البحث

عبارات مقترحة:

المجيد

كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...

الواحد

كلمة (الواحد) في اللغة لها معنيان، أحدهما: أول العدد، والثاني:...

الْجَائِزَةُ


من معجم المصطلحات الشرعية

الْعَطِيَّةُ إِذَا كَانَتْ عَلَى سَبِيل الإْكْرَامِ . ومنه جائزة الضيف يوم وليلة . لحديثه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : " الضيافة ثلاثة أيام، وجائزته يوم، وليلة، وما أنفق عليه بعد ذلك، فهو صدقة . " الترمذي : 1968.


انظر : الذخيرة للقرافي، 5/403، الإنصاف للمرداوي، 4/213.

من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف

الْعَطِيَّةُ إِذَا كَانَتْ عَلَى سَبِيل الإْكْرَامِ.

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - الْجَائِزَةُ: الْعَطِيَّةُ إِذَا كَانَتْ عَلَى سَبِيل الإِْكْرَامِ يُقَال: أَجَازَهُ أَيْ: أَعْطَاهُ جَائِزَةً. وَالْجَمْعُ جَوَائِزُ. وَقَرِيبٌ مِنْهَا التُّحْفَةُ فَهِيَ مَا أَتْحَفْتَهُ غَيْرَكَ مِنَ الْبِرِّ. قَال صَاحِبُ اللِّسَانِ:
" وَأَصْلُهَا أَنَّ أَمِيرًا وَاقَفَ عَدُوًّا وَبَيْنَهُمَا نَهْرٌ فَقَال:
مَنْ جَازَ هَذَا النَّهْرَ فَلَهُ كَذَا، فَكُلَّمَا جَازَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ أَخَذَ جَائِزَةً وَقَال أَبُو بَكْرٍ فِي قَوْلِهِمْ: أَجَازَ السُّلْطَانُ فُلاَنًا بِجَائِزَةٍ: أَصْل الْجَائِزَةِ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُل الرَّجُل مَاءً وَيُجِيزَهُ لِيَذْهَبَ لِوَجْهِهِ فَيَقُول الرَّجُل إِذَا وَرَدَ مَاءً لِقَيِّمِ الْمَاءِ: أَجِزْنِي مَاءً، أَيْ: أَعْطِنِي مَاءً حَتَّى أَذْهَبَ لِوَجْهِي وَأَجُوزَ عَنْكَ، ثُمَّ كَثُرَ هَذَا حَتَّى سَمَّوُا الْعَطِيَّةَ جَائِزَةً. وَقَال الأَْزْهَرِيُّ: الْجِيزَةُ مِنَ الْمَاءِ مِقْدَارُ مَا يَجُوزُ بِهِ الْمُسَافِرُ مِنْ مَنْهَلٍ إِلَى مَنْهَلٍ، يُقَال: اسْقِنِي جِيزَةً وَجَائِزَةً وَجَوْزَةً: وَفِي الْحَدِيثِ: الضِّيَافَةُ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، وَجَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ (1) أَيْ: يُضَافُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَيَتَكَلَّفُ لَهُ فِي الْيَوْمِ الأَْوَّل بِمَا اتَّسَعَ لَهُ مِنْ بِرٍّ وَإِلْطَافٍ، وَيُقَدِّمُ لَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ مَا حَضَرَهُ، وَلاَ يَزِيدُ عَلَى عَادَتِهِ، ثُمَّ يُعْطِيهِ مَا يَجُوزُ بِهِ مَسَافَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَهِيَ قَدْرُ مَا يَجُوزُ بِهِ الْمُسَافِرُ مِنْ مَنْهَلٍ إِلَى مَنْهَلٍ، فَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ وَمَعْرُوفٌ، إِنْ شَاءَ فَعَل وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ. . . وَقَال الْجَوْهَرِيُّ: أَجَازَهُ بِجَائِزَةٍ سَنِيَّةٍ أَيْ بِعَطَاءٍ. . . وَفِي الْحَدِيثِ: أَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ (2) أَيْ: أَعْطُوهُمُ الْجِيزَةَ (أَيْ الْجَائِزَةَ) وَمِنْ حَدِيثِ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَلاَ أَمْنَحُكَ أَلاَ أُجِيزُكَ أَيْ أُعْطِيكَ، وَالأَْصْل الأَْوَّل، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِكُل عَطَاءٍ (3) ".
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.

الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْمُكَافَأَةُ
2 - هِيَ مَصْدَرُ كَافَأَ، يُقَال: كَافَأَهُ عَلَى الشَّيْءِ مُكَافَأَةً وَكِفَاءً أَيْ جَازَاهُ، وَكَافَأَ فُلاَنٌ فُلاَنًا: مَاثَلَهُ.
وَاصْطِلاَحًا عَرَّفَ الرَّاغِبُ الأَْصْفَهَانِيُّ الْمُكَافَأَةَ بِأَنَّهَا: الْمُسَاوَاةُ وَالْمُقَابَلَةُ فِي الْفِعْل، أَوْ مُقَابَلَةُ نِعْمَةٍ بِنِعْمَةٍ هِيَ كُفْؤُهَا.
وَعَرَّفَهَا الْجُرْجَانِيُّ بِأَنَّهَا: مُقَابَلَةُ الإِْحْسَانِ بِمِثْلِهِ أَوْ زِيَادَةٍ (4) .
فَالْجَائِزَةُ تَكُونُ بِلاَ مُقَابِلٍ، أَمَّا الْمُكَافَأَةُ فَتَكُونُ بِمُقَابِلٍ وَتَكُونُ مُمَاثِلَةً عَلَى الأَْقَل.

ب - الأَْجْرُ:
3 - مِنْ مَعَانِي الأَْجْرِ: الْجَزَاءُ عَلَى الْعَمَل، وَالثَّوَابُ، وَالذِّكْرُ الْحَسَنُ، وَالْمَهْرُ. وَالأَْجْرُ قَدْ يَكُونُ دُنْيَوِيًّا أَوْ أُخْرَوِيًّا، وَيُقَال فِيمَا كَانَ عَنْ عَقْدٍ وَمَا يَجْرِي مَجْرَى الْعَقْدِ، وَلاَ يُقَال إِلاَّ فِي النَّفْعِ دُونَ الضَّرِّ (5) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَائِزَةِ وَالأَْجْرِ، أَنَّ الْجَائِزَةَ بِلاَ مُقَابِلٍ وَلاَ تَعَاقُدٍ وَلاَ عِلْمَ بِهَا، أَمَّا الأَْجْرُ فَيُخَالِفُ فِي كُل ذَلِكَ.

ج - الْجَزَاءُ:
4 - هُوَ مَصْدَرُ جَزَى، يُقَال: جَزَى الشَّيْءُ يَجْزِي أَيْ كَفَى، وَجَزَى عَنْهُ أَيْ قَضَى، وَالْجَزَاءُ يَكُونُ مَنْفَعَةً أَوْ مَضَرَّةً أَيْ بِالْمُقَابَلَةِ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى (6) } وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا (7) } وَيُقَال فِيمَا كَانَ عَنْ عَقْدٍ وَغَيْرِ عَقْدٍ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ لَفْظُ جَزَى دُونَ جَازَى؛ لأَِنَّ الْمُجَازَاةَ هِيَ الْمُكَافَأَةُ أَيْ مُقَابَلَةُ نِعْمَةٍ بِنِعْمَةٍ هِيَ كُفْؤُهَا، وَنِعْمَةُ اللَّهِ لاَ كُفْءَ لَهَا، وَلِهَذَا لاَ يَسْتَعْمِل الْمُكَافَأَةَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (8) .
وَالْجَزَاءُ يَكُونُ بِمُقَابِلٍ وَيَكُونُ بِالْمَنْفَعَةِ أَوِ الْمَضَرَّةِ بِخِلاَفِ الْجَائِزَةِ.

