المهيمن
كلمة (المهيمن) في اللغة اسم فاعل، واختلف في الفعل الذي اشتقَّ...
الجُرح الذي يصل إلى جَوف الإنسان، ولو بغَرْزِ إِبْرة، ولو لم تُخرَق أمعاؤه . ومن أمثلته القول بلا قصاص فيمن أصاب غيره بجرح وصل إلى جوفه، لخطورة الأخذ بالقصاص . ومن شواهده الحديث الشريف : "وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ ." النسائي :4853.
الجُرْحُ يَصِلُ إلَى الجَوْفِ، تَقُولُ: جَافَتْنِي إِذَا وَصَلَتْ إِلَى جَوْفِي، وَطَعْنَةٌ جَائِفَةٌ إِذَا وَصَلَتْ إِلَى الْجَوْفِ، وَأَصْلُ الجَوْفِ: بَاطِنُ الشَّيْءِ وَداخِلُهُ، وَجَوْفُ: الْإِنْسَانِ بَطْنُهُ وَالجَمْع: أَجْوَافٌ، وتَجَوَّفَهُ: دَخَلَ جَوْفَهُ، وَيُطْلَقُ الجَوَفُ بِمَعْنَى: السَّعَة، وَشَيْءٌ أَجْوفُ أَي وَاسِعٌ.
يَذْكُرُ الفُقَهاءُ مُصْطَلَحَ (جَائِفَةٍ) أَيْضًا فِي كِتابِ الصَّوْمِ فِي بَابِ مُفْسِداتِ الصَّوْمِ، وَكِتابِ النِّكاحِ فِي بَابِ الرَّضاعِ.
جوف
الجُرح الذي يصل إلى جَوف الإنسان، ولو بغَرْزِ إِبْرة، ولو لم تُخرَق أمعاؤه.
* مقاييس اللغة : 495/1 - مختار الصحاح : ص64 - تاج العروس : 108/23 - مقاييس اللغة : 495/1 - المغرب في ترتيب المعرب : ص96 - المطلع على ألفاظ المقنع : ص448 - نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج : 306/7 - حاشية ابن عابدين : 356/5 -
التَّعْرِيفُ
1 - الْجَائِفَةُ لُغَةً الْجِرَاحَةُ الَّتِي وَصَلَتِ الْجَوْفَ. فَلَوْ وَصَلَتْ إِلَى جَوْفِ عَظْمِ الْفَخِذِ لَمْ تَكُنْ جَائِفَةً لأَِنَّ الْعَظْمَ لاَ يُعَدُّ مُجَوَّفًا (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَاهَا الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، فَهِيَ الْجُرْحُ الَّذِي يَنْفُذُ وَيَصِل إِلَى جَوْفٍ، كَبَطْنٍ، وَصَدْرٍ، وَثُغْرَةِ نَحْرٍ، وَجَنْبَيْنِ، وَخَاصِرَةٍ، وَمَثَانَةٍ، وَعَجَّانٍ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَل مِنَ الشَّرَجِ شَيْئًا فَخَرَقَ بِهِ حَاجِزًا فِي الْبَطْنِ.
وَلَوْ نَفَذَتِ الطَّعْنَةُ أَوِ الْجُرْحُ فِي الْبَطْنِ وَخَرَجَتْ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ فَجَائِفَتَانِ.
وَتَحْصُل الْجَائِفَةُ بِكُل مَا يُفْضِي إِلَى بَاطِنِ جَوْفٍ، فَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِيفَ بِحَدِيدَةٍ أَوْ خَشَبَةٍ مُحَدِّدَةٍ، وَلاَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْجَائِفَةُ وَاسِعَةً أَوْ ضَيِّقَةً وَلَوْ قَدْرَ إِبْرَةٍ (2) . الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ قِصَاصَ فِي الْجَائِفَةِ. وَأَنَّ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ عَمْدًا أَمْ خَطَأً، لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي كِتَابِهِ، وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ الَّذِي فِيهِ: وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ (3) . وَعَلَيْهِ الإِْجْمَاعُ؛ وَلأَِنَّهُ لاَ تُؤْمَنُ الزِّيَادَةُ فِيهَا فَلَمْ يَجِبْ فِيهَا قِصَاصٌ وَلِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لاَ قَوَدَ فِي الْمَأْمُومَةِ وَلاَ الْجَائِفَةِ (4) .
وَاتَّفَقُوا فِي الْجَائِفَةِ إِذَا نَفَذَتْ مِنْ جَانِبٍ لآِخَرَ أَنَّهَا جَائِفَتَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ثُلُثُ الدِّيَةِ (5) . وَإِنْ خَرَقَتْ جَائِفَةُ الْبَطْنِ الأَْمْعَاءَ، أَوْ لَذَعَتْ كَبِدًا أَوْ طِحَالاً، أَوْ كَسَرَتْ جَائِفَةُ الْجَنْبِ الضِّلْعَ، فَفِيهَا مَعَ الدِّيَةِ حُكُومَةُ عَدْلٍ.
وَمَنْ مَاتَ بِجَائِفَةٍ فَيَتَعَيَّنُ الْقَتْل بِالسَّيْفِ عَلَى الْجَانِي (عِنْدَ مَنْ لاَ يَرَى الْقَوَدَ إِلاَّ بِالسَّيْفِ) لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَفِي قَوْلٍ: يُفْعَل بِهِ كَفِعْلِهِ أَيْ يُجَافُ مَعَ قَتْلِهِ بِالسَّيْفِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَيَذْكُرُونَ أَحْكَامًا فِيمَنْ أَجَافَ شَخْصًا جَائِفَتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ، وَفِيمَنِ الْتَحَمَتْ جَائِفَتُهُ فَفَتَحَهَا آخَرُ، وَفِيمَنْ وَسَّعَ جَائِفَةَ غَيْرِهِ فِي أَبْوَابِ الدِّيَاتِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ (6) .
