الوارث
كلمة (الوراث) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَرِثَ يَرِثُ)، وهو من...
إعادة اللفظ الواحد بالعدد، أو النوع، أو المعنى الواحد بالعدد، أو النوع، في القول مرتين فصاعداً . ومن شواهده قوله تَعَالَى : ﱫﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﱪ النور :6، وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : "يا أسامة، أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ " قال : قلت : يا رسول الله، إنما كان متعوذاً، قال : "أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ " قال : فما زال يكررها عليَّ، حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم ." البخاري :6872ومن أمثلته تكرار التكبير في يوم العيد مرة، واثنتين، وثلاثاً
التَّعْرِيفُ:
1 - التَّكْرَارُ: الإِْتْيَانُ بِالشَّيْءِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ مِنَ التَّكْرِيرِ. مَصْدَرُ كَرَّرَ وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِكَلِمَةِ " التَّكْرَارِ " عَنْ هَذَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الإِْعَادَةُ: 2 - مِنْ مَعَانِي الإِْعَادَةِ: فِعْل الشَّيْءِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى. وَلِتَفْصِيل بَاقِي مَعَانِيهَا يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ " إِعَادَةٌ ". وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّكْرَارِ، وَبَيْنَ الإِْعَادَةِ - بِهَذَا الْمَعْنَى -: أَنَّ التَّكْرَارَ يَقَعُ عَلَى إِعَادَةِ الشَّيْءِ مَرَّةً وَمَرَّاتٍ، وَالإِْعَادَةُ لِلْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ (2) فَكُل إِعَادَةٍ تَكْرَارٌ، وَلَيْسَ الْعَكْسُ.
حُكْمُهُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُهُ: 3 - يَخْتَلِفُ حُكْمُ التَّكْرَارِ بِاخْتِلاَفِ مَوَاطِنِهِ: فَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا، كَتَكْرَارِ صَلاَةِ الاِسْتِسْقَاءِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (3) . وَقَال إِسْحَاقُ: لاَ يَخْرُجُ النَّاسُ إِلاَّ مَرَّةً وَاحِدَةً (4) . وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا (5) . وَقَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا: كَتَكْرَارِ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثَلاَثًا عِنْدَ النُّكُول (6) .
وَقَدْ يَكُونُ سُنَّةً: كَتَكْرَارِ الْغُسْل فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْل عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (7) . وَأَمَّا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فَمُسْتَحَبٌّ (8) .
وَكَذَلِكَ تَكْرَارُ مَسْحِ الرَّأْسِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (9) . وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ (10) .
وَأَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ فَلاَ يُسَنُّ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِهِ سَالِمٍ، وَالنَّخَعِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَطَلْحَةَ بْنِ مُصْرِفٍ، وَالْحَكَمِ، وَقَال التِّرْمِذِيُّ: وَالْعَمَل عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْل الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَمَنْ بَعْدَهُمْ (11) .
وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا: كَتَكْرَارِ سَجْدَةِ التِّلاَوَةِ بِتَكْرِيرِ تِلاَوَةِ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَصْل الْمَذْهَبِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ بِتَكْرِيرِ السَّجْدَةِ إِنْ كَرَّرَ مُوجِبَهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي لِلسُّجُودِ إِلاَّ الْمُعَلِّمُ وَالْمُتَعَلِّمُ (12) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ كَرَّرَ الآْيَةَ الْوَاحِدَةَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ، أَجْزَأَتْهُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ (13) ، وَفِي الْمَوْضُوعِ تَفْصِيلٌ - يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى (سَجْدَةُ التِّلاَوَةِ) .
وَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا: كَتَكْرَارِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (14) ، أَوْ غَيْرُ جَائِزٍ كَتَكْرَارِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ (15) . وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لاَ يَجِبُ تَكْرَارُهُ، بَل لاَ يُسَنُّ (16) . وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ التَّكْرَارِ أَوْ عَدَمِ وُجُوبِهِ فِي مَسَائِل، وَاخْتَلَفُوا فِي أُخْرَى.
فَمِنَ الْمَسَائِل الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا:
4 - عَدَمُ جَوَازِ تَكْرَارِ سُجُودِ السَّهْوِ (17) ، وَعَدَمُ تَكْرَارِ الْحَجِّ وُجُوبًا؛ لأَِنَّ سَبَبَهُ الْبَيْتُ، وَأَنَّهُ لاَ يَتَعَدَّدُ، فَلاَ يَتَكَرَّرُ الْوُجُوبُ (18) . وَعَدَمُ جَوَازِ تَكْرَارِ الْحَدِّ، فَإِنَّ مَنْ كَرَّرَ جَرَائِمَ السَّرِقَةِ، أَوِ الزِّنَى، أَوِ الشُّرْبِ، أَوِ الْقَذْفِ، قَبْل إِقَامَةِ الْحَدِّ، أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدٌّ وَاحِدٌ، وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُحَدُّ حَدًّا ثَانِيًا (19) .