د - الْجُعْل:
5 - الْجُعْل: لُغَةً مَا يُجْعَل لِلْعَامِل عَلَى عَمَلِهِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الأَْجْرِ وَالثَّوَابِ
وَاصْطِلاَحًا: الْمَال الْمَعْلُومُ سُمِّيَ فِي الْجَعَالَةِ لِمَنْ يَعْمَل عَمَلاً مُبَاحًا وَلَوْ كَانَ مَجْهُولاً فِي الْقَدْرِ أَوْ الْمُدَّةِ أَوْ بِهِمَا فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَائِزَةِ أَنَّ الْجَائِزَةَ عَطِيَّةٌ بِلاَ مُقَابِلٍ.

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
6 - الأَْصْل إِبَاحَةُ الْجَائِزَةِ عَلَى عَمَلٍ مَشْرُوعٍ سَوَاءٌ أَكَانَ دِينِيًّا أَوْ دُنْيَوِيًّا لأَِنَّهُ مِنْ بَابِ الْحَثِّ عَلَى فِعْل الْخَيْرِ وَالإِْعَانَةِ عَلَيْهِ بِالْمَال وَهُوَ مِنْ قَبِيل الْهِبَةِ. وَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ لِلْجَائِزَةِ بِاخْتِلاَفِ مَبْحَثِهَا الْفِقْهِيِّ.
وَهُنَاكَ مَوَاطِنُ لِلْجَائِزَةِ لَهَا حُكْمٌ خَاصٌّ مِنْهَا: جَائِزَةُ السُّلْطَانِ، وَالْجَائِزَةُ فِي السِّبَاقِ (السَّبَقِ) .

أَوَّلاً: جَائِزَةُ السُّلْطَانِ:
7 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي قَبُول جَائِزَةِ السُّلْطَانِ أَوْ هَدِيَّتِهِ:
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ قَبُول هَدِيَّةِ أُمَرَاءِ الْجَوْرِ، لأَِنَّ الْغَالِبَ فِي مَالِهِمُ الْحُرْمَةُ إِلاَّ إِذَا عَلِمَ أَنَّ أَكْثَرَ الْمَال حَلاَلٌ، بِأَنْ كَانَ لِصَاحِبِهِ تِجَارَةٌ، أَوْ زَرْعٌ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ؛ لأَِنَّ أَمْوَال النَّاسِ لاَ تَخْلُو عَنْ قَلِيل حَرَامٍ فَالْمُعْتَبَرُ الْغَالِبُ.
وَأَمَّا جَائِزَةُ السُّلْطَانِ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ بِالْجَوْرِ فَقَال الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: إِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِي أَخْذِهَا، فَقَال بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يُعْطِيهِ مِنْ حَرَامٍ، قَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: وَبِهِ نَأْخُذُ مَا لَمْ نَعْرِفْ شَيْئًا حَرَامًا بِعَيْنِهِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ تَعَالَى وَأَصْحَابِهِ.
وَقَال الْقَلْيُوبِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: لاَ يَحْرُمُ الأَْكْل وَلاَ الْمُعَامَلَةُ، وَلاَ أَخْذُ الصَّدَقَةِ، وَالْهَدِيَّةِ، مِمَّنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ إِلاَّ مَا عُلِمَ حُرْمَتُهُ، وَلاَ يَخْفَى الْوَرَعُ (9) . وَقَال الإِْمَامُ أَحْمَدُ فِي جَائِزَةِ السُّلْطَانِ: أَكْرَهُهَا، وَكَانَ يَتَوَرَّعُ عَنْهَا، وَيَمْنَعُ بَنِيهِ وَعَمَّهُ مِنْ أَخْذِهَا، وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ بِمَا أَخَذُوهُ، وَذَلِكَ لأَِنَّ أَمْوَالَهُمْ تَخْتَلِطُ بِمَا يَأْخُذُونَهُ مِنَ الْحَرَامِ مِنَ الظُّلْمِ وَغَيْرِهِ فَيَصِيرُ شُبْهَةً، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ ﷺ: الْحَلاَل بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْل الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُل مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ (10) وَقَال النَّبِيُّ ﷺ: دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ (11) .
وَاحْتَجَّ أَحْمَدُ بِأَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ تَنَزَّهُوا عَنْ مَال السُّلْطَانِ، مِنْهُمْ: حُذَيْفَةُ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَمُعَاذٌ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ.
وَلَمْ يَرَ أَحْمَدُ ذَلِكَ حَرَامًا، فَإِنَّهُ سُئِل فَقِيل لَهُ: مَال السُّلْطَانِ حَرَامٌ؟ فَقَال: لاَ، وَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُتَنَزَّهَ عَنْهُ، وَفِي رِوَايَةٍ قَال: لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاَّ وَلَهُ فِي هَذِهِ الدَّرَاهِمِ حَقٌّ، فَكَيْفَ أَقُول إِنَّهَا سُحْتٌ؟
وَقَال أَحْمَدُ: جَوَائِزُ السُّلْطَانِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الصَّدَقَةِ، يَعْنِي أَنَّ الصَّدَقَةَ أَوْسَاخُ النَّاسِ صِينَ عَنْهَا النَّبِيُّ ﷺ وَآلُهُ لِدَنَاءَتِهَا وَلَمْ يُصَانُوا عَنْ جَوَائِزِ السُّلْطَانِ (12) .