3 - وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ مَنْ دَاوَى جَائِفَةً بِدَوَاءٍ فَوَصَل إِلَى جَوْفِهِ، فَإِنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِنْ لَمْ يَصِل الدَّوَاءُ إِلَى بَاطِنِ الأَْمْعَاءِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ أَدْخَل شَيْئًا إِلَى جَوْفِهِ بِاخْتِيَارِهِ (7) . وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَابْنُ تَيْمِيَّةَ إِلَى أَنَّ صَوْمَهُ لاَ يَفْسُدُ، وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الدَّوَاءُ مَائِعًا أَمْ غَيْرَ مَائِعٍ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصِل إِلَى مَدْخَل الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ (8) .
4 - وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِالرَّضَاعِ بِإِقْطَارِ اللَّبَنِ فِي الْجَائِفَةِ مَا لَمْ يَصِل اللَّبَنُ إِلَى الْمَعِدَةِ لِخَرْقٍ فِي الأَْمْعَاءِ مَثَلاً؛ لأَِنَّ وُصُول اللَّبَنِ إِلَى الْجَوْفِ لاَ يَحْصُل بِهِ التَّغَذِّي، وَالْحُرْمَةُ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِمَا يَنْبُتُ بِهِ اللَّحْمُ، وَيَنْشُزُ بِهِ الْعَظْمُ وَيَنْدَفِعُ بِهِ الْجُوعُ (9) .
وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْقَوْل الآْخَرِ إِلَى أَنَّهُ يَحْصُل التَّحْرِيمُ بِوُصُول اللَّبَنِ إِلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ وَلَوْ مِنْ جَائِفَةٍ (10) . وَتَوَقَّفَ الْعَلاَّمَةُ الأَُجْهُورِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ فِي اللَّبَنِ الْوَاصِل لِلْجَوْفِ مِنْ ثُقْبَةٍ فِي حِينِ رَجَّحَ الشَّيْخُ النَّفْرَاوِيُّ التَّحْرِيمَ (1) .
__________
(1) لسان العرب والمصباح المنير. مادة: (جوف) .
(2) حاشية ابن عابدين (5 / 356) دار إحياء التراث العربي، وفتح القدير (8 / 313) دار إحياء التراث العربي ببيروت، وكفاية الطالب شرح الرسالة (2 / 243) مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر 1357 هـ، ومواهب الجليل لشرح مختصر خليل (6 / 258) دار الفكر ببيروت ط 2 لسنة 1398 هـ، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (7 / 306) المكتبة الإسلامية، وروضة الطالبين (9 / 265) المكتب الإسلامي، ومطالب أولي النهى شرح غاية المنتهى (6 / 265) ط لسنة 1380 هـ، والمكتب الإسلامي، وكشاف القناع للبهوتي (6 / 54) سنة 1402 هـ - دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
(3) حديث عبد الله بن عمرو " وفي الجائفة ثلث الدية ". أخرجه أحمد (2 / 217 - ط الميمنية) بلفظ " وفي الجائفة ثلث العقل " وإسناده حسن.
(4) حديث العباس بن عبد المطلب: " لا قود في المأمومة، ولا الجائفة ". أخرجه ابن ماجه (2 / 881 ط الحلبي) وأعله المناوي بجهالة أحد رواته وضعف آخر. فيض القدير (6 / 436 - ط المكتبة التجارية) .
(5) حاشية ابن عابدين (5 / 356) ، وكفاية الطالب (2 / 243) ، ومواهب الجليل (6 / 246) ، (6 / 258) ، وشرح الزرقاني (8 / 35) ، ونهاية المحتاج (7 / 306 - 307) ، وروضة الطالبين (9 / 256) ، وكشاف القناع (6 / 54 - 56) ، ومطالب أولي النهى (6 / 132) .
(6) نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (7 / 291، 306 - 307) ، والجمل على شرح المنهج (5 / 64) دار إحياء التراث العربي، والمغني (7 / 727) ، وحكومة العدل: ما يقدر من ضمان، وكشاف القناع للبهوتي (6 / 54 - 56) ، ومطالب أولي النهى شرح غاية المنتهى (6 / 132) .
(7) فتح القدير لابن الهمام (2 / 73) ، والاختيار لتعليل المختار للموصلي (2 / 356) دار المعرفة للطباعة والنشر ط 3 لسنة 1395 هـ، وحواشي الشرواني وابن القاسم على تحفة المحتاج بشرح المنهاج (3 / 403) دار صادر ببيروت، وروضة الطالبين (2 / 356) ، وكشاف القناع (2 / 318) ، ومطالب أولي النهى (2 / 191) .
(8) فتح القدير لابن الهمام (2 / 73) ، والمدونة الكبرى (1 / 198) ، ومواهب الجليل (2 / 424) ، وكشاف القناع (2 / 318) .
(9) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (4 / 9) ، دار الكتاب العربي ببيروت. ط 2 لسنة 1402 هـ، وفتح القدير (3 / 15) ، وكتاب الكافي لابن عبد البر (2 / 540) مكتبة الرياض الحديثة. ط 1 لسنة 1398 هـ، ونهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (7 / 165) ، وروضة الطالبين (9 / 6 - 7) ، وكشاف القناع (5 / 445) ، والمغني لابن قدامة (8 / 175) مكتبة القاهرة بتحقيق طه محمد الزيني.
(10) فتح القدير (3 / 15) ، والجمل على شرح المنهج (4 / 477) ، وروضة الطالبين (9 / 6 - 7) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 82/ 15
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".