وَمِنَ الْمَسَائِل الْمُخْتَلَفِ فِيهَا:
5 - تَكْرَارُ السَّرِقَةِ بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ وَرِجْلِهِ، فَفِيهِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ " سَرِقَةٌ " وَإِلَى مَوْطِنِهِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ (20) . وَتَكْرَارُ صَلاَةِ الْكُسُوفِ (21) وَقَبُول تَوْبَةِ مَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ - وَلِتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحَيْ (صَلاَةُ الْكُسُوفِ، وَتَوْبَةٌ) وَمَوَاطِنِهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ (22) .
وَمِنْهَا تَكْرِيرُ الإِْقْرَارِ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ: فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَفِيَّةُ - مَا عَدَا زُفَرَ - إِلَى أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَطُ تَكْرِيرُ الإِْقْرَارِ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ، وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ وَزُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ شُبْرُمَةَ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى تَكْرِيرَ الاِعْتِرَافِ مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ﵁ أَيْضًا (23) .
وَفِي تَكْرَارِ الطَّلاَقِ لِمَدْخُولٍ بِهَا وَغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا، وَتَكْرَارُ الطَّلاَقِ مَعَ الْعَطْفِ وَعَدَمِهِ، وَتَكْرَارُ يَمِينِ الإِْيلاَءِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ، وَتَكْرَارُ الظِّهَارِ وَأَثَرُهُ فِي تَحْرِيمِ الزَّوْجَةِ، وَتَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ، خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ (اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ) الْمَوْسُوعَةِ 2 23، 24 وَمَوَاطِنِهَا مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ (24) . وَأَمَّا مَسْأَلَةُ اقْتِضَاءِ الأَْمْرِ الْخَالِي عَنِ الْقَرَائِنِ - التَّكْرَارِ أَمْ لاَ؟ فَمَوْطِنُ تَفْصِيلِهَا الْمُلْحَقُ الأُْصُولِيُّ.
__________
(1) مختار الصحاح، ولسان العرب المحيط مادة: " كرر "، والتعريفات للجرجاني ص 58.
(2) الفروق لأبي هلال العسكري ص 30، طبع بيروت.
(3) ابن عابدين 1 / 567، والحطاب 2 / 205، وروضة الطالبين 2 / 90، 91، والمغني 2 / 439، ونيل المآرب 1 / 213.
(4) المغني 2 / 439.
(5) روضة الطالبين 2 / 91.
(6) فتح القدير 7 / 167، 168، والقليوبي 4 / 342، والمغني 9 / 236.
(7) فتح القدير 1 / 27، 51، والقليوبي 1 / 53، 67، والمغني 1 / 139، 217.
(8) القوانين الفقهية لابن جزي 28، 31.
(9) القليوبي 1 / 53.
(10) المغني 1 / 127.
(11) فتح القدير 1 / 30، والقوانين الفقهية 27، والمغني 1 / 127، وكشاف القناع 1 / 118.
(12) كشاف القناع 1 / 449، وشرح الزرقاني 1 / 277، و 278.
(13) فتح القدير 1 / 473، 474، 475، وروضة الطالبين 1 / 320.
(14) القليوبي 1 / 60.
(15) فتح القدير 1 / 131، والحطاب 1 / 361.
(16) كشاف القناع 1 / 118.
(17) فتح القدير 1 / 436، وشرح الزرقاني 1 / 233، وروضة الطالبين 1 / 310، والمغني 2 / 39.
(18) فتح القدير 2 / 322، 323، والقوانين الفقهية لابن جزي 132، والقليوبي 2 / 84، والمغني 3 / 217.
(19) ابن عابدين 3 / 172، 174، 207، والحطاب 6 / 313، 301، والقوانين الفقهية لابن جزي 362، وروضة الطالبين 10 / 151، والمغني 8 / 235.
(20) ابن عابدين 3 / 206، والقوانين الفقهية لابن جزي 365، وروضة الطالبين 10 / 149، والمغني 8 / 264.
(21) ابن عابدين 1 / 565، والحطاب 2 / 204، وروضة الطالبين 2 / 83، ونيل المآرب 1 / 210.
(22) المغني 8 / 126، وروضة الطالبين 10 / 75، 76.
(23) ابن عابدين 3 / 194، والقوانين الفقهية لابن جزي 366، وروضة الطالبين 10 / 143، والمغني 8 / 279.
(24) ابن عابدين 2 / 455، 456، 460، والحطاب 4 / 39، 122، وروضة الطالبين 8 / 275، والمغني 7 / 230، 357، 358، والقوانين الفقهية لابن جزي 231.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 224/ 13
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".