ثَانِيًا - جَائِزَةُ السَّبَقِ (الْجُعْل) :
8 - السَّبْقُ - بِسُكُونِ الْبَاءِ - مَصْدَرُ سَبَقَ، وَالسَّبَقُ - بِفَتْحِ الْبَاءِ - الْجُعْل أَيِ الْمَال الَّذِي يُوضَعُ بَيْنَ الْمُتَسَابِقِينَ لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ، أَيِ الْجَائِزَةُ.
وَيُعَبِّرُ الْفُقَهَاءُ بِالسَّبَقِ، أَوْ السِّبَاقِ، أَوْ الْمُسَابَقَةِ، وَيُرِيدُونَ مَا يَعُمُّ سِبَاقَ الْخَيْل أَوْ الإِْبِل وَالرَّمْيِ، لِقَوْل الأَْزْهَرِيِّ: النِّضَال فِي الرَّمْيِ، وَالرِّهَانُ فِي الْخَيْل، وَالسِّبَاقُ يَكُونُ فِي الْخَيْل وَالرَّمْيِ، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ (13) } قِيل: مَعْنَاهُ نَنْتَضِل بِالسِّهَامِ.
وَقَدْ يُعَبِّرُونَ عَنِ الْمُسَابَقَةِ فِي الرَّمْيِ بِالسِّهَامِ بِلَفْظِ الْمُنَاضَلَةِ أَيِ الْمُبَارَاةِ وَالْمُغَالَبَةِ فِي الرَّمْيِ، مِنْ قَوْلِهِمْ: نَاضَلْتُهُ فَنَضَلْتُهُ، كَغَالَبْتُهُ فَغَلَبْتُهُ، وَزْنًا وَمَعْنًى (14) . 9 - وَالأَْصْل فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْمُسَابَقَةِ السُّنَّةُ وَالإِْجْمَاعُ.
فَمِنَ السُّنَّةِ مَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ ﵄ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْل الْمُضْمَرَةِ مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ سِتَّةُ أَمْيَالٍ أَوْ سَبْعَةٌ وَبَيْنَ الْخَيْل الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي رُزَيْقٍ (15) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِ الْمُسَابَقَةِ فِي الْجُمْلَةِ (16) .
10 - وَالْمُسَابَقَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُسَابَقَةٌ بِعِوَضٍ وَهُوَ الْجُعْل أَوِ الْجَائِزَةُ، وَمُسَابَقَةٌ بِغَيْرِ عِوَضٍ.
فَإِنْ كَانَتِ الْمُسَابَقَةُ بِغَيْرِ جُعْلٍ فَتَجُوزُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ فِي سَفَرٍ مَعَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا فَسَابَقَتْهُ عَلَى رِجْلِهَا فَسَبَقَتْهُ، قَالَتْ ﵂: فَلَمَّا حَمَلْتُ اللَّحْمَ سَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي فَقَال: هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ (17) . وَلِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ: خَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ فَقَال: ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيل فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا (18) .
وَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ إِذَا قُصِدَ بِالْمُسَابِقَةِ التَّلَهِّي أَوِ الْمُفَاخَرَةُ فَتَكُونُ مَكْرُوهَةً، أَمَّا إِذَا قُصِدَ بِهَا التَّقَوِّي وَالاِسْتِعْدَادُ لِلْجِهَادِ فَإِنَّهَا تَكُونُ مَنْدُوبَةً، بَل تَكُونُ وَاجِبَةً عَلَى الْكِفَايَةِ إِذَا لَمْ يَتِمَّ التَّقَوِّي عَلَى الْجِهَادِ وَالإِْعْدَادُ لِلِقَاءِ الْعَدُوِّ إِلاَّ بِهَا، لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْل (19) }
