الحسيب
(الحَسِيب) اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على أن اللهَ يكفي...
الدلالة على العلة . ويذكر في معاني حروف اللام، والباء وفي . مثل قوله تعالى : ﭽ﴿ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﭼالنساء : 165، وقوله تعالى : ﭽﮕ ﮖ ﮗ ﮘﭼالفرقان :49، وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: "دخلت امرأة النار في هرة " أي بسببها ولأجلها .
الإِعْلَال.
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّعْلِيل لُغَةً: مِنْ عَل يَعُل وَاعْتَل أَيْ: مَرِضَ فَهُوَ عَلِيلٌ. وَالْعِلَّةُ: الْمَرَضُ الشَّاغِل. وَالْجَمْعُ عِلَلٌ. (1) وَالْعِلَّةُ فِي اللُّغَةِ أَيْضًا: السَّبَبُ. وَاصْطِلاَحًا: تَقْرِيرُ ثُبُوتِ الْمُؤَثِّرِ لإِِِثْبَاتِ الأَْثَرِ وَقِيل: إِظْهَارُ عِلِّيَّةِ الشَّيْءِ، سَوَاءٌ أَكَانَتْ تَامَّةً أَمْ نَاقِصَةً (2) .
وَالْعِلَّةُ عَرَّفَهَا الأُْصُولِيُّونَ بِقَوْلِهِمْ: الْعِلَّةُ هِيَ الْوَصْفُ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُكَلَّفِ مِنْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ أَوْ جَلْبِ مَنْفَعَةٍ.
وَلِلْعِلَّةِ أَسْمَاءٌ مِنْهَا: السَّبَبُ وَالْبَاعِثُ وَالْحَامِل وَالْمَنَاطُ وَالدَّلِيل وَالْمُقْتَضِي وَغَيْرُهَا.
وَتُسْتَعْمَل الْعِلَّةُ أَيْضًا بِمَعْنَى: السَّبَبِ، لِكَوْنِهِ مُؤَثِّرًا فِي إِيجَابِ الْحُكْمِ، كَالْقَتْل الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ سَبَبٌ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ. كَمَا تُسْتَعْمَل الْعِلَّةُ أَيْضًا بِمَعْنَى: الْحِكْمَةِ، وَهِيَ الْبَاعِثُ عَلَى تَشْرِيعِ الْحُكْمِ أَوِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا شُرِعَ الْحُكْمُ. (3)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
تَعْلِيل الأَْحْكَامِ:
2 - الأَْصْل فِي أَحْكَامِ الْعِبَادَاتِ عَدَمُ التَّعْلِيل؛ لأَِنَّهَا قَائِمَةٌ عَلَى حِكْمَةٍ عَامَّةٍ، وَهِيَ التَّعَبُّدُ دُونَ إِدْرَاكِ مَعْنًى مُنَاسِبٍ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا أَحْكَامُ الْمُعَامَلاَتِ وَالْعَادَاتِ وَالْجِنَايَاتِ وَنَحْوِهَا، فَالأَْصْل فِيهَا: أَنْ تَكُونَ مُعَلَّلَةً؛ لأَِنَّ مَدَارَهَا عَلَى مُرَاعَاةِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ، فَرُتِّبَتِ الأَْحْكَامُ فِيهَا عَلَى مَعَانٍ مُنَاسَبَةٍ لِتَحْقِيقِ تِلْكَ الْمَصَالِحِ.
وَالأَْحْكَامُ التَّعَبُّدِيَّةُ لاَ يُقَاسُ عَلَيْهَا لِعَدَمِ إِمْكَانِ تَعْدِيَةِ حُكْمِهَا إِِلَى غَيْرِهَا. (4)
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (تَعَبُّدِيٌّ) .
