اللغة : 3 /107 - نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار : 4 /101 - بدائع الصنائع : 1 /320 - فتح الباري شرح صحيح البخاري : 3 /257 -
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّسْنِيمُ فِي اللُّغَةِ: رَفْعُ الشَّيْءِ، يُقَال سَنَّمَ الإِْنَاءَ: إِذَا مَلأََهُ حَتَّى صَارَ الْحَبُّ فَوْقَهُ كَالسَّنَامِ، وَكُل شَيْءٍ عَلاَ شَيْئًا فَقَدْ تَسَنَّمَهُ. وَسَنَامُ الْبَعِيرِ وَالنَّاقَةِ: أَعْلَى ظَهْرِهَا، وَالْجَمْعُ أَسْنِمَةٌ، وَفِي الْحَدِيثِ: نِسَاءٌ عَلَى رُءُوسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ (1)
وقَوْله تَعَالَى {وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ} (2) قَالُوا: هُوَ مَاءٌ فِي الْجَنَّةِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَِنَّهُ يَجْرِي فَوْقَ الْغُرَفِ وَالْقُصُورِ. (3)
وَالتَّسْنِيمُ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: رَفْعُ الْقَبْرِ عَنِ الأَْرْضِ مِقْدَارَ شِبْرٍ أَوْ أَكْثَرَ قَلِيلاً. (4)
وَفِي النَّظْمِ الْمُسْتَعْذَبِ: التَّسْنِيمُ أَنْ يَجْعَل أَعْلَى الْقَبْرِ مُرْتَفِعًا، وَيَجْعَل جَانِبَاهُ مَمْسُوحَيْنِ مُسْنَدَيْنِ، مَأْخُوذٌ مِنْ سَنَامِ الْبَعِيرِ. (5) وَيُقَابِلُهُ تَسْطِيحُ الْقَبْرِ، وَهُوَ: أَنْ يُجْعَل مُنْبَسِطًا مُتَسَاوِيَ الأَْجْزَاءِ، لاَ ارْتِفَاعَ فِيهِ وَلاَ انْخِفَاضَ كَسَطْحِ الْبَيْتِ (6) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي اسْتِحْبَابِ رَفْعِ التُّرَابِ فَوْقَ الْقَبْرِ قَدْرَ شِبْرٍ (7) ، وَلاَ بَأْسَ بِزِيَادَتِهِ عَنْ ذَلِكَ قَلِيلاً عَلَى مَا عَلَيْهِ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةِ؛ (8) لِيُعْرَفَ أَنَّهُ قَبْرٌ، فَيُتَوَقَّى وَيُتَرَحَّمَ عَلَى صَاحِبِهِ. فَعَنْ جَابِرٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَفَعَ قَبْرَهُ عَنِ الأَْرْضِ قَدْرَ شِبْرٍ. (9) وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَال لِعَائِشَةَ ﵂: " اكْشِفِي لِي عَنْ قَبْرِ النَّبِيِّ ﷺ وَصَاحِبَيْهِ، فَكَشَفَتْ عَنْ ثَلاَثَةِ قُبُورٍ، لاَ مُشْرِفَةٍ وَلاَ لاَطِئَةٍ، مَبْطُوحَةٍ بِبَطْحَاءِ الْعَرْصَةِ الْحَمْرَاءِ " (10) .
وَاخْتَلَفُوا هَل يُسَنَّمُ الْقَبْرُ أَوْ يُسَطَّحُ؟ فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ: يُنْدَبُ تَسْنِيمُهُ كَسَنَامِ الْبَعِيرِ؛ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ سُفْيَانَ التَّمَّارِ أَنَّهُ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ ﷺ مُسَنَّمًا (11) .
وَعَنِ الْحَسَنِ مِثْلُهُ. وَمَا رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَال: أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى قَبْرَ النَّبِيِّ ﷺ وَقَبْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ﵄ أَنَّهَا مُسَنَّمَةٌ عَلَيْهَا فَلْقُ مَدَرٍ بِيضٍ (12) وَمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى بِالْمَلاَئِكَةِ عَلَى آدَمَ وَجَعَل قَبْرَهُ مُسَنَّمًا. (13)
وَكَرِهُوا تَسْطِيحَ الْقَبْرِ؛ لأَِنَّ التَّسْطِيحَ يُشْبِهُ أَبْنِيَةَ أَهْل الدُّنْيَا، وَهُوَ أَشْبَهُ بِشِعَارِ أَهْل الْبِدَعِ، فَكَانَ مَكْرُوهًا لِذَلِكَ عِنْدَهُمْ. وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ تَرْبِيعِ الْقُبُورِ. (14)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يُنْدَبُ تَسْطِيحُهُ (أَيْ تَرْبِيعُهُ) وَأَنَّهُ أَفْضَل مِنْ تَسْنِيمِهِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنَ النَّبِيِّ ﷺ لَمَّا تُوُفِّيَ جَعَل رَسُول اللَّهِ ﷺ قَبْرَهُ مُسَطَّحًا. (15)
وَلاَ يُخَالِفُ ذَلِكَ قَوْل عَلِيٍّ ﵁: أَمَرَنِي رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنْ لاَ تَدَعَ تِمْثَالاً إِلاَّ طَمَسْتَهُ، وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلاَّ سَوَّيْتَهُ (16) لأَِنَّهُ لَمْ يُرِدْ تَسْوِيَتَهُ بِالأَْرْضِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ تَسْطِيحَهُ جَمْعًا بَيْنَ الأَْخْبَارِ. (17) هَذَا إِذَا دُفِنَ الْمُسْلِمُ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ.