وَإِنْ كَانَتِ الْمُسَابَقَةُ بِجَائِزَةٍ فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا فِي الْخَيْل، وَالإِْبِل، وَالسَّهْمِ، لِحَدِيثِ: لاَ سَبَقَ إِلاَّ فِي خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ، أَوْ نَصْلٍ (20) .
وَقَالُوا: إِنَّهَا تَكُونُ فِي هَذِهِ الثَّلاَثَةِ مَنْدُوبَةً إِذَا قُصِدَ بِهَا الإِْعْدَادُ لِلْجِهَادِ، بَل تَكُونُ وَاجِبَةً عَلَى الْكِفَايَةِ إِذَا لَمْ يَتِمَّ الإِْعْدَادُ لِلْجِهَادِ إِلاَّ بِهَا (21) .
11 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا فِي غَيْرِ الْخَيْل، وَالإِْبِل، وَالسَّهْمِ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي " سِبَاقٍ ".
وَالْجُعْل أَوِ الْجَائِزَةُ - يَجُوزُ بِشُرُوطٍ، مِنْهَا: كَوْنُهُ مَعْلُومًا جِنْسًا، وَقَدْرًا، وَصِفَةً، وَمِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ (22) . وَالْجَائِزَةُ قَدْ يُخْرِجُهَا الإِْمَامُ أَوْ غَيْرُهُ، أَوْ أَحَدُ الْمُتَسَابِقَيْنِ، أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا.
فَإِنْ أَخْرَجَهَا الإِْمَامُ أَوْ غَيْرُهُ، أَوْ أَحَدُ الْمُتَسَابِقَيْنِ لِيَأْخُذَهَا السَّابِقُ مِنْهُمَا فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ عَقْدَ السَّبَقِ صَحِيحٌ وَالْجُعْل حَلاَلٌ.
وَإِنْ أَخْرَجَهَا الْمُتَسَابِقَانِ لِيَأْخُذَهَا السَّابِقُ مِنْهُمَا لَمْ تَصِحَّ الْمُسَابَقَةُ وَلَمْ يَحِل الْجُعْل لأَِنَّ ذَلِكَ قِمَارٌ (23) وَهُوَ حَرَامٌ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ تَصِحُّ الْمُسَابَقَةُ، وَيَحِل الْجُعْل فِي حَالَةِ إِخْرَاجِهِ، أَوِ اشْتِرَاطِهِ مِنَ الْمُتَسَابِقَيْنِ إِذَا أَدْخَلاَ بَيْنَهُمَا مُحَلِّلاً يُخْرِجُ عَقْدَ الْمُسَابَقَةِ عَنْ صُورَةِ الْقِمَارِ، يَغْنَمُ إِنْ سَبَقَ وَلاَ يَغْرَمُ إِنْ سُبِقَ، عَلَى أَنْ يَكُونَ فَرَسُهُ أَوْ بَعِيرُهُ أَوْ رَمْيُهُ مُكَافِئًا لِفَرَسَيْهِمَا، أَوْ بَعِيرَيْهِمَا، أَوْ رَمْيَيْهِمَا، وَيَتَوَهَّمُ أَنْ يَسْبِقَهُمَا أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَسْبِقَ أَوْ يُسْبَقَ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا كَانَ ضَعِيفًا عَنْهُمَا بِحَيْثُ لاَ يُتَصَوَّرُ سَبْقُهُ، أَوْ قَوِيًّا بِحَيْثُ يَسْبِقُ لاَ مَحَالَةَ، فَإِنَّ السِّبَاقَ لاَ يَصِحُّ، وَالْجُعْل لاَ يَحِل؛ لأَِنَّهُ يَكُونُ قِمَارًا، وَلِذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: مَنْ أَدْخَل فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ لاَ يُؤْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ، وَمَنْ أَدْخَل فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَقَدْ أُمِنَ أَنْ يَسْبِقَ فَهُوَ قِمَارٌ (24) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