فَوَائِدُ تَعْلِيل الأَْحْكَامِ:
3 - لِتَعْلِيل الأَْحْكَامِ فَوَائِدُ مِنْهَا: أَنَّ الشَّرِيعَةَ جَعَلَتِ الْعِلَل مُعَرِّفَةً وَمُظْهِرَةً لِلأَْحْكَامِ كَيْ يَسْهُل عَلَى الْمُكَلَّفِينَ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا وَالْتِزَامُهَا.
وَمِنْهَا أَنْ تَصِيرَ الأَْحْكَامُ أَقْرَبَ إِِلَى الْقَبُول وَالاِطْمِئْنَانِ. (5)
وَتَفْصِيل ذَلِكَ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ. تَعْلِيل النُّصُوصِ:
4 - اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي تَعْلِيل النُّصُوصِ عَلَى أَرْبَعَةِ اتِّجَاهَاتٍ:
أ - أَنَّ الأَْصْل عَدَمُ التَّعْلِيل، حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيل عَلَيْهِ.
ب - أَنَّ الأَْصْل التَّعْلِيل بِكُل وَصْفٍ صَالِحٍ لإِِِضَافَةِ الْحُكْمِ إِلَيْهِ، حَتَّى يُوجَدَ مَانِعٌ عَنِ الْبَعْضِ.
ج - أَنَّ الأَْصْل التَّعْلِيل بِوَصْفٍ، وَلَكِنْ لاَ بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ يُمَيِّزُ الصَّالِحَ مِنَ الأَْوْصَافِ لِلتَّعْلِيل وَغَيْرِ الصَّالِحِ.
د - أَنَّ الأَْصْل فِي النُّصُوصِ التَّعَبُّدُ دُونَ التَّعْلِيل. (6)
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (تَعَبُّدِيٌّ) وَفِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
مَسَالِكُ الْعِلَّةِ:
5 - وَهِيَ الطُّرُقُ الَّتِي يَسْلُكُهَا الْمُجْتَهِدُ لِلْوُقُوفِ عَلَى عِلَل الأَْحْكَامِ.
الْمَسْلَكُ الأَْوَّل: النَّصُّ الصَّرِيحُ.
وَهُوَ أَنْ يُذْكَرَ دَلِيلٌ مِنَ الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ عَلَى التَّعْلِيل بِوَصْفٍ، بِلَفْظٍ مَوْضُوعٍ لَهُ فِي اللُّغَةِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إِِلَى نَظَرٍ وَاسْتِدْلاَلٍ. وَهُوَ قِسْمَانِ:
الأَْوَّل: مَا صُرِّحَ فِيهِ بِكَوْنِ الْوَصْفِ عِلَّةً أَوْ سَبَبًا لِلْحُكْمِ.
الثَّانِي: مَا جَاءَ فِي الْكِتَابِ أَوِ السُّنَّةِ مُعَلَّلاً بِحَرْفٍ مِنْ حُرُوفِ التَّعْلِيل.
الْمَسْلَكُ الثَّانِي: الإِِْجْمَاعُ.
الْمَسْلَكُ الثَّالِثُ: الإِِْيمَاءُ وَالتَّنْبِيهُ.
وَهُوَ أَنْ يَكُونَ التَّعْلِيل لاَزِمًا مِنْ مَدْلُول اللَّفْظِ، لاَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ دَالًّا بِوَضْعِهِ عَلَى التَّعْلِيل. وَهُوَ عَلَى أَقْسَامٍ تُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ: السَّبْرُ وَالتَّقْسِيمُ.
وَهُوَ حَصْرُ الأَْوْصَافِ فِي الأَْصْل، وَإِِبْطَال مَا لاَ يَصْلُحُ مِنْهَا لِلتَّعْلِيل، فَيَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلتَّعْلِيل.
