الجميل
كلمة (الجميل) في اللغة صفة على وزن (فعيل) من الجمال وهو الحُسن،...
إنقاص الْكَيْل، وَالْوَزْنِ على الآخرين . ومن شواهده قوله تعالى : ﱫﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﱪ المطففين : ١–٣ .
إنقاص الْكَيْل، وَالْوَزْنِ على الآخرين.
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّطْفِيفُ لُغَةً: الْبَخْسُ فِي الْكَيْل وَالْوَزْنِ. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} (1) فَالتَّطْفِيفُ: نَقْصٌ يَخُونُ بِهِ صَاحِبَهُ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ (2) .
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لَهُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
التَّوْفِيَةُ:
2 - تَوْفِيَةُ الشَّيْءِ: بَذْلُهُ وَافِيًا (3) .
فَالتَّطْفِيفُ ضِدُّ التَّوْفِيَةِ (4) .
الْحُكْمُ الإِِْجْمَالِيُّ:
3 - التَّطْفِيفُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الْخِيَانَةِ وَأَكْل الْمَال بِالْبَاطِل، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ الْمُرُوءَةِ. وَمِنْ ثَمَّ عَظَّمَ اللَّهُ أَمْرَ الْكَيْل وَالْوَزْنِ، وَأَمَرَ بِالْوَفَاءِ فِيهِمَا فِي عِدَّةِ آيَاتٍ، فَقَال سُبْحَانَهُ: {أَوْفُوا الْكَيْل وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ وَلاَ تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَْرْضِ مُفْسِدِينَ} (5) وَقَال تَعَالَى: {وَأَوْفُوا الْكَيْل إِِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} (6) كَمَا تَوَعَّدَ اللَّهُ الْمُطَفِّفِينَ بِالْوَيْل، وَهَدَّدَهُمْ بِعَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَال: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} . (7)
وَفِي الْحَدِيثِ: خَمْسٌ بِخَمْسٍ، قِيل: يَا رَسُول اللَّهِ وَمَا خَمْسٌ بِخَمْسٍ؟ قَال: مَا نَقَضَ قَوْمٌ الْعَهْدَ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ، وَمَا حَكَمُوا بِغَيْرِ مَا أَنْزَل اللَّهُ إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الْفَقْرُ، وَمَا ظَهَرَتْ فِيهِمُ الْفَاحِشَةُ إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الْمَوْتُ، وَلاَ طَفَّفُوا الْكَيْل إِلاَّ مُنِعُوا النَّبَاتَ وَأُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَلاَ مَنَعُوا الزَّكَاةَ إِلاَّ حُبِسَ عَنْهُمُ الْمَطَرُ. (8)
قَال نَافِعٌ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِالْبَائِعِ فَيَقُول لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ، أَوْفِ الْكَيْل وَالْوَزْنَ، فَإِِنَّ الْمُطَفِّفِينَ يُوقَفُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُلْجِمَهُمُ الْعَرَقُ.
وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ تَصْرِيحَ الْعُلَمَاءِ بِأَنَّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَاسْتَظْهَرَهُ (9) .
مَنْعُ التَّطْفِيفِ، وَتَدَابِيرُهُ:
4 - مِمَّا يَتَأَكَّدُ عَلَى الْمُحْتَسِبِ: الْمَنْعُ مِنَ التَّطْفِيفِ وَالْبَخْسُ فِي الْمَكَايِيل وَالْمَوَازِينِ وَالصَّنَجَاتِ. فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْذَرَ الْكَيَّالِينَ وَالْوَزَّانِينَ وَيُخَوِّفَهُمْ عُقُوبَةَ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْبَخْسِ وَالتَّطْفِيفِ. وَمَتَى ظَهَرَ لَهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ خِيَانَةٌ عَزَّرَهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَشْهَرَهُ، حَتَّى يَرْتَدِعَ بِهِ غَيْرُهُ (10) .
وَإِِذَا وَقَعَ فِي التَّطْفِيفِ تَخَاصُمٌ جَازَ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ الْمُحْتَسِبُ، إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ التَّخَاصُمِ فِيهِ تَجَاحُدٌ وَتَنَاكُرٌ. فَإِِنْ أَفْضَى إِِلَى التَّجَاحُدِ وَالتَّنَاكُرِ كَانَ الْقُضَاةُ أَحَقَّ بِالنَّظَرِ فِيهِ مِنْ وُلاَةِ الْحِسْبَةِ؛ لأَِنَّهُمْ بِالأَْحْكَامِ أَحَقُّ. وَكَانَ التَّأْدِيبُ فِيهِ إِِلَى الْمُحْتَسِبِ.
فَإِِنْ تَوَلاَّهُ الْحَاكِمُ جَازَ لاِتِّصَالِهِ بِحُكْمِهِ (1) .
وَقَدْ فَصَّل الْفُقَهَاءُ الْقَوْل فِي التَّدَابِيرِ الَّتِي تُتَّخَذُ لِلْحَيْلُولَةِ دُونَ التَّطْفِيفِ وَالْبَخْسِ فِي الْكَيْل وَالْوَزْنِ، مِنْ قِيَامِ الْمُحْتَسِبِ بِتَفَقُّدِ عِيَارِ الصَّنْجِ وَنَحْوِهَا عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَصْحَابِهَا، وَتَجْدِيدُ النَّظَرِ فِي الْمَكَايِيل وَرِعَايَةِ مَا يُطَفِّفُونَ بِهِ الْمِكْيَال وَمَا إِِلَى ذَلِكَ (2) ، فَلْيُرْجَعْ إِلَيْهِ فِي مَوَاطِنِهِ مِنْ كُتُبِ الْحِسْبَةِ، وَفِي مُصْطَلَحَيْ (حِسْبَةٌ، وَغِشٌّ) .
__________
(1) سورة المطففين / 1.
(2) لسان العرب، وتاج العروس، والصحاح مادة: " طفف ".
(3) المفردات للراغب الأصفهاني، والصحاح مادة: " وفى ".
(4) أحكام القرآن لابن العربي 4 / 1895 ط عيسى الحلبي.
(5) سورة الشعراء / 182 - 183.
(6) سورة الإسراء / 35.
(7) سورة المطففين / 1 - 6، وانظر الزواجر 1 / 200 ط المطبعة الأزهرية، والكبائر للذهبي ص 162 ط مؤسسة علوم القرآن، والحسبة في الإسلام لابن تيمية ص 13 نشر المكتبة العلمية، وتفسير القرطبي 7 / 248.
(8) حديث: " خمس بخمس. . . " أخرجه الطبراني في الكبير 11 / 45 ط الوطن العربي، قال المنذري: رواه الطبراني في الكبير وسنده قريب من الحسن وله شواهد (الترغيب والترهيب 1 / 544 ط مصطفى الحلبي) .
(9) التفسير الكبير للرازي 31 / 88، 89، وتفسير الخازن 4 / 359 ط دار المعرفة، والفتوحات الإلهية 4 / 502 ط مطبعة حجازي، والزواجر لابن حجر الهيثمي المكي 1 / 192.
(10) الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 299 ط دار الكتب العلمية، والأحكام السلطانية للماوردي ص 220 ط مطبعة السعادة، ومعالم القربة في أحكام الحسبة ص 86 ط دار الفنون بكمبرج، والحسبة في الإسلام لابن تيمية ص 13.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 144/ 12
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".