12 - وَالْجَائِزَةُ فِي حَالَةِ وُجُودِ الْمُحَلِّل تُسْتَحَقُّ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي: إِنْ جَاءَ الْمُتَسَابِقَانِ وَالْمُحَلِّل كُلُّهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَحْرَزَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَبَقَ نَفْسِهِ وَلاَ شَيْءَ لِلْمُحَلِّل لأَِنَّهُ لاَ سَابِقَ فِيهِمْ، وَكَذَلِكَ إِنْ سَبَقَا الْمُحَلِّل، وَإِنْ سَبَقَ الْمُحَلِّل وَحْدَهُ أَحْرَزَ السَّبَقَيْنِ بِالاِتِّفَاقِ، وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا أَحْرَزَ سَبَقَ نَفْسِهِ، وَأَخَذَ سَبَقَ صَاحِبِهِ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْمُحَلِّل شَيْئًا، وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا وَالْمُحَلِّل أَحْرَزَ السَّابِقُ مَال نَفْسِهِ، وَيَكُونُ سَبَقُ الْمَسْبُوقِ بَيْنَ السَّابِقِ وَالْمُحَلِّل نِصْفَيْنِ (25) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ أَخْرَجَ كُلٌّ مِنَ الْمُتَسَابِقَيْنِ جُعْلاً مُتَسَاوِيًا أَوْ مُخْتَلِفًا لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ مِنْهُمَا فِي الْجَرْيِ أَوِ الرَّمْيِ فَيُمْنَعُ لأَِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْقِمَارِ، وَمَنَعَ الشَّرْعُ فِي بَابِ الْمُعَاوَضَةِ مِنِ اجْتِمَاعِ الْعِوَضَيْنِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَيَظَل الْحُكْمُ الْمَنْعُ وَلَوْ بِمُحَلِّلٍ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا يُمْكِنُ سَبْقُهُ لَهُمَا فِي الْجَرْيِ وَالرَّمْيِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ أَخَذَ الْجَمِيعَ؛ لِعَوْدِ الْجُعْل إِلَى مُخْرِجِهِ عَلَى تَقْدِيرِ سَبْقِهِ (26) .
__________
(1) حديث: " الضيافة ثلاثة أيام، وجائزته يوم وليلة. . . " أخرجه الترمذي (4 / 345 - ط الحلبي) من حديث أبي شريح الكعبي. وقال: " حسن صحيح ". وله أصل في صحيح البخاري (الفتح 10 / 531 - ط السلفية) .
(2) حديث: " أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ". أخرجه البخاري (الفتح 6 / 170 ط السلفية) ومسلم (3 / 1258 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عباس.
(3) لسان العرب 1 / 32، وتاج العروس والمصباح المنير مادة " جوز " و " عطى " و " تحف "، والفروق في اللغة 160.
(4) القاموس المحيط، ولسان العرب مادة " كفأ " والمفردات في غريب القرآن 93، 437، والتعريفات للجرجاني.
(5) القاموس المحيط، والمصباح المنير، ولسان العرب، والكليات لأبي البقاء 1 / 55، والمفردات في غريب القرآن ص 11.