الْمَسْلَكُ الْخَامِسُ: الْمُنَاسَبَةُ وَالشَّبَهُ وَالطَّرْدُ:
يَنْقَسِمُ الْوَصْفُ الْمُعَلَّل بِهِ إِِلَى قِسْمَيْنِ:
أ - مَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَتُهُ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَيُسَمَّى الْمُنَاسِبَ. وَهُوَ أَنْ يَتَرَتَّبَ الْحُكْمُ عَلَى وَصْفٍ ظَاهِرٍ مُنْضَبِطٍ، يَلْزَمُ مِنْ تَرْتِيبِ الْحُكْمِ عُلَيَّةَ مَصْلَحَةٌ لِلْمُكَلَّفِ مِنْ دَفْعِ مَفْسَدَةٍ أَوْ جَلْبِ مَنْفَعَةٍ. وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالإِِْخَالَةِ وَبِالْمَصْلَحَةِ وَبِالاِسْتِدْلاَل وَبِرِعَايَةِ الْمَقَاصِدِ. وَيُسَمَّى اسْتِخْرَاجُهَا تَخْرِيجَ الْمَنَاطِ.
ب - مَا لاَ تَظْهَرُ مُنَاسَبَتُهُ لِتَرْتِيبِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَيَنْقَسِمُ إِِلَى نَوْعَيْنِ:الأَْوَّل: أَنْ لاَ يُؤَلَّفَ مِنَ الشَّارِعِ اعْتِبَارُهُ فِي بَعْضِ الأَْحْكَامِ، وَيُسَمَّى الْوَصْفَ الطَّرْدِيَّ.
الثَّانِي: أَنْ يُؤَلَّفَ مِنَ الشَّارِعِ اعْتِبَارُهُ فِي بَعْضِ الأَْحْكَامِ، وَيُسَمَّى الْوَصْفَ الشَّبَهِيَّ.
الْمَسْلَكُ السَّادِسُ: تَنْقِيحُ الْمَنَاطِ وَتَحْقِيقُ الْمَنَاطِ وَالدَّوَرَانِ:
وَهِيَ رَاجِعَةٌ فِي حَقِيقَتِهَا إِِلَى الْمَسَالِكِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَمُنْدَرِجَةٌ تَحْتَهَا.
وَتَنْقِيحُ الْمَنَاطِ: هُوَ إِلْحَاقُ الْفَرْعِ بِالأَْصْل بِنَفْيِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا.
أَمَّا تَحْقِيقُ الْمَنَاطِ: فَهُوَ أَنْ يَجْتَهِدَ الْمُجْتَهِدُ فِي إِثْبَاتِ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي هِيَ مَحَل النِّزَاعِ.
وَأَمَّا الدَّوَرَانُ: فَهُوَ أَنْ يُوجَدَ الْحُكْمُ عِنْدَ وُجُودِ الْوَصْفِ، وَيَرْتَفِعُ بِارْتِفَاعِهِ (7) .
وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الْمَسَالِكِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
الْحَدِيثُ الْمُعَلَّل:
6 - هُوَ الَّذِي اطُّلِعَ فِيهِ عَلَى عِلَّةٍ تَقْدَحُ فِي صِحَّتِهِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَهُ السَّلاَمَةُ مِنْهَا، وَهُوَ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ (8)
__________
(1) المصباح المنير ولسان العرب وتاج العروس مادة: " علل ".
(2) القاموس والتعريفات للجرجاني ص 61.
(3) التلويح على التوضيح 2 / 372 - 373، وجمع الجوامع بحاشية العطار وإرشاد الفحول ص 207.
(4) الموافقات 2 / 300 - 309، والبرهان 2 / 891 - 795.
(5) التلويح على التوضيح 2 / 382، والأحكام للآمدي 3 / 88.
(6) التلويح على التوضيح 2 / 376.
(7) الأحكام للآمدي 3 / 251 وما بعدها، والمحصول 2 / القسم الثاني ص 193 وما بعدها، وحاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 313، والتلويح على التوضيح 2 / 376.
(8) علوم الحديث ص 81، وشرح ألفية العراقي 1 / 226 - 227.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 318/ 12