المصور
كلمة (المصور) في اللغة اسم فاعل من الفعل صوَّر ومضارعه يُصَوِّر،...
قطعُ ذَكَر الرَّجُل، كلِّه، أو بعضِه، بحيث لا يُمْكِنه الوَطء . مثاله قول المزني عن الشافعي : إذا آلى المجبوب، ففيؤه باللسان .
قطعُ ذَكَر الرَّجُل، كلِّه أو بعضِه، بحيث لا يُمْكِنه الوَطء.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْجَبُّ لُغَةً الْقَطْعُ، وَمِنْهُ الْمَجْبُوبُ، وَهُوَ الَّذِي اسْتُؤْصِل ذَكَرُهُ وَخُصْيَاهُ.
وَالْجَبُّ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ: قَطْعُ الذَّكَرِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ بِحَيْثُ لاَ يَبْقَى مِنْهُ مَا يَتَأَتَّى بِهِ الْوَطْءُ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْعُنَّةُ:
2 - الْعُنَّةُ عَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى إِتْيَانِ النِّسَاءِ مَعَ وُجُودِ الآْلَةِ (2) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ ظَاهِرٌ فَإِنَّ عَدَمَ إِتْيَانِ النِّسَاءِ فِي الْجَبِّ يَكُونُ لِقَطْعِ الْمَذَاكِيرِ. وَالْعَجْزُ عَنْ إِتْيَانِ الزَّوْجَةِ فِي الْعُنَّةِ يَكُونُ لِدَاءٍ يَمْنَعُ مِنْ الاِنْتِشَارِ (3) . ب - الْخِصَاءُ:
3 - الْخِصَاءُ: هُوَ فَقْدُ الْخُصْيَتَيْنِ خِلْقَةً، أَوْ بِقَطْعٍ، أَوْ سَلٍّ لَهُمَا (4) . وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجَبِّ وَالْخِصَاءِ وَاضِحٌ.
ج - الْوِجَاءُ:
4 - الْوِجَاءُ: هُوَ اسْمُ مَصْدَرِ وَجَأَ يَجَأُ: أَيْ ضَرَبَ وَدَقَّ وَهُوَ أَنْ تُرَضَّ خُصْيَتَا الْفَحْل رَضًّا شَدِيدًا يُذْهِبُ شَهْوَةَ الْجِمَاعِ. فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَبِّ وَاضِحٌ إِذِ الْمَوْجُوءُ لَمْ يُقْطَعْ ذَكَرُهُ، بَل هُوَ شَبِيهٌ بِالْخَصِيِّ. إِلاَّ أَنَّ خُصْيَتَيْهِ لاَ أَثَرَ لَهُمَا مَعَ وُجُودِهِمَا (5) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
5 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ إِلَى أَنَّ الْجَبَّ مِنَ الْعُيُوبِ الَّتِي تُثْبِتُ لِلزَّوْجَةِ الْخِيَارَ بَيْنَ التَّفْرِيقِ وَالْبَقَاءِ مَتَى عَلِمَتْ بِذَلِكَ؛ لأَِنَّ الْجَبَّ يَمْنَعُ الْمَقْصُودَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ وَهُوَ الْوَطْءُ (6) إِلاَّ أَنَّ هُنَاكَ اخْتِلاَفًا وَتَفْصِيلاً فِي بَعْضِ الأَْحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْجَبِّ أَهَمُّهَا مَا يَلِي:
الْجَبُّ الْحَادِثُ بَعْدَ الدُّخُول:
6 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ حُدُوثَ الْجَبِّ بَعْدَ الدُّخُول لاَ يُثْبِتُ لِلزَّوْجَةِ الْخِيَارَ بَيْنَ التَّفْرِيقِ وَالْبَقَاءِ، لأَِنَّ حَقَّ الزَّوْجَةِ فِي وَطْأَةٍ وَاحِدَةٍ لِحُصُول الْمَقْصُودِ بِهَا مِنْ تَأَكُّدِ الْمَهْرِ وَالإِْحْصَانِ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا لاَ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ حُكْمًا وَيَجِبُ عَلَيْهِ دِيَانَةً (7) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ آخَرَ إِلَى تَخْيِيرِ الزَّوْجَةِ بَيْنَ فَسْخِ النِّكَاحِ وَإِدَامَتِهِ بِالْجَبِّ مُطْلَقًا قَبْل الدُّخُول أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ بِفِعْلِهَا فِي الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ يُوَرِّثُ الْيَأْسَ مِنَ الْوَطْءِ (8) .
كَيْفِيَّةُ التَّفْرِيقِ لِلْجَبِّ:
7 - إِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الزَّوْجَ مَجْبُوبٌ إِمَّا بِإِقْرَارِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ تُخَيَّرُ الزَّوْجَةُ لِلْحَال وَلاَ يُؤَجَّل؛ لأَِنَّ التَّأْجِيل لِرَجَاءِ الْوُصُول إِلَيْهَا وَلاَ يُرْجَى مِنْهُ الْوُصُول فَلَمْ يَكُنْ التَّأْجِيل مُفِيدًا (9) .
وَالْفُرْقَةُ لِلْجَبِّ لاَ تَقَعُ بِلاَ حُكْمِ حَاكِمٍ لأَِنَّ هَذِهِ الْفُرْقَةَ أَمْرٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَيَحْتَاجُ إِلَى نَظَرٍ وَتَحَرٍّ وَبَذْل جَهْدٍ فِي تَحْرِيرِ سَبَبِهِ وَذَلِكَ كَالطَّلاَقِ بِالإِْعْسَارِ وَالطَّلاَقِ بِالإِْضْرَارِ.