(6) سورة طه / 76.
(7) سورة الشورى / 40.
(8) القاموس المحيط، والكليات 1 / 55، 2 / 17، والمفردات في غريب القرآن 11، 93، والفروق في اللغة 41.
(9) الفتاوى الهندية 5 / 342، وحاشية قليوبي وعميرة 4 / 262.
(10) حديث: " الحلال بين والحرام بين. . . ". أخرجه البخاري (الفتح 1 / 26 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 219 - ط الحلبي) .
(11) حديث: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ". أخرجه الترمذي (4 / 668 - ط الحلبي) ، والحاكم (4 / 99 - ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث الحسن بن علي، وقال الذهبي: " سنده قوي ".
(12) المغني 6 / 443 - 444.
(13) سورة يوسف / 17.
(14) مغني المحتاج 4 / 311.
(15) حديث: " سابق بين الخيل المضمرة من الحفياء. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 71 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1491 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر.
(16) المغني 8 / 651.
(17) حديث: " هذه بتلك السبقة ". أخرجه أبو داود (3 / 66 - تحقيق عزت عبيد دعاس) وصححه العراقي في تخريخ أحاديث إحياء علوم الدين (2 / 44 - ط المكتبة التجارية) .
(18) المغني 8 / 651، ومغني المحتاج 4 / 311. وحديث: " ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميا ". أخرجه البخاري (الفتح 6 / 91 - ط السلفية) من حديث سلمة بن الأكوع.
(19) سورة الأنفال / 6.
(20) حديث: " لا سبق إلا في خف أو حافر أو انصل ". أخرجه أبو داود (3 / 63 - 64 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة. وصححه ابن القطان كما في تلخيص الحبير لابن حجر (4 / 161 - ط شركة الطباعة الفنية)
(21) رد المحتار على الدر المختار 5 / 258، وجواهر الإكليل 1 / 271، ومغني المحتاج 4 / 311، والمغني 8 / 652
(22) شرح الزرقاني 3 / 152، ومغني المحتاج 4 / 311.
(23) قال ابن عابدين (5 / 258) القمار من القمر الذي يزداد تارة وينتقص أخرى، وسمي القمار قمارا لأن كل واحد من المقامرين يجوز أن يذهب ماله لصاحبه ويجوز أن يستفيد مال صاحبه، وهو حرام بالنص، ولا كذلك إذا شرط من جانب واحد لأن الزيادة والنقصان لا تمكن فيهما بل في أحدهما تمكن الزيادة وفي الآخر الانتقاص فلا تكون مقامرة.
(24) حديث: " من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يؤمن. . . " رواه أبو داود (3 / 66 - 67 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي هريرة. وصوب أبو حاتم الرازي وقف الحديث على سعيد بن المسيب، كذا في التلخيص لابن حجر (4 / 163 - ط شركة الطباعة الفنية) .
(25) رد المحتار على الدر المختار 5 / 258، ومغني المحتاج 4 / 314، والمغني 8 / 659.
(26) جواهر الإكليل 1 / 271، وشرح الزرقاني 3 / 153.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 76/ 15