3 - أَمَّا إِنْ دُفِنَ الْمُسْلِمُ فِي غَيْرِ دَارِ الإِْسْلاَمِ، بِأَنْ دُفِنَ فِي بَلَدِ الْكُفَّارِ أَوْ دَارِ حَرْبٍ، وَتَعَذَّرَ نَقْلُهُ إِلَى دَارِ الإِْسْلاَمِ، فَالأَْوْلَى تَسْوِيَةُ قَبْرِهِ بِالأَْرْضِ، وَإِخْفَاؤُهُ أَوْلَى مِنْ إِظْهَارِهِ وَتَسْنِيمِهِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُنْبَشَ فَيُمَثَّل بِهِ، وَفِي ذَلِكَ صِيَانَةٌ لَهُ عَنْهُمْ. وَأَلْحَقَ بِهِ الأَْذْرَعِيُّ: الأَْمْكِنَةَ الَّتِي يُخَافُ نَبْشُهَا لِسَرِقَةِ كَفَنِهِ أَوْ لِعَدَاوَةٍ وَنَحْوِهِمَا. (1)
وَانْظُرْ بَاقِيَ الأَْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْقَبْرِ فِي مُصْطَلَحِ (قَبْرٌ) .
__________
(1) حديث: " نساء على رءوسهن. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1680 ط عيسى الحلبي) .
(2) سورة المطففين / 27.
(3) لسان العرب، المصباح المنير، مختار الصحاح مادة: " سنم ".
(4) ابن عابدين 1 / 61، والعناية بهامش فتح القدير 2 / 101 ط دار إحياء التراث العربي.
(5) النظم المستعذب في شرح غريب المهذب للركبي بذيل المهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 145، والقواعد الفقهية للمجددي البركتي الرسالة الرابعة ص 228.
(6) المصباح المنير، ولسان العرب، والصحاح للمرعشلي.
(7) الفتاوى الهندية 1 / 166، والاختيار شرح المختار 1 / 96 ن دار المعرفة، وجواهر الإكليل 1 / 111، والشرح الكبير 1 / 418، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 145. وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 1 / 327.
(8) العناية بهامش فتح القدير 2 / 101، ومراقي الفلاح 335.
(9) حديث " عن جابر أن النبي ﷺ رفع قبره. . . " رواه البيهقي (3 / 410 ط دار المعرفة) موصولا ومرسلا، ورجح إرساله. وعزاه الزيلعي في نصب الراية (2 / 303) إلى ابن حبان في صحيحه.
(10) حديث عن القاسم بن محمد قال لعائشة: " اكشفي لي عن قبر. . . " أخرجه أبو داود (3 / 549 / 3220 ط عبيد الدعاس) والحاكم (1 / 369 ط الكتاب العربي) . وقال: هذا حديث صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.
(11) حديث عن سفيان التمار أنه " رأى قبر النبي ﷺ مسنما " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 350 ط السلفية) .
(12) حديث " أخبرني من رأي قبر النبي ﷺ. . . " أخرجه محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار (ص 80) قال التهانوي في إعلاء السنن (8 / 271) . فيه مجهول.
(13) حديث " أن جبريل عليه السلام صلى بالملائكة على آدم. . . " أخرجه الدارقطني (2 / 71 ط المدني) في سنده عبد الرحمن بن مالك بن مغول. قال الدارقطني: متروك. وانظر الكلام عليه في الكامل لابن عدي (4 / 1598 ط دار الفكر) .
(14) ابن عابدين 1 / 601، وفتح القدير 2 / 100 - 102 دار إحياء التراث العربي، والاختيار شرح المختار 1 / 96 ن دار المعرفة، والفتاوى الهندية 1 / 166، ومراقي الفلاح 335، وجواهر الإكليل 1 / 111، والشرح الكبير 1 / 418، ومواهب الجليل بشرح مختصر خليل 2 / 242، وكشاف القناع 2 / 138 م النصر الحديثة، والمغني لابن قدامة 2 / 505 م الرياض الحديثة. وحديث: " نهى عن تربيع. . " أورده الزيلعي في نصب الراية (1 / 403) وعزاه إلى كتاب الآثار لمحمد بن الحسن الشيباني ولم يتكلم عليه في شيء.
(15) حديث: " أن إبراهيم بن النبي ﷺ. . . " بمعناه أن النبي ﷺ رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصباء. أخرجه الشافعي (1 / 215) ط دار الكتب الملكية المصرية واللفظ له. والبيهقي (3 / 411) ط دار المعرفة. وقال الحافظ في التلخيص الحبير (2 / 133 ط المدني) : رجاله ثقات مع إرساله. وفي سند الشافعي إبراهيم بن محمد. قال عنه الحافظ في التقريب (1 / 42 ط المكتبة العلمية) : متروك.
(16) حديث: أن لا تدع تمثالا إلا. . . " أخرجه مسلم (2 / 666 ط عيسى البابي الحلبي) .
(17) شرح روض الطالب من أسنى المطالب 1 / 327 - 328 ن المكتبة الإسلامية، والمهذب في فقه الإمام الشافعي 1 / 145.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 342/ 11