بِهَذَا قَال عَامَّةُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (10) .
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الأُْصُول - أَنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بِنَفْسِ اخْتِيَارِ الزَّوْجَةِ، وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى الْقَضَاءِ كَخِيَارِ مَنْ خَيَّرَهَا زَوْجُهَا (11) .
صِفَةُ الْفُرْقَةِ لِلْجَبِّ:
8 - يَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْفُرْقَةَ بِالْجَبِّ طَلاَقٌ بَائِنٌ لأَِنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الزَّوْجِ الإِْمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ، فَإِذَا فَاتَ وَجَبَ التَّسْرِيحُ بِالإِْحْسَانِ، فَإِنْ سَرَّحَهَا الزَّوْجُ وَإِلاَّ نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ، فَكَانَ الْفِعْل مَنْسُوبًا إِلَى الزَّوْجِ، فَكَانَ طَلاَقًا بَائِنًا لِيَتَحَقَّقَ دَفْعُ الظُّلْمِ عَنْهَا، وَالنِّكَاحُ الصَّحِيحُ النَّافِذُ اللاَّزِمُ لاَ يَحْتَمِل الْفَسْخَ، وَلِهَذَا لاَ يَنْفَسِخُ بِالْهَلاَكِ قَبْل التَّسْلِيمِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْفُرْقَةَ فَسْخٌ لاَ طَلاَقٌ؛ لأَِنَّهُ رَدٌّ لِعَيْبٍ فَكَانَ فَسْخًا كَرَدِّ الْمُشْتَرِي (12) . نَسَبُ وَلَدِ امْرَأَةِ الْمَجْبُوبِ:
9 - ذَهَبَ أَبُو سُلَيْمَانَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالإِْصْطَخْرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ الْمَجْبُوبَ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَيُحْكَى ذَلِكَ قَوْلاً لِلشَّافِعِيِّ كَمَا أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلاَمِ أَحْمَدَ (13) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ - وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - أَنَّ الْمَجْبُوبَ لاَ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُنْزِل وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَنْ يُخْلَقَ لَهُ وَلَدٌ (14) . وَقَال الْمَالِكِيَّةُ - وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلاَمِ التُّمُرْتَاشِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ -: يُسْأَل أَهْل الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ يُولَدُ لِمِثْلِهِ لَزِمَهُ الْوَلَدُ، وَإِلاَّ لَمْ يَلْزَمْهُ (15) .
وَلِلتَّفْصِيل فِي شُرُوطِ التَّفْرِيقِ لِلْجَبِّ، وَأَثَرِ التَّفْرِيقِ بِالْجَبِّ عَلَى الْمَهْرِ وَعِدَّةِ امْرَأَةِ الْمَجْبُوبِ (ر: طَلاَقٌ، عِدَّةٌ، عَيْبٌ، مَهْرٌ، نَسَبٌ) .
__________
(1) النهاية لابن الأثير، وتهذيب الأسماء واللغات، والمغرب مادة: (جب) ، وكشاف القناع 5 / 105، وفتح القدير 4 / 128، والقليوبي 3 / 261، وكفاية الطالب الرباني 2 / 85، ونشر دار المعرفة.
(2) فتح القدير 4 / 128 نشر دار إحياء التراث العربي.
(3) نهاية المحتاج 6 / 303 ط مصطفى الحلبي.
(4) المغرب، والقليوبي 2 / 197، وأسنى المطالب 3 / 176.
(5) تاج العروس (وجأ) فتح القدير 4 / 128.
(6) ابن عابدين 2 / 593، وفتح القدير 4 / 131 نشر دار إحياء التراث العربي، والبناية 4 / 761، والزرقاني 3 / 237، وأسنى المطالب 3 / 176، والمغني 6 / 651.
(7) مجمع الأنهر 1 / 436، والزيلعي 3 / 23، وحاشية الدسوقي 2 / 279 ط دار الفكر، والمغني 6 / 653 ط الرياض، والكافي 2 / 686، نشر المكتب الإسلامي.
(8) أسنى المطالب 3 / 176، ونهاية المحتاج 6 / 305، والشرواني على تحفة المحتاج 7 / 347، والكافي 2 / 686، والمغني 6 / 651.
(9) بدائع الصنائع 2 / 327، والفواكه الدواني 2 / 69 - 70 نشر دار المعرفة، والشرح الصغير 2 / 476، وأسنى المطالب 3 / 177، ومطالب أولي النهى 5 / 142، نشر المكتب الإسلامي.
(10) بدائع الصنائع 2 / 325، وحاشية الشلبي بهامش الزيلعي 3 / 24، ومواهب الجليل 3 / 489، وقليوبي وعميرة 3 / 264، وشرح منتهى الإرادات 3 / 52 ط عالم الكتب، والمغني 6 / 654.
(11) قليوبي وعميرة 3 / 264، وحاشية الشلبي بهامش الزيلعي 3 / 24.
(12) فتاوى قاضيخان بهامش الهندية 1 / 413، والزيلعي 3 / 23، وابن عابدين 2 / 593، والتاج والإكليل بهامش الحطاب 3 / 488، والأشباه والنظائر للسيوطي ص 289 ط دار الكتب العلمية، والكافي 2 / 687، نشر المكتب الإسلامي.
(13) البناية شرح الهداية 4 / 208، وفتح القدير 3 / 219، والمحلي على المنهاج 4 / 50، والمغني لابن قدامة 7 / 480.
(14) المحلي على المنهاج 4 / 50، والمغني لابن قدامة 7 / 480.
(15) المدونة الكبرى 2 / 445 ط دار صادر، وفتح القدير 3 / 219.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 99/ 15
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".