الرحيم
كلمة (الرحيم) في اللغة صيغة مبالغة من الرحمة على وزن (فعيل) وهي...
«وكذلك الفتّاح مِن أسْمائِهِ ***** والفَتْحُ فِي أوْصافِهِ أمْرانِ فتحٌ بحُكْمٍ وهو شرعُ إلهِنا *****والفتحُ بالأقْدارِ فَتْحٌ ثانِ والرَّبُ فَتّاحٌ بِذين كليْهِما *****عدْلًا وإحْسانًا مِنَ الرَّحْمنِ» ابن قَيِّم الجَوْزِيَّة النونية (2/100)
«هو الَّذِي ينفتح بعنايته كل منغلق، وبهدايته ينْكَشف كل مُشكل؛ فَتارَة يفتح الممالك لأنبيائه ويخرجها من أيدي أعدائه ويَقُول: ﴿إنّا فتحنا لَك فتحا مُبينًا﴾ [الفتح: 48]، وتارَة يرفع الحجاب عَن قُلُوب أوليائه، ويفتح لَهُم الأبواب إلى مَلَكوت سمائه وجمال كبريائه، ويَقُول: ﴿ما يفتح الله للنّاس من رَحْمَة فَلا مُمْسك لَها﴾ [فاطر: 35]، ومن بِيَدِهِ مفاتِح الغَيْب ومفاتيح الرزق فبالحَرِيِّ أن يكون فتّاحًا» الغَزالي الغزالي
«الفتاح: الذي لا يفتح أبواب الخير ولا يوصِد أبواب الشر إلا هو، ولا يفصل بين الحق والباطل إلا هو، حكمه العدل، وقوله الفصل، وذِكره يورث النصر على الأعداء ويهدي إلى الحق ومعرفته» القُشَيْري "شرح الأسماء" (ص